الخناق يضيق.. جماعة الإخوان في مرمى الحصار الأوروبي

الخناق يضيق.. جماعة الإخوان في مرمى الحصار الأوروبي

الخناق يضيق.. جماعة الإخوان في مرمى الحصار الأوروبي


05/12/2024

 لئن ساعدت أحداث "الربيع العربي" جماعة الإخوان، في الوصول إلى سدة الحكم في عدد من الدول العربية، لكن سرعان ما انكشفت غاياتها، فاستنزفتها تجارب الحكم هذه وأدخلتها دوامة من الخلافات التي أضعفتها وفككتها، حتى عاودت اللجوء إلى دول أوروبا لإعادة تنظيم صفوفها من جديد.

وحتى الدول الأوروبية استشعرت خطر تنظيم الإخوان على أمنها القومي، وباتت تضغط على الجماعة عبر استمرار القيود والضوابط على نشاطه وتجفيف مصادر تمويله، التي بدأت قبل سنوات من النمسا ثم فرنسا وعدد من الدول الأخرى على غرار بريطانيا وألمانيا.

هذا وباتت بعض هذه الدول الأوروبية الأخرى، تنظر للإخوان المسلمين على أنها كتلة غير متجانسة، ولكي يتم تصنيفها على أنها تنظيم متطرف أو إرهابي لابد وأن يكون كتلة متجانسة، حيث باتت تتحرك تارة لإعادة تعريف التنظيم الإرهابي، وتارة لمراقبة عملها، وأخرى لوضع مصادر تمويلها تحت المجهر.

النمسا تعمل على حظرهم

هذا وكثر الحديث، مؤخرا، حول حظر الإسلام السياسي في النمسا، بالتزامن مع مفاوضات تشكيل ائتلاف حاكم جديد في البلاد، إذ طرحت مؤسسة ”يونيك ريسيرش“ لقياس اتجاهات الرأي العام، مسألة حظر الإسلام السياسي على 800 شخص تتجاوز أعمارهم 16 عاما ويتمتعون بحق التصويت، في أيلول / سبتمبر الماضي.

وأيدت أغلبية واضحة بنسبة 67% إصدار قانون يحظر الإسلام السياسي، على غرار قانون حظر النازية في النمسا، وفق الاستطلاع.

الدول الأوروبية استشعرت خطر تنظيم الإخوان على أمنها القومي وباتت تضغط على الجماعة عبر استمرار القيود والضوابط على نشاطه وتجفيف مصادر تمويله

وفي أواخر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، نقلت مجلة "بروفيل" النمساوية الرصينة عن مصادر لم تسمها، إن حزب الشعب الذي يعمل على تشكيل حكومة جديدة حاليا، يطرح قانون حظر ”الإسلام السياسي“، وفي القلب منه جماعة الإخوان، على غرار قانون الحظر النازي، في مفاوضات تشكيل الائتلاف الحاكم مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب نيوس (ليبرالي)، الجارية حاليا.

في السياق، قال عدنان أصلان الأستاذ في جامعة فيينا النمساوية، والمعروف بمواقفه القوية ضد التطرف الإسلاموي، إنه "لسوء الحظ، لم تنجح الجهود ضد جماعة الإخوان المسلمين بشكل كامل"، وأضاف أن " جماعة الإخوان تعمل باحترافية عالية وتحشد أفضل المحامين بمواردها المالية".

الأستاذ في جامعة فيينا النمساوية: عدنان أصلان

وتابع في تصريح لموقع "العين الإخبارية": "لم تفهم سلطاتنا حتى الآن بشكل كافٍ الخطر الذي تشكله هذه المنظمة.. لأنها تعمل بشكل سري للغاية وبكثير من الأكاذيب.. فهم يقدمون أنفسهم على أنهم ديمقراطيون عظماء رغم أنهم لا يفعلون شيئًا سوى تدمير الديمقراطية".

وحول جدل الحظر، قال أصلان، "يتحدث الناس عن الحظر، ولكن لديّ شكوك كبيرة فيما إذا كان بإمكاننا فعل ذلك حقًا، لأننا لا نستطيع تحديد الإسلام السياسي بشكل قانوني"، مشيرا إلى أن منظمات الإسلام السياسي لديها نفوذ سياسي كبير وإمكانيات مالية كبيرة لن تجعل الحظر سهلاً".

قبل أن يستدرك "ولكن مع قوة الأحزاب اليمينية، سنتحدث بشكل مكثف عن الحظر في السنوات القادمة".

ومنذ عام 2019، تشن النمسا حملة قوية ضد الإسلام السياسي والإخوان، بدأت بحظر رموز الجماعة الأخيرة، وغيرها من الجماعات المتطرفة، ثم فتح تحقيقات قانونية تبعتها مداهمات شرطية ضد عناصر الإخوان، وإنشاء مركز لتوثيق أنشطة هذه التيارات

فرنسا تداهم معهدا إخوانيا بتهمة غسل الأموال 

وداهمت الشرطة، أمس الأربعاء، معهد لدراسات الشريعة في فرنسا في إطار تحقيق في شبهات إخفاء تمويل، كما ذكر مصدر قريب من الملف. وأكدت النيابة العامة في نيفير أن "عمليات مداهمة كبيرة للشرطة" بدأت صباح الأربعاء وانتهت ظهراً في معهد لدراسات الشريعة.

وحسب المصدر المطلع على الملف، فإن التحقيق انطلق بسبب شبهات تبييض الأموال وخيانة الأمانة ورفض الامتثال للالتزام بإعلان التمويل الأجنبي المنصوص عليه في قانون مكافحة "التوجه الانفصالي" الذي وضع في 2021.

وتأسس المعهد بمبادرة من اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا المنضوي الآن في صفوف جماعة الإخوان المسلمين.

وأقر مسؤول معهد دراسات الشريعة لعربي بشري في 2020 بأن المعهد تأسس في 1992 "من فكرة" مسلمي فرنسا" لكنه أكد أن "لا إخوان هنا".

والمعهد الذي يضم نحو 200 طالب هو الأول من نوعه في فرنسا، وتأسس في مورفان في المناطق الانتخابية للرئيس السابق فرنسوا ميتران، الذي أراد تعزيز تدريب رجال الدين المسلمين "على الطريقة الفرنسية".

وكانت الحكومة الفرنسية قد فتحت تحقيقا حول جماعة الإخوان المسلمين، على خلفية مخاوف متزايدة من تزايد النشاطات المعادية للسامية والضعف الملحوظ لمبادئ الجمهورية في المجتمع الفرنسي، وقد أشارت دراسة، في الغرض، إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تُمثل تهديداً خطيراً للقيم الأساسية للجمهورية الفرنسية، بما في ذلك العلمانية والتماسك الاجتماعي.

وتُؤكد الدراسة دراسة التي أعدتها عضوة مجلس الشيوخ الفرنسي السيناتور نتالي جوليه أن الحكومة الفرنسية تُولِي أهمية كبيرة للتحقيق، وأنها تُكلف خبراء ذوي خبرة في هذا المجال لإجرائه.

وتكشف الدراسة عن شبكات جماعة الإخوان المسلمين المالية وتفكيكها، وضمان التعاون مع الشركاء الأوروبيين، والمراقبة الدقيقة لنشاطات جمع التبرعات، وتُشدد على ضرورة التوعية بمخاطر جماعة الإخوان المسلمين، وتُشير إلى أن شبكات الجماعة تمثل تهديداً لفرنسا وأوروبا.

الإخوان تتلقى ضربات قوية دوليا

إلى ذلك، رصد كتاب "مؤشر قوة الإخوان على المستوى الدولي 2022- 2023"، ضربات شديدة تلقتها جماعة الإخوان الإرهابية، وأضعفتها كثيرًا وأفقدتها حاضنتها الشعبية وتأثيرها في المجتمعات العربية.

 كتاب "مؤشر قوة الإخوان على المستوى الدولي 2022- 2023"

وتضمَّن الكتاب، بحسب موقع "التنوير" أن هذا الأمر أدى إلى التأثير السلبي في مجموع القوة الشاملة للإخوان، لتصبح فقط %64 بعد أن كانت قد وصلت إلى أقصى درجاتها أثناء ثورات بعض الدول خلال 2011، وأن درجة قوّتها تقع في بداية شريحة القوة، التي تتراوح من %61 إلى %80 وهي بحصولها على %64 أقرب إلى أن تكون متوسطة القوة من كونها قوية جدًا.

الكتاب أشار إلى أن الجماعة استمرّت في تلقّي المزيد من الضربات الشديدة التي أضعفتها كثيرًا، والتي تمثلت في ضعف تأثير الآلة الإعلامية والتجييشية لجماعة الإخوان أكثر من أي وقت مضى؛ بسبب عدم المهنية وعدم المصداقية والتهويل، وفشلهم في محاولة عودتهم إعلاميًا بإنشاء قنوات جديدة كقناة "الشعوب".

الجماعة استمرّت في تلقّي المزيد من الضربات الشديدة التي أضعفتها كثيرًا والتي تمثلت في ضعف تأثير الآلة الإعلامية والتجييشية لجماعة الإخوان أكثر من أي وقت مضى

هذا ولفت الكتاب إلى المزيد من الحصار والإجراءات المقوّضة للجماعة على المستوى الدولي؛ مثل قيام المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا يوم الأحد 18 أيلول / سبتمبر 2022، بطرد كلّ الواجهات الإخوانية من عضوية المجلس، وفي مقدمتهم المركز الإسلامي في ميونخ، واتحاد الطلبة التابع للإخوان.

وأشار إلى تجريد الرجل الأول للتنظيم الدولي للجماعة في ألمانيا "إبراهيم الزيات" المعروف بوزير مالية الإخوان من جميع مناصبه داخل الاتحاد.

وتطرق إلى استثمار النمسا هذا العام أكثر من أي وقت مضى، من خلال مركزها الخاص بتوثيق الجماعات المتطرفة، في نقد وتفكيك خطابها.

ضربة لندن

وفي آذار / مارس الماضي، وضعت لندن، التي يعتبرها الإخوان حاضنة رئيسية لهم، الجماعة على رأس قائمة التطرف، وفق مقاييس التعريف الحكومي الجديد للتطرّف، إذ ينصّ التعريف الجديد على أن التطرف "هو ترويج أو تعزيز أيديولوجية تقوم على العنف أو الكراهية أو التعصّب، تهدف إلى تدمير الحقوق والحريات الأساسية، أو تقويض أو استبدال الديمقراطية البرلمانية الليبرالية في بريطانيا، أو خلق بيئة للآخرين عن عمد لتحقيق تلك النتائج".

وهو تعريف متماشي مع تصريحات رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، السابقة بأن المتطرفين الإسلاميين واليمينيون المتطرفون يقوضون عمدا الديمقراطية في بريطانيا.

ويرى مراقبون أن إعادة التعريف البريطاني لن يدفع لوقف نشاط تلك المنظمات في الداخل البريطاني، بل سيتوقف تقديم الدعم المالي الحكومي لها، مع استمرار نشاطها وحقها في التظاهر حتى وأن ثبت تقيميها على أنها متطرفة وفقًا للتعريف الجديد، كما قد يساهم ذلك في تقليل أن تحظي أنشطتها ومظاهراتها بالدعم الشعبي.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية