نشرت صحيفة (التغيير) السودانية تقريراً خطيراً حول بيع مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية في السودان وتهريبها على يد مسؤولين في الحكومة، برعاية الاستخبارات العسكرية الخاضعة لهيمنة الحركة الإسلامية (الإخوان).
وكشف التقرير أنّ تجاراً من دول جنوب السودان، وإثيوبيا، وإريتريا، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، قد توافدوا إلى مدينة بورتسودان لشراء مواد الإغاثة الطبية من مسؤولين، منها الأدوية والمعقمات.
ونقلت الصحيفة شهادة صاحب شركة توكيلات ومعدات طبية، بشأن تهريب المستلزمات الطبية التي وصلت في إطار المساعدات الإنسانية لإنقاذ حياة المرضى والمتضررين، لكنّها عرضت للبيع بأسعار أقل من قيمتها الأصلية، ممّا جعلها سلعة تجارية بدلاً من أن تصل إلى مستحقيها.
وقال صاحب الشركة: إنّ مجموعة من الأدوية المعروضة في السوق كان مكتوباً عليها "مجاني"، ممّا يدل على أنّها جزء من شحنات الإغاثة. وأشار إلى أنّ المواد الإغاثية بمختلف أنواعها تُباع بين التجار، وأنّ بعض الولايات أصبحت خالية من هذه السلع، رغم أنّ الهدف منها كان دعم المحتاجين.
ولفت إلى أنّ البيع شمل حتى المعقمات التي وصلت عقب ظهور الأوبئة في ولايتي القضارف وكسلا.
وتابع قائلاً: "مواد الإغاثة موجودة حتى في الولايات التي لم تشهد صراعاً بين طرفي الحرب، وهذا يؤكد أنّ من يقومون ببيعها، سواء كانوا من الجانب الرسمي أو التجار، هم من عديمي الأخلاق"، على حدّ تعبيره.
تجار من دول جنوب السودان، وإثيوبيا، وإريتريا، وتشاد، وأفريقيا الوسطى وليبيا، توافدوا إلى مدينة بورتسودان لشراء المواد الإغاثية.
وأكمل حديثه قائلاً: "لقد تعاملت مع زملاء في مجالي لا يتورعون عن شراء وبيع مواد الإغاثة. فهم لديهم أشخاص يعرضون عليهم المواد الطبية التي تم التبرع بها للمرضى، من الأمم المتحدة ومنظمات خليجية من قطر، والإمارات، وسلطنة عُمان، والكويت، والسعودية.
ووفقاً لشهادات أخرى، فقد تورط موظفون حكوميون ومسؤولون بالحركات المسلحة منها الإسلامية ووسطاء وتجار محليون ودوليون في هذه الأنشطة، وتحاول الاستخبارات العسكرية التستر على تلك النشاطات.
وقال تاجر في إحدى ولايات دارفور، فضل عدم الكشف عن هويته، في مقابلة مع صحيفة "التغيير": إنّ المواد المخصصة للإغاثة غالباً ما تنحرف عن مسارها، وتصل إلى الأسواق بدلاً من الفئات المستهدفة.
وأوضح أنّ الأسواق شهدت مؤخراً تداول كميات كبيرة من مواد الإغاثة كسلع تجارية، رغم أنّها كانت موجهة للتوزيع المجاني، والتجار يشترونها من بورتسودان، ويقومون بشحنها إلى دارفور، مؤكداً أنّ الشحنة كانت تصل مكتملة بكل الإجراءات الحكومية من رسوم وفواتير وغيرها ، ومن ثم يقومون ببيعها في الأسواق.
وذكر التاجر أنّ هناك مصدراً آخر لدخول الإغاثة إلى الأسواق، وهو المواطنون الذين يتسلمون المساعدات، لكن بسبب حاجتهم إلى السيولة النقدية (الكاش)، يقومون ببيع هذه المواد للتجار الذين يتصرفون بها في السوق.
وتحدثت تقارير أخرى عن تجار من دول جنوب السودان، وإثيوبيا، وإريتريا، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، وليبيا، قد توافدوا إلى مدينة بورتسودان، وقاموا بشراء مواد الإغاثة من مسؤولين تابعين للجيش والحركة الإسلامية ، ونقلوها إلى دولهم.
وأكدت الصحيفة أنّ واقعة بيع مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية وتهريبها جرت في بورتسودان المدينة التي يحرسها جهاز المخابرات العسكرية وجهاز الأمن الوطني وعشرات الآلاف من ضباط ورجال الشرطة، فهل يعقل أنّ عمليات بيع السلع وتهريب المؤن الضرورية والأغذية والأدوية بمئات الحاويات قد مرت دون علم الاستخبارات والأمن والشرطة؟ أم أنّهم، بالتعاون مع قادة الحركة الإسلامية، متواطئون مع السياسيين والتجار في بيع وتهريب السلع والبضائع الإغاثية؟
وقد وجّهت الصحيفة سؤالاً إلى كبار القادة العسكريين في جهاز الاستخبارات العسكرية حول حماية السلطة الحاكمة في بورتسودان، مؤكدة أنّ الأولى من اعتقال النشطاء المدنيين ملاحقة الفاسدين وتجار الحرب الذين حصدوا الملايين من بيع المواد الإغاثية، والشعب يموت جوعاً ومرضاً.