اللبنانيون يسخرون: أينما وُجد الأمونيوم العام وحزبه حلّ الموت

اللبنانيون يسخرون: أينما وُجد الأمونيوم العام وحزبه حلّ الموت


24/09/2020

يقرأ مراقبون ومتابعون للشأن اللبناني الانفجار الأخير في أحد معاقل حزب الله، باعتباره حدثاً منذراً بخراب عام، ما دام الحزب يزرع الأسلحة والألغام ويخبىء الأسلحة في أحضان المدنيين وبين ظهرانيهم. ومضى لبنانيون ساخرون يتندرون بفكاهة سوداء: أينما وُجد الأمونيوم العام وحزبه حلّ الموت.

ويستدل المراقبون على صحة هذا الاستنتاج من قيام حزب الله بفرض طوق أمني حول الانفجار وموقعه، بهدف التعمية على الحادث وتفاصيله، ومنع الوصول إلى ثمة حقائق ومعلومات ميدانية، فضلاً عن التصوير، فهو لا يريد أن يقول الحقيقة.

الانفجار الذي وقع في قرية عين قانا، في محافظة النبطية، جنوب لبنان، أول أمس (الثلاثاء)، استدعى حادث انفجار مرفأ بيروت، مطلع الشهر الماضي، والذي أسفر عن كارثة إنسانية، وخسائر بشرية ومادية فادحة، لا تزال تدوي آثارها في ذاكرة اللبنانيين، وقد تركت بصمة قوية وثقيلة بأحداثها وتفاصيلها على غالبيتهم؛ إذ إنّ مشاهد التخريب التي لحقت بالمباني، حولت العاصمة اللبنانية إلى "مدينة منكوبة"، ومثلها تصدعت البنية النفسية للمواطنين ممن لم يتحملوا ضغط الانفجار، وحجم الحرائق والموت؛ حيث قضى نحو 190 شخصاً، وأصيب أكثر من 6500 آخرين بجروح، بينهم ألف طفل، بحسب الأمم المتحدة، بينما هناك سبعة أشخاص مازالوا في عداد المفقودين.

المقر الأمني التابع لحزب الله، والذي شهد الانفجار، يكشف عن سلوك الحزب الذي يعمد إلى تخزين أسلحته ومتفجراته بين المدنيين، ما يهدد الحياة الآمنة للمواطنين

كما نجم عن الانفجار تشريد نحو 300 ألف شخص، باتت منازلهم غير قابلة للسكن، وكذا خسائر اقتصادية تتراوح بين 6,7 و8,1 مليارات دولار، حسبما تشير تقديرات البنك الدولي، في حين يحتاج لبنان إلى ما بين 605 و760 مليون دولار للنهوض، مجدداً، في ظل الوضع الاقتصادي المأزوم الذي يقع تحت وطأته.

حزب الله في مربع الاتهام

مرة أخرى، تلاحق حزب الله اتهامات مباشرة بخصوص الانفجار الأخير، خاصة، وأنّه قد وقع في بيئته الاجتماعية، من ناحية، وداخل أحد مخازن الأسلحة في إحدى المناطق الخاضعة لنفوذه السياسي والأمني، من ناحية أخرى. وبينما كشفت تقارير صحافية أمريكية، عن وجود صلات بين مالك السفينة التي كانت تحمل المادة المتفجرة، ومصرف "أف بي أم إي" التنزاني، تتصل بعمليات غسيل أموال مع حزب الله، ناهيك عن وقوع المرفأ تحت مسؤولية عناصر الحزب، وميلشياته الأمنية، فإنّ الانفجار الذي وقع يوم "الثلاثاء الأسود"، بحسب وصف نشطاء لبنانيين، عزز من جديد الشبهات والدلائل حول الأنشطة المشبوهة المرتبطة بسلاح حزب الله، والذي يعمد إلى تخزينها في المناطق الآهلة بالسكان والمدنيين.

تضاربت المعلومات حول الحادث، حيث صرح مصدر قريب من دوائر حزب الله، أنّ الانفجار وقع في مخزن سلاح تابع للحزب، أو مركز لتجميع بقايا مخلفات حرب تموز (يوليو) العام 2006، لكن المؤكد أنّ الانفجار وقع في مبنى تنظيمي تابع للحزب، بينما أوضحت "الوكالة الوطنية للإعلام" اللبنانية، أنّ "الانفجار الذي وقع في أحد المنازل في بلدة عين قانا، ولم تعرف أسبابه، تزامن مع تحليق مكثف للطيران الحربي الإسرائيلي، الذي لم يغادر أجواء منطقتي النبطية وإقليم التفاح منذ الصباح".

وأوضحت المصادر الإعلامية لحزب الله، حسب الإعلام المحلي اللبناني الرسمي، أنّ "المركز معد لتجميع مخلفات حرب تموز، أي الألغام"، حيث نفى المعلومات الواردة في عدة تقارير، والتي تشير إلى محاولة اغتيال شخصية قيادية في التنظيم.

اقرأ أيضاً: لماذا يصر حزب الله وحلفاؤه على قيادة لبنان إلى الجحيم؟

ونجم عن الانفجار في المنطقة التي تبعد عن الحدود اللبنانية الإسرائيلية أكثر من 30 كيلو متراً، تهدم كامل في عدد من المباني القريبة، بينما لم تصدر عن أية جهة معلومات حول عدد الإصابات أو الوفيات. كما أبرزت مقاطع فيديو عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تدمير وتصدع كامل لعدد من المباني والمنازل، فضلاً عن تحطم الزجاج، ووجود طبقة دخان أسود كثيف، غطي فضاء المنطقة التي وقع فيها الانفجار.

إلغاء الدولة في لبنان

وبحسب وكالة "رويترز"، فقد نقلت عن مصدر أمني، أنّ مستودع سلاح لـ"حزب الله"، انفجر في جنوب لبنان "بسبب خطأ فني"، بينما أكد مصدر مقرب من الحزب، أنّ المكان تابع له، معتبراً الانفجار مجرد "حادث عرضي".

اقرأ أيضاً: معنى أن نعيش في "دولة حزب الله"

وفي المقابل، دشن عدد من الناشطين اللبنانيين هتاشاغ ساخر، ضد أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، تحت عنوان: " الأمونيوم العام"؛ حيث قال الناشط اللبناني، رودي مطر، إنّ: "اسم الجريمة: الأمونيوم العام. موقع الجريمة: في كل لبنان. أما السبب فهو التخلص من الشعب اللبناني لصالح مشروع إيراني. توقيت الجريمة: كل أسبوع مرة. والقاتل: حسن نصر الله".

ونشر سامر حايك عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "البارحة في شوارع بيروت، واليوم، في قرية عين قانا، ويوم غد قد يكون الانفجار أمام منزلك". كما أوضحت الناشطة والسياسية اللبنانية، ستريدا يونس، أنّ "المعادلة في لبنان باتت واضحة، أينما وُجد الأمونيوم العام وحزبه حل الموت".

وكتب إلياس ملكي إنّ "الأمونيوم العام يقتل شيعة لبنان.. والموت موجود أينما كان حزب الله". 

اقرأ أيضاً: انفجار يهز أهم معاقل حزب الله جنوب لبنان... من وارءه؟

وبحسب مراقبين، فإنّ المقر الأمني التابع لحزب الله، والذي شهد الانفجار، يكشف عن سلوك الحزب الذي يعمد إلى تخزين أسلحته ومتفجراته بين المدنيين، ما يهدد الحياة الآمنة للمواطنين؛ إذ إنّ مقرات الحزب في العادة تحتوي على مواد، يجري استخدامها لصناعة العبوات المتفجرة.

وعليه، فإنّ هذا الانفجار يبدو من حيث الخطوط العريضة، مشابهاً إلى حد بعيد ما يحدث داخل إيران، وكذا بعض الضربات التي تحصل في سوريا، بحسب الكاتب الصحافي اللبناني، أسعد بشارة.

المدنيون.. رهائن حزب الله

وبالنسبة لما حصل، فسواء كان الانفجار ناتجاً عن عمل أمني أو ضربة عسكرية إسرائيلية، أو إهمال، فإنّه، في كل الأحوال، يؤكد أنّ هناك مربعات أمنية كثيرة تحت سيطرة حزب الله، فيها سلاح يتم تخزينه بين المدنيين، حسبما يوضح بشارة في حديثه لـ"حفريات"، وهو أمر مخالف لكل الشرائع والأعراف القانونية، المحلية والدولية، وهو ما حذرت منه قيادات لبنانية، دينية وسياسية، باعتباره يشكل تهديداً للبنانيين، سواء قبل أو بعد انفجار المرفأ، لاسيما وأنه قبل وقوعه، تم تداول تصريحات إسرائيلية، كشفت عن مواقع يجري فيها تجميع وتركيب المتفجرات لصالح حزب الله، ووصلت التهديدات للسلطة اللبنانية، لكنها لم تتحرك.

 الصحفي أسعد بشارة لـ"حفريات": سواء كان الانفجار ناتجاً عن عمل أمني أو ضربة عسكرية إسرائيلية، أو إهمال، فإنّه يؤكد أنّ هناك مربعات أمنية كثيرة تحت سيطرة حزب الله

وتابع: "يبقى السؤال: هل دخلنا في مسلسل شبيه بما يجري في سوريا وإيران، في ظل ردود الفعل باتجاه التوغل الإيراني بالمنطقة؟، حيث إنّ الانفجارات المتنقلة في مواقع عسكرية بإيران، تماثل الواقع اللبناني ولو بدرجة متباينة، هذا السؤال لا تجيب عنه السلطة اللبنانية التي باتت في موقع العاجز، ولا تقدر على عمل شيء؛ حيث لم نشهد موقفاً رسمياً، باستثناء بيان الجيش الذي جاء خجولاً وعاماً، ولم يفصح عن شيء، كما لم يوضح ثمة ملابسات حول ما جرى، ما يذكرنا بتفجير مرفأ بيروت، وتداعياته، والذي وعدت السلطة بالوصول إلى الحقائق بشأنه، في غضون خمسة أيام، وقد مضى شهر دون تنفيذ الوعد. وعلى ما يبدو، أنّ هذه الأحداث الأمنية الكبيرة، توضع قصداً في الأدراج، لأنّ هناك قوة تضغط من أجل التعتيم على الوضع".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية