تونس: "مواطنون ضدّ الانقلاب".. الباب الخلفي لحركة النهضة الإخوانية

تونس: "مواطنون ضدّ الانقلاب".. الباب الخلفي لحركة النهضة الإخوانية


10/02/2022

أعلنت حركة النهضة الإخوانية، ومواطنون ضد الانقلاب، في تونس، تأجيل وقفة احتجاجية كانت مقررة يوم الأحد الماضي إلى الثالث عشر من شهر شباط (فبراير) الجاري.

البيان المشترك الصادر عن الحركتين؛ أوضح أنّ مبرر التأجيل هو "ما أثارته الدعوة من سجال، يتعلق بتزامنها مع وقفة دعت إليها مجموعة من الأحزاب والمنظمات، إحياء لذكرى اغتيال الشهيد شكري بلعيد".

خريطة طريق ملغومة

جاء تأسيس حركة "مواطنون ضد الانقلاب"، خلال النصف الثاني من العام الماضي، وظهر فيها عبد الرؤوف بوطيب، المستشار السياسي السابق للرئيس التونسي قيس سعيّد، ووفقاً لموقع الصباح التونسي، فقد اقترحت الحركة خريطة طريق؛ زعمت أنّها تمثل "أرضيّة جامعة لكل من يرى فيها نفسه، من قوى حزبية أو مناهضة للانقلاب".

وبحسب بيان للحركة، فإنّها تستهدف "إلغاء حالة الاستثناء التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، يوم 25 تموز (يوليو) الماضي".

وعن بنود خريطة الطريق، أوضح البيان أنّها تتضمن "عودة البرلمان المنتخب، وتعديل نظامه الداخلي فوراً؛ بما يضمن حسن سيره وحوكمته، واستكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستوريّة، وإرساء هيئة الحوكمة الرشيدة، ومكافحة الفساد، وتجديد عضوية أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، والعمل على إرساء بقية الهيئات الدستوريّة، ولا سيما هيئة الاتصال السمعي والبصري".

عملاء حركة النهضة

من جانبها قالت السيدة مباركة البراهمي، أرملة الشهيد محمد البراهمي، في تصريحات خصّت بها "حفريات"، إنّ الإخوان مثلما جنّدوا سابقاً شركات ومؤسسات دعائية دوليّة؛ بهدف تلميع صورتهم، بعد فشلهم الذريع في تسيير البلاد، بل وإغراقها في الإرهاب والجريمة، ها هم اليوم بعد تجميدهم، وحشرهم في زاوية الاتهام والإدانة، يفوّضون وكلاءهم للدفاع عنهم، والحديث باسمهم، بحيث أصبحوا مأجورين برتبة أعوان؛ من خلال حركة "مواطنون ضدّ الانقلاب".

وتتابع البراهمي قائلة: "أيّها "المواطنون ضدّ الانقلاب"، نحن نزلنا إلى الشارع، يوم الأحد السادس من شباط (فبراير)، وفاء لدماء شهيدنا الغالي شكري بلعيد؛ لنفضحكم، ونجدد يقيننا بأنّ الإخوان هم قتلة الشهيد شكري بلعيد، وهم أيضاً من قتلوا الشهيد محمد البراهمي، وأنّ بعضا من الأجهزة الأمنية، تواطأت ضد البلد، وضد أمنها، ولم تحم الشهيدين: بلعيد والبراهمي، رغم يقينها بالتهديد الذي وجدناه موثقاً عندهم بعد الجريمة".

مباركة البراهمي: نجدد يقيننا بأنّ الإخوان هم قتلة الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وأنّ بعضاً من الأجهزة الأمنية، تواطأت ضد البلد، وضد أمنها، ولم تحم الشهيدين

وتؤكد أرملة الشهيد أنّ بعض رجال القضاء، الذين لم يقبلوا أن يكونوا مستقلين، طهم من يحمون القتلة". وتضيف: " يوم 25 تموز (يوليو) الماضي، كان معنا ولنا ومعبراً عنا، ستفتح كل ملفات الفساد، وسيعاقب من سرق قوت التونسيين، وملفات الإرهاب ستكشف، وحينها سيضحى قتلة شهداء الاغتيالات السياسية؛ أحد أهم مكتسبات مسار 25 تموز (يوليو).

الإخوان أدوات وظيفيّة

في هذا السياق، يذهب الباحث التونسي في الشؤون السياسيّة، ناصر التليلي، إلى التأكيد على أنّ التشكيلات السياسية الدينيّة عموماً، والإسلاميّة خصوصاً، في المنطقة العربيّة، دأبت على العمل بآليات المفاهيم البراغماتيّة؛ لتحقيق أهدافها الذاتيّة في الإمساك بزمام السلطة؛ خدمة لمصالح قيادتها .

ويواصل التليلي تصريحاته لــ "حفريات"، بقوله إنّ قيادات تلك التنظيمات، دوماً ما يعملون بغية خدمة أجندات خارجية، تبعاً لمفهوم المصالح العليا للجماعة، بعيداً عن أيّ التزام وطني؛ إذ إنّ ذلك هو صلب عقيدتهم؛ المبنية على المقولة الشهيرة لمنظرهم سيد قطب؛ "ما الوطن إلا حفنة من تراب عفن".

ناصر التليلي: مواطنون ضد الانقلاب، هي حركة شكلها الإخوان، ويعملون من وراءها، بعدما انكشف كل شيء أمام المواطن التونسي خلال السنوات الماضية

يتابع الباحث التونسي ناصر التليلي، ليشير إلى أنّه تحت رغبة الرئيس التونسي السابق، زين العابدين بن علي، غيّرت حركة الاتجاه الإسلامي في تونس، والتي هي امتداد للإخوان المسلمين، اسمها إلى حركة النهضة، في سبيل المراوغة، وهذا يدل على قدرتهم على نكران أيّ شيء، والتلون من أجل الاقتراب من السلطة بأيّ ثمن، فلم تبخل بتقديم الوشايات بحلفائها للسلطة، ولم تبخل بالاعتصام مع المعارضة ضد السلطة، ولعل أقوى أسلحتها هي شراء الذمم، واستعمال المال، والتعيينات في المناصب، وكذا استقطاب الطامعين وضعاف النفوس، من أقصى اليمين، إلى أقصى اليسار؛ لتشكيل أحزمة سياسيّة، وهذا ما نجحت فيه حركة النهضة بامتياز.

كانت أخبث أسلحة حركة النهضة، على مدى العشر سنوات التي أعقبت ثورة 17 كانون الأول (ديسمبر) 2010، هي الوعود الكاذبة في تأمين العدالة الاجتماعية والديمقراطية، والتقدم لعموم المواطنين، والجنة وحور العين للذين ضللتهم، وأرسلتهم إلى بؤر التوتر في سوريا وليبيا، من شباب وشابات تونس، بحسب المصدر ذاته.

تحالف الشر

وإلى ذلك يقول، ناصر التليلي، "نستطيع فهم تشكيل  "مواطنون ضد الانقلاب"، بوجوه يساريّة، وعروبية، وليبيرالية، ويمينية متطرفة، من مجموعة أسماء لم تستطع الانخراط والتواصل، مع تطلعات وهموم وقضايا المواطنين الحقيقية، وبقيت تتحرك في نواد خاصّة ضيقة، تضخمت بشكل مزيف بقوة الإعلام، الذي سيطرت عليه حركة النهضة طوال العشرية السوداء، التي حكمت فيها تونس" .

ولكي نفهم لجوء حركة النهضة للدفع بهؤلاء؛ كأحزمة أماميّة تواجه الانقلاب، على حد تعبيرهم، بينما هو في حقيقة الأمر حركة تصحيحية، علينا أن نفهم، وفق التليلي، أنّ حركة  النهضة راكمت خلال العشريّة السوداء ثروات طائلة، وحققت سيطرة قويّة، على كل مكامن الفساد في الوزارات والمؤسّسات الوطنية العموميّة، ومافيات التهريب والإتجار المخدرات .

محسن النابتي: من المفارقات المهمة، أنّ تاريخ الصراع مع الإخوان، كان صراع التنظيم مع الدولة، ولكن في هذه المرحلة، الصراع هو صراع التنظيم مع الشعب

ويختتم الباحث التونسي التليلي، تصريحاته مؤكداً أنّه عندما أعلن الرئيس قيس سعيّد قرارات 25 تموز (يوليو)، تبيّن للجميع أنّ "النهضة نمر من ورق، حيث أصابها ما أصاب ذلك الراعي، الذي كان يستنجد بأهل قريته كذباً بهجوم الذئب، وهذا بالتحديد ما يبرر لجوء حركة النهضة إلى تشكيل "مواطنون ضد الانقلاب"، الذي يتكون في الحقيقية من متعهدي حفلات الأعراس لمن يدفع، لكنّهم يمتلكون طبولاً كلها مثقوبة".

محسن النابتي، الناطق باسم التيار الشعبي في تونس، يرى أنّ "مواطنون ضد الانقلاب"، ما هي إلا حركة شكلها الإخوان، ويعملون من وراءها، بعدما انكشف كل شيء أمام المواطن التونسي خلال السنوات الماضية.

يتابع النابتي حديثه لــ "حفريات"، بقوله: "على المستوى العام، مواطنون ضد الانقلاب، هي تعبير عن التحالف الليبرالي الإخواني، الذي قاد موجات الربيع العربي، وجميعهم في تقديره معاد للوطن، ولمفاهيم القوميّة، فهو تحالف تمّ في مطابخ القرار الدولي، التي أعدّت سيناريو الفوضى الخلاقة"، وهؤلاء، بحسب النابتي، "عملاء بلا جمهور، والإخوان يستخدمونهم، ويوظفون أفرادهم؛ خدمة لمصالحهم، جرى ذلك في الماضي، وهو تماماً ما يحصل الآن؛ وجمهور حركة النهضة الإخوانيّة، أو بالأحرى ما تبقي منه، يدعم بشكل خفي اجتماعات ومسيرات، يخطب فيها مثقفون  ليبراليون، وحقوقيون، أو إن شئت الدقة ينبغي أن نقول تجار حقوق".

ويقول النابتي هذا التحالف، "مواطنون ضد الانقلاب"، هو مقاربة لما هو قائم، لما يسمى المعارضة السوريّة؛ حيث يتحالف الإخواني التكفيري، مع الليبرالي، واليساري، والحقوقي، وهو نفسه محاكاة لتحالف أيمن نور، وزمرة العملاء، مع جماعة الإخوان في مصر، بل إنّه ذات التحالف، الذي هلّل  لغارات الأطلسي؛ لاحتلال ليبيا.

ويتابع الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي في تونس تصريحاته، لافتاً إلى أنّه في تونس تكوّن هذا التحالف برعاية أمريكيّة، في العام 2011، وشكّل ما يسمى "الترويكا"، بيد أنّه سرعان ما انهار تحت ضغط الشارع، وجرائم الإخوان وأنصار الشريعة، وظلّت النهضة طيلة العشرية السوداء، تستند على الليبراليين ومزدوجي الجنسية؛ للاستمرار في الحكم، وقد تورّط البعض معهم، بينما استطاعت أن تشتري البعض الآخر، وهي الآن تتحكم في رقابهم؛ سواء بالملفات، أو بما يكتسبونه من وراء خدماتهم لها.

إنّ "مواطنون ضد الانقلاب"، بحسب النابتي، ما هي إلا واجهة إخوانيّة بديلة؛ تعوزها حركة النهضة في تونس؛ نظراً لعجز التنظيم في الوقت الحالي، وما يعانيه من عزلة  شعبية، سميا بعد قرارات 25 تموز(يوليو) الفائت.

يختتم النابتي تصريحاته، بالإشارة إلى أنّه من المفارقات المهمة، أنّ تاريخ الصراع مع الإخوان، كان صراع التنظيم مع الدولة، ولكن في هذه المرحلة، الصراع هو صراع التنظيم مع الشعب؛ إذ تتريث الدولة، لأول مرة، بينما الشعب يطلب المسارعة في إجراءات المحاسبة لتلك الحركة، جراء ما اقترفته في حق البلاد والعباد.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية