العدالة والتنمية والاستخفاف بالقانون الدولي

العدالة والتنمية والاستخفاف بالقانون الدولي


15/04/2021

تعمل حكومة حزب العدالة والتنمية المتحالفة مع حزب الحركة القومية اليميني المتشدّد على الاستهتار بالقانون والدولي والاستخفاف به، عبر الاستمرار في ممارساتها القمعية بحق معارضيها ومنتقديها، وتجاهل الدعوات الدولية للحدّ من هذه التجاوزات والبدء بإصلاحات حقيقية، بحسب ما يؤكّد معارضون أتراك.

وفي هذا السياق أشار الكاتب التركي طه أيكول في مقال منشور له اليوم الأربعاء في صحيفة قرار التركية، أنّ المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قضت بأن اعتقال أحمد ألتان يعد انتهاكًا لكل من "حرية التعبير" و "الحق في الحرية والأمن"، وأنّه إذا كانت تركيا تولي اعتباراً للقانون الدولي وتلتزم بتعهداتها وبقرارات المحكمة الملزمة فإنّ من الواجب أن تقوم بإخلاء سبيل ألتان فوراً.

وذكر الكاتب أيكول أنّه نظرًا لأن ملف ألتان موجود في المحكمة العليا، يقدم محاموه طلبًا إلى المحكمة العليا لطلب الإفراج. وأضاف أنّه في قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ينص على أنه لا يوجد دليل يعكس "أسباب معقولة للشك" على المستوى الذي قد يتطلب اعتقال ألتان. علاوة على ذلك، يشير إلى أن إدانة "مساعدة منظمة إرهابية عن عمد" ضد ألتان لا أساس لها من الناحية القانونية.

وشدّد الكاتب أنّه بمعزل عن أفكار ألتان وقضيته التي تعدّ مهمّة جدّاً، فإنّ الأمر يتعلق بـالقانون الدولي، وبفهم ورؤية القانون وممارسته، وكيف أنّ ذلك يعتبر "سابقة" مهمة جدا تستحق التوقف والمناقشة، وتؤكّد على الاستهتار بالتعهّدات الدولية، وعدم إيلاء أي اعتبار لصورة البلاد في نظر العالم..

وأحمد ألتان معتقل منذ أربع سنوات وسبعة أشهر، وحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد لمحاولة الانقلاب، وعند إلغاء قرار المحكمة العليا، أُدين بمساعدة حركة غولن عمدًا، وتمّ اعتقاله مجدّداً. ولفت الكاتب أيكول أنّه ومع ذلك، في تركيا، يتمتع القضاء "بنشاط الاعتقال" لدرجة أنه تم اعتقال ألتان مرة أخرى بناءً على اعتراض المدعي العام في 13 نوفمبر 2019.

وبعد عام ونصف، قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أمس بأن "حتى اعتقاله الأولي مخالف للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان"، وقال أيكول إنّه تم تمرير الملف من قبل المحكمة الدستورية التركية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وأضاف إنّه في المحكمة الدستورية، ظهر الفرق بين قانوننا والقانون العالمي. في الجمعية العامة المكونة من 16 عضوًا، قرر 11 عضوًا أن اعتقال ألتان "لا يمثل انتهاكًا للحقوق" ورفضوا طلبه.

ومع ذلك، كتب الأعضاء الخمسة الذين بقوا في الأقلية "معارضة" بما يتماشى مع القانون العالمي، مشيرين إلى أن الاحتجاز يعد انتهاكًا للحقوق. وأشار هؤلاء الأعضاء الخمسة، بمن فيهم الرئيس زهتو أرسلان، إلى أنه لا يوجد دليل في الملف على أن ألتان كان يعرفه ويدعم الانقلاب ويساعد المنظمة الإرهابية عن عمد. (قرار بتاريخ 26 يونيو 2019 ورقم 2016/23668).

قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذي أعلنته أمس هو بالضبط مثل هذا الفهم العالمي للقانون. ومع ذلك، فإن القضاء التركي، في تفسير الأدلة على أنها متحيزة، كتب لوائح اتهام تقول "لقد أعطوا رسالة مموهة للانقلاب"؛ ما الذي يعنيه ذلك؟!

واستنكر الكاتب ممارسات القضاء التركي الذي يبدو سلاحاً بيد حكومة أردوغان بالقول إنّ الدستور واحد، والقوانين واحدة، والمواثيق الدولية واحدة، والأدلة في الملف واحدة... لكن من وجهة نظر واحدة، هي جريمة، كما أنها جريمة خطيرة للغاية.. وبحسب وجهة نظر أخرى، ما هو موجود في الملف ليس دليلاً جنائياً، والاحتجاز غير عادل. هذا الاختلاف هو ما أسميه الفرق بين القانون في الممارسة والقانون العالمي.

وأردف أنّه مع تعيين أعضاء في المحكمة الدستورية، يتزايد الاختلاف عن سوابق المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ويحدث هذا التمايز ليس فقط في الطلبات الفردية ولكن أيضًا في قرارات المحكمة الدستورية بشأن القوانين المتعلقة بالاجتماعات ومسيرات التظاهر.

ونوّه إلى أنّ من الواضح أن تصريحات الحكومة من وقت لآخر مثل "قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لا تلزمنا" أو "المحكمة الدستورية اغتصبت للسلطة" تتعارض مع القانون الدولي. إنه مخالف للمادة 90 من الدستور، ومبدأ الفصل بين السلطات. ومع ذلك، كانت الحكومة تقول بالضبط ما يلي في البرامج الحكومية منذ سنوات: "لتكييف قانون بلدنا مع مبادئ القانون العالمي، لجعل نظام الحقوق والحريات الأساسية يتماشى مع المعايير العالمية، لجعل بلدنا دولة قانون حقيقية..".

وبمرارة قال أيكول إنّ الإصلاحات كانت في هذا الاتجاه أيضاً، وأنّه بعد الفوز في انتخابات 2011، تراجعت الإشارة إلى "القانون العالمي" وأصبحت نادرة، لكن السلام والتنمية الاقتصادية في تركيا ومستقبل المعايير العالمية لسيادة القانون يعتمد على إعمال الحقوق والحريات العالمية.

واشار الكاتب كذلك إلى أنّ من استولى على السلطة، وضغط على الآخر في رقبته، يساهم في انهيار الأمة في نهاية المطاف، وهنا لن لن تقوم لنا قائمة.. وختم مقال بالتذكير بما كتبه شريف ماردين عام 1966 إنّ "أهم الخسائر الناجمة عن شد الحلق في معارضة مستمرة كانت إعاقة الإبداع الاجتماعي والاقتصادي لتركيا..".

وبأسى تساءل في النهاية: كم سنة علينا أن نستمر هكذا؟! وذلك في محاولة منه لاستنهاض الهمم ودفع المعارضة للقيام بواجباتها أكثر، ودفع الناس لمجابهة السلطة بالأساليب الديمقراطية، كما حصل في انتخابات البلديات في إسطنبول وأنقرة وعدّة مدن كبرى أخرى، حيث تمّت هزيمة الحزب الحاكم فيها عبر تكاتف المعارضة التي أثبتت أنّها يمكن أن تنافس حكومة أردوغان وتهزمها..

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية