اللاعبون الإقليميون في سوريا "يستثمرون" صراع الكبار في أوكرانيا

اللاعبون الإقليميون في سوريا "يستثمرون" صراع الكبار في أوكرانيا


18/04/2022

في ظلّ الانشغال الروسي بالحرب في أوكرانيا، تواترت معلومات ميدانية بخصوص تحركات إيرانية في سوريا، بهدف توسيع نفوذها العسكري، وقد ظهرت فصائل عسكرية (إيرانية) في مواقع إستراتيجية، إثر انسحاب مجموعات مسلحة تابعة لموسكو منها، مطلع الشهر الجاري.

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقرّه لندن، نقل أسلحة لمناطق متفرقة في "المحمية الإيرانية"، بحسب وصفه، غرب الفرات وتدمر، في ريف حمص، فضلاً عن تدشين مراكز معسكرات تدريب.

غياب روسي وأطماع إيرانية

وفق المرصد السوري الحقوقي، عمدت الميليشيات الإيرانية إلى توسيع نفوذها بريف حماة، وذلك من خلال تحويل اللواء 47، المتواجد في جبل معرين، في ريف حماة الجنوبي، إلى قاعدة عسكرية خاصة بـفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وهي القاعدة المسؤولة عن إدارة التواجد الإيراني في محافظة حماة مع مطار حماة العسكري.

تواجده في ريف حلب الجنوبي، كما وصل هناك القيادي العراقي، عبد السيد الموسوي، مما يؤكّد أنّ إيران هدفها السيطرة على الطريق الواصل بين الحدود العراقية – السورية

كما نقل المرصد، عن مصادر ميدانية، أنّ القاعدة الإيرانية في جبل معرين أصبحت تضمّ مركزاً لتدريب القوات الإيرانية، وقد وصلت إليها، مؤخراً، تعزيزات عسكرية تحتضمّن أسلحة نوعية وعناصر قتالية، موضحاً أنّ "اللواء 47 هو لواء دبابات يتبع للفرقة 11 في الجيش السوري، غير أنّه بات خاضعاً للسيطرة الإيرانية بشكل مطلق".

واللافت أنّه بالتزامن مع التحركات الإيرانية الأخيرة، عاودت إسرائيل تنفيذ اعتداءاتها، بشكل مكثف، على سوريا، تحديداً في مناطق نفوذ طهران العسكري؛ حيث تمّ استهداف مستودعات تضمّ مصنعاً لتجميع الطائرات المسيرة، وكذا مركز البحوث العلمية في جمرايا في محيط العاصمة السورية دمشق، والأخير تعرض لهجمات صاروخية متكررة، منذ عام 2018، نفّذتها بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا.

المحلل السياسي السوري درويش خليفة: توضح معلومات متواترة أنّه قد وصل إلى حمص عناصر وأفراد من قادة الحرس الثوري الإيراني

وتشير معلومات عديدة إلى توسّع إيران في مناطق مهمّة؛ في حمص، وسط البلاد، وكذا مطار النيرب في حلب، وهي من المناطق المتنازع عليها بين الجانبين، الروسي والإيراني، حسبما يقول المحلل السياسي السوري، درويش خليفة الذي يوضح لـ "حفريات"؛ أنّ إيران تتمدّد كذلك شرق البلاد، في محيط مدينة الرقة، بينما قامت، مؤخراً، بإعادة تموضعها، الميداني والعسكري، مستغلة انشغال الروس في معركتهم بأوكرانيا، وإيجاد حلول لهذه الورطة غير محسوبة النتائج.

الحرس الثوري يرسم خريطة نفوذه بسوريا

كما توضح معلومات متواترة أنّه قد وصل إلى حمص عناصر وأفراد من قادة الحرس الثوري الإيراني، منهم مناع الحسين، وكرار حسن علي، وثلاثة آخرون، بينما تمّ الاستيلاء على ثلاثة مرافق ومدرسة في السخنة، شرق حمص، بهدف إنشاء مربع أمني، وفق خليفة.

ويردف: "وصلت تعزيزات حزب الله إلى بلدة القريتين، الواقعة على تخوم البادية السورية، كما برزت مع العناصر المدعومة من إيران أسلحة محمولة على الكتف، بالإضافة للاستيلاء على المدرسة الإعدادية في القريتين، كمقر أمني وعسكري لهم".

الحرس الثوري الإيراني يقوم برسم خريطة نفوذه بسوريا

وعزز حزب الله اللبناني تواجده في بلدة خان طومان في ريف حلب الجنوبي، كما وصل القيادي العراقي، عبد السيد الموسوي، إلى جبل عزان، جنوب حلب، بحسب المحلل السياسي السوري، مما يؤكّد أنّ إيران هدفها السيطرة على الطريق الواصل بين الحدود العراقية – السورية، الذي يمدّ النظام السوري وحزب الله بالسلاح.

في الأثناء، نشهد تأزماً للموقف الميداني بين النظام في دمشق وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" في محافظة الحسكة وحي الأشرفية والشيخ مقصود، ذات الغالبية الكردية في حلب، وفق خليفة. ويتابع: "في اعتقادي: جميع اللاعبين الإقليميين في سوريا يحاولون الاستفادة من صراع الكبار في أوكرانيا بين الروس والغرب، ليجدوا لأنفسهم موطئ قدم على الخارطة السورية، بشرط ألّا تكون مكلفة لهم، لأنّ اقتصاديات دول المنطقة تترنح، باستثناء دول الخليج العربي".

الموقف الإسرائيلي

ويعقّب خليفة على الموقف الإسرائيلي؛ بأنّ "تل أبيب تجد أنّ أيّ تحرك إيراني بالقرب من حدودها الشمالية غير مناسب بالنسبة لها، وستردّ عليه، خاصة بعد المعلومات التي تتحدث عن جلب إيران لطائرات مسيّرة من نوع مهاجر 2، والتي يصل ارتفاعها حتى 7 كلم، كما تبلغ مدة بقائها في الجوّ لمدة 24 ساعة، وهو ما يقلق إسرائيل بالطبع".

أما فيما يخصّ الموقف الروسي؛ فمن المتوقع أن يكون لهم دور في نزع فتيل الأزمة بين النظام وقسد، وغضّ الطرف عن إعادة التموضع الإيراني في مناطق حيوية وإستراتيجية بسوريا، لكنّهم، في الوقت ذاته، سيحفّزون إسرائيل على مواصلة استهدافها للميليشيات العراقية والإيرانية وحزب الله في الأسابيع القادمة، بحسب المصدر ذاته، إلا أنّ إسرائيل لديها مشكلات أمنية داخلية، خاصّة في شهر رمضان، الذي لطالما كان موعداً للتحركات الشبابية في القدس ضدّ الممارسات الإسرائيلية وقسوتها تجاههم؛ إذ إنّ لكل دولة أولوياتها، ويبقى السؤال: أين دور السوريين في كلّ ما يحصل؟ هذا السؤال الذي يجب أن يوجه لكلّ القوى السورية التي أصبحت مرتهنة للخارج".

المحلل السياسي السوري، درويش خليفة لـ "حفريات": إيران تتمدّد في شرق البلاد بمحيط مدينة الرقة، بينما أعادت، مؤخراً، تموضعها الميداني والعسكري مستغلة انشغال الروس في معركتهم بأوكرانيا

وفي سياق متصل، يوضح المحلل السياسي السوري والمحامي، عيسى إبراهيم، أنّ التنافس الروسي الايراني أشبه بـ "التنافس المنظم"، كما لم يتحوّل إلى صراع محتدم خلال الفترة الأولى لتواجد قوات الدولتين، ومن ثم، كان "الأسد الابن" يستخدم هذا التناقض والتباين بصورة براغماتية، الأمر الذي يجعله شخصاً مطلوباً من الطرفين.

ويردف إبراهيم في تصريح لـ "حفريات": "منذ فترة، وعند بدء مرحلة الضعف الحالية للنظام في دمشق، وتحكم الجانب الروسي بأغلب قرارات الدولة السورية، أصبح الأسد بين فكّي كماشة؛ حيث يجري الضغط عليه للتنازل عن ثروات أو مرافق عامة سورية، لهذا الطرف أو ذاك. وكانت الغلبة النسبية للجانب الروسي في هذا التنافس على حساب الإيرانيين. والآن وبسبب الحرب الروسية في أوكرانيا وتواتر أخبار عن انسحاب فصائل موالية لروسيا من بعض المواقع الحيوية، أزعم أنّها ستكون بمثابة فرصة لبدء التمدّد الإيراني، مرة أخرى، وصعود دورها على حساب النظام وروسيا".

تستغل إيران انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا لتعزيز نفوذها أكثر في سوريا

وفيما يتّصل بتنفيذ إسرائيل هجمات على سوريا بالتزامن مع تلك التحركات الإيرانية، يشير إبراهيم إلى أنّه لا يمكن النظر، بشكل جادّ، للضربات الإسرائيلية المفترضة على المواقع الإيرانية، لافتاً إلى أنّ "الدورَين، الإسرائيلي والإيراني، يبدو كلّ منهما متناغماً ولم يصل، ولا أظنّه يصل، في الوقت المنظور، لصراع واسع، خاصة أنّ كلّ منهما يستخدم سوريا باعتبارها قاعدة لتعزيز نفوذه وموقفه الإقليمي والدولي".

وبسؤاله عن الموقف الروسي المتوقع إزاء تحركات طهران، قال: "لا أظنّ من مصلحة روسيا، في هذا الوقت، خلق صراع مع الجانب الإيراني؛ فهي عندما كانت متفرغة لسوريا ودعم الأسد الابن، بقيت علاقتها مع الدور الإيراني كعلاقة تنافسية وليست صراعية، بالتالي، أتوقّع وجود ارتياح إيراني لانشغال روسيا في أوكرانيا، بما يسمح لطهران بابتزاز بشار الأسد، وذلك في ظلّ ضعف موقفه، ومن ثم، تقوم طهران بزيادة مساحات نفوذها، الاقتصادي والديني والثقافي، مع مراعاتها، في الوقت ذاته، المصالح والاتفاقيات الروسية التي تحصلت عليها من رئيس النظام في دمشق، تحديداً فيما يخصّ امتلاك ثروات ومرافق عامة سورية".

مواضيع ذات صلة:

الحرب في أوكرانيا: الدبابات تهزم المفاوضات

لماذا تنفرد "صابرين نيوز" بشدة إخلاصها للسردية الروسية؟

هل يتواجه السوريون على أرض أوكرانيا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية