عبدالإله مجيد
جاء في تقرير المؤسسة الأمريكية للأبحاث بعنوان "الحرية في العالم" أن 2018 كان العام الثالث عشر على التوالي لتردي الحريات في أنحاء العالم، مشيرًا إلى أن 68 بلدًا عانت من تضييق الحريات السياسية والمدنية خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، وأن 50 بلدًا فقط سجلت تقدمًا على هذا الصعيد.
خنق المعارضات
ورأى التقرير، الذي نُشر في صحيفة "إندبندنت" أن أنظمة حكم سلطوية متزايدة تمنع الآن تنظيمات المعارضة أو تسجن قادتها وتشدد الخناق على المتبقي في بلدانها من إعلام مستقل.
كما رصد باحثون وجود "أزمة ثقة" في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث تناهض قوى شعبوية يمينية متطرفة مبادئ ديمقراطية راسخة، مثل فصل السلطات وحرية الصحافة وحماية المهاجرين بقوة القانون. وأشار تقرير "بيت الحرية" إلى المجر وصربيا على سبيل المثال.
تضمن التقرير كذلك تقييمًا نقديًا شديدًا لحال الديمقراطية في الولايات المتحدة، لافتًا إلى تهجمات الرئيس دونالد ترامب على حكم القانون والصحافة وتضييق إدارته لحقوق طالبي اللجوء واتباع سياسات هجرة بالغة القسوة أو تعسفية.
تعزيز زعامات السلطويين
ونقلت صحيفة "إندبندنت" عن رئيس "بيت الحرية" مايكل إبراموفيتز قوله إن "للتحديات التي تواجه الديمقراطية في الولايات المتحدة تداعيات تتخطى الحدود الأمريكية، وأن دولًا أخرى تتابع ما يجري في الولايات المتحدة، وتتعلم من سلوك قادتها"، متوقعًا أن يؤدي "تردي الديمقراطية الأمريكية إلى التسريع في تراجع الديمقراطية في أنحاء العالم".
كما أعرب التقرير عن القلق من إعادة انتخاب زعماء سلطويين في عام 2018، مثل فلاديمير بوتين في روسيا ورجب طيب أردوغان في تركيا، وقرار مؤتمر الشعب الوطني في الصين إلغاء سقف الدورتين لتمكين شي جنبينغ من البقاء على رأس السلطة أجلًا غير مسمى.
وجد التقرير أن 24 دولة في أنحاء العالم استهدفت في العام الماضي معارضين سياسيين في الخارج بممارسات، مثل طلب تسليمهم إليها أو خطفهم أو اغتيالهم.
تطهير عرقي
لاحظ التقرير أن التطهير العرقي اتجاه متصاعد آخر مع تزايد الأنظمة التي تقوم بمحاولات منسقة لتغيير التركيب السكاني لأقاليمها واستهداف حرية التعبير بأدوات جديدة في الرقابة على الانترنت ومراقبة المواطنين.
وخلص الباحثون في "بيت الحرية" إلى أن الأزمة الحالية ليست وليدة البارحة، بل إن الديمقراطية الليبرالية تتراجع منذ ما يربو على عشر سنوات. ومنذ عام 2006 شهد 116 بلدًا تراجع الحريات الديمقراطية مقابل 63 بلدًا فقط سجلت تقدمًا في هذا المجال.
قالت سارة ريبوتشي المديرة في مؤسسة "بيت الحرية" إنه "إذا استمر ميزان القوى يميل لمصلحة الدكتاتورية فإن المجتمعات الحرة المتبقية يمكن أن تجد نفسها معزولة في عالم أخطر وأكثر فوضى".
الخوف من التنوع
ويرى عدد متزايد من علماء السياسة أن هناك تفكيرًا بين الناخبين يذهب أبعد من أفكار اليسار واليمين التقليدية، وهو اتجاه عابر للطبقات والتعليم والدخل والتدين، بل وعابر، حتى لثقافات سياسية مختلفة، وأن فهم مفهوم السلطوية والتفكير السلطوي لدى كثير من الناخبين يفسّر الأزمة الحالية التي تمر بها الديمقراطية الليبرالية.
أكاديميون غربيون يرون أن لدى شريحة واسعة من الناخبين خوفًا من التنوع والتعقيد ورغبة قوية في النظام والوحدة في مجتمعاتهم.
عن "إيلاف"