المسألة اليهودية: من هوية انغلاقية إلى كيان صهيوني توسعي

المسألة اليهودية: من هوية انغلاقية إلى كيان صهيوني توسعي

المسألة اليهودية: من هوية انغلاقية إلى كيان صهيوني توسعي


27/01/2025

تاريخياً، يمكن القول إنّ العرب كان لهم كيان سياسي قوي، أنتجوا من خلاله فقهاً سياسياً مدنياً، تحدثوا فيه عن الملك، الرعية، الإمارة، الخلافة، الحكم...، أمّا بالنسبة إلى اليهود؛ فقد كان الأمر مختلفاً، فمنذ خراب الهيكل الثاني انتفت التجربة السياسية لليهود، وستشكل إسرئيل ما بعد 48 التجربة السياسية الأولى، هذه الدولة التي تقوم على الإشارات والشذرات الموجودة في التوراة التي سيتم استثمارها في مسألة الدين والدولة كما نعرفها اليوم. هذا الوجود الذي انتقل من وجود أقليات تعكس هوية انغلاقية إلى وجود استيطاني توسعي. إنّ الراصد لهذا الوجود يدرك بشكل كبير أنّ الوجود الصهيوني يسير بشكل جنوني نحو تماهي الوجود الإسرائيلي بالتصور الديني التوراتي، أو مسار رصد كيفية تحقيق السردية اليهودية وفق أرضية واقعية. 

نشأة الحركة الصهيونية/ الجانب الديني في هذه النشأة: 

إنّ المسألة اليهودية في أوروبا، والمعروفة في الأدبيات الألمانية اصطلاحاً بـ Judenfrage هي اصطلاح غربي حدد نمط التعاطي مع اليهود في وسط غربي لا يهودي، هذه المسألة التي أثيرت بشكل كبير خلال عصر التنوير وفرض منطق المواطنة للتعايش، فقبل هذه الفترة وإثر تعرّض اليهود لنكسة خراب الهيكل الثاني، وعملية الشتات التي جعلتهم يتعرضون للاضطهاد والتهجير، كوّنوا قوقعة هوياتية منغلقة، اهتمت بالأساس بالانكباب على التماثل أو الانصياع للأحكام الدينية اليهودية، فكان التوجه لمسار فقهي أو ما يطلق عليه (الهالاخا)، لهذا لم يمرّ اليهود من تنوير ذاتي، بل تمّت العملية عبر إدماج الفكر التنويري الغربي في صلب الفكر اليهودي، فكان مساراً مختزلاً من العصور الوسطى التي تقوم على الأحكام الدينية إلى مرحلة الإحساس بالاختلاف وضرورة إيجاد أرضية للتعايش أمام واقع متغير، تنتمي إليه الفئة اليهودية، ولا تنتمي إليه، ومن هنا برز مصطلح المسألة اليهودية، خصوصاً في سياق التنوير الألماني، فكانت أول بوادر الصدمة التي تفرض ضرورة إيجاد أرضية داخل هذا الكل المتنور، كيف نميز الذات ونضفي قيمة على الفرد دون أن نفقد الهوية اليهودية التي تقوم على مفهوم الشعب اليهودي، لأنّ مفهوم الفرد أو الفردانية في ظل الإرث اليهودي لا نجد لها مرجعية، فالفرد تكمن قيمته بالتزامه بأحكام الهلاخا، الأمر الذي أوجد إشكالاً معرفياً أمام مجموعة من المفاهيم الحداثية وخاصة المواطنة، القانون، الفرد، الدولة، الأمّة. 

يمكن رصد (3) مراحل في عملية بناء الكيان الإسرائيلي، فاليهودية قبل أن تتحول إلى الصهيونية كانت ما قبل القرن الثامن عشر حركة تسير بحركة بطيئة ومتكررة، وفق نمطية فقهية (الهلاخا) لا تؤسس لمستقبل أبعد من هذه النمطية. هذا الوجود عبّرت عنه (3) حركات منذ عملية الشتات إلى القرن الثامن عشر؛ الحركة الهلاخية، والمشيخانية المرتبطة بعودة المسيح (المشيح)، وأيضاً التيار الصوفي أو القباني، الحركات الثلات لم تثر ضرورة تجاوز الوجود اليهودي إلى تجربة أو كيان سياسي، لأنّ الشتات هو نفسه معطى أو شتات بأمر إلهي. غير أنّ هذا الوجود سيتفاعل إثر تأثير الأنوار خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وهو ما سيُعرف بحركة الأنوار اليهودية؛ حركة أنوارية تعلن إمكانية الانفتاح، لكن بشكل حذر ويقظ، دون التخلي عن الإرث اليهودي، وعملية الإصلاح هاته تأثرت أو توجهت، بشكل خاص، بعملية التعلمن الألماني التي لا تقوم على تهميش أو حذف الدين أو الدخول في مواجهة حدّية مع الدين، كما هو الأمر في السياق الفرنسي، بل على أساسه تتم عملية الإصلاح، وقد حاول موشي ميلدنسون تحقيق وسطية إصلاحية ما بين اليهودية التقليدية والحركة الإصلاحية، أو عملية إخراج اليهودي من انغلاقه نحو فعل المواطنة الأوروبية، بناء على  عملية الاندماج التي تستوجب الانصياع لفعل المواطنة كما نادت بها الحركة الأنوارية الغربية، ومن ثمّ لا يمكن الكلام هنا عن تنوير وفق الأدبيات الغربية، بقدر ما كان تنويراً يغيب عنه بالأساس النقد التاريخي للدين، فقد ظلت السردية اليهودية في ظل هذا التنوير متواجدة، ومن هنا لم تكن عملية التنوير عملية استنساخية بقدر ما كانت عملية استثمارية تعمل على نقل اليهودية من الوجود الهلاخي إلى التجربة السياسية.

 إنّ أوج هذه الحركة سيكون في أمريكا، حيث سينتقل الفكر الإصلاحي اليهودي من خلال بيان بتسبروغ بنقطه الـ (8)، الذي يعتبر في نقطتين أنّ اليهود الإصلاحيين الأوائل كانوا يميلون نحو فكرة الاندماج داخل الوسط الغربي، وستقابل هذه الحركة حركة أخرى تُسمّى اليهودية الأرثوذكسية الجديدة في مقابل المشروع الإصلاحي لميلدنسون، وسيقوم به شامسون رفائيل الذي سيحاول تجديد الفكر اليهودي، عبر دفع اليهود لدخول عالم الحداثة،  وعلى اليسار من الحركة الإصلاحية ظهرت الحركة الصهيونية، التي كانت تؤطر نقاشاتها  داخل  الفكر الاشتراكي للعمال اليهود، فكانت أولى الحركات التي أوجدت حلّاً خارج البلدان الغربية للمشكلة اليهودية، الحركة التي حاولت إيجاد أرضية أو بنية لهذا الوجود،  ونتيجةً لتاريخ قديم من معاداة اليهود لأسباب دينية وعقائدية، ظهر خلال القرن التاسع عشر مفهوم "معاداة السامية" عن طريق المستشرق اليهودي "موريكس تايشنايدر" الذي سيعبّر به عن مفهوم المعاداة والكره والعنصرية الموجه نحو اليهود، ممّا عقد عملية الاندماج التي نادى بها الإصلاحيون، وقد عززت ذلك حادثة "دريفوس" التي وقعت في فرنسا، حين جرى اتهام ضابط يهودي فرنسي بخيانة فرنسا، بحضور ثيودور هرتزل لمحاكمة دريفوس، الذي كان يغطي الخبر لصالح صحيفة نمساوية. 

وقد تبيّن لهذا الأخير استحالة تحقيق الاندماج في وسط غير وطن لليهود، وهو ما عبّر عنه في كتابه "دولة اليهود".

جذور الفكر الاستيطاني/ التوسعي اليهودي: 

هذه الفكرة المرتبطة بإيجاد وطن لليهود والتخلي عن فكرة الاندماج كانت لها جذور في اليهودية التقليدية، بالضبط عند يهودا القلعي في نهاية القرن الثامن عشر، وهو أول من أثار فكرة الاستيطان في فلسطين، وهو ما أكده فوزي البدوي المتخصص في التاريخ اليهودي وقد نظر بشكل ممنهج للجانب الاقتصادي والبقعة الجغرافية التي تحدد الوطن اليهودي، فالرأسمال اليهودي العالمي هو المكلف بإيجاد أرضية تمويلية لهذا الوجود،  ففكرة الاستيطان كانت تستبطن فكرة الوطن قبل الحركة الإصلاحية، وقد تم اعتبار العودة في إطار مفهوم التوبة حتى تتحقق عودة المشيح، لكنّ الفكر اليهودي التقليدي بشكل عام كان يرفض العودة إلى أرض الميعاد/ فلسطين، لأنّ هذا التوجه التقليدي كان يميل نحو الالتزام الديني عوض الانخراط في العمل السياسي بشكله العلماني، ممّا أوجد نوعاً من التضاد بين الجانبين أو مانعاً أمام تحقق الدولة اليهودية، لكن رغم ذلك كان الأمل بالرجوع حاضراً في نفوس اليهود، إذ كانت أكثر انصياعاً وتطابقاً مع واقعها المنعزل والمشتت. وتأتي قوة تحقق السرد اليهودي من الفكر الصهيوني المسيحي القائم على فكرة عوة المسيح أو الإسكاتولوجيا اليهودية القائمة على ربط الخلاص بعودة المشيح. وقد تعاظم هذا الأمل في وطن فلسطين لليهود إثر تعرّض اليهود للعديد من الاضطهادات عبر التاريخ، ومنها محاكم التفتيش في البرتغال وإسبانيا وحادث هيوتزر والمحرقة التي قادتها النازية، ممّا أخرج كل الحلول التي قدمتها الحركات الأخرى من دائرة الإمكان ورجحت بالمقابل ضرورة الوطن اليهودي. فالحركة الصهيونية بدأت بشكل علماني سياسي وصولاً إلى مضمون ديني، فتمّ إفراغها من الشحنة اليسارية وملؤها بمضمون ديني.

 نجد أنفسنا تجاه (3) مراحل لتشكّل الصهيونية؛ الأولى كانت يسارية اشتراكية تنتعش في سياق أوروبا الشرقية، تنحو نحو التوجه العلماني في معناه الألماني وليس الفرنسي، ثم انتقلت إلى توجه يهمش كل الحركات الإصلاحية ويرجح ضرورة إيجاد وطن لليهود دون تحديد فلسطين كاختيار لا مناص منه، مذكرة بسلسلة الاضطهادات التي لا تسمح بإمكانية الاندماج، فكان المطلب لا يتكئ على الجانب الديني بقدر ما ينحو إلى حماية وصيانة الوجود اليهودي بما هو اختلاف لا يمكنه تحقيق الاندماج في وسط غربي، ثم الصهيونية الجديدة أو صهيونية ما بعد 48، وهي أكبر مساهمة دينية ممنهجة وموجهة لتحويل اليهود أو الأطراف الرافضة للعودة إلى فلسطين إلى القبول، وهو أمر تكفل به الربّي أفرهام يتسحاق كوك، حيث رفع من قيمة التدين على التوجه العلماني، لأنّ الصهيونية السياسية التي نذر إليها هرتزر هي صهيونية دينية، ما دام أنّها تنخرط في حركة الإسكاتولوجيا اليهودية المسيحية المتعلقة بتحقيق الخلاص عبر عودة المشيح، فعمل على توحيد البون أو الفارق بين التوجه العلماني والديني في نموذج الدولة الصهيونية، التي تمثل إسرائيل الحالية إحدى مراتب تحققها، فرفع شعار الصهيونية كوجهة وحيدة تحقق الوجود اليهودي، لهذا كان يساند فكرة الاستيطان بما هي بداية لمسار تحقق الإسكاتولوجيا الصهيونية المسيحية، ومن هنا ستظهر بوادر صهيونية جديدة يقودها تلامذة ومريدو الربي كوك. 

إذن كانت سنة إعلان تأسيس دولة إسرائيل تتويجاً لهذا الاستعداد التاريخي منذ القرن الثامن عشر، لكن تجدر الإشارة إلى أنّ البداية كانت ذات توجّه علماني، بشكل ما، وانحصار الجانب الديني على الأحوال الشخصية، فكانت الحركة المزراخية ذات التوجه الديني منصاعة لما أطلق عليه "الوضع القائم" وضرورة التأقلم معه إلى حين ظهور إشارة ربانية، لكنّها بالمقابل كانت تدير بشكل أساسي الجانب المالي والتهجيري والبنائي والمدرسي للدولة الإسرائيلية، دون الدخول بشكل مباشر مع التوجهات العلمانية للدولة، إلى حدود انهزام العرب خلال سنة 1967.

كيف تحوّل تحقيق وطن لليهود إلى سردية قومية توسعية؟ 

مثلت حرب 1967 بالنسبة إلى إسرائيل  بحسب فوزي البدوي أبرز انطلاقة للإيمان بإمكان تحقق السردية الصهيونية في صيغتها التوراتية، وكذا انهيار اليسار وسطوع حزب اليمين، إذ اعتبرت هذه الحرب إيذاناً بعلامة ربانية للشعب اليهودي، فتمّ إيقاظ الشعلة الدينية المدعومة بانتصار يعلن عن العناية الإلهية لشعب الله المختار، ورغم انهزام إسرائيل خلال حرب 1973 إلا أنّ الردة لم تكن مخالفة لما سبق بقدر ما اشتد التدين بشكل أقوى ممّا كان عليه 1967، فتمّ تجديد فكر الربي كوك باعتبار الدولة الإسرائيلية وانتصاراتها هي بداية تحقق الخلاص، وأنّ الأمر يدخل في إطار عتبات في مسار هذا الخلاص، فتحول الوجود اليهودي إلى ترجمة أو توليفة ما بين الدولة الإسرائيلية والإسكاتولوجيا الخلاصية، فتحالف التوجه الديني الصهيوني المتشدد مع التوجه القومي، وانتقل الهدف من وطن لليهود إلى أرض إسرائيل الكاملة، أو الأرض التوارتية، لهذا يجب استعادة كل أرض إسرائيل. فانتقلنا من عملية استيطان المرحلة الأولى الخاص بوطن لليهود يحفظ هويتهم ويقيهم الاضهاد والشتات إلى كيان توسعي استيطاني يطمح لضم كل أرض التوراة.

إنّ المسافة الزمنية ما بين 48 و67 رسمت مساراً تاريخياً متسارعاً حققت من خلاله إسرائيل وجوداً اقتصادياً وعسكرياً وعلمياً متقدماً، حقق لها سبقاً مستقبلياً على كل المنطقة، وساهم بالمقابل في تزكية وتقوية الوعي اليهودي، فانتقلنا من تحقق مطلب الدولة بما هي وجود قائم الذات إلى هدف أبعد من دولة سياسية علمانية إلى دولة خلاصية تعكس الإسكاتولوجيا اليهودية، فانتصار إسرائيل حقق للوعي الصهيوني الثقة في الوعد الإلهي الذي كان مفقوداً سابقاً ولمدة عقود، معبرة عن تحالف العناية الربانية بإرادة إسرائيل، ممّا نتج عنه صحوة دينية عارمة، تمّ تتويجها بمفهوم التوبة التي تستوجب العودة إلى اليهودية وتهميش الدولة العلمانية، أو على الأقل إلباس الدولة العلمانية جوهراً خلاصياً دينياً. بداية الحكم في إسرائيل كان اليسار هو الإطار الخارجي للدولة الإسرائيلية، وحدث 67 شكّل مناسبة لتغليفه بمفهوم التوبة قصد عملية التجييش القومي نحو التدين، ممّا حول الصراع إلى صراع ديني بامتياز، أرض إسرائيل لم تعد ترتبط بوطن لليهود، بل أصبح الحديث عن استيطان يهودا وسامرا وكل أراضي سيناء وغير سيناء، كل أرض إسرائيل التوراتية كاملة، إنّ المسار التاريخي لإسرائيل لن يتوقف، بل إنّ الواقع يرصد عملية توسع وتقوية للحركة الصهيونية الدينية بكل فروعها وتهميش كل الحركات الإصلاحية العلمانية. كل الحركات الصهيونية ما بعد 67 هي حركات تقوي التوجه نحو انتزاع أو اكتمال الاستيطان عبر فعل القوة.

الموقف العربي من القضية الفلسطينية/ مفهوم الهزيمة والانتصار في سياق هذا الصراع:

تمثل القضية الفلسطينية إحراجاً قومياً عربياً يصعب تجاوزه أو حتى مواجهته، فقد أرهقت القضية الكاهل العربي منذ إعلان الدولة الإسرائيلية، فمررنا بالعديد من المحطات التي حاولت بالبداية التعاطي مع القضية الفلسطينية بما هي جزء من الكل العربي، غير أنّ هذا الكل العربي ذاته أصبح اليوم يعيش على التشظي والانقسام، ممّا أدى إلى عزوف جزء كبير من العرب عن القضية الفلسطينية، وشجع هذه الدول على الانكفاء على قضاياها الوطنية. 

لهذا يمكننا القول:  

- إنّ العالم العربي اليوم صار يعلن عجزه عن مواجهة إسرائيل، ويميل تحت ضغط الأمر الواقع الذي فرضته إسرائيل وحلفاؤها إلى التطبيع والقبول بهذا الكيان، من منطق التعايش السلمي. إذن، من الصعب الحديث عن عالم عربي موحد قادر على مواجهة إسرائيل ككتلة موحدة أو متفقة بهذا الصدد. وصرنا نميل بشكل متواتر عن الحديث عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبالتالي تحييد القضية الفلسطينية عن المطلب القومي العربي.

- إنّ مطلب وطن ثنائي القومية أو حلّ الدولتين هما معاً لا تقبل بهما إسرائيل، لأنّها تشعر بالقوة والسيطرة التي لطالما افتقدها الشتات اليهودي، هذه القوة ستسعى إلى إنهاء الوجود الفلسطيني وضمّ الأرض الكاملة كما في التوراة، إذ ما شهدناه خلال عام ونصف عام من الحرب الهمجية وكيف تفننت إسرائيل في عمليات القتل والعطب والتهجير والتجويع والتنكيل بالفلسطينين يظهر أنّ كل خطوة نحو نفي وإزاحة الآخر هي خطوة مستقبلية لتمكين إسرائيل من وعدها الديني، هذه الوحشية ترغب بالأساس في قتل الرغبة في المقاومة، أن يتم التسليم بالمشروع الإسرائيلي، فالرفع من حدة القوة والعنف والوحشية هو من باب خلق فوبيا المقاومة مستقبلاً ما دام أنّ المغالاة في استخدام العنف والتهجير والتنكيل هي وسيلة مشروعة سياسياً في إطار عملية استباقية لمستقبل بلا مقاومة، لأنّ الهدف هو التخلص بشكل نهائي من المشكل الفلسطيني.

- الحديث عن الانتصار والهزيمة في سياق هذا الصراع يتناسى خصوصية كل طرف، إسرائيل تبدو للجمهور العربي منتصرة لأنّها نفذت كل وعودها بدكّ غزة، ودحر المقاومة والتوسع في الأطراف، لكنّها لا تدخل المعركة بباب الانتصار أو الهزيمة، لأنّها معركة وجودية لن تحقق الانتصار إلا باستكمال الوعد اليهودي الديني بدولة أحادية القومية في إسرائيل الكبرى، فنجد أنّ المسار الإسرائيلي هو مسار ممتد في التاريخ المستقبلي، ولا يرتهن للحظات الراهنة في خانة تصنيفية تخضع لمبدأ النصر أو الهزيمة.

- حديث المقاومة عن الانتصار هو من باب استمرار المقاومة، لأنّها تعيش على وقع الانهزام منذ إعلان تأسيس الدولة الإسرائيلية، فيكون اللفظ هنا تحدياً ظرفياً لاستمرار مستقبلي، مساءلة المقاومة عن الضحايا والدمار، هي مساءلة تحمل وجهين، يبدو أنّ أحدهما يرفع من قيمة الإنسان الفلسطيني الذي تهدر المقاومة دمه، والوجه الثاني يتجاوز المسألة بذريعة القيمة التحررية المأمول الوصول إليها، فلا تحرر بدون دماء أو تضحية. 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية