هل أردوغان مصلحة للغرب؟.. ما علاقة أوكرانيا؟

هل أردوغان مصلحة للغرب؟ ما علاقة أوكرانيا؟

هل أردوغان مصلحة للغرب؟.. ما علاقة أوكرانيا؟


22/05/2023

الحرب الروسية الأوكرانية تجثم على صدر الغرب مثل الكابوس، حرب تطول أكثر ممّا ينبغي، أو أكثر ممّا هو متوقع، وبين روسيا والغرب ما صنع كل حدّادي العالم من قلق وتوتر ونار لا تكاد تبرد حتى تعود إلى الاشتعال من جديد، وبوتيرة أعلى، فالحرب في أوكرانيا تمثل اليوم ذروة التهديد الروسي للغرب، وأكثره صناعة للخوف خاصة لدى أوروبا.

حين اشتعلت هذه الحرب، كانت مقدماتها تفضح ذهابها إلى أقصى الخيارات وأكثرها إيلاماً، حيث تحدث الخبراء حول استمرارية الحرب وأنّها ليست مجرد صراع، بل تنمو فيها كل مقومات حروب الاستنزاف التي تستمر لأعوام، ما لم يتم الحسم وبشكل مقنع لأحد أطرافها، وبشكل مقنع أيضاً لكلٍّ أوروبا وللغرب عموماً، على اعتبار أنّ روسيا طرف، وأوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية طرف ثانٍ.

ما علاقة أردوغان بكل هذا؟

الجواب يتشكل في التفاصيل الدقيقة لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وفي القراءات والتحليلات المختلفة لأحداثها وتوقعاتها المفتوحة على احتمالات كثيرة، يرى -على سبيل المثال- أندريه كورتونوف، مدير عام مجلس الشؤون الدولية الروسي، وخبير بارز في شؤون السياسة الخارجية الروسية والعلاقات الدولية المعاصرة، خلال ندوة عقدها مركز الإمارات للسياسات، يرى أنّ الحرب الروسية في أوكرانيا كانت حدثاً غير متوقع، وفاجأ الخبراء والمحللين، ولأنّ المسألة الأوكرانية أصبحت ذات تداعيات دولية، يرى كورتونوف أنّه من شأن الصراع الأوكراني أن يُسرِّع من وتيرة الاتجاه نحو التعددية القطبية؛ لأنّ روسيا من المحتمل أن تصبح أكثر اعتماداً على الصين بعدة سُبُل، والصين على الأغلب سوف تستغل هذا الاعتماد الروسي عليها، وتصبح أكثر قوة، ويمكن أن تتحدى الولايات المتحدة وبقية العالم. وعلى الجانب الآخر من هذه الأزمة، ينبغي عدم التقليل من شأن تماسك التحالف الغربي، فمن غير المتوقع أن يكون هناك انفصام استراتيجي كبير بين الولايات المتحدة وأوروبا في المستقبل المنظور، وبالتالي سيكون الغرب أكثر اتحاداً، ولأنّ تركيا لاعب قوي وعنيد، فإنّها بعلاقاتها أيضاً مع كل الأطراف،  وهي بالمناسبة علاقات صنعها أردوغان بعناية فائقة، سيرغب الغرب في استثمار ذلك.

 الحرب الروسية في أوكرانيا كانت حدثاً غير متوقع

هذا من جانب، ومن جانب آخر، يرى الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية في فيلادلفيا/ بنسلفانيا ماكسمليان هيس، بمقال نشرته مجلة "فورين بوليسي"، نقله موقع تلفزيون سوريا، حول فكرة التعامل مع تركيا، وأنّ على الغرب إقامة شراكة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حالاً، وقال إنّ أردوغان شخصية غير مستساغة، إلّا أنّ الغرب لديه تاريخ مثير للجدل في بناء تحالفات مصلحة مع الديكتاتوريين والرجال الأقوياء حول العالم، فهم شخصيات بغيضة، لكنّهم شركاء ضروريون لمواجهة التهديدات للنظام الدولي. ويضيف هيس: "عادة ما ينظر إلى هذه التحالفات من الناحية الأخلاقية نظرة شك وتتعرّض للشجب، إلّا أنّ موقفاً كهذا يُعبّر عن السياسة الواقعية وتوازن القوى بامتياز. فقد ساعدت العالم على الوحدة ضد أدولف هتلر والغرب لكي ينتصر في الحرب الباردة".

على مستوى الحرب الأوكرانية، يرى خبراء أنّ الدعم التركي للغرب ضد روسيا هو العامل الحاسم في إنهائها على نحو مقبول

واعتبر أنّ على رأس قائمة الشركاء الذين يحتاج الغرب لعلاقات معهم، رغم عدم الارتياح معهم، هو الرئيس رجب طيب أردوغان. وإن كان تصريح "فورن بولسي" ظهر في وقت سابق بعام للانتخابات التركية الحالية، إلّا أنّ ذلك يُعتبر أكثر التصاقاً بمجريات وتطورات الأمور، وتأكيد قوة ومركزية الرئيس التركي، في خلق أيّ تعديل في مزاج الحرب.

صحيح أنّ الغرب ينظر لأردوغان على أنّه دكتاتوري بالفهم الغربي للدكتاتورية، وصحيح أنّه لعب بإعدادات الديمقراطية، وفكك كل منجزات اللبرلة التركية وأمور كثيرة متعلقة بسوريا وإيران والأكراد، وأنّ عمليات إصلاح كل ذلك تحتاج إلى وقت طويل لترميم الثقة به، لكنّ أغلب المحللين يرونه حالة قوة ضرورية اقتصادياً وسياسياً في أوروبا والغرب عموماً.

وعلى مستوى الحرب الأوكرانية، يرى خبراء أنّ الدعم التركي للغرب ضد روسيا هو العامل الحاسم في إنهائها على نحو مقبول، فموقع تركيا الجيوسياسي يحتم القبول بأردوغان. وإذا كان الهدف المحوري المنشود بعد هذه الحرب الشرسة، هو توحيد أوروبا، وتعزيز الأمن الأوروبي الذي يُعتبر مهدداً بشكل خطير، فإنّ كل ذلك لن يتم إلّا بوجود تركيا قوية ولاعبة رئيسية لا يمكن تطويعها تحت العنوان الروسي دون مصلحة.

اللافت أيضاً أنّ الخبراء يشيرون إلى أنّ العالم بعد الحرب الروسية الأوكرانية سيكون محكوماً أكثر بمنطق التنافس الاقتصادي، أكثر من التنافس السياسي، وهذا ما أشار إليه ستيفان ماير، مدير مجلس الإدارة للمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، وخبير في السياسة الأمنية والخارجية للاتحاد الأوروبي وألمانيا خلال ندوة مركز الجزيرة للسياسات، بقوله: إنّ الموقف في أوكرانيا زاد من احتمالية وجود نظام عالمي متعدد الأقطاب، وهو نظام أقلّ عسكرةً، وتحكمه معايير وقواعد التنافس الاقتصادي بصورة أكبر، وهذا ما يعطي قيمة مضافة لتركيا أردوغان في مستقبل المنطقة.

العالم بعد الحرب الروسية الأوكرانية سيكون محكوماً أكثر بمنطق التنافس الاقتصادي

الصحافة الفرنسية، في فترة ما بعد الجولة الأولى للانتخابات التركية، اهتمت بشكل مغاير بما حدث، مطلقة سلسلة من الأحكام التي تعترف بقوة أردوغان وضرورته، معتبرة أنّه على أوروبا -بتعبير صحيفة لوتان- أن توطن نفسها على انتصار أردوغان مجدداً. والمثير في تحليلات الصحيفة أنّها اعتبرت تركيا الحصن المناسب للغاية ضد الأخطار التي تخيف أوروبا كثيراً كعدم الاستقرار والمهاجرين، والحرب الأوكرانية كأحد الأمثلة الصانعة لعدم الاستقرار.

وبحسب مقال سوات كينيغلو في موقع السياسات الخارجية الأوروبي، والذي نقله موقع "أحوال تركيا"، والذي يعود لبدايات الحرب الأوكرانية، فإنّ تركيا من الدول النادرة في منطقة البحر الأسود التي تتمتع بعلاقات جيدة مع كل من أوكرانيا وروسيا. ومنذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا أكد الرئيس رجب طيب أردوغان أنّ تركيا لا تريد الاختيار بين روسيا وأوكرانيا، من أجل ذلك فإنّ الغرب يحتاج اليوم وغداً نظام أردوغان أكثر من ذي قبل.

مواضيع ذات صلة:

ما حقيقة صداقة الغنوشي بأردوغان؟

بهذه الطريقة يعزز أردوغان معركته الانتخابية

عشية الانتخابات التركية: أردوغان يبعث رسائل مفخخة للأكراد



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية