
غداة الإعلان عن المرسوم الرئاسي الجديد لتشكيل المجلس الأعلى "المؤقت" للقضاة، نشرت الجريدة الرسمية اليوم الأحد تفاصيل مواد المرسوم وإعادة تشكيل المشهد القضائي التونسي، بعد أسبوع واحد من بيان متلفز للرئيس التونسي قيس سعيد اتهم فيه المجلس المنحل بـ"الولاءات" لجماعة الإخوان المسلمين وليس للصالح العام.
ونقل موقع إذاعة "موازييك" التونسية عن الجريدة الرسمية توضيحها أنّ المرسوم الرئاسي ينص على إحداث مجلس يتمتع بالاستقلالية الوظيفية والإدارية والمالية، يُشرف على شؤون القضاء العدلي والإداري والمالي، يحلّ محلّ المجلس الأعلى للقضاء، ويُسمّى "المجلس الأعلى المؤقّت للقضاء"، ومقّره تونس العاصمة.
اقرأ أيضاً: قيس سعيد يطوي صفحة سيطرة الإخوان على القضاء
ووفقاً للجريدة الرسمية، تضمّنت تركيبة المجلس "المؤقت" قضاة مباشرين بصفاتهم وقضاة متقاعدين، وتمّ إلغاء عضوية المحامين والأساتذة الجامعيين والخبراء. ويتكوّن المجلس الأعلى المؤقّت للقضاء من المجلس المؤقّت للقضاء العدلي، والمجلس المؤقّت للقضاء الإداري، والمجلس المؤقّت للقضاء المالي، على أن يترأس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء الرئيس الأوّل لمحكمة التعقيب، وله نائبان: أوّلهما الرئيس الأول للمحكمة الإدارية، وثانيهما رئيس محكمة المحاسبات.
وفي حالة الشغور النهائي في تركيبة المجلس المؤقت للقضاء، تتمّ إحالة قائمة الترشحات إلى رئيس الجمهورية طبق مقتضيات الفصلين (6 و19) من المرسوم في مدة لا تتجاوز (21) يوماً من تاريخ حصول الشغور النهائي، وبانقضاء الأجل المذكور بالفقرة السابقة، لرئيس الجمهورية تعيين من يراه ممّن تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها بهذا المرسوم.
صلاحيات المجلس
حدّد المرسوم كذلك صلاحيات المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، ومن بينها اقتراح الإصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاليته، وإبداء الرأي بخصوص التشريعات المتعلقة بتنظيم العدالة وإدارة القضاء واختصاصات المحاكم والإجراءات المتبعة لديها والأنظمة الخاصّة بالقضاة.
تركيبة المجالس القضائية المؤقتة
يتولى الرئيس الأول لمحكمة التعقيب رئاسة المجلس المؤقت للقضاء العدلي، وتمّ تسمية وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب نائباً لرئيس المجلس المؤقت للقضاء العدلي، ووكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية مقرراً، وتضمّ في عضويتها رئيس المحكمة العقارية و(3) قضاة متقاعدين من القضاء العدلي مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية، لا يمارسون أيّ وظيفة أو مهنة أخرى، يعينون بأمر رئاسي.
وفيما يتعلق بالمجلس المؤقت للقضاء الإداري، ينصّ المرسوم على أن يتولى الرئيس الأول للمحكمة الإدارية رئاسة المجلس، وتسمية رئيس الدائرة التعقيبية الأقدم في خطته على ألّا يكون وكيلاً للرئيس الأوّل كـ"نائب رئيس"، ومندوب الدولة العام الأقدم في خطته كـ"مقرّر"، على أن تضم في عضويتها رئيس الدائرة الاستئنافية الأقدم في خطته، و(3) قضاة متقاعدين من القضاء الإداري مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية لا يمارسون أيّ وظيفة أو مهنة أخرى، يعينون بأمر رئاسي.
اقرأ أيضاً: هل يكشف تطهير القضاء التونسي عن ملفات الجهاز السري لحركة النهضة؟
أمّا المجلس المؤقت للقضاء المالي، فينصّ المرسوم على أن يتولى رئاسته الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات، وتسمية وكيل الدولة العام "نائب رئيس"، ووكيل الرئيس الأول "مقرّراً"، وعضوية كلٍّ من رئيس دائرة استئنافية الأقدم في الخطة، و(3) قضاة متقاعدين من القضاء المالي مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية، لا يمارسون أي وظيفة أو مهنة أخرى، يعينون بأمر رئاسي.
نصوص مرسوم المجلس الأعلى "المؤقت" للقضاء في تونس تنص على أنّ تشكيله يقتصر على القضاة فقط، ويلغي عضوية المحامين وخبراء القانون
وتقدّم الترشحات للمجالس القضائية المؤقتّة بخصوص القضاة المتقاعدين في مدة أقصاها (10) أيّام، بداية من تاريخ نشر هذا المرسوم بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
وتقدّم الترشحات بالنسبة إلى المجلس المؤقّت للقضاء العدلي إلى وزارة العدل، والترشحات بالنسبة إلى كلّ من المجلس المؤقّت للقضاء الإداري والمجلس المؤقّت للقضاء المالي إلى رئاسة الحكومة، وتُحال قائمة المترشحين إلى رئيس الجمهورية الذي له تعيين (3) قضاة متقاعدين لكلّ مجلس، سواء ضمن القائمة أو من خارجها عند الاقتضاء.
اقرأ أيضاً: بعد كشف جرائمها... حركة النهضة تحاول تحريك الشارع التونسي
وكان الرئيس قيس سعيّد قد أصدر أمس السبت مرسوماً يقضي باستحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء يحلّ محلّ مجلس القضاء المنحل، الذي كانت تسيطر عليه حركة النهضة الإخوانية.
وقال سعيّد، خلال لقائه رئيسة الحكومة نجلاء بودن ووزيرة العدل ليلى جفال بقصر قرطاج أمس: إنّ "المجلس الجديد جاء ليضع حدّاً لحالات الإفلات من العقاب، فالمحاسبة العادلة أمام قضاء عادل هي واجب مقدّس، إلى جانب أنّها أحد المطالب المشروعة للشعب التونسي"، وفق ما نشرت الرئاسة التونسية عبر وكالة تونس أفريقيا للأنباء الرسمية.
اقرأ أيضاً: تونس: "مواطنون ضدّ الانقلاب".. الباب الخلفي لحركة النهضة الإخوانية
وقد أكد احترامه استقلالية القضاء، وشدد على أنّ "السيادة للشعب، وأنّ الفصل بين الوظائف هو لتحقيق التوازن بينها"، مؤكداً ضرورة "تطهير البلاد من كلّ ما علق بها من أسباب الفساد، وأنّ ذلك يقتضي إرساء قضاء عادل يتساوى فيه الجميع أمام القانون".
المرسوم يحدد صلاحيات المجلس المؤقت في اقتراح الإصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاليته، وإبداء الرأي بخصوص التشريعات المتعلقة بتنظيم العدالة وإدارة القضاء واختصاصات المحاكم والإجراءات المتبعة لديها والأنظمة الخاصّة بالقضاة
وأوضح أنّ من "يرى الظلم سائداً، ويسكت عن الحق والعدل، يصير مشاركاً في هذا الظلم، لذلك تم حلّ المجلس الأعلى للقضاء واستبداله بآخر مؤقت".
وكان الرئيس قيس سعيد قد قرر في 6 شباط (فبراير) الجاري حلّ المجلس الأعلى للقضاء، معتبراً أنّ المجلس أصبح من الماضي، بعد شوط طويل من الانتقادات للقضاء بسبب تأخر البت في الأحكام في قضايا الفساد والإرهاب، فضلاً عن اتهامه للمجلس المنحل بالتلاعب في ملفات خطيرة؛ منها قضايا الاغتيالات التي حدثت في عهد الإخوان، قائلاً: "إنّ هناك فساداً، وإنّه مصرّ على إصلاح القضاء".
وقال سعيد هذا الشهر: "إنّ القضاء هو وظيفة فقط داخل الدولة، وليس سلطة"، إنّ "هذا المجلس (المجلس الأعلى للقضاء) تُباع فيه المناصب، تعيينات القضاة تتم حسب الولاء، هؤلاء مكانهم ليس المكان الذين يجلسون فيه، وإنّما المكان الذي يقف فيه المتهمون".
يُذكر أنّ هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي كشفت خلال مؤتمر صحفي الأربعاء الماضي ممارسات عدد من القضاة، ومحاولة إخفاء أدلة وبراهين تدين حركة النهضة الإخوانية في جرائم اغتيالات، وسرقة الأموال العامة، والتجسس لصالح دول، وتجنيد شباب وتسفيرهم للقتال في سوريا والعراق إلى جانب تنظيم داعش الإرهابي.