بوتيرة متسارعة... لماذا يسعى أردوغان لتحسين علاقات بلاده مع دول الخليج؟

وتيرة متسارعة... لماذا يسعى أردوغان لتحسين علاقات بلاده مع دول الخليج؟

بوتيرة متسارعة... لماذا يسعى أردوغان لتحسين علاقات بلاده مع دول الخليج؟


18/07/2023

محطة أخرى في مسار التحول الذي تشهده السياسة الخارجية لتركيا تجاه قوى إقليمية كانت على خصومة معها استمرت لأعوام، افتتحتها زيارة الرئيس لتركي رجب طيب أردوغان إلى كل من السعودية وقطر والإمارات هذا الأسبوع، وسط أزمة اقتصادية تثقل اقتصاد بلاده.

ورغم أنّ العلاقات التركية-الخليجية لم تكن على وفاق دائم، إذ تتسم علاقة أنقرة بدول الخليج بالكثير من التعقيد بعد أن انتقلت من التنافس إلى الانفراج، يتوقع أن يشهد خلال الزيارة توقيع صفقات بمليارات الدولارات في مجالات عدة، بداية خصخصة أصول مملوكة للدولة وجذب استثمارات مباشرة وإبرام اتفاقيات استحواذ وحتى صفقات دفاعية، ويشير ذلك إلى الأهمية الاقتصادية التي يوليها أردوغان للمنطقة الخليجية.

وتتزامن الجولة مع تسجيل معدلات التضخم مستويات قياسية مع انخفاض قيمة الليرة إلى مستويات قياسية، وباتت السيطرة على عجز ميزانية الحكومة أمراً صعب التحقيق.

العلاقات الخليجية ضرورية لدعم الاقتصاد التركي

وعلى وقع ذلك، يرى أردوغان زيارته الخليجية بعد إعادة انتخابه في أيار (مايو) أنّها ضرورية لدعم الاقتصاد التركي وتعزيز قيادته داخل البلاد، خصوصاً أنّ دول الخليج الغنية بالنفط قد ساعدت أنقرة في حلّ أزمة العملات الأجنبية على الأقلّ على المدى القصير، من خلال اتفاقيات مبادلة العملات المباشرة وإيداع أموال مباشرة في حسابات الدولة التركية.

وقبل مغادرته إسطنبول، قال أردوغان: "خلال زياراتنا سيكون جدول أعمالنا الأساسي هو الاستثمار المشترك والأنشطة التجارية مع هذه الدول خلال الفترة المقبلة"، مشيراً إلى أنّ "هذه الزيارة تحمل موضوعين رئيسيين؛ الاستثمارات، والبعد المالي، ونعلق آمالاً كبيرة بالنسبة إلى كليهما".

اكتسبت العلاقات التركية الإماراتية المزيد من الزخم

وأشار الرئيس التركي إلى أنّ التبادل التجاري مع دول الخليج زاد من (1.6) مليار دولار إلى قرابة (22) مليار دولار في الأعوام الـ (20) الماضية. وأضاف: "مع تنظيم منتديات الأعمال، سنبحث عن وسائل لتحريك هذا الرقم إلى أبعد من ذلك بكثير".

وقال أردوغان: "نحن في طريقنا إلى مدينة جدة المحطة الأولى لزيارتنا إلى المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة وجمهورية شمال قبرص التركية".

وأضاف: "أتمنى أن تصبّ هذه الزيارات التي نجريها في فترة حرجة، في مصلحة علاقاتنا الثنائية واستقرارنا الإقليمي... نحن نواصل جهودنا بما يتماشى مع هدفنا المتمثل في إنشاء حزام سلام واستقرار وازدهار حول تركيا، كما نرغب في نشر الأسس المتينة التي تستند عليها علاقاتنا مع دول الخليج، على نطاق واسع من التعاون معها".

وتابع قائلاً: "لقد ارتفع حجم التبادل التجاري الثنائي مع دول الخليج في العقدين الأخيرين من (1.6) مليار دولار إلى نحو (22) مليار دولار".

يتوقع أن يشهد خلال الزيارة توقيع صفقات بمليارات الدولارات في مجالات عدة، بداية خصخصة أصول مملوكة للدولة وجذب استثمارات مباشرة

وأكد أردوغان أنّه خلال الزيارة سيعمل على توطيد العلاقات الثنائية، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية الراهنة، مشدّداً على أنّه سيعزز علاقات أنقرة مع دول الخليج التي تربطه معها علاقات تاريخية وأخوية ومتجذرة، مشيراً إلى أنّ بلاده حققت مع دول الخليج تقدماً ملموساً في الآونة الأخيرة.

ونقلت وكالة (رويترز) عن اثنين من كبار المسؤولين الأتراك قولهما في وقت سابق: إنّ تركيا تتوقع أن تضخ دول الخليج استثمارات مباشرة تقدّر بنحو (10) مليارات دولار مبدئياً في أصول محلية نتيجة لجولة أردوغان في المنطقة.

وكان التضخم في تركيا قد تراجع في أيار (مايو) الماضي إلى ما دون 40% للمرة الأولى منذ كانون الأول (ديسمبر)، لكن يتوقع محللون أن يرتفع أكثر في تموز (يوليو) متأثراً بتراجع سعر صرف الليرة التركية التي فقدت 23%من قيمتها في مقابل الدولار منذ نهاية أيار (مايو).

صداقة تربط تركيا بالإمارات

ومنذ إعادة انتخاب أردوغان رئيساً لتركيا، اكتسبت العلاقات التركية الإماراتية المزيد من الزخم من خلال الزيارات المتبادلة بين الرئيس أردوغان والشيخ محمد بن زايد في العامين الماضيين والاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، خصوصاً أنّ الإمارات تبنّت نهجاً معتدلاً وغير مغالٍ مع أنقرة، برغم توتر العلاقات خلال الأزمة الخليجية.

وفي ظل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين تركيا والإمارات، التي وقّعت في أبو ظبي في 3 آذار (مارس) 2023، والتي وصفها رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد بأنّها نقلة نوعية في مسيرة علاقات البلدين، يشهد التعاون الاقتصادي طفرة متنامية.

أعلن وزير التجارة التركي عمر بولاط أنّ حجم التبادل التجاري مع السعودية بلغ (3.4) مليارات دولار في النصف الأول من العام الحالي

وأفادت تقارير أواخر العام الماضي بأنّ الإمارات تجري مفاوضات لعقد صفقة لشراء طائرات مسيّرة عسكرية من طراز "بيرقدار بي بي 2" تركية الصنع، وقد جرى تسليم (20) طائرة مسيّرة إلى الإمارات في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.

ووفق تصريح للسفير التركي في أبو ظبي خلال حزيران (يونيو) الماضي، فقد بلغ حجم التجارة غير النفطية بين تركيا والإمارات حوالي (19) مليار دولار في 2022، في ظل مساعي البلدين لزيادة المبلغ إلى (40) مليار دولار في غضون (5) أعوام.    

في السياق، يقول الدكتور عبد الخالق عبد الله أستاذ العلوم السياسية من الإمارات في حديث لـ (بي بي سي): إنّ انتقال الشراكة من المجال الاقتصادي إلى مجالات استراتيجة أرحب كان وراءه تفاهم شخصي بين رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

العلاقات التركية-الخليجية لم تكن على وفاق دائم، وتتسم علاقة أنقرة بدول الخليج بالكثير من التعقيد بعد أن انتقلت من التنافس إلى الانفراج

من جانبه، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا لموقع (24): إنّ الفترة المقبلة سوف تشهد تعاوناً وثيقاً بين تركيا وكل من الإمارات والسعودية، سواء على المستوى السياسي فيما يخص أوضاع منطقة الشرق الأوسط، أو العسكري حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات العسكرية مع السعودية وتحصل المملكة بموجبها على مسيّرات تركية الصنع لتعزيز قدراتها الدفاعية، إلى جانب التعاون الاقتصادي، واستفادة كل الدول الخليجية من الاستثمار في تركيا، والحصول في الوقت نفسه على المنتجات التركية.

علاقات متقلبة تتطور مع السعودية

ورغم أنّ العلاقات بين تركيا والسعودية شهدت تقلبات منذ مطلع القرن الحالي، خصوصاً أنّه بعد "الربيع العربي" عام 2011 وقفت تركيا إلى جانب قطر في دعم المتظاهرين المناهضين للحكومات في دول عربية، لا سيّما سوريا، إلا أنّ أسوأ مراحل العداء بين البلدين قد تبددت إلى حدٍّ ما العام الماضي، حين حظيت الرياض بعلاقة اقتصادية مع تركيا، وباتت التجارة السعودية مع تركيا الأسرع نمواً مقارنة بباقي دول الخليج.

إلى ذلك، أعلن وزير التجارة التركي عمر بولاط أنّ حجم التبادل التجاري مع السعودية بلغ (3.4) مليارات دولار في النصف الأول من العام الحالي.

وأضاف بولاط أمام منتدى الأعمال التركي السعودي، الذي عُقد بمقر مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي "DEIK" بإسطنبول، وقبل أيام قليلة من زيارة الرئيس أردوغان للسعودية، أنّ حجم التبادل التجاري الذي بلغ (6.5) مليارات دولار في 2022، يستمر بزخم متزايد في 2023.

المنتدى شهد توقيع (16) اتفاقية تعاون بين البلدين في مجالات مختلفة، في ترجمة براغماتية لما أعلنه بولاط من أنّ هدف تركيا يتمثل في رفع التجارة المتبادلة إلى مستوى (10) مليارات دولار على المدى القصير، و(30) مليار دولار على المدى الطويل.

وتأتي زيارة الرئيس أردوغان للسعودية هذه المرة بعد مرور (15) شهراً على زيارة سابقة قام بها للمملكة، وما تلاها من زيارة لولي العهد والحاكم الفعلي للسعودية محمد بن سلمان لتركيا في حزيران (يونيو) من عام 2022.

 

مواضيع ذات صلة:

قصة الإسلاميين في تركيا.. أردوغان في مواجهة غولن

كيف سيواجه أردوغان التحديات الداخلية والخارجية في الأعوام الـ 5 القادمة؟

كيف سيتعامل أردوغان مع تنظيم الإخوان خلال ولايته الجديدة؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية