إخوان مصر المنقسمون ونقاط الخلاف الأساسية والفرعية

لم تهدأ الخلافات والانقسامات بين جماعة الإخوان في مصر، منذ أن ظهرت على السطح عام 2015 حتى هذه الأيام، بعد أن اندلعت من جديد؛ بسبب الجدل حول قوائم الحصول على الجنسية التركية، وانتخابات رابطة الإعلاميين.

نقاط الخلاف الأساسية

بدأت الخلافات بين جماعة الإخوان في مصر حول مجموعة من النقاط الرئيسية والفرعية، وساهمت عوامل كثيرة، ومنها العلاقات الإقليمية والصراع بين شباب وشيوخ الجماعة، في تضخيمها بشكل كبير.

كانت نقطة الخلاف الرئيسية الأولى هي مدى نجاح استراتيجية إنهاك الدولة المصرية مع هزيمة الجماعة، وسيطرة محمد كمال ولجنته الإدارية على الجماعة بالكامل.

ومع عودة محمود عزت، ومقتل محمد كمال، وإجراء انتخابات شكلية للمكاتب الإدارية، ثم تشكيل لجنة إدارية جديدة، انتهت المشكلة لكنّها أنتجت جبهة كاملة وفريقاً جديداً من الجماعة يطلق عليهم (تيار التغيير)، الذي كانت له رؤية قدّمها في مؤتمرات وندوات عبّرت عن اتجاه نحو المنهجية القطبية في التغيير.

لم تكن الاستراتيجية وحدها هي نقطة الخلاف الرئيسية، بل التفاوض، أو بمعنى أدق (التراجع عن الاستراتيجية)، وأطلقت الجماعة هي وحلفاؤها أكثر من (20) دعوة للحوار مع النظام، وبين الإصرار على ما أطلقوا عليه الحفاظ على الشرعية،  وبين الحفاظ على القيادات المحبوسة، اختلف القادة الإخوان، خاصة مع إصرار النظام المصري على عدم فتح هذا الملف.

وعقب وفاة مرسي الذي كان يتحجج به الجميع، أصبحت الجماعة بين أجنحة (3)؛ جناح يريد أن يتشبث بالماضي، وجناح يصرّ على مواصلة ما بدؤوه، والأخير يريد أن يتخلى عن الصراع على السلطة بالكامل.

أهم النقاط الرئيسية هي العلاقة مع قادة التنظيم الدولي، والأفرع الرئيسية والهيئات والمنظمات الثقيلة، مثل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

أهم النقاط الرئيسية هي العلاقة مع قادة التنظيم الدولي، والأفرع الرئيسية والهيئات والمنظمات الثقيلة، مثل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين... إلخ.

ووصل التنازع إلى الصورة النهائية في عزاء القرضاوي الذي كان في إسطنبول، وبدا أنّ كل جناح يريد أن يهيمن على المشهد، وبين من يدعّي أن قادة التنظيم الدولي لا دخل لهم بإدارة الجماعة في مصر، وبين آخر يقول إنّهم يدعمون اختيار صلاح عبد الحق كخليفة لإبراهيم منير، بدا الوضع النهائي.

وبين التنازع على الارتباط الدولي، ظهر الخلاف أيضاً على الارتباط الإقليمي، وأصبح الحديث يُتلى في صفحات التواصل على أنّ مجموعة محمود حسين مرتبطة بالأتراك بشكل أكبر، وأنّ مجموعة صلاح عبد الحق مرتبطة بالقطريين، وبدأ الكل يكيل الاتهام للجميع، في ظل إحباطات متتالية بين الشباب.

نقاط الخلاف الفرعية

أمّا نقاط الخلاف الفرعية، فكانت تتضح بشكل أكبر في التسريبات التي أخرجها بعض الإعلاميين الإخوان، أو شباب الجماعة، ومنها تلك الفيديوهات التي نشرها شباب الجماعة بالسودان عن تخلي محمود عزت عنهم، وطرد محمد الحلوجي، قبل وفاته، لهم من السكن على خلفية انتخابات المكاتب الإدارية.

كما كانت أموال التبرعات والهبات والدعم من بعض الجهات مثار خلاف فرعي، كان يظهر كل حين، ومنه تسريب القيادي أمير بسّام حول حجم الإنفاق والفساد الإداري والمالي.

وكانت وسائل الإعلام الإخوانية مثار خلاف دائم، وقد أصبح التوظيف بها ورقة الضغط الكبيرة على العناصر الخارجين عن عصا الطاعة، ومن ثم نشأت فضائيات كثيرة، وانتقلت من إسطنبول إلى لندن، وتوسّعت الجماعة في وسائل الدعاية عبر الميديا ومواقع التواصل، وأصبح المجندون الإلكترونيون يتقاضون رواتب كبيرة لكي يهاجموا ليس النظام فحسب، بل الطرف الآخر من الجماعة.

  أموال التبرعات والهبات والدعم من بعض الجهات مثار خلاف فرعي كان يظهر كل حين، ومنه تسريب القيادي أمير بسّام حول حجم الإنفاق والفساد الإداري والمالي

وادّعى كل طرف من الجماعة المنقسمة أنّ إخوان الداخل تابعون له، وأنّه يتواصل معهم بشكل دائم، رغم أنّه لا يوجد عمل ميداني للتنظيم بمصر، وتم حل المكاتب الإدارية، كما تم الوصول إلى أغلب الجناح الاقتصادي السري، لكنّ ادعّاء ذلك كان يكسب كل طرف منهم شرعية القوة والسيطرة.

خلاف فرعي ورئيسي أخير

علمت "حفريات" من مصادرها الموثوقة أنّه خلال الأيام الماضية وقعت مشكلة كبيرة في رابطة الإعلاميين المصريين، بين حمزة زوبع وقطب العربي، والسبب هو قوائم الحصول على الجنسية التركية التي كان زوبع يتقاضى من أجل وضع بعض الأسماء فيها أموالاً، وتم رفض أغلبها مؤخراً، وحدثت اتهامات بين الطرفين.

كما جرت خلافات أخرى بين ماجد عبد الله، المذيع السابق في قناة (مكملين) وزوبع، وبعض أعضاء الرابطة، بسبب دعوته لجمال مبارك الترشح أمام السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ممّا عرّضه للاتهامات بنفاق النظام المصري السابق، وبناءً عليه قررت رابطة الإعلاميين إجراء انتخابات جديدة خلال الأيام المقبلة على رئاستها.

ومن ناحية أخرى، أفادت المصادر أنّ السبب في رفض السلطات التركية منح وجدي غنيم الجنسية والإقامة هو لتصريحاته التكفيرية، وأنّ محاولات جرت من الجماعة لحل المشكلة بينه وبين السلطات التركية لكنّها فشلت.

ونفت المصادر انتقال عناصر من إخوان مصر يعملون بقناة (وطن) المملوكة لجبهة محمود حسين، إلى قناة الشعوب، المملوكة للجبهة نفسها، والموجودة بلندن، مشيرة إلى استحالة حدوث ذلك، وأنّ الأنباء كاذبة.

وتشير الخلافات التي جرت خلال الأسابيع الماضية إلى حالة من القلق أصابت التنظيم بالكامل في تركيا، خوفاً من تحول النظام التركي ناحية مصر وتسليمهم، وذلك عقب طرد المطلوب السوري ماهر دغيم، وكذلك إلى استمرار حالة الصراع بين الأجنحة المختلفة.

مواضيع ذات صلة:

- الإخوان المسلمون: عكس التيار في تونس وانتهازية في المغرب واستقالة مدوية في موريتانيا

- الإخوان المسلمون: حصار في تركيا ومسيرة للعنف في ماليزيا ومناوشات في المغرب

- الإخوان المسلمون: تفجير المشهد في المغرب واحتجاجات في اليمن وسرقة الأراضي في غزة