بعد أن انقسمت جماعة الإخوان المسلمين لـ3 جبهات متفاوتة من حيث عدد المنتمين لها ومراتبهم التنظيمية، دخلت الجبهات المنقسمة في صراعات وانقسامات جديدة جوهرها الصراع على النفوذ والسلطة داخل الإخوان.
وشهدت جبهة صلاح عبدالحق المعروفة إعلاميًا بـ"جبهة لندن"، سلسلة من هذه الصراعات خصوصًا بين أعضاء الهيئة الإدارية العليا، وهي كيان إداري أنشأته الجماعة قبل نحو 4 اعوام ليكون بديلًا عن مكتب الإرشاد بعد أن رفضت قيادة الجماعة في وقت سابق أن تكون اللجان الإدارية الأولى والثانية وما تلاهما بديلًا عن المكتب، وعلى رأسهم حلمي الجزار وجمال حشمت وأسامة سليمان وآخرون، وفق ما نقلت العين الاخبارية.
ومع أن جبهة صلاح عبدالحق أو جبهة لندن كما تشتهر تبدو موحدة خلف القائم بأعمال المرشد الذي اختارته بعد وفاة سلفه إبراهيم منير، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، إلا أن واقعها الحالي يثبت أنها متشظية وليست موحدة أو على قلب رجل واحد بعكس ما تدعيه.
ولا تزال جبهة لندن أو جبهة صلاح عبد الحق منقسمة بين مراكز القوى الكبيرة وهم مجموعة من القادة البارزين لديهم توجهات ورؤى إدارية وتنظيمية وسياسية مختلفة، وهذه الخلافات لا تعد أمرا غريبًا بالنظر إلى طبيعة هذه الجبهة التي تشكلت من مجموعات شتى جمع بينها، في الغالب، الخلاف مع جبهة إسطنبول والقائم بأعمال المرشد الحالي فيها وهو محمود حسين الذي تولى في ما سبق منصب الأمين العام للجماعة إلى حين إلغاء الأمانة العامة قبل نحو 3 اعوام إبان الخلاف بين "حسين" وإبراهيم منير، لا سيما أن الاول ظل الرقم الأهم في معادلة الجماعة منذ 2013 بسبب سيطرته على ملفات التمويل والتواصل مع تنظيم الجماعة في داخل مصر، كما أنه ظل على تواصل مباشر مع محمود عزت نائب المرشد والقائم بعمله إلى حين القبض عليه في آب (أغسطس) 2020.
عبد الحق يبلغ برغبته في مغادرة المنصب متعللًا بكبر سنه وظروفه الصحية، ولكن السبب الحقيقي هو احتدام الصراع في الجبهة وعدم قدرته على أن يحسمها
و تنافس قادة جبهة لندن على السيطرة على الجماعة منذ بداية تشكل هذه الجبهة وبرز في هذا الصراع اتجاه يمثله حلمي الجزار رئيس المكتب السياسي للحركة وأحد رموز جيل الحركة الطلابية في الإخوان وصهيب عبد المقصود المتحدث الإعلامي للجبهة، وهذا الاتجاه يميل إلى فكرة التسوية السياسية مع الحكومة المصرية إذا قبلت القاهرة هذا المسعى، وهناك اتجاه آخر يتصاعد في الفترة الأخيرة يمثله مجموعة من قادة الجبهة من بينهم عضو مجلس الشورى العام في الجبهة أحمد شوشة، والمتحدث الرسمي باسم الجماعة أسامة سليمان ، وعضو مجلس الشورى العام للجماعة جمال حشمت.
وتصاعد الصراع اخيرا بين الطرفين خاصةً بعد طرح حلمي الجزار فكرة التسوية السياسية في لقاء سابق أجراه مع فضائية بريطانية بعد أن فشلت مساعيه لأكثر من سنة في إنجاز أي اتفاق سري لإتمام هذه التسوية أو على الأقل المضي فيها بضعة خطوات، بينما الاتجاه الآخر وعلى رأسه "شوشة" و"سليمان" يرى أنه جرى تهميشهم من قيادة الجماعة واستبعادهم من مواقع النفوذ الحقيقية كالهيئة الإدارية العليا في حين صعد حلمي الجزار ومجموعته بقوة خلال الثلاثة أعوام الماضية.
وخلال الفترة الماضية، أبلغ صلاح عبد الحق أعضاء بالهيئة الإدارية العليا بجماعة الإخوان- جبهة لندن برغبته في مغادرة المنصب متعللًا بكبر سنه وأن ظروفه الصحية لا تناسب استمراره في أداء مهامه الحالية، ولكن السبب الحقيقي هو احتدام الصراع على السيطرة على الجبهة وعدم قدرته على أن يحسمها، وحتى الآن لم تستقر قيادة الجبهة على قرار رحيل القائم بأعمال المرشد لكن هناك مشاورات في الفترة الأخيرة بشأن الترتيبات التي ستتم في حال أصر على الرحيل.