الموت جوعًا وتوسيع القتال خطران يهددان حياة الغزيين في ظل تعنت حماس بالتوصل إلى صفقة

الموت جوعًا وتوسيع القتال خطران يهددان حياة الغزيين في ظل تعنت حماس بالتوصل إلى صفقة

الموت جوعًا وتوسيع القتال خطران يهددان حياة الغزيين في ظل تعنت حماس بالتوصل إلى صفقة


كاتب ومترجم فلسطيني‎
12/05/2025

يواجه سكان قطاع غزة خطرًا شديدًا في ظل اشتداد المجاعة بين المواطنين، على إثر توقف إدخال المساعدات والغذاء بشكل عام منذ مطلع آذار (مارس) الماضي، وقد منع الجيش الإسرائيلي إدخال المساعدات مجددًا خوفًا من سيطرة حماس عليها، ونتيجة لذلك يواجه السكان في القطاع مجاعة خطيرة، في ظل نفاد الدقيق من المخابز والبيوت، واعتماد السكان على ما تبقى من معلبات في الحصول على الطعام.

هذا الواقع يزداد سوءًا أكثر في ظل رفض حركة حماس التوصل إلى صفقة جزئية مع إسرائيل، تنقذ من خلالها ما وصل إليه الوضع الكارثي في غزة، خاصة مع توقف عشرات التكايا التي تقدم الطعام للسكان، ونقص حليب الأطفال، وعدم توفر دقيق لدى السكان، ومطالبة حماس السكان بالصبر والثبات دون أدنى مقومات من الصبر، وهو ما دفع الناس إلى الخروج عن صمتهم ومطالبة حماس بالتنحي عن الحكم وترك غزة، لكنّ هذه المطالبات قوبلت بعمليات قمع من قبل عناصر أمن حماس للمواطنين، وتمارس حركة حماس عمليات ضرب وقتل المحتجين والمعارضين لسياساتها التي أضرت بالسكان وأفرزت الفقر والجوع والدمار والقتل.

رفض قاطع

حماس من جهتها، وفي ظل العروض والمقترحات التي يقدّمها الوسطاء والولايات المتحدة لها، تواصل رفضها التوصل إلى صفقات جزئية، وتطالب بوقف الحرب بشكل كامل، وترفض التنحي عن الحكم وتسليم السلاح، وهذا التعنت يعطي نتنياهو الفرصة لمواصلة قتل وتجويع وتهجير السكان، بينما حماس التي تحاول النجاة والبقاء في الحكم تتجاهل الضغط المتواصل على المدنيين دون تحريك ساكن ينقذ ما وصل إليه السكان من عذاب وقهر وجوع وموت.   

 تواصل حماس رفضها التوصل إلى صفقات جزئية، ظل العروض والمقترحات التي يقدّمها الوسطاء والولايات المتحدة لها، وتطالب بوقف الحرب بشكل كامل

في ظلّ تعنت حماس برفضها التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الأسرى المحتجزين في غزة، يصرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إسقاط حماس والقضاء عليها، ويحاول إطالة أمد الحرب أملًا في تحقيق ما لم ينجزه خلال عام ونصف عام من الحرب، ومؤخرًا اتخذ المستوى السياسي سلسلة من القرارات التي تزيد من حدة الضغط على السكان في غزة أكثر، ومن أبرز تلك القرارات دفع الجيش إلى التعبئة والاستعداد لعملية عسكرية شاملة على قطاع غزة في أعقاب زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط تحت مُسمّى عملية "مركبات جدعون". وتهدف هذه العملية إلى السيطرة الكاملة على القطاع، وتصفية عناصر حماس وتحرير الأسرى ودفع السكان تحت القصف والتجويع إلى الهجرة الطوعية، وهذا ما بات يثير قلق السكان في غزة مع ضيق الوقت، وعدم وجود بوادر نحو اختراق في ملف الهدنة.

مخاطر توسيع القتال 

مؤسسات دولية وحقوقية أبدت خشيتها من وصول المجاعة والوضع الإنساني في غزة إلى مستويات كارثية، في ظل استمرار الحرب ومنع إسرائيل تخفيف الحصار وإدخال الغذاء والدواء إلى السكان، وما يزيد الوضع خطورة نوايا الجيش الإسرائيلي توسيع العملية في غزة، وهو ما سيزيد من حدة المجاعة وتدهور الأوضاع الإنسانية، إلى جانب تشريد السكان من مناطق سكناهم، في إطار ذلك دعت الأمم المتحدة إلى ضرورة تراجع إسرائيل عن سياساتها تجاه قطاع غزة ووقف الحرب، والامتناع عن توسيع القتال والسماح بتدفق المساعدات والغذاء للسكان، في ظل وصول المجاعة إلى مستويات خطيرة، إضافة إلى ذلك استنكرت الهيئة الدولية  لدعم حقوق الشعب الفلسطيني استعدادات الجيش الإسرائيلي توسيع القتال في غزة إلى عملية برية واسعة، ومنع إدخال المساعدات والدواء منذ ما يزيد عن شهرين، خاصة في ظل ارتفاع معدلات إصابة السكان بسوء التغذية، مطالبة الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية بضرورة التدخل العاجل لوقف المجاعة والقتل الذي تمارسه إسرائيل بحق المدنيين العزّل في غزة، وإجبار إسرائيل على فتح ممرات آمنة لإدخال المساعدات للسكان.   

في سياق ذلك يقول الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي شريف السيد: إنّ "استمرار الحرب يصبّ في مصلحة الحكومة الإسرائيلية، وبالتحديد بنيامين نتنياهو الذي يحاول إطالة أمد الحرب لبقاء حكومته التي يهدد أعضاؤها بالانسحاب إذا وافق نتنياهو على وقف الحرب، متجاهلًا ظروف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين، ومعاناة الإسرائيليين الذين يطالبون بوقف الحرب لعودة الاستقرار".

ويشير في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّ "الشارع في غزة يعي موقف حماس في التوصل إلى هدنة تنهي الحرب بشكل كامل، لكنّ الظروف المحيطة والضغط الإسرائيلي يحول دون تحقيق مطالب حماس، لذلك هناك أمور عدة يمكن لحماس من خلالها تخفيف معاناة السكان؛ ومنها الموافقة على هدنة مؤقتة تتيح إدخال الطعام والدواء للسكان، وتسعى من خلالها إلى تقديم تنازلات تؤدي إلى وقف الحرب، إضافة إلى ذلك يمكن لحماس أن تُسلّم ملف الأسرى الإسرائيليين إلى الوسطاء، وتُسلّم قطاع غزة لجهة عربية تدير شؤون القطاع، وبذلك تنقذ السكان من المعاناة القاسية". 

ولفت إلى أنّ "السكان في غزة يعيشون واقعًا صعبًا للغاية، والجوع يفتك بالسكان في ظل نفاد مخزون الغذاء والدواء، ويواصل الاحتلال ملاحقة السكان وقتلهم في كل مكان، والمرضى ينزفون حتى الموت، ولا توجد أيّ بوادر قريبة تنهي الواقع المأساوي، لذلك على حماس البحث عن حلول سريعة لإنقاذ ما تبقى وحماية السكان من خطر التهجير الطوعي الذي تمارسه إسرائيل باستخدام أساليب الدفع نحو التهجير". 

مؤسسات دولية وحقوقية أبدت خشيتها من وصول المجاعة والوضع الإنساني في غزة إلى مستويات كارثية    

تعنت حماس يخدم نتنياهو 

ويتفق الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي خالد صادق مع ما قاله الكاتب شريف السيد، ويرى أنّ "الاحتلال الإسرائيلي يستفيد من تعنت حركة حماس وتصلبها في مواقفها نحو رفضها التوصل إلى هدنة مؤقتة، رغم ما يُقدّم لها من وعود بفتح محادثات حول نهاية الحرب، والتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب وانسحاب إسرائيل كاملًا من القطاع، لكنّ حماس تريد ضمانات قوية لذلك، ولم تحصل عليها".   

ويرى في حديثه لـ (حفريات) أنّ "حماس تبدي خوفًا كبيرًا من التوصل إلى هدنة جديدة، تفرج من خلالها عن عدد من الأسرى، ومن ثم تعود إسرائيل لتخرق الاتفاق، كما جرى في اتفاق الهدنة الأولى، وتنصل إسرائيل من الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وبالتالي تفقد حماس الورقة الوحيدة لديها، وهذا ما تخشاه حماس في الحقيقة، لعدم التزام إسرائيل بأيّ اتفاق".

ويأمل أن "تثمر تحولات مواقف الرئيس دونالد ترامب حول ضرورة وقف الحرب على غزة وعودة الاستقرار إلى المنطقة في التوصل إلى نتائج قريبة وحلول دائمة، توقف الصراع ونزيف الدم المستمر في غزة على الأقل ومحاولة السكان في غزة استعادة حياتهم دون جوع وخوف وقتل.

يُذكر أنّ إسرائيل تواصل شنّ حرب إبادة على السكان في غزة منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2023، وتستهدف منذ بداية الحرب الضغط على المدنيين، من خلال استخدام التجويع كسلاح، إلى جانب حرمان السكان من الحصول على الدواء والعلاج اللازم، ووضع عراقيل متعمدة ومتكررة أمام عمليات إدخال المساعدات والمعونات إلى السكان تحت حجج أمنية واهية.  




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية