جماعة أنصار السُنة والعودة إلى استراتيجية الكمون

جماعة أنصار السُنة والعودة إلى استراتيجية الكمون

جماعة أنصار السُنة والعودة إلى استراتيجية الكمون


22/06/2023

أصابت تحولات كثيرة جماعة أنصار السُّنّة المحمدية، فبدءاً من تصحيح العقيدة سلمياً إلى الدعم الكبير لجماعة الإخوان ومساندة بعض التيارات الإسلاموية، إلى العودة لاستراتيجية الكمون من جديد والعودة إلى السيرة الأولى.

تحولات ما بعد "الربيع العربي"

سعت جماعة أنصار السُّنّة على غير عادتها للتواجد في المشهد السياسي عقب ثورة كانون الثاني (يناير) 2011 في مصر، وأسّست (مجلس شورى العلماء) الذي ضم رئيس الجمعية عبدالله شاكر، والرئيس السابق للجمعية جمال المراكبي، والداعية محمد حسان، ومحمد حسين يعقوب، ومصطفى العدوي، وأبو إسحاق الحويني، وأبوبكر الحنبلي، وغيرهم.

كان مجلس شورى العلماء هو أحد الأذرع التي قدمت دعماً غير محدود لجماعة الإخوان في عام حكمها لمصر، حيث استهدف إعطاء الرأي الشرعي في الأحداث، فضلاً عن إعلان دعمه لمرشحي الجماعة، وإصدار جملة من البيانات المؤيدة.

من أهم الأمثلة على ذلك هو البيان الذي أصدره المجلس حول حرمة المظاهرات ضد محمد مرسي، واعتبار المظاهرات التي كان المزمع انطلاقها في 30 حزيران (يونيو) شكلاً من أشكال الخروج على الحاكم المحرَّم شرعاً، وعقب بيان العزل أصدر بياناً يؤكد فيه التمسك بوجود الرئيس السابق محمد مرسي في منصبه رئيساً للجمهورية.

مقر جماعة أنصار السنة في منطقة عابدين

كما أفتى المجلس بحرمة ما حدث من وقائع أثناء فضّ اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر المواليين للرئيس الإخواني محمد مرسي.

وبفعل الانخراط المتزايد لـ "مجلس شورى العلماء" في الشأن السياسي والعام، واجه الأعضاء المؤسّسون انتقادات حادة، بفعل دعم جماعة الإخوان، وطالت الانتقادات جماعة أنصار السُّنّة المحمدية، باعتبار أنّ قياداتها من المؤسسين لهذا المجلس.

تنظم بعض فروع جماعة أنصار السُّنّة أنشطة دينية، كمسابقات تحفيظ القرآن بالمساجد التابعة لها

وعقب السيطرة الأمنية ونجاح ثورة 30 حزيران (يونيو)، قامت الجماعة بإجراء انتخابات داخلية، وأعادت إلى الواجهة القيادات الهادئة الرافضة للإخوان، واعتمدت العودة إلى استراتيجية تصحيح العقيدة سلمياً، وعدم الخوض في السياسة واعتبارها من المحرمات.

في المقابل، راقبت الدولة المصرية أعمال الجماعة، وقام وفد من الرقابة الإدارية بتفتيش المقر الرئيسي لها الكائن بمنطقة (عابدين) وسط القاهرة، وراقبت عمليات التبرع والتمويل لها.

وقد لوحظ أنّ "الجماعة" اتجهت إلى عدم التفاعل مع أحداث العنف والإرهاب، وعدم تحميل الإخوان مسؤولية العنف، بل أدانته دون الإشارة إلى الجماعة، من خلال (10) بيانات أصدرتها أنصار السُّنّة من حزيران (يونيو) 2013 حتى كانون الأول (ديسمبر) 2022، ويمكن أن يكون ذلك بسبب تأثير التيار الذي يميل إلى الإخوان، بقيادة الشيخ عبد الله شاكر، الذي كان قد انضم إلى الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، التي أسسها خيرت الشاطر في فترة حكم الإخوان.

العودة إلى الكمون

عقب تمكن الدولة المصرية من السيطرة، عادت الجماعة إلى استراتيجيتها القديمة وتراجع ظهور قيادات "الجماعة" في الظهور العام والإعلامي بصورة ملحوظة، وإن كان ثمّة ظهور على فترات، كان آخرها لقاء مرئي منشور عبر صفحة "مصطفى العدوي" على موقع (يوتيوب) في أواخر عام 2021، مع الرئيس العام لجماعة أنصار السُّنّة، عبد الله شاكر.

واستمر النشاط الديني الدعوي لأنصار السُّنّة في بعض المساجد، وقدّرت وزارة الأوقاف عدد المساجد التابعة لها بنحو (4) آلاف مسجد، يتم النشاط والتواجد فيها تحت إشراف الأوقاف.

وفي ضوء ضبابية عدد الوعاظ التابعين للجماعة، والحاصلين على تراخيص للخطابة أو إلقاء الدروس في المساجد، فإنّ ثمّة نشاطاً لبعض قيادات "الجماعة"، وأبرز هذه الأمثلة "عبد العظيم بن بدوي"، نائب الرئيس العام للجماعة، الذي تروّج له الصفحة الرسمية للجماعة عبر (فيسبوك)، ونشر خطب الجمعة التي يلقيها في مسجد نور التوحيد بقرية (الشين) التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية.

استمر النشاط الدعوي لأنصار السُّنّة ببعض المساجد، وقدّرت وزارة الأوقاف عدد المساجد التابعة لها بنحو (4) آلاف مسجد

كما تنظم بعض فروع جماعة أنصار السُّنّة أنشطة دينية، كمسابقات تحفيظ القرآن بالمساجد التابعة لها، مثل مسابقة الشيخ محمد صفوت نور الدين بمجمع التوحيد في بلبيس بمحافظة الشرقية.

وهناك نشاط ملحوظ لأحد القيادات المحسوبة على جماعة "أنصار السُّنّة المحمدية"، وهو عادل السيد، الذي يلقي خطبه ودروسه في مسجد أنصار السُّنّة بحي عابدين (مسجد قولة)، وهو المسجد الذي تربّى فيه أيمن الظواهري من قبل.

عقب السيطرة الأمنية ونجاح ثورة 30 حزيران قامت الجماعة بإجراء انتخابات داخلية، وأعادت إلى الواجهة القيادات الهادئة الرافضة للإخوان

ورغم أنّ جماعة أنصار السُّنّة المحمدية تعمل تحت مظلة وزارة التضامن باعتبارها جمعية أهلية، والمفترض أنّها يجب أن تُقدّم أعمالاً خدمية خيرية تكافلية، إلا أنّ اللافت هو عدم ترويجها لأيّ مشروعات خدمية خيرية عبر الصفحة الرسمية للجماعة على موقع (فيسبوك)، وتركيزها على الترويج لقضايا دينية لا تتعرض للشأن العام والسياسي.

إنّ جماعة أنصار السُّنّة التي تأسست في بدايات القرن الماضي هي أحد وجوه التيار السلفي العام، الموالي للإخوان بشكل كامن، وهي أكبر الأمثلة على الانتقالات الدائمة لأتباعه حسب ظروف الواقع السياسي.

مواضيع ذات صلة:

الجماعات الجهادية.. هل انتهى زمن "التوحش"؟

كيف نواجه استلهام شن الإرهاب من الألعاب؟

إخوان مصر المنقسمون ونقاط الخلاف الأساسية والفرعية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية