يتردد في الأوساط السياسية، وحتى الشعبية، الكثير من التساؤلات حول كيف سيتفاعل مجلس النواب الجديد مع القضايا الراهنة، لا سيّما بعد التغييرات التي أدخلت على تركيبته، بنجاح جماعة الإخوان المسلمين، الممثلة في ذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي، في حصد (31) مقعداً من مجمل (138) مقعداً في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وتشكل الدورة النيابية الجديدة، المقرر افتتاحها في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، اختباراً جديّاً لشكل العلاقة بين السلطة السياسية والحركة الإسلامية، خاصة مع حادثة البحر الميت وتبني الحركة لها، والتي أحدثت صدمة لدى الرأي العام الأردني، وخلّفت استياءً كبيراً في الأوساط السياسية التي رأت في ما حدث مؤشراً خطيراً على تغير في نهج الحركة، واقتراباً أكثر من محور المقاومة الذي تتزعمه إيران، وفق ما أوردت صحيفة (العرب) اللندنية.
ورغم أنّ الحركة الإسلامية حاولت التراجع عن تلك "الزلة"، عبر التأكيد على أنّها عملية فردية، ولم تجرِ بتنسيق معها، أو تتبناها، مشددة على أنّها ما تزال تحافظ على الثوابت الوطنية نفسها، لكنّ الأردنيين لا يبدون اقتناعاً، ويرون في سلوك الحركة مستقبلاً، ولا سيّما تعاطيها في مجلس النواب المقياس الذي سيجري اعتماده في ما إذا كان ما حدث مجرد "اندفاعة" أم هو "تحول" يجب التعامل معه.
ويرى مدير مركز (الحياة ـ راصد)، الذي يراقب عمل البرلمان، عامر بني عامر، أنّه "مع فوز جبهة العمل الإسلامي بـ (31) مقعداً، تبرز فرص جديدة لإعادة إنتاج نهج جديد للتفاعل مع المواطنين ومؤسسات الدولة".
الحوارات: مراقبة أداء الإخوان تعتمد أوّلاً على طبيعة لجان مجلس النواب المقبل، والحصيلة التي ستخرج بها الكتلة الإسلامية كحصة لها، والأوضاع في المنطقة.
ويشدد بني عامر في تصريح لصحيفة (الغد) المحلية على أنّه "يجب على الكتلة الإسلامية استثمار هذه الفرصة لتقديم حلول عملية للقضايا الوطنية، بدلاً من الاكتفاء بتسجيل المواقف والشعبويات، عبر التركيز على القضايا الملحّة مثل البطالة والتعليم والصحة، وغيرها من الأولويات الوطنية"، مشيراً إلى أنّ "هذا النهج الجديد قد يدفع باقي الكتل في البرلمان لتحسين أدائها، وتبنّي استراتيجيات أكثر فعالية في التفاعل مع القضايا الوطنية، بدلاً من التركيز على المناكفات السياسية، ممّا سيخلق حافزاً للتنافس الإيجابي بين الكتل، ويؤدي إلى تقديم حلول أفضل للتحديات المطروحة".
من جهته، أكد المحلل السياسي منذر الحوارات على ضرورة الانتظار، ومراقبة الأداء، اعتماداً "أوّلاً على طبيعة لجان مجلس النواب المقبل، والحصيلة التي ستخرج بها الكتلة الإسلامية كحصة لها، أم سيكونون خارج معادلة اللجان، وهذا ستبنى عليه مواقف لاحقة للجبهة جهة قضايا عديدة، سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية".
ويعتقد الحوارات أنّه في حال "خروج الإسلاميين من لعبة اللجان وتقسيماتها، سيكون موقفهم حاداً، وربما سيقفون في مواجهة الحكومة بأغلب القضايا، وسيحاولون الاستفادة من القاعدة الشعبية لزيادة رصيدهم الاجتماعي، وبالتالي، فمعارضتهم للحكومة ستمنحهم دفعة كبيرة في المرحلة المقبلة".
ويرى المحلل السياسي الأردني أنّ نقطة انطلاقهم في حال حصول هذه التحولات، تكمن في "معارضة الحكومة التي تملك برنامجها الخاص، في مقابل برنامجهم الخاص بالحزب، وبالتالي سيكون لديهم ما يحاججون به، في المجال الاقتصادي أو الاجتماعي".
ويشير الحوارات إلى نقطة انطلاق ثانية، ستحدد دور الحركة في المرحلة المقبلة، وهي تتعلق بالجانب السياسي المتأثر بالتطورات الإقليمية، فـ "العدوان على غزة ولبنان، سيكون نقطة انطلاق شعبية، يستثمر حزب جبهة العمل عبرها منصات المجلس للتعبير عن مواقفه السياسية، والذي يستميل كثيراً من الناس".