كيف سيتعامل أردوغان مع تنظيم الإخوان خلال ولايته الجديدة؟

كيف سيتعامل أردوغان مع تنظيم الإخوان خلال ولايته الجديدة؟

كيف سيتعامل أردوغان مع تنظيم الإخوان خلال ولايته الجديدة؟


31/05/2023

درسٌ قاسٍ تلقاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال الانتخابات الرئاسية التي عقدت في أيار (مايو) الجاري، بالرغم من فوزه برئاسة البلاد، إلا أنّها كانت الأصعب خلال (20) عاماً حكم فيها حزب العدالة والتنمية البلاد، متربعاً على عرش الأغلبية الحاكمة، مسجلاً تراجعاً كبيراً على مستوى التأييد الشعبي والجماهيرية؛ بسبب إخفاقات متتالية ومتعددة شهدها حكم الرئيس التركي خلال الأعوام الماضية، ربما أبرزها الأزمة الاقتصادية، وتراجع السياسات الخارجية، والاتهامات بدعم الإرهاب وغيرها.

وفي قراءة سريعة لنتائج الانتخابات، التي جرت على جولتين للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وأظهرت فوز الرئيس التركي بنسبة 52.14%، مقابل 47.86% لمنافسه كليتشدار أوغلو، رأى مراقبون أنّها تعكس تراجعاً كبيراً في شعبية أردوغان وحزبه، جاء مدفوعاً بأعوام من انتهاج سياسات خاطئة، والسير عكس إرادة الشعب التركي، سواء فيما يتعلق بملف العلاقات الخارجية، وحدود التدخل العسكري التركي لدى دول الجوار، والمشاحنات الإقليمية المستمرة، أو تراكم الأزمات على المستوى الداخلي.

وتشير تقارير إلى سيناريو التحول الشامل في سياسات حزب العدالة والتنمية، والتي بدأت ملامحها تظهر بالفعل قبل الانتخابات، ممثلة في محاولات التقارب التركي عربياً، وتصفية الخلافات القديمة مع دول المنطقة، والسعي نحو إقرار سياسة جديدة تتسم بالتهدئة، والحضور الدبلوماسي بديلاً عن التدخل العسكري، ولكن ما تزال حالة الجدل قائمة، بخصوص الملف الشائك للحزب المحسوب على تنظيم الإخوان العالمي، وما تزال الفرضيات قائمة حول آلية التعاطي مع جماعة الإخوان من جانب أردوغان مستقبلاً.

هل انقطعت الصلة بين الإخوان وأردوغان؟

أجابت جماعة الإخوان عن هذا السؤال بشكل قاطع خلال الأيام القليلة الماضية، وبشكل واقعي، ففي حين ألمح أردوغان وحزبه خلال الفترة الماضية إلى احتمالات فك الارتباط مع التنظيم، في ضوء التفاهمات المشتركة مع دول الخليج ومصر، تحدثت معلومات عن دعم التنظيم الدولي بشكل واضح لأردوغان إبّان الانتخابات، وأيضاً تقديم كافة أشكال الدعم من جانب عناصر الجماعة المتواجدين على الأراضي التركية.

وسارعت جماعة الإخوان إلى تقديم التهنئة للشعب التركي عقب ساعات من إعلان النتائج في الجولتين الأولى والثانية، وتقدمت بالشكر إلى الناخبين الذين اختاروه رئيساً، في إشارة ضمنية إلى أنّه مرشح التنظيم وأحد قادته، وسيظل كذلك.

وفي تغريدة على موقع (تويتر)، تقدمت جماعة الإخوان المسلمين "بخالص التهنئة إلى شعب تركيا الكريم على تجربته الديمقراطية الراقية، التي أسفرت عن انتخاب رئيس الدولة والبرلمان في واحدة من أعلى نسب المشاركة الشعبية في العالم"، على حدّ وصف البيان، وثمّنت الجماعة في بيانها "وعي الشعب التركي وأجواء الشفافية والتعددية والحرية التي جرت فيها الانتخابات".

كيف سينعكس فوز أردوغان على الإخوان داخل تركيا؟

يقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان لـ "حفريات": إنّ التنظيم قد تنفس الصعداء بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي لم تكن سهلة على الإطلاق، وكانت هناك حالة كبيرة من الرعب خشية خسارة أردوغان بها، لأنّ هذه الخسارة كانت ستحمل نتائج كارثية للإخوان داخل تركيا.

سارعت جماعة الإخوان إلى تقديم التهنئة للشعب التركي عقب ساعات من إعلان النتائج في الجولتين الأولى والثانية، وتقدمت بالشكر إلى الناخبين الذين اختاروه رئيساً

وبالرغم من المنافسة التي خاضها أردوغان، إلّا أنّ عملية فوزه كانت أمراً متوقعاً، في ضوء السيناريوهات المطروحة لمسار العملية السياسية في الداخل التركي، لكنّ التحديات التي واجهها، وسيواجهها الرئيس، ستحدد بشكل كبير سياساته العامة خلال الفترة المقبلة، والتي من المتوقع أن تكون امتداداً لمسارات التهدئة التي بدأت قبيل الانتخابات.

وفيما يتعلق بملف جماعة الإخوان، يرى سلطان أنّ أنقرة ستظل ملتزمة بالتفاهمات الخاصة مع الدول العربية، للحفاظ على مسار العلاقات التشاركية قائماً، وتجنّب الرجوع إلى مربع "الأزمة" أو الخلافات السابقة، مؤكداً أنّ الدعم التركي للإخوان لم ينقطع بشكل كامل، ولكن تم تحجيمه بما يتوافق مع السياسات الجديدة.

حدود نشاط التنظيم في الداخل التركي

بحسب سلطان، ستبقى القوة المركزية التي تقود الجماعة بجبهتيها داخل إسطنبول، وسيظل قادة التنظيم يحصلون على كافة وسائل الدعم المتاح منذ أعوام، لكن مع الالتزام بالإجراءات السابقة التي تتعلق بعدم مهاجمة مصر أو الدول العربية الأخرى، وتوقف النشاط الإعلامي للجماعة بشكل كامل، ومنع قيادات وعناصر التنظيم من الظهور أو مهاجمة أيّ دولة عربية من داخل تركيا.

سلطان: الدعم التركي للإخوان لم ينقطع بشكل كامل، ولكن تم تحجيمه بما يتوافق مع السياسات الجديدة

وبالنسبة إلى التنظيم الدولي، الذي يعتبر تركيا، إلى جانب لندن، أحد أهم مرتكزات قوته،  ربما لن يتأثر نشاطه إلى حدٍّ كبير، حتى في ضوء الإجراءات التقييدية لعناصر الإخوان في الداخل، نظراً لكونه يتحرك في إطار مساحة أكبر، وأجندة ربما لا تتعلق بشكل مباشر بالدول التي تسعى تركيا لتحسين علاقتها معها.

ومن المتوقع أن تظل الاجتماعات الكبيرة الخاصة بالتنظيم داخل تركيا، مع استمرار التنسيق بشكل كامل مع السلطات التركية، وتقديم الدعم الكامل من جانب أردوغان وحزبه للتنظيم، وربما تمثل تركيا الملاذ الأهم لقيادات التنظيم الدولي، لأنّ لندن لا تسمح بدخول عدد منهم، أو أنّ هناك بعض التقييدات قد تعيق تواجدهم داخل البلاد، لذلك ستظل تركيا المرتكز الأهم، على مستوى النشاط أو الاجتماعات المركزية.

أحمد سلطان: أنقرة ستظل ملتزمة بالتفاهمات الخاصة مع الدول العربية، للحفاظ على مسار العلاقات التشاركية قائماً، وتجنب الرجوع إلى مربع "الأزمة" أو الخلافات السابقة

في المجمل، يرى سلطان أنّ تركيا ستظل ملاذاً آمناً للتنظيم، ولن تقرّ إجراءات جديدة، سواء بدعمه أو فك الارتباط به، وربما ينصبّ اهتمام أردوغان وحزبه خلال الفترة المقبلة على موضوعات أكثر أهمية على أجندة الأولويات أمام الحكومة؛ أبرزها دعم الاقتصاد وإيجاد حلول سريعة لأزماته، واستكمال التواصل وتدعيم الشراكة مع القوى الإقليمية والدولية، والعمل على معالجة كافة المشكلات التي تمرّ بها البلاد في الوقت الراهن.

وقد بدأت مفاوضات تباحثية بين مصر وتركيا منذ مطلع العام الماضي، أقرت أنقرة على إثرها حزمة إجراءات ضد عناصر التنظيم المتواجدين على أراضيها؛ منها وقف البث الفضائي لعدد من القنوات التابعة للجماعة والتي اعتادت مهاجمة القاهرة، وترحيل بعض الإعلاميين وقيادات التنظيم إلى خارج البلاد، ويتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تفاهمات بشكل أوسع بين البلدين بشأن ملفات الخلاف، لكنّ مراقبين يتوقعون أن تركز على القضايا الإقليمية وملفات التعاون المشترك دون التطرق لملف الجماعة ثانية.

مواضيع ذات صلة:

في سوريا والعراق... ماذا ينتظر الأكراد بعد فوز أردوغان؟

عند أردوغان يتناسون.. إخوان تونس: حقوق الإنسان حاضرة داخلياً فقط!

هل أردوغان مصلحة للغرب؟.. ما علاقة أوكرانيا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية