بعد قرار "الجنائية": هل سيخضع قادة الاحتلال الإسرائيلي للمحاكمة الدولية؟

الاحتلال الصهيوني

بعد قرار "الجنائية": هل سيخضع قادة الاحتلال الإسرائيلي للمحاكمة الدولية؟


02/01/2020

منذ عام 1948 يمارس الاحتلال الإسرائيلي أبشع الجرائم ضدّ الشعب الفلسطيني، فلم يسلم الفلسطينيون من الاعتداءات المتكررة، سواء خلال الحروب الثلاث على قطاع غزة، التي استخدم الاحتلال فيها أسلحة محرّمة دولياً، وغيرها من الجرائم التي ارتكبت بحقّ المتظاهرين السلميين، والاعتداءات اليومية على سكان الضفة الغربية ومدينة القدس، ومصادرة الأراضي، ومداهمة المنازل، واعتقال الفلسطينيين بشكل يومي.

اقرأ أيضاً: "أهلاً بكم في دولة هاني عامر": هكذا يهزأ الفلسطينيون من إسرائيل
وتوجهت السلطة الفلسطينية ومؤسسات حقوقية لمحكمة الجنايات الدولية، وتقدمت بشكوى لمحاكمة قادة الاحتلال الإسرائيلي، لارتكابهم جرائم حرب بحقّ الفلسطينيين، وتمّ قبول تلك الشكوى، وأوصت المدعية العامة للمحكمة، فاتو بنسودا، بطلب فتح تحقيق بشأن جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.


وطلبت المدعية العامة من الدائرة التمهيدية إصدار قرار للبتّ في اختصاصها الإقليمي بفلسطين، بعد إعلانها انتهاء الدراسة التمهيدية، التي تضمنت إجراء تقييم شامل حول الجرائم المرتكبة في فلسطين، ومنها جرائم الاحتلال بحقّ المتظاهرين في مسيرات العودة، وجريمة الاستيطان، والعدوان على قطاع غزة والحصار، وجرائم استهداف المدنيين، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة.

صلاح عبد العاطي: الاحتلال سيلتف على قرار محكمة الجنايات الدولية، وتقديم فلسطينيين للمحكمة بذريعة ارتكاب جرائم ضدّ المدنيين الإسرائيليين

ورحّبت شخصيات ومؤسسات فلسطينية، بقرار المحكمة الجنائية الدولية، بأنّها تسعى للتحقيق في ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة والضفة الغربية، والقدس الشرقية.
وزعم رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أنّ قرار المدعية في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فاتو بنسودا، "يتناقض مع جوهر المحكمة في لاهاي".
وقال نتنياهو، خلال اجتماع حكومته الأسبوعي: "عندما تأسست المحكمة كان هدفها التعامل، والتدخل في دول لا يوجد فيها جهاز قضاء سليم، وهذه ليست الحالة في إسرائيل، الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".
تطبيق فعلي
وفي هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي، صلاح عبد العاطي، لـ "حفريات": "قرار المدعية العامة في محكمة الجنايات الدولية مهم، وهو انتقال مكتب الادعاء العام من مرحلة الفحص الأولي إلى مرحلة التحقيق الجدي، وهو تطبيق فعلي للمساءلة الجنائية للقادة والجنود الإسرائيليين عما ارتكبوه خلال الأعوام السابقة، وهو ما يتطلب من الفلسطينيين، الاستعداد والمتابعة في معركة قانونية وسياسية شاملة في هذا المجال وتوحيد جهودهم ونضالاتهم".

اقرأ أيضاً: جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترف.. هذا ما فعله!!
ويضيف: "الإدارة الأمريكية والسلطات الإسرائيلية تمارس عدة ضغوط دولية على القضاة والعاملين في المحكمة الجنائية الدولية منذ أعوام، ومن المرجّح أن تزيد حدتها بعد تصريح المدعية العامة الأخير، ولكن من الناحية العملية لا تستطيع السلطات الأمريكية والإسرائيلية إيقاف أو منع المحكمة الجنائية من الاستمرار في التحقيقات، وكلّ ما تستطيع الإدارة الأمريكية فعله عدم تسليم أيّ مطلوب على ذمة القضايا المرفوعة في حال تواجد أحد المتهمين داخل أراضيها".

اقرأ أيضاً: المحكمة الجنائية تفتح تحقيقاً في جرائم إسرائيل
"هناك ردود فعل غاضبة" يقول عبد العاطي؛ لأنّ هذا القرار "أشبه بزلزال في دولة الاحتلال الإسرائيلي، لأنّها باتت عرضة للمساءلة على الجرائم التي ارتكبتها بحقّ الفلسطينيين على مدار أعوام الصراع العربي الإسرائيلي، وهذا ما كان واضحاً من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين وردة فعلهم الغاضبة وتهديداتهم للفلسطينيين، فعندما تدرك "إسرائيل" أنّها عرضة للمساءلة، فهذا الأمر سيساهم في وقف انتهاكات حقوق الإنسان، أو التخفيف منها".

ضغوط سياسية
ويفيد عبد العاطي بأنّه، رغم أنّ المسألة قانونية في الدرجة الأولى، إلا أنّها من الممكن أن تتأثر بضغوط سياسية من أطراف دولية، خاصة من الإدارة الأمريكية، التي انتقلت في فترة حكم ترامب من موقع التأييد إلى الشراكة التامة مع الاحتلال الإسرائيلي.
وينوه عبد العاطي إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي سيحاول الالتفاف على قرار محكمة الجنايات الدولية، وتقديم فلسطينيين للمحكمة بذريعة ارتكاب جرائم ضدّ المدنيين الإسرائيليين، وذلك من باب المساومة على القرار، موضحاً أنّ القانون الدولي لا ينسجم مع ذلك؛ لأنّه يعطي الحقّ لكلّ من يقع تحت الاحتلال، بالدفاع عن حقوقهم، واستخدام كافة أنواع المقاومة، لا سيما المقاومة المسلحة.

اقرأ أيضاً: إسرائيليون على أعتاب انتخابات ثالثة: البلاد ذاهبة إلى الفوضى
ويلفت إلى أنّ "إسرائيل" تمارس شتى أنواع الضغوطات السياسية والاقتصادية على السلطة الفلسطينية، لثنيها عن الاستمرار في طريق الملاحقة الجنائية الدولية، ومن المتوقع أن تزداد تلك الضغوطات، لا سيما الاقتصادية، من خلال التباطؤ في تسليم أموال الضرائب، ومنع دخول الأموال للسلطة الفلسطينية، إضافة إلى منع بعض قادة السلطة من التحرك خارج الضفة الغربية.
الاستماع للأدلة
ويستطرد بقوله: "المحكمة الجنائية الدولية ملزمة بالسير على جدول زمني معين خلال التحقيقات، والاستماع للأدلة، وبالتالي لا يوجد هناك خوف من أن يكون هناك تباطؤ في عملية التحقيقات من الناحية النظرية، لكنّ الأعين تتجه نحو قرار الدائرة التمهيدية، الذي سيقرر هل هناك ولاية إقليمية قضائية للمحكمة الجنائية الدولية على الأراضي الفلسطينية أم لا؟ الأمر مرهون بتطبيق المحكمة الجنائية الدولية للجدول الزمني الذي يحدده ويبينه نظام روما المشكل لتلك المحكمة.

اقرأ أيضاً: بعد ثلاثة قرون.. كيف دخل سبينوزا الصراع العربي الإسرائيلي؟
من جهته، يقول المستشار القانوني للمرصد الأوروبي والمتوسطي لحقوق الإنسان، محمد عماد، لـ "حفريات" إنّ أهمية قرار المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية، تنبع من أنّ المخالفين لميثاق روما المشكل للمحكمة الدولية، سيخضعون للتحقيق، والمحاكمة أمام أهم جهة قضائية دولية، وهذا القرار يعطي الأمل لآلاف الضحايا الفلسطينيين وذويهم بعودة جزء بسيط من حقوقهم المسلوبة، عندما يرون القادة والجنود الإسرائيليين في المحاكمة.

ضبط المتّهمين وإحضارهم
ويضيف: "بعد انتهاء التحقيقات وثبوت مخالفة القادة والجنود الإسرائيليين لقواعد القانون الدولي، ولميثاق روما، ستصدر المحكمة أوامر ضبط واحضار للمتهمين بتلك الجرائم، كما أنها ستطلب من الحكومة الإسرائيلية تسليم أولئك الأشخاص، إضافة إلى تعميم أسمائهم على المطارات الدولية لعرضهم على المحكمة الجنائية والاستماع لأوجه دفاعهم، إن وجدت، واستكمال الإجراءات القانونية بحقّهم".

محمد عماد: أهمية قرار المدعية العامة لمحكمة الجنايات تنبع من أنّ المخالفين لميثاق روما المشكّل للمحكمة الدولية سيخضعون للتحقيق

ويتابع: "وزارة الخارجية الفلسطينية ووزارة العدل وكافة الطواقم الرسمية الفلسطينية مطالبة بالتواصل الدائم، والتنسيق مع فرق التحقيق التابعة للمحكمة الجنائية الدولية، وإمدادها بكافة الأوراق، والأدلة التي تمّ جمعها إبان الهجمات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، كما أنّ وزارة الخارجية مطالبة بتسليم تقرير دوري للسلطة الفلسطينية بآخر التطورات الجارية أثناء مراحل التحقيق، والمحاكمة وتوفير كافة المتطلبات، التي تطلبها المحكمة الجنائية الدولية من الفلسطينيين".
وشدّد على أنّه "يجب البناء على قرار السلطة الوطنية الفلسطينية بالطلب من المدعية العامة التحقيق في الجرائم التي وقعت في الأراضي الفلسطينية، والاستمرار في هذا الاتجاه عن طريق تجهيز ملفات محدثة عن الجرائم، والممارسات التي قامت بها السلطات الإسرائيلية، كما أنّ السلطة الفلسطينية مطالبة، ومن خلال مسؤوليها، بمتابعة هذا الأمر مع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية".

رأي عام دولي
ويبين عماد؛ أنّه من الضروري أن تطالب السلطة الوطنية الفلسطينية بتشكيل رأي عام دولي بضرورة إيقاع العقاب على المخالفين من القادة، والجنود الإسرائيليين نتيجة لممارساتهم في الأراضي الفلسطينية.
ويفيد عماد بأنّ تصريحات المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، وما سيتبعها من إجراءات ستؤثر بشكل ملموس على حرية تنقل وسفر القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، لا سيما أنّ البدء بإجراءات التحقيق في المحكمة الجنائية الدولي ستعني طلب حضور أولئك القادة، وبالتالي سوف تضعف حركة تنقل القادة الإسرائيليين بين البلدان.

اقرأ أيضاً: أسرى فلسطينيون يواجهون القمع الإسرائيلي في السجون.. بهذه الطريقة
وفي حالة ابتداء المحكمة الجنائية الدولية التحقيق الفعلي في الجرائم التي وقعت على الأراضي الفلسطينية، فإنّ تلك التحقيقات ستنتهي بقرارات حاسمة، لا سيما أنّ المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية قالت في تصريحها الأخير؛ إنّ الممارسات التي وقعت في الأراضي الفلسطينية تشير إلى ما قد يحرك المسؤولية الجنائية تجاه المخالفين.
ويردف: "بناء على طلب السلطة الفلسطينية من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في جرائم الاستيطان، والهجمات على الأراضي الفلسطينية، فإنّ أبرز الشخصيات الإسرائيلية التي من المرجح أن يتم التحقيق معها؛ رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع، إضافة لبعض القيادات العسكرية والجنود الإسرائيليين، لكنّ سير التحقيقات هو من سيظهر الأشخاص على وجه التحديد الذين سيتم التحقيق معهم.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية