الغنوشي يدعو الرئيس سعيد إلى تطبيق الديمقراطية ويستفرد بقيادة النهضة

الغنوشي يدعو الرئيس سعيد إلى تطبيق الديمقراطية ويستفرد بقيادة النهضة


25/08/2021

سلط قرار رئيس حركة النهضة إقالة المكتب التنفيذي للحركة الضوء على تناقض راشد الغنوشي الذي يدعو الرئيس التونسي قيس سعيد إلى تطبيق الديمقراطية التي لا يطبقها داخل حزبه، حيث مازال يناور من أجل الاستفراد بقيادة الحركة رغم الأزمة التي تمر بها منذ إعلان قيس سعيد عن إجراءات استثنائية في الخامس والعشرين من يوليو الماضي وأعلن الاثنين عن تمديدها إلى أجل غير مسمى ما قد يؤدي إلى تفكك الحركة.

 وقال بيان صادر عن النهضة الاثنين “تفاعلا مع ما استقر من توجه عام لإعادة هيكلة المكتب التنفيذي قرر رئيس الحركة إعفاء كل أعضاء المكتب التنفيذي وإعادة تشكيله بما يستجيب لمقتضيات المرحلة”.

وبحله المكتب التنفيذي بدا الغنوشي أبعد “قانونيًّا” وديمقراطيّا عن الشيء الذي يعترض عليه في قرارات الرئيس قيس سعيد وهو الاعتماد على المادة 80 من الدستور، إذ أن الدولة منظومة عمل تراعي المصالح العليا للشعب، في حين تقوم الحركات السياسية على التوافق وليس على القرارات الفوقية المشابهة لقرار الغنوشي.

وقال المحلل السياسي التونسي منذر ثابت لـ”العرب” “تكمن المفارقة في أن النهضة تشتغل في مؤسساتها الداخلية بأسلوب النظام الرئاسي وتتمسك على مستوى الوطن بالنظام البرلماني؛ إنها مفارقة كبرى”.

وواجه الغنوشي خلال الفترة الماضية انتقادات واسعة من قيادات بارزة في حزبه طالبته بالتخلي عن القيادة واتهمته بإدارة الأزمة السياسية في البلاد على نحو سيء بعد أن جمّد الرئيس قيس سعيد البرلمان وعزل الحكومة ضمن إجراءات استثنائية.

وتعليقا على القرار قال عضو المكتب التنفيذي المعفى محسن السوداني، لـ”العرب”، “قانونيّا نعم لدى الغنوشي الحق في ذلك؛ فالقانون الأساسي ينص على أن رئيس الحركة هو من يشكل المكتب التنفيذي وهو من يعفيه. المكتب التنفيذي لا يتم انتخابه إنما يتم تكوينه واقتراحه من طرف رئيس الحركة وعرضه على مجلس الشورى لنيل الثقة والتزكية”.

وأضاف السوداني “قبل الخامس والعشرين من يوليو طالبنا الغنوشي بإعادة تشكيل المكتب التنفيذي من جديد على القاعدة التالية: تقليص عدد الأعضاء حتى يكون سريع الانعقاد وأكثر نجاعة في اتخاذ المواقف. طالبناه بذلك عدة مرات، لكن ذلك لم يتم”.

وتابع “طالبناه بذلك أيضا بعد الخامس والعشرين من يوليو، وبما أننا نمر بظروف خاصة وحتى لا يحدث سوء فهم اقترحنا عليه حل المكتب التنفيذي بالتشاور، فقال: مبدئيا نعم (الاثنين صباحا)، لكنه أصدر القرار في الليل وفاجأنا بذلك ودون أن يعلم أحد”.

وفاقمت الخطوة -التي بدت في ظاهرها استجابة لأصوات من داخل الحركة تطالب باستبعاد الوجوه البارزة التي تم تحميلها مسؤولية الفشل السياسي- الغضب الداخلي على الغنوشي.

وقال زبير الشهودي عضو حركة النهضة المستقيل من مهامه وعضو مجموعة المئة المحتجة على مسار القيادة الحالية “في تقديري هذه خطوة إلى الوراء من رئيس الحركة، لكنها خطوة منقوصة لثلاثة أسباب؛ أولا: الغنوشي يواصل التحكم في دفة القيادة ما دام لم يستجب للأغلبية التي تطالب بتكليف واضح لقيادة جديدة تدير ملف الأزمة السياسية في حياد تام عن رئيس الحركة، وثانيا: قرار إعفاء أعضاء المكتب التنفيذي للحركة من مهامهم هو استباق لعمل خلية إدارة الأزمة المكلفة بالبحث في أسباب الأزمة السياسية وتقديم تقريرها”.

وكان الحزب أعلن في وقت سابق عن تكوين لجنة تتولى إدارة الأزمة السياسية، في أعقاب إعلان قيس سعيد عن إجراءاته. وتابع الشهودي “وثالثا: هذا القرار لا يكشف عن رغبة حقيقية في تقديم إصلاحات جذرية وعميقة تؤدي إلى تنحية القيادة القديمة وفق أسس واضحة وحاسمة”.

ويعتبر مراقبون أن قرار الغنوشي يبتغي إيصال رسائل إلى الداخل والخارج مفادها أنه مازال المتحكم الأول في النهضة رغم التصدعات التي تشهدها الحركة منذ فترة.

وأفاد الناشط السياسي عبدالعزيز القطي بأن “ما يحدث في النهضة الآن هو مناورة سياسية، وهو أمر لم يعد يهم الشارع التونسي، بل إن الغنوشي الآن يعيش على أوهام جديدة ويبعث برسائل تفيد بأنه المتحكم الأول في النهضة”.

وأضاف، في تصريح لـ”العرب”، “التململ في الحركة قديم وليس جديدا، ومرة أخرى يريد الغنوشي أن يبرهن على أنه المتحكم في الحركة وحوّلها إلى ملك خاص”. ويتوقع مراقبون تفكك حركة النهضة بعد قرار الرئيس سعيد تمديد الإجراءات التي أقرها، وهو ما يعني انتهاء البرلمان الذي ستنتهي معه مرحلة حكم النهضة.

وقال الأمين العام لحزب التيار الشعبي زهير حمدي لـ”العرب” إن “تمديد العمل بالحالة الاستثنائية يعتبر شبه إعلان عن نهاية البرلمان الحالي، الرئيس سعيد سيستكمل الحلول القانونية التي تخول له حل البرلمان في مرحلة لاحقة”.

وبدوره قال المحلل السياسي باسل الترجمان لـ”العرب” “لم يعد هناك مبرر للحديث أصلا عن البرلمان المجمد، فهو انتهى في الخامس والعشرين من يوليو، سقطت شرعية البرلمان ومشروعيته بممارساته التي كانت منافية لمصالح الشعب التونسي، وجل أعضائه يجب ملاحقتهم قضائيا وهذا ما يحدث الآن، التجربة الديمقراطية تم ترذيلها ما أدى إلى تدميرها لذلك لم يعد هناك أي مبرر للحديث عن البرلمان أو وجوده”.

ويقول منذر ثابت “النهضة محاصرة الآن لأنها فقدت موقع الأغلبية القوية، ومحاصرة مؤسساتيًّا باعتبار الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس الذي بنى خطواته على أخطاء النهضة والثغرات التي تركتها”.

وأضاف “الأكيد أن الاتجاه العام داخل الحركة سيكون محاسبةً وصراعًا وانقسامًا، لأن النهضة على الرغم من أنها تبدي وحدة ظاهرية إلا أنه يمكن القول إن التقييم سيقود بالضرورة إلى نشأة حزب جديد من أحشاء النهضة”. وتابع “قيادة الغنوشي تمثل مشكلة بالنسبة إلى النهضاويين اليوم: التعايش بين التيار المعارض والتيار المحافظ أصبح غير ممكن”.

ولفت إلى أن “قرار الغنوشي إقالة المكتب التنفيذي هو إعادة هيكلة بالنسبة إلى القيادة لتجنب الانشقاق وانقلاب من داخل القيادة وتغيير وجوه الواجهة أي قياديّي النهضة الذين تم تحميلهم مسؤولية العشرية الأخيرة؛ أعتقد أن الغنوشي سيسعى لإزاحتهم، كما أنه يريد وضع يده على التنظيم وإحكام القبضة عليه”.

غن "العرب" اللندنية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية