حرب تركيا على الجهاديين والإخوان... إجراءات جادة أم مناورات جديدة؟

حرب تركيا على الجهاديين والإخوان... إجراءات جادة أم مناورات جديدة؟

حرب تركيا على الجهاديين والإخوان... إجراءات جادة أم مناورات جديدة؟


06/08/2023

تشن السلطات التركية منذ أشهر حملات أمنية على الإسلاميين العرب، مستهدفة عناصر من جماعة الإخوان وجهاديين كانوا يقيمون في تركيا.

ووفقاً لتقرير للمركز العربي لدراسات التطرف، فإنّه في الأسبوع الأول من حزيران (يونيو) الماضي، تم اعتقال منظّرَين جهاديَين في تركيا، دون تحديد هويتهما ولا البلد الذي ينتميان إليه. بعدها بأيام، اعتقل مُنظّر ثالث، لكن هذه المرة تم التعرف على هويته، ويتعلق الأمر بأبي عبد الله التونسي، وتم تسليمه إلى تونس التي زجّت به في السجن، وهو ما أكده أفراد من أسرته من خلال إحدى القنوات الجهادية على تطبيق (تلغرام).

(أبو عبد الله التونسي)، واسمه الحقيقي عماد بن صالح، هو أحد أبرز مشايخ السلفية الجهادية في تونس، وسبق أن رُحّل من مصر عام 2013، واعتقل في تونس أكثر من مرة على خلفية فتاواه وكتاباته الجهادية التي تحرض على العنف.

تركيا تعتقل عدداً من الجهاديين؛ منهم: عبد الله التونسي وأبو العبد أشداء، وتصادر أموال قيادي جهادي آخر.

وفي 13 من الشهر ذاته، اعتقلت أبا العبد أشداء (عبد المعين كحّال) القيادي السابق في هيئة تحرير الشام في سوريا، وأحد أبرز الجهاديين السوريين الذين ظهروا في الأعوام الأخيرة، في أحد المعابر الحدودية مع سوريا أثناء دخوله إلى الأراضي التركية رفقة والدته للتوجه إلى السعودية لأداء مناسك الحج، وبالنظر إلى الحيلة التي استخدمت في اعتقاله، يتبين بوضوح أنّ أجهزة الأمن التركية كانت تستهدفه؛ إذ سمحت له بالمرور إلى الجانب التركي من المعبر لمسافة (10) أمتار ثم اعتقلته، بينما كان بإمكانها الاكتفاء بمنعه من الدخول ليعود من حيث أتى.

أقامت تركيا علاقات وثيقة مع الجهاديين، وسمحت لهم بالعبور، كما سمحت مراراً لقادة من الجهاديين بالعلاج في مستشفياتها.

وجاء اعتقال (عبد المعين كحال) بعد أيام من تجميد تركيا لأموال المسؤول المالي في الهيئة أبو أحمد زكور (جهاد عيسى الشيخ)، الذي كان شبه مقيم في إسطنبول، ويملك شبكة علاقات واسعة فيها، استجابة لقرار وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على شخصين مرتبطين بتمويل جماعات إرهابية مقرها سوريا كان زكور أحدهما.

على مدار الأعوام الماضية أقامت تركيا علاقات تعاونية وثيقة مع الجهاديين، وسمحت لأكثر من (40) ألف مقاتل أجنبي بعبور حدودها للالتحاق بجماعات إسلامية متطرفة في سوريا، كثير منها مصنف على القوائم الدولية للإرهاب وعلى رأسها تنظيم (داعش)، كما سمحت مراراً لقادة من التنظيمات الإرهابية بالعلاج في مستشفياتها، مع علمها بهويتهم، كذلك جندت العديد منهم لتعزيز عملياتها ضد عدوها الرئيس حزب العمال الكردستاني وحليفه السوري وحدات حماية الشعب، بل تم العثور على جوازات سفر دبلوماسية تركية مع عناصر جهادية في عدة مطارات أوروبية منها ألمانيا.

المتطرف السعودي عبد الله المحسني ينقل إقامته من ‏إدلب إلى إسطنبول بعد تصاعد خلافاته مع أبي محمد الجولاني.

وأكد المركز في تحليل له، نشره عبر موقعه الإلكتروني، أنّ للتحركات التركية الأخيرة ضد الجهاديين علاقة بالتقارب الجاري بين أنقرة ودمشق، على غرار التقارب التركي المصري الذي غيّر من سلوك تركيا تجاه الإخوان المقيمين على أراضيها، لكن من المهم أيضاً استحضار أنّه منذ حوالي (3) أشهر قام القيادي الشرعي السعودي السابق في هيئة تحرير الشام عبد الله المحسني بنقل إقامته من إدلب إلى إسطنبول، بعد تصاعد خلافاته مع قائد الهيئة أبي محمد الجولاني، وقد سمحت أجهزة الأمن التركية للمحيسني بالإقامة على أراضيها، مع معرفتها الكاملة بالرجل وبأهميته وخلفياته، ومع أنّه مدرج على قوائم الإرهاب في السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

للتحركات التركية الأخيرة ضد الجهاديين علاقة بالتقارب بين أنقرة ودمشق، على غرار التقارب مع مصر الذي غيّر من سلوك تركيا تجاه الإخوان.

من جهة ثانية، ما زالت تركيا تشكّل إلى الآن قاعدة خلفية للعشرات من خلايا الدعم والإسناد المرتبطة بجماعات جهادية داخل سوريا، ومعظمها معروف لأجهزتها الأمنية التي تراقب نشاطها عن كثب، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عمّا إذا كانت تركيا جادة هذه المرة في جهودها لمكافحة الإرهاب، أم أنّها ستكرر ما فعلته من قبل عندما كانت تشن بين الحين والآخر حملات أمنية شرسة ضد الجهاديين الأجانب، خاصة من (داعش)، بينما خطوط اتصالها السرّية مع مراكز التنظيم في العراق وسوريا تعمل بطاقتها القصوى.

أمّا بما يتعلق بالإخوان، فقد تكون السلطات التركية أكثر تشدداً حيث تلاحق في الوقت الراهن وفق ما نقل عدد من وسائل الإعلام الكثير من عناصر الإخوان والقادة، كما تجري مراجعة لكل شخص حصل على جنسيتها، هذا بالإضافة إلى مراقبة حثيثة لكل وسيلة إعلام أو صفحة تابعة للجماعة أو موالية لها، وخروج المئات منها من تركيا مؤشر على المصير الذي ينتظر كل إخواني لا يستطيع الخروج من تركيا، إمّا بسبب عدم امتلاكه لجنسية دولة أخرى، وإمّا بسبب انتهاء صلاحية جوازات سفرهم، أو حتى عدم امتلاكهم للأموال اللازمة للسفر.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية