
في تصعيد إعلامي خطير شن التلفزيون الرسمي الجزائري هجوماً لاذعاً على دولة الإمارات العربية المتحدة، مستخدماً لغة عدائية حادة خرجت عن الأعراف الدبلوماسية والأخلاقية، ممّا يشير إلى حالة توتر داخلي تحاول الجزائر تصديرها خارجياً.
وفي سلسلة من التصريحات التي تم بثها عبر القنوات الرسمية ومواقع التواصل الاجتماعي، هاجمت الجزائر، في لغة "سوقية"، دولة الامارات، واعتبرت أنّ مواقفها تجاه الجزائر "تجاوزت كل الخطوط الحمراء"، واتهمتها بـ "محاولة التشكيك في تاريخ الشعب الجزائري وهويته العريقة".
ووفق صحيفة (العرب اللندنية) فإنّ سبب الهجوم لا علاقة له بشكل مباشر بالإمارات، وهو يتعلق بتصريح لمؤرخ جزائري لإحدى قنوات التلفزيون حول علاقة الأمازيغ بفرنسا، وكان يمكن أن يكون الرد عليه بطريقة معهودة من خلال تدخل مسؤول جزائري للرد والتوضيح، أو إرسال بيان مكتوب تتم قراءته في إطار حق الرد، خاصة أنّ محتوى التصريح لم ينتقد الجهات الرسمية الجزائرية، وليس له أيّ طابع سياسي.
وأضافت الصحيفة أنّ إطلاق بيان قوي لمهاجمة جهة لا علاقة لها بالموضوع دليل على درجة التوتر التي يعيش على وقعها المسؤولون الجزائريون في الأسابيع الأخيرة، على ضوء تعدد الأزمات الدبلوماسية للجزائر مع محيطها الإقليمي، وتراجع تأثيرها الدبلوماسي لصالح قوى إقليمية أو دولية، خاصة في منطقة الساحل.
سبب الهجوم لا علاقة له بشكل مباشر بالإمارات، وهو يتعلق بتصريح لمؤرخ جزائري لإحدى قنوات التلفزيون حول علاقة الأمازيغ بفرنسا.
ويعتقد مراقبون أنّ توتير العلاقة مع الإمارات بعد تهدئة أخيرة، وبحرص شخصي من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، هو نفسه ما جرى مع فرنسا، حيث طلبت الجزائر أن يتولى الرئيس إيمانويل ماكرون تطويق الخلاف، لكنّها سرعان ما انقلبت على موقفها وفتحت حملة جديدة على باريس كردّ فعل على تصريح أحد الوزراء في الحكومة الفرنسية.
ويشير المراقبون إلى أنّ القضية جزائرية ـ جزائرية، لأنّ المؤرخ الذي ربط بين الأمازيغ وفرنسا هو كاتب جزائري قام بقراءة تاريخ بلاده، وما تحدث عنه هو رأي كان يمكن مناقشته فيه باستدعائه كضيف في إحدى الفضائيات الجزائرية ودحض حججه. ولكنّ انغلاق وسائل الإعلام الجزائرية على نفسها، والاكتفاء بترديد رواية السلطات، يدفع الباحثين الجزائريين إلى الظهور في منابر إعلامية خارجية فرنسية أو خليجية.
واستعداء الإمارات ليس سوى استمرار لسياسة جزائرية تقوم على الإمعان في خلق الأعداء بلا سبب، ولو أدى ذلك إلى المسّ بمصالح الجزائر نفسها. فقد افتعلت توترًا حادًا مع المغرب وإسبانيا وفرنسا بسبب الاستغراق في معارك الماضي.
وقد خيّم الصمت على الدوائر الرسمية الجزائرية، ولم يصدر أيّ تعليق أو موقف رسمي، حول مسار الأزمة المفتعلة مع دولة الإمارات، لا سيّما أنّ البيان الذي أصدره التلفزيون الرسمي في نشرته الرئيسية أول من أمس أوحى بإمكانية اتخاذ خطوات أخرى، مثل استدعاء السفير الجزائري في أبو ظبي.
وقد أثار التصريح الذي أدلى به المؤرخ محمد الأمين بلغيث حول ما سمّاه بـ "الصناعة الاستخباراتية الصهيوفرنسية للثقافة الأمازيغية في الجزائر"، أثار جدلًا واسعًا في شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي اليوم التالي، أمس السبت، تم إيداع محمد الأمين بلغيث الحبس المؤقت بالعاصمة على خلفية التصريح، ووجهت إليه تهم جنائية وجزائية، تتعلق بـ "القيام بفعل يستهدف الوحدة الوطنية بوساطة عمل غرضه الاعتداء على رموز الأمّة والجمهورية والمساس بسلامة وحدة الوطن"، وجنحة "نشر خطاب الكراهية والتمييز عن طريق تكنولوجيات الإعلام والاتصال".