الليبيون يترقبون اتفاقاً ينهي الأطماع التركية في بلادهم

الليبيون يترقبون اتفاقاً ينهي الأطماع التركية في بلادهم


11/01/2021

ينتظر الشارع الليبي توصل أطراف النزاع إلى اتفاق ينهي الأزمة في البلاد، لا سيما مع البطء الحاصل في المفاوضات مؤخراً، تزامناً مع مطالب الأمم المتحدة بالتعجيل في تطبيق بنود اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة، وحديثها عن إمكانية إرسال مراقبين دوليين بزي مدني للعمل مع لجنة مراقبة وقف إطلاق النار.

وفق تقديرات الأمم المتحدة؛ هناك 1.3 مليون مواطن ليبيّ في حاجة إلى المساعدة الفورية، إضافة إلى ارتفاع نسب الإصابة بفيروس كوفيد  19

وفي سياق ذي صلة، جاءت زيارة رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، إلى مدينة بنغازي، ولقاؤه مع قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، الشهر الماضي، في توقيت مهمّ للغاية، من حيث التحركات التي يقوم بها الجانب التركي، خاصّة بعد سماح البرلمان بتمديد مهام الجيش في ليبيا، ما ينذر بموقف تركي متمادٍ في اعتداءاته على بنود القانون الدولي، وانتهاك محادثات السلام، والتي كان آخرها في مدينة جنيف.

كما تعكس الزيارة، ثبات الموقف المصري الداعم للسيادة الليبية وتعزيز السلام، منذ اندلاع الصراع في ليبيا، وأنّ مصر كانت، وما تزال، حصناً للجارة ليبيا التي تمثل عمقاً إستراتيجياً للدولة المصرية.

محادثات السلام

اتّخذ الليبيون خطوة غير مؤكّدة، نحو إنهاء ما يقرب من عقد من الحرب الأهلية، بعد أن وافقوا على محادثات سلام بوساطة الأمم المتحدة، على أساس إجراء انتخابات وطنية، في كانون الأول (ديسمبر) 2021، حيث فشلت المناقشات التي أجريت في العاصمة تونس في التوصّل إلى حكومة انتقالية للإشراف على الانتخابات، ووضع دستور جديد، كما كان مخطط له، فيما دفعت الأمم المتحدة هذه المحادثات إلى الأمام، وذلك عقب مرور خمس سنوات، منذ أن فشل اتفاق السلام الليبيّ بوساطة من الأمم المتحدة، عام 2015.

ووصفت الأمم المتحدة "منتدى الحوار السياسي الليبي"، الذي انعقد في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي؛ بأنّه "بداية على الطريق الصحيح، لإحلال المصالح المشتركة بين الفصائل المتصارعة على طاولة النقاش، عوضاً عن استخدام الحرب التي يبدو أنّ الجميع أصبح في غنى عنها".

اقرأ أيضاً: مراقبون دوليون في ليبيا.. هل تكون فرصة السلام الأخيرة؟

 وفي وقت سابق، أشارت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني وليامز، إلى أنّ عقداً من الحرب لن ينتهي أبداً بعد القليل من محادثات السلام، وأوضحت أنّ المنتدى اعتمد، في 15 تشرين الثاني (نوفمبر)، خريطة طريق سياسية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقرّر إجراؤها في 24 كانون الأول (ديسمبر) 2021، مشيرة إلى أنّ الوثيقة المتفق عليها تحدد المبادئ والأهداف العامة، التي توجه الفترة الانتقالية في ظلّ المؤسسات المعاد تشكيلها والموحّدة، وكذلك الأطر الزمنية الرئيسة لموافقة مجلس النواب على سلطة تنفيذية جديدة، والمعالم الرئيسة للترتيبات الدستورية والانتخابات.

اقرأ أيضاً: مسرحية أردوغان الجديدة في ليبيا: الميليشيات تحارب الإرهاب!

ورحبت وليامز، بدعم رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، لإجراء "انتخابات وطنية" في ديسمبر المقبل.

وجاءت إشادة ستيفاني خلال اجتماعها مع السراج، أول من أمس، السبت، في العاصمة الإيطالية روما.

وسيقود حكومة الوحدة الوطنية رئيس مجلس الوزراء ونائبان، تكون مهمتهما الرئيسة قيادة الفترة الانتقالية نحو الانتخابات، وإعادة توحيد مؤسسات الدولة وإتاحة الأمن والخدمات الأساسية للسكان، حتى إجراء الانتخابات، بينما تعكس خريطة الطريق أيضاً، مطالبات بأن تشكّل النساء ما لا يقل عن 30%، من المناصب القيادية في السلطة التنفيذية بعد إصلاحها.

اقرأ أيضاً: تركيا تخطط لوضع يدها على تراث ليبيا بدعم من هيئة الأوقاف

ووفق تقديرات الأمم المتحدة؛ هناك 1.3 مليون مواطن ليبي في حاجة إلى المساعدة الفورية، إضافة إلى ارتفاع نسب الإصابة بفيروس "كوفيد – 19"، أيضاً مع نهاية العام ستنفذ إمدادات اللقاحات الخاصة بأمراض الطفولة الشائعة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات فورية من أجل آلاف الأطفال في ليبيا، الذين فقدوا بالفعل بعض اللقاحات المهمة لحياتهم؛ لذا فإنّ التمسك باتفاقيات السلام مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى الشعب الليبي.

استمرار العبث التركيّ

وفي سياق الرد على التدخلات التركية التي لا تنقطع في ليبيا، نفى رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، صحة التقارير حول إرساله مبعوثاً شخصياً إلى أنقرة، قائلاً "نحن لا نتلقى أوامر من تركيا".

وقال صالح، حسب بيان نشر على الموقع الرسمي لمجلس النواب الليبي، أول من أمس، السبت، تعليقاً على تصريحات صادرة مؤخراً عن بعض المسؤولين الأتراك حول هذا الموضوع: "نحن لا نتسول ولا نتلقى أوامر من تركيا أو من غيرها".

وأضاف صالح: "نحن نعمل من أجل أمن واستقرار ليبيا وليس لدينا ما نخفيه والشعب يشارك ويتابع في خطواتنا أول بأول... مصلحة الشعب الليبي فوق كل اعتبار، وأمن واستقرار ليبيا هدفنا الذي لن نحيد عنه".

الباحث د. محمد ربيع لـ "حفريات": مصر استطاعت تحجيم الدور التركي في ليبيا، ودعمه للإرهاب، بعد تحديد الرئيس السيسي سرت والجفرة كخطّ أحمر

وختم تصريحه بالقول، كما نقل موقع "روسيا اليوم": "لن نتردد في التواصل مع الدول الفاعلة في ملف الأزمة الليبية لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا ولكن ليس على حساب مصلحة الليبيين ودون مساس بالسيادة الوطنية".

ويتعقد الموقف التركيّ بمرور الوقت، خاصة في الآونة الأخيرة، بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية فرض عقوبات على أنقرة، بسبب شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية، وموقف الاتحاد الأوروبي الذي صار أكثر انزعاجاً من تركيا، بعد استمرار تعدياتها في شرق المتوسط، التي تبعتها بموقفها في الصراع الأرمني الآذري، لذلك تصارع تركيا من أجل البقاء في ليبيا، التي اكتسبت فيها وجوداً شرعياً، بفضل تواطؤ حكومة الوفاق الوطني وميليشياتها الإرهابية، التي تعقد مسار محادثات السلام، وتحول دون التوصل إلى حلّ ليبي ليبي، وهو ما أكدّته الأمم المتحدة عقب محادثات السلام "5+5" التي أجريت في جنيف، والتي أيدتها مصر، كشريك في إحلال عملية السلام في ليبيا.

اقرأ أيضاً: نُذر الخطر في ليبيا

 ويؤكّد الباحث في العلوم السياسية بالمركز العربي للبحوث والدراسات، الدكتور محمد ربيع، أنّ زيارة كامل جاءت في إطار التأكيد على الدور المصري المهمّ الذي تلعبه في إرساء عملية السلام داخل الدولة الليبية.

الباحث د. محمد ربيع

ويضيف ربيع، في تصريح لـ "حفريات": "لا شكّ في أنّ زيارة رئيس جهاز المخابرات المصرية قبل أيام، إلى ليبيا ولقاء القيادات الليبية خاصة رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، والمشير خليفة حفتر، يأتي في توقيت خطر ومهم للغاية، فمن خلال البيان الصادر عن اللقاء؛ يتّضح لنا أنّ زيارة كامل، تستهدف دعم الاستقرار الليبي، خاصّة أنّ اللقاء يتزامن مع اجتماعات لجنة الحوار الوطني الليبي، فضلاً عن أنّه يستهدف التنسيق بين الجانبَين المصري والليبي، من أجل حماية الحدود المصرية، إذ اطلعت مصر عن كثب، على تطورات المشهد الليبي، في ظلّ تردّد أنباء عن استمرار إرسال المرتزقة الممولين من تركيا إلى ليبيا، واحتمالات اختراق الهدنة التي تمّ التوقيع عليها من قبل حكومة الوفاق المدعومة من تركيا وقطر".

إشكالات الأزمة

ويؤكد ربيع مدى الأهمية التي يحظى بها الدور المصري في ليبيا، إضافة إلى التركيزعلى حجم التعاون الوثيق بين البلدين على المستوى الشعبي، "لوقف الدور التخريبي لجماعة الإخوان في ليبيا، فضلاً عن تأكيده على أهمية الموقف المصري في العملية السياسية ومدى القبول والترحيب الليبي بالدور المصري، خاصّة أنّ مصر استطاعت تحجيم الدور التركي في ليبيا، ودعمه للإرهاب، بعد تحديد السيسي سرت والجفرة كخطّ أحمر، إن تجاوزته الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا، سوف تتدخل القاهرة لحماية أمنها القومي، إضافة إلى تأكيدهم على الآمال الذي يضعها الليبيون في القيادة المصرية، لإنقاذ ليبيا من الإرهاب التركيّ".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية