تقرير خاشقجي يكشف ازدواجية أمريكا وتعاونها مع الإخوان.. كيف؟

تقرير خاشقجي يكشف ازدواجية أمريكا وتعاونها مع الإخوان.. كيف؟


14/03/2021

ربما لا يوجد نموذج حالي لازدواجية السياسة الخارجية والتباسها وبحثها عن المصالح كالبيان حول جمال خاشقجي الذي أصدرته الولايات المتحدة مؤخراً، الذي يعيد قضية اتهام ولي العهد السعودي بقتل الرجل في قنصليتها باسطنبول، دون أي دليل واضح، ودون إثباتات مؤكدة، في وقت تتغاضى فيه كثيراً عن إرهاب جماعات مثل الحوثي، بل وترفعها من قوائم الإرهاب، وكذا جماعة الإخوان التي ثبت تاريخياً أنها منبع الأصولية المتشددة في العالم.

أمريكا والقتل خارج القانون

على الرغم من أنّ الولايات المتحدة الأمريكية من أجل وضع المملكة في الزاوية اعتبرت أن قتل خاشقجي كان خارج القانون، وأنه مخالف للقانون الدولي، فإنها لم تضع مفهوماً واضحاً لهذا القتل، في وقت قامت هي ذاتها بعمليات اغتيال لأفراد بطريقة عشوائية واسعة النطاق، وانتهكت معايير حقوق الإنسان وكذلك القوانين الدولية في أماكن كثيرة كأمريكا اللاتينية وأفغانستان واليمن..، بل وقتلت مدنيين أثناء استهدافها لأفراد بعينهم بحجة مكافحة الإرهاب.

 الكاتب أحمد الشوربجي

يقول الكاتب، أحمد الشوربجي، لـ"حفريات"،  إنّ "أمريكا ارتكبت كثيراً من الفظائع وعمليات الاغتيالات القذرة عن طريق جهاز السي آي إيه، وهم لا يخفون ذلك، بل ويعتبرون أن له مبرراته الوطنية، وهذا لا يعني تبرير قتل خاشقجي، فالمملكة أحالت المتهمين للمحاكمة، لكن معالجة الأمر بهذا الشكل تعني بكل وضوح استخدامه للضغط على السعودية".

أحمد الشوربجي: تاريخ أمريكا مليء بالفظائع وعمليات الاغتيالات القذرة

من جهته، يرى الكاتب ياسر عبدالعزيز، في مقال له بـ"المصري اليوم"، أنّ "بعض الدول الغربية وأمريكا تمارس ضغوطاً على غيرها من دول العالم باستخدام ذرائع مختلفة، ومنها الحقوقية رغم أنها ذاتها ترتكب مخالفات في هذا المجال، وأنها ربما تكيل بالمكاييل المتعددة تبعاً لتشخيصها البراجماتي لمصالحها، وأنها في بعض الأحيان تنتهك سيادة دول أخرى بداعي تلك الذرائع".

الازدواجية مع الإخوان والحوثي

لو تتبعنا الأمثلة سنجدها كثيرة جداً في ازدواجية الولايات المتحدة؛ فحركة "طالبان" على سبيل المثال، هي جماعة إرهابية بامتياز لكنه لم يتم إدراجها في قائمة الإرهاب إلا حينما وصل بن لادن إلى عمق أمريكا في الحادي عشر من سبتمبر، ورغم جرائم الحرب التي يرتكبها الحوثيون في اليمن وبعد أن وضعت الحركة في قائمة الإرهاب، رفعت مؤخراً في عهد إدارة بايدن بحجة إعطاء فرصة للمفاوضات.

وفي كانون الثاني (يناير) ٢٠١٨ قامت أمريكا بإدراج إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس على لائحة "الإرهابيين"، وحركة "الصابرين" الفلسطينية، وحركتي "لواء الثورة" و"سواعد مصر" المعروفة إعلامياً باسم "حسم"، على قائمة الإرهاب واعترفت بتبعيتها للإخوان ولَم تُدن الجماعة!

اقرأ أيضاً: صواريخ إيران وقميص خاشقجي

يقول اللواء تامر الشهاوي، عضو البرلمان المصري السابق، بصفحته بـ"تويتر": "رغم مطالبات مصر والسعودية والإمارات إدراج جماعة الإخوان على قوائم الاٍرهاب منذ عدة سنوات في كل المحافل الدولية لم يتقدم هذا الملف؛ لأنّ هناك علاقة كبيرة جداً تربط التنظيم الدولي للإخوان مع الاستخبارات الأمريكية".

في نفس السياق يقول السيناتور الأمريكي، تيد كروز، الذي قدم مشروع قرار للإدارة الأمريكية لضم جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب، في تصريحات لـ"نيويورك تايمز" إنّ "هناك قوى في الدولة العميقة بأمريكا تقف خلف عدم تصنيفهم".

اقرأ أيضاً: العلاقات السعودية-الأمريكية.. أكبر من قضية خاشقجي

من جانبه، يقول الباحث هشام النجار: إنّ أمريكا امتنعت عن تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية في الوقت الذي تضغط فيه على المملكة بقضية خاشقجي بدافع الابتزاز، ولأن تصنيف الجماعة سيحدث سلسلة من المشاكل الدبلوماسية لواشنطن"، موضحاً حيث إن هناك العديد من الأحزاب السياسية التي تتقاسم مع الجماعة المرجعية نفسها، لديها تمثيلية في برلمانات وحكومات العديد من الدول، وفي الناحية الأخرى من أجل إحداث توازن بين تعهدات انتخابية بنشر التقرير الاستخباراتي وملف حقوق الإنسان، رغم أنّ تقرير وكالة الاستخبارات المركزية لا يحتوي على أي عناصر تربط بشكل مباشر ولي العهد بالأمر بقتل جمال خاشقجي.

 الباحث هشام النجار

يضيف النجار في تصريحه لـ"حفريات": يكشف التقرير لنا بجلاء عن تغييرات السياسة الأمريكية تجاه السعودية؛ وهي تغيرات كبيرة وملحوظة، بدأت باستبعاد جماعة الحوثيين، الجماعة التي تسيطر على شمال اليمن، والتي يقاتل ضدها التحالف العربي بقيادة السعودية، من القائمة الأمريكية للتنظيمات الإرهابية ، ثم علقت الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس جو بايدن بيع أسلحة للمملكة العربية السعودية ومقاتلات إف-35 للإمارات العربية المتحدة في إطار "مراجعة" قرار اتخذ إبان ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، وفق ما أفادت الخارجية الأمريكية يوم الأربعاء الموافق 27 كانون الثاني (يناير) 2021.

هشام النجار: أمريكا تضغط على المملكة العربية السعودية بقضية خاشقجي بدافع الابتزاز

من ناحيته يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية ، د.عصام عبد الشافي، رئيس أكاديمية العلاقات الدولية في مقاله بـ"اليوم السابع"، أنّ "تقرير الاستخبارات الأمريكية حول اغتيال خاشقجي ما هي إلا ورقة سيتم استخدامها للابتزاز والحلب، وليس لتحقيق الحق والعدل، وإنّ الولايات المتحدة تمنح نفسها الفرصة للتدخل في الشؤون الداخلية العربية، وإثارة القلاقل والأزمات عن طريق ذرائع حقوقية، ويأتي مقتل خاشقجي وبيان خارجيتها في هذا السياق".

اقرأ أيضاً: تقرير خاشقجي: جريمة ابتزاز!

الصحفي منصور أبو العزم في مقاله الأسبوعي بصحيفة الأهرام لخّص ازدواجية أمريكا وتعاونها مع الإخوان وضغطها على المملكة في الوقت ذاته بقوله: "لم يكن جمال خاشقجي أول صحفي يتم قتله ولن يكون الأخير، فهناك آلاف الصحفيين الذين تم اغتيالهم أمام أعين أمريكا والعالم، غير أن الولايات المتحدة لم تر أو تسمع إلا عنه لأن السعودية تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم وتراكمت لديها ثروة طائلة من الخام على مدى الـ70 عاماً الماضية"، ويتابع: "ولو كان الرجل من بيرو أو الصومال أو تنزانيا لما تحركت ولما أعارت أجهزتها، التي يسيل لعابها أمام المال والثروة أي اعتبار، ولا فكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن تصدر بياناً هزيلاً حتى من باب ذر الرماد في العيون، وقد جاء التقرير الذي أصدرته المخابرات الأمريكية عن مقتل خاشقجى كاشفاً وفاضحاً للطريقة المعروفة في الضغط على حلفائها وابتزازهم مالياً".

ويختم هشام النجار مقاله: إن الأمور لن تعدو مجرد إبداء ضغوط في هيئة تصريحات إلى اتخاذ إجراءات من شأنها الإضرار بمصالح المملكة أو المس بأحد رموز حكمها، وذلك لاعتبارات عديدة منها المستجدات على الساحة، وحجم وأهمية دور المملكة في التصدي للمشروع الطائفي والإرهابي وللتمدد الإيراني، وكذلك دور المملكة في ثوبها الحضاري الجديد عبر الإصلاحات التي أجراها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، التي غيرت الوجه الثقافي والفكري للمملكة في تقويض الفكر المتطرف وتحجيمه، فضلًا عن العلاقة الاستراتيجية التي تربط المملكة بالولايات المتحدة ناهيك عن الوقوع في التناقض الفج على كافة المستويات؛ فالمفترض بالادارة الأمريكية مواجهة الإرهاب الطائفي والأيديولوجي الذي تقوده إيران وتركيا في العالم كله والجرائم في هذا السياق مشهودة وموثقة ولا يوجد أدنى شك فيها، سواء جرائمهم في قلب تركيا إيران ضد المعارضين والكتاب والصحافيين أو خارجها في العراق ولبنان وسوريا واليمن، وغيرهم.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية