اللجوء السوري في الأردن... أزمة إنسانية صامتة تلوح في الأفق

اللجوء السوري في الأردن... أزمة إنسانية صامتة تلوح في الأفق

اللجوء السوري في الأردن... أزمة إنسانية صامتة تلوح في الأفق


25/07/2023

خلافاً لبقية دول الجوار التي لجأ إليها الأشقاء السوريون منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، إلا أنّ تبعات هذا اللجوء وكلفه كانت أكبر بكثير من قدرات الاقتصاد الأردني المنهك أصلاً، عبر عجز مزمن في الموازنة العامة، وارتفاع منسوبات الفقر والبطالة، وبالتالي ازدياد حجم الأعباء المعيشية على مواطنيه، وقد تزامن ذلك مع تراجع التزام المجتمع الدولي بتعهداته تجاه دعم اللاجئين، إذ وفقاً لأرقام رسمية فإنّ الاستجابة الدولية لأزمة اللجوء السوري لم تتجاوز تغطية ما نسبته (6%)  من حجم المساعدات المفترضة نهاية الربع الأول من هذا العام 2023.

ولعل ما سيزيد الأزمة تفاقماً في الأردن، وينذر بخطورة عالية قادمة، أنّ الأردن مثل كثير من دول العالم مسته بمستويات مختلفة تداعيات اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، التي فاقمت أزمة جديدة للاجئين في القارة الأوروبية وباقي دول العالم، لا سيّما في قطاعات الطاقة والغذاء، والتي تزامنت مع بدايات  التعافي من تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية والصحية، غير أنّ الجديد هنا أنّه، مع قلة حجم المساهمة الدولية في  تحمل أعباء اللجوء السوري، ما جاء في إعلان برنامج الغذاء العالمي حول تقليص مساعداته الشهرية لأكثر من (100) ألف لاجئ سوري يقيمون في الأردن، اعتباراً من آب (أغسطس) المقبل، بسبب نقص التمويل، حيث "سيضطر البرنامج آسفاً إلى تخفيض قيمة المساعدات الشهرية بمقدار الثلث لجميع اللاجئين السوريين في مخيمي الزعتري والأزرق، والبالغ عددهم (119) ألف لاجئ"، بسبب نقص في التمويل.

حجم المبالغ المالية يبدو أكبر من قدرات الأردن على تحمّله، ما بين الكلف المقدرة لتقديم خدمات لمليون و(300) ألف لاجئ سوري، وهو مجموع اللاجئين السوريين في الأردن، وبين ما تم تقديمه فعلاً عبر مؤسسات المجتمع الدولي والأمم المتحدة

أقرت الحكومة الأردنية بالاتفاق مع المجتمع الدولي خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية، تشمل الأعوام "2020-2022 " قدّرت فيها الكلفة الإجمالية للجوء بحوالي (6.6) مليارات دولار، وهي خطة مكملة للخطط الوطنية، ومنسجمة مع أهداف التنمية المستدامة، والميثاق العالمي للاجئين، مع الاستمرار باتباع نهج تعزيز المنعة الذي يتناول الجوانب الإنسانية والتنموية لكل قطاع، بالإضافة إلى فصل خاص لاحتياجات الخزينة، كما تتبنّى الخطة نهجاً متعدد الأعوام يمتد إلى (3) أعوام، وشملت (3) عناوين؛ وهي: دعم المجتمعات المستضيفة، وبناء القدرات المؤسسية، ودعم اللاجئين، موزعة على (7) قطاعات؛ وهي: التعليم، الصحة، المياه، الصرف الصحي، الحماية الاجتماعية العدل، المأوى، الخدمات العامة .

تبعات هذا اللجوء وكلفه كانت أكبر بكثير من قدرات الاقتصاد الأردني المنهك أصلاً

حجم المبالغ المالية يبدو أكبر من قدرات الأردن على تحمّله، ما بين الكلف المقدرة لتقديم خدمات لمليون و(300) ألف لاجئ سوري، وهو مجموع اللاجئين السوريين في الأردن، وبين ما تم تقديمه فعلاً عبر مؤسسات المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وتقدّر الكلفة المباشرة وغير المباشرة لأزمة اللجوء السوري على الأردن بحوالي (5) مليارات دولار سنوياً، وكانت نسبة المساهمة الدولية فيها لا تتجاوز35% فقط، في عام 2022.

وبمرجعية رعب الأرقام والإحصائيات، والفجوة بين ما يتحمله الأردن تجاه اللاجئين وما يقدمه المجتمع الدولي، تتفاعل قضية اللاجئين السوريين في الأردن على مستوى الدولة وصانع القرار، وفي أوساط نخب متعددة، تنتمي لحقول واتجاهات سياسية واقتصادية واجتماعية، وبمرجعيات كثيرة، لعل قاسمها المشترك الإجابة عن تساؤل حول كيف للأردن أن يواصل الثبات على موقفه الأخلاقي والإنساني في الاستمرار في استضافة هذا العدد من اللاجئين، بالتزامن مع الأعباء الثقيلة التي يواجهها الاقتصاد الأردني، وتراجع مساعدات ودعم المجتمع الدولي، وتقديرات بأنّ التوترات والصراعات في الداخل السوري ربما تستمر لأعوام عدة، ممّا يعني استمرار استضافة اللاجئين الذين لم يعد خيار العودة إلى أراضيهم ضمن أولوياتهم، لا سيّما أنّ استطلاعات رأي مستقلة تؤكد أنّ أكثر من (90%) من اللاجئين لا يرغبون بالعودة إلى سوريا، لأسباب مختلفة.

هناك مطالبات لمواصلة التنسيق مع المجتمع الدولي، والضغط لتقديم المساعدات الكافية، لا سيّما أنّ تداعيات اللجوء السوري أصبحت تشكل ضغطاً غير مسبوق على الخدمات العامة  "الصحة والتعليم"، بالإضافة إلى التأثير السلبي على معالجة البطالة والفقر

وهناك مطالبات لمواصلة التنسيق مع المجتمع الدولي، والضغط لتقديم المساعدات الكافية، لا سيّما أنّ تداعيات اللجوء السوري أصبحت تشكل ضغطاً غير مسبوق على الخدمات العامة  "الصحة والتعليم"، بالإضافة إلى التأثير السلبي على معالجة البطالة والفقر. مع إدراك أنّ اللجوء السوري لم يعد أولوية لدى المجتمع الدولي في ظل بروز مشكلات اقتصادية وحرب أوكرانيا مع روسيا، ممّا أدى إلى تراجع المساعدات الموجهة للأردن، وبالتزامن تطالب نخب سياسية واقتصادية باستمرار الحوار مع الولايات المتحدة لمغادرة المواقف الضبابية من مطالب الأردن لاستثنائه من عقوبات قيصر، لا سيّما أنّ التاثيرات السلبية لهذه العقوبات تبدو على الأردن أكبر منها على سوريا.

حجم المبالغ المالية يبدو أكبر من قدرات الأردن على تحمّله

وإلى ذلك، برزت مطالبات بالتنسيق مع الحكومة السورية بعد الانفتاح الأردني عليها لتحمّل مسؤوليتها تجاه المواطنين السوريين، بعيداً عن المفاهيم الجديدة حول تعريف المواطنة في سوريا، منذ تفاقم الأزمة في سوريا، بالإضافة إلى مستوى تنسيق آخر مع الجامعة العربية للضغط على الحكومة السورية لتأمين عودة طوعية للّاجئين السوريين، إلى جانب مطالبات أخرى للتنسيق مع لبنان ومع تركيا، باعتبارها الدول الأكثر استضافة للاجئين السوريين، مشيرين إلى أنّ الأردن لا يستطيع مساومة المجتمع الدولي على اللجوء، كما فعلت تركيا في مراحل سابقة، ولم يطالب بإنشاء مناطق آمنة على الحدود الأردنية السورية وإقامة تجمعات لإسكان اللاجئين فيها، لإدراكه صعوبة قبول اللاجئين بالعودة لغير مدنهم وقراهم وبواديهم.

وفي الخلاصة، فإنّه، على تعدد المقترحات واتجاهات حلول هذه الأزمة بالنسبة إلى الأردن، ومع التزامه الأخلاقي تجاه اللاجئين، يتردد على نطاق واسع في الأردن تحذيرات مع امتناع المجتمع الدولي عن تقديم الحدّ الأدنى من المساعدات الإغاثية، فإنّ الأردن مقبل على أوضاع ربما ستوصف لاحقاً بأنّها تقترب من الكارثية في ضوء عدم قدرته على تحمل كافة أعباء اللجوء السوري.

مواضيع ذات صلة:

الإمارات تساند مرضى السرطان في سوريا

مخيمات سوريا... تنديد أممي بفصل "منهجي" للذكور عن أمهاتهم




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية