حرب اللجان تستعر بين جبهتي الإخوان... ما القصة؟

حرب اللجان تستعر بين جبهتي الإخوان... ما القصة؟

حرب اللجان تستعر بين جبهتي الإخوان... ما القصة؟


30/03/2023

في ضوء الصراع المستمر بين جبهتي الإخوان بلندن وإسطنبول، كثفت اللجان الإلكترونية التابعة لكل مجموعة حملاتها ضد الأخرى خلال الأيام الماضية، تحديداً منذ الإعلان رسمياً من جانب قيادات لندن عن اختيار صلاح عبد الحق قائماً بأعمال المرشد، الأمر الذي تسبب في إشعال فتيل أزمة جديدة مع محمود حسين ومجموعته، من الواضح أنّها ستكون علنية وتدار بوساطة اللجان الإخوانية على مواقع التواصل الاجتماعي.

ودشّنت عدة صفحات وحسابات تابعة لجبهة إسطنبول خلال الأيام الماضية حملات استهدفت بالمقام الأول توريط صلاح عبد الحق في عدد من الملفات العالقة داخل التنظيم منذ أعوام، ومطالبته بحلها، باعتباره القائم بأعمال المرشد العام، وهي حيلة تعجيزية؛ لأنّ تلك الملفات تبدو عصيّة عن الحل، منها على سبيل المثال، مطالبته بإنهاء أزمة الإخوان المحبوسين على ذمة قضايا إرهاب في مصر، وهو أمر أقرب إلى المستحيل لارتباطه بشق قانوني، أيضاً طالبت الحملة القائم الجديد بأعمال المرشد بتقديم دعم إضافي للإخوان داخل مصر، ومعالجة مشكلات الإخوان بالخارج، وغيرهم.

ويعزز حالة الغضب داخل التنظيم أنّ صلاح عبد الحق قد جاء دون انتخابات، الأمر الذي يرفضه قطاع كبير من قواعد الإخوان، خصوصاً الشباب، أيضاً لا يتفق الجميع حول تولي عبد الحق المنصب داخل الإخوان في هذا التوقيت، نظراً لكونه لا يحظى بعلاقات أو كفاءات تمكنه من احتواء أزمات التنظيم المتفاقمة.

لا سمع ولا طاعة

تنعكس حالة الخلاف التنظيمي الشديد حول صلاح عبد الحق، والتي كانت سبباً في تأخر الإعلان عنه رسمياً حوالي (4) أشهر، تنعكس على موجة الغضب الكبير داخل صفوف الإخوان خلال الفترة الماضية، وصلت إلى حدّ إعلان بعض القيادات من داخل التنظيم ضرورة التخلي عن مبدأ السمع والطاعة الذي طالما كان السمة الحاكمة لعلاقة قواعد الجماعة بقاداتهم.

 ظهر محمود حسين في لقاء على إحدى منصات الإخوان مطالباً أتباعه بعدم الاعتراف بشرعية عبد الحق

هذا التوجه عكسه مقال مطول نشره القيادي الإخواني أشرف عبد الغفار عبر صفحته على "فيس بوك"، منتقداً العمل بمبدأ السمع والطاعة الخالص، مطالباً بإشراك قواعد التنظيم وقادته في كافة القرارات وعدم استخدام ما وصفه بـ "الإرهاب" داخل التنظيم لتنفيذ منهج السمع والطاعة.

ويقول عبد الغفار: "كتب أخ حبيب: "مازال الكثيرون يكتبون عن السمع والطاعة وضرورة الالتزام بها في أعمال الجماعات والهيئات والشركات، ومن وجهة نظري الأمر يصلح أنّك تنفذ تعليمات الإدارة في الشركات أو المؤسسات بعدما يستكمل القرار كل أسبابه، ويتم بحثه من كل الجوانب وتتم دراسته من المتخصصين، ويتم التشاور أو الشورى عليه من أصحاب الرؤى والعقول المنيرة، من أهل الحل والعقد،  ومن إدارة أتت بالطرق السليمة وما زالت لها صلاحية اتخاذ القرار، ولكن أن تستخدم هذه الألفاظ، السمع والطاعة، كأداة للإرهاب أو كدليل عدم صلاحية، أو وسيلة لجرّ الناس إلى مستقبل مجهول، فلا وألف لا".

حرب إلكترونية

يصف الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان المناوشات بين الجبهتين بأنّها قديمة، تجددت بعد الإعلان عن صلاح عبد الحق قائماً بأعمال المرشد قبل أسبوعين، وتتم إدارتها بشكل كبير من خلال اللجان الإلكترونية التابعة لكل جبهة.

يعزز حالة الغضب داخل التنظيم أنّ صلاح عبد الحق جاء دون انتخابات، الأمر الذي يرفضه قطاع كبير من قواعد الإخوان، خصوصاً الشباب

وفي تصريح لـ "حفريات" يقول سلطان: إنّ الأزمة داخل الجماعة دخلت فصلاً جديداً بعد الإعلان من جانب جبهة لندن عن اختيار صلاح عبد الحق، ظهر جلياً في كتابات عدد من نشطاء التنظيم عبر مواقع التواصل المختلفة بالهجوم على القرار أو تأييده، لكنّه يعكس على أيّ حال تعمق دائرة الانهيار التنظيمي داخل الإخوان، وتجذر الخلافات حول منصب القائم بأعمال المرشد وكذلك غالبية المناصب التنفيذية داخل الإخوان.

فشل مبادرات الصلح

بحسب سلطان، جاء الإعلان عن صلاح عبد الحق قائماً بأعمال المرشد العام بعد فشل مبادرة للصلح بين الجبهتين المتناحرتين، تدخل فيها عدد من أعضاء مجلس الشورى العام، وكانت هناك مساع جادة لإنهاء الخلاف الراهن وعودة التنظيم إلى مفهوم الجماعة الموحدة، ممّا تسبب في تعميق حالة الشقاق التنظيمي، وتنامي الخلافات إلى حد كبير، ومن ثم ظهرت حالة التراشق بشكل حاد للعلن.

ويضيف سلطان أنّ ما حدث هو أنّ جبهة لندن قد أعلنت من ناحيتها صلاح عبد الحق في خطوة استباقية، الأمر الذي أجّج حالة الخلاف داخل التنظيم، وبدأت تتجدد مطالب من جانب عناصر التنظيم بالنظر في الملفات العالقة وإيجاد حل لها، أيضاً عادت وتيرة الاتهامات المتبادلة تتصاعد بين عناصر الجبهتين، وهي الاتهامات القديمة ذاتها، بالفساد المالي والتنظيمي، وفي المقابل هناك حملات أيضاً للدفاع عن قيادات الجبهتين سواء لندن أو إسطنبول.

الخلاف بين جبهتي الإخوان قد بدأ مرحلة جديدة تتسم بالعلانية والحدة الشديدة خلال الفترة المقبلة

يمكن القول، بحسب سلطان: إنّ الخلاف بين جبهتي الإخوان قد بدأ مرحلة جديدة تتسم بالعلانية والحدة الشديدة خلال الفترة المقبلة، هذه الخلافات ستعمق بلا شك أزمة الانهيار التنظيمي الراهنة، ومن المتوقع أن تستمر الأزمة لفترة طويلة على مدار الأشهر المقبلة دون حل، وربما ستشهد تصعيداً متبادلاً من الطرفين، في ضوء التطورات الراهنة داخل التنظيم.

وأعلنت جماعة الإخوان رسمياً يوم الأحد 19 آذار (مارس) الماضي اختيار القيادي القطبي الدكتور صلاح عبد الحق قائماً بأعمال المرشد العام للإخوان، خلفاً لإبراهيم منير الذي توفي في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بعد تأخر نحو (4) أشهر من اختياره؛ بسبب الخلافات الداخلية المحتدمة داخل التنظيم.

أحمد سلطان: المناوشات بين الجبهتين قديمة، تجددت بعد الإعلان عن صلاح عبد الحق قائماً بأعمال المرشد قبل أسبوعين، ويتم إدارتها بشكل كبير من خلال اللجان الإلكترونية التابعة لكل جبهة

وبعد أيام، ظهر محمود حسين، قائد جبهة إسطنبول، الذي يُسمّي نفسه أيضاً قائماً بأعمال المرشد، منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، في لقاء على إحدى منصات الإخوان، مطالباً أتباعه بعدم الاعتراف بشرعية عبد الحق، كما ركز على عدة ملفات تتعلق بأوضاع الإخوان في مصر، ووجه رسائل إلى قواعد التنظيم، أهمها ما يتعلق بتمكين الشباب، في محاولة لتدعيم موقفه، وحشد قواعد التنظيم لصالح معركته، الأمر الذي اعتبره مراقبون تأسيساً لمرحلة جديدة من المشاحنات داخل التنظيم.

مواضيع ذات صلة:

كيف أثرت أزمات رأس المال المُعولم في اقتصاد جماعة الإخوان؟

كيف يقرأ الإخوان التقارب المصري التركي؟

رسمياً.. "الإخوان" تعلن صلاح عبد الحق قائماً بأعمال المرشد



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية