كيف يقرأ الإخوان التقارب المصري التركي؟

كيف يقرأ الإخوان التقارب المصري التركي؟

كيف يقرأ الإخوان التقارب المصري التركي؟


21/03/2023

تعيش جماعة الإخوان أزمة إضافية إلى جانب جملة من الصراعات والأزمات التي يعانيها التنظيم على مدار الأعوام الماضية، أزمة جديدة تتعلق بالتقارب المصري التركي مؤخراً، الذي يضع الجماعة في قلب عاصفة تضييقات أمنية وسياسية جديدة داخل تركيا التي مثلت أكبر ملاذ آمن للتنظيم منذ سقوطه في القاهرة عام 2013.

وعكست زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو للقاهرة السبت الماضي العديد من الإشارات حول تحول السياسات التركية تجاه التعامل مع ملف دعم جماعة الإخوان، الذي لطالما كان محلّ خلاف شديد مع القاهرة، وتشير التقديرات إلى اتجاه أنقرة لفرض المزيد من الإجراءات التي تستهدف تقليص التواجد الإخواني داخل الأراضي التركية وترحيل عدد منهم.

وبالرغم من أنّ التصريحات الرسمية على لسان وزيري الخارجية المصري والتركي لم تتطرق بأيّ حال إلى ملف الإخوان، إلا أنّ التقديرات حول آلية تعامل أنقرة مع ملف التنظيم باتت واضحة، ويمكن قراءتها من بين السطور، من خلال تأكيدات أوغلو أنّ بلاده عازمة على تجاوز أيّ خلافات لتسريع التفاهمات مع مصر.

صور رؤساء مصر... هل ثمّة رسالة للصورة؟

الصورة الأبرز في لقاء الوزيرين، الذي يُعقد بعد خلاف استمر أكثر من عقد، انتشرت كالنار في الهشيم، وكانت لوزير الخارجية التركي ينظر إلى جدار يحمل صور رؤساء مصر منذ عام 1952 حتى الآن، ليس من بينهم الرئيس الإخواني المعزول في 2013 محمد مرسي، وهو ما ظهر في فيديو عرضته صفحة المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية على (فيسبوك).

وقد أثارت الصورة الكثير من الجدل حول الدلالات والرسالة التي أرادت القاهرة إبرازها خلال اللقاء، مفادها أنّ الجماعة المصنفة على قوائم الإرهاب المصرية، ليس لها أيّ مكان في المشهد السياسي المصري، حالياً أو مستقبلاً.

عكست زيارة وزير الخارجية التركي للقاهرة العديد من الإشارات حول تحول السياسات التركية تجاه التعامل مع ملف دعم جماعة الإخوان

وأظهر الفيديو وزير الخارجية المصري سامح شكري يتحدث إلى نظيره التركي، معرّفاً بأسماء رؤساء مصر وهم: "محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك وعدلي منصور ثم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي"، دون إشارة إلى الرئيس الإخواني، ولم يبرز الفيديو تعليقاً من جانب أوغلو.

كيف يتعامل الإخوان مع التقارب المصري التركي؟

يقول مصدر قريب من التنظيم لـ "حفريات" من إسطنبول: إنّ جماعة الإخوان تعيش أزمة على وقع التقارب المصري التركي، وهناك حالة من القلق الكبير تسيطر على كافة عناصرها المتواجدين داخل البلاد ويقدّر عددهم بالآلاف، مشيراً إلى أنّ عناصر التنظيم لا يستبعدون تسليمهم للقاهرة في أيّ وقت، خاصة المطلوبين من الشباب أو عناصر الصفوف الأخيرة في الإخوان، الذين لا تربطهم صلات مباشرة مع السلطات التركية.

وبحسب المصدر، تحدث عدد من شباب الإخوان إلى محمود حسين من خلال مكتبه، وأيضاً مع سياسي مصري مقيم في إسطنبول، وله علاقة جيدة مع السلطات الأمنية في البلاد، للوقوف حول الموقف الراهن، وطالبوا بتسهيل عملية مغادرتهم لتركيا وتوفير ملاذات آمنة بديلة لهم، ولم يستجب قيادات الإخوان حتى الآن لمطالبهم، وتبدو الأمور ضبابية حول ما يتعلق باحتمال التسليم إلى القاهرة من عدمه.

أحمد سلطان: الإجراءات التركية لن تشمل تسليم عناصر التنظيم المطلوبين لدى القاهرة، ومن المتوقع أن يكون قيادات الإخوان قد تلقوا تطمينات بالفعل من جانب السلطات التركية خلال الفترة الماضية تؤكد عدم نية أنقرة تسليمهم لمصر

ويشير المصدر إلى أنّ السلطات التركية كانت قد مررت إخطاراً قبل عدة أشهر لكافة الكيانات الإخوانية بعدم التعرض نهائياً لمصر، وعدد من الدول العربية، وتوعدت بالمحاسبة الأمنية لأيّ شخص ينشر معلومات أو أيّ مواد تتعلق بأمن تلك البلاد أو تنتقد سياستها الداخلية.

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى توقيف السلطات التركية لعدد من قيادات عناصر التنظيم، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بسبب الهجوم المتكرر على مصر، كان أبرزهم الإعلامي الإخواني حسام الغمري، الذي تم طرده نهائياً من البلاد فيما بعد.

هل تُسلّم أنقرة عناصر التنظيم المطلوبين على أراضيها؟

يرى الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان أنّ جماعة الإخوان تعاني أزمات كبيرة في الوقت الراهن، يتعلق بعضها بالصراع الداخلي المحتدم بين قياداتها، وأيضاً التضييقات الأمنية والسياسية على أفرعها في عدد من دول العالم بما فيها تركيا.

لكنّ سلطان يستبعد خلال حديثه لـ "حفريات" أن تصل الإجراءات التركية إلى تسليم عناصر التنظيم المطلوبين لدى القاهرة، متوقعاً أن يكون قيادات الإخوان قد تلقوا تطمينات بالفعل من جانب السلطات التركية خلال الفترة الماضية، تؤكد عدم نية أنقرة تسليمهم لمصر، وربما تشمل تلك التطمينات بشكل محدد قيادات التنظيم البارزين (من الصف الأول) المتواجدين داخل الأراضي التركية.

جماعة الإخوان تعيش أزمة على وقع التقارب المصري التركي

ويشير سلطان إلى أنّ الدليل على هذا الطرح يبرز في ضوء الإعلان عن تنصيب صلاح عبد الحق قائماً بأعمال المرشد العام خلفاً لإبراهيم منير، من داخل الأراضي التركية، بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية التركي إلى مصر، وهذا مؤشر على تمسك الجانب التركي حتى الآن بورقة الإخوان، كإحدى أدوات اللعبة السياسية بأيدي الرئيس التركي أردوغان.

ما التأثيرات المحتملة على مستقبل التنظيم؟

بحسب سلطان، سينعكس التقارب بين القاهرة وأنقرة بالعديد من التأثيرات السلبية على التنظيم  حتماً، وإن كانت الإجراءات لن تصل إلى تسليم العناصر، لكنّها ستعمق بلا شك أزمة الإخوان إلى حدٍّ كبير.

ويرى سلطان أنّ أبرز هذه التأثيرات يرتبط بالتضييق على الأنشطة الإعلامية لجماعة الإخوان، ومطالبتها بإنهاء نبرة انتقادها للجانب المصري، وإغلاق ملف التصريحات من جانب المسؤولين الأتراك أو عناصر التنظيم المعادية للقاهرة بشكل نهائي.
 

عناصر التنظيم لا يستبعدون تسليمهم للقاهرة في أيّ وقت، خاصة المطلوبين من الشباب أو عناصر الصفوف الأخيرة في الإخوان، الذين لا تربطهم صلات مباشرة مع السلطات التركية

فيما عدا ذلك، سيركز التقارب المصري التركي على جملة من الملفات الإقليمية وقضايا الاهتمام المشترك، ليس من بينها ملف الإخوان الذي فقد أيّ أهمية لدى القاهرة، لأنّ السلطات المصرية استقرت على وضع التنظيم على قوائم الإرهاب وتتعامل معه وفق هذه الآلية، ولن تسمح بعودته إلى المشهد السياسي، وفي المقابل لم تتطرق تركيا خلال المفاوضات، على ما يبدو، لأيّ ملف يتعلق بتنظيم الإخوان، لذلك لا تحتل الجماعة أهمية على أجندة المفاوضات.

يُذكر أنّ السياسات التركية ضد الإخوان بدأت في آذار (مارس) الماضي، بعد أن أصدرت السلطات قراراً بوقف بث القنوات الفضائية التابعة للتنظيم من داخل الأراضي التركية، وحذّرت قيادات الإخوان المتواجدين على أراضيها من الهجوم على مصر أو التحريض ضدها، وأبلغت عدداً منهم بضرورة مغادرة أراضيها، وهو ما حدث بالفعل تباعاً. 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية