التهديد التركي يدفع "قسد" ونظام الأسد إلى "التوافق"... هل يتصديان لأنقرة؟

التهديد التركي يدفع "قسد" ونظام الأسد إلى "التوافق"... هل يتصديان لأنقرة؟


07/07/2022

في حين يشمّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن ساعديه ويحشد قواته وميليشياته استعداداً للعملية العسكرية التي أعلن عنها مطلع حزيران (يونيو) الماضي، توصلت قوات سوريا الديمقراطية المعروفة اختصاراً بـ"قسد" والنظام السوري برئاسة بشار الأسد إلى "توافق" وُصف بـ"المهم" و"اللافت" في شكله وتوقيته ورسالته، لردع المحتل التركي.

وقال آرام حنّا، المتحدث باسم "قسد"، في تصريحات لصحيفة "النهار" العربي: إنّ "ما تم التوصّل إليه بين الطرفين هو توافق، وليس اتفاقاً، ومضمونه عسكري بحت، ينصّ أساساً على التوصّل إلى آلية ردع لتقدّم المحتل التركي على طول الأراضي السورية في الشمال، سواء على خط التماس أم على الشريط الحدودي، على أسس وطنية قائمة على هويتنا السورية الجامعة".

توصلت "قسد" والنظام السوري إلى "توافق" وُصف بـ"المهم" و"اللافت" في شكله وتوقيته ورسالته، لردع المحتل التركي

ورأى حنا أنّ "الاتفاق (مع دمشق) على الصعيد العسكري اليوم سوف يدعم الناحية السياسية، التي تتضمن العديد من الخلافات والمفارقات بين الطرفين، وسوف يدعم الوصول إلى توافق شامل يدعم وحدة البلاد وسلامتها والحفاظ على التراب السوري كاملاً، وتحرير كل المناطق المحتلة في الشمال السوري، في ظل حل سياسي شامل يدعم الاعتراف بالإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية في الدستور السوري".

وكشف حنّا أن "الحكومة السورية نشرت قوّات جديدة على الامتداد الغربي لمناطقنا، وخاصة في المنطقة التي تتعرّض للتهديد، وقد تم تعزيز مواقع قوات دمشق على المحور من عين عيسى وصولاً إلى كوباني، بما يضمن تعزيز موقف قوّاتنا الدفاعي عبر دخول السلاح النوعي، سواء المدفعية أم الدبابات، التي ستدعم جهود مقاتلي المجالس المحلية التابعة لقواتنا المنتشرة في تلك المناطق".

وفي أواخر عام 2019، أفضى اتّفاق متأخر بين الحكومة السورية و"الإدارة الذاتية" إلى انتشار الجيش السوري في نقاط ومناطق واقعة تحت سيطرة "قسد"، غداة تنفيذ أنقرة عملية "نبع السلام" التي أدّت إلى سيطرة الأخيرة على مساحات جديدة في ريفي الرقة والحسكة في الشمال السوري، وإدارتها من خلال ذراعها العسكري السوري المسمّى بـ"الجيش الوطني".

ووفق حنّا، فإنّ هذا "الانتشار كان واقعياً، لكنّه لم يكن مجدياً، إذ لطالما تعرّضت نقاط الجيش السوري لاستهدافات مدفعية وجوّية تركية مباشرة".

متحدث "قسد": ما تم التوصّل إليه بين الطرفين هو توافق ينصّ أساساً على التوصّل إلى آلية ردع المحتل التركي

وقد احتلت تركيا مدينة عفرين السورية في عملية أطلقت عليها "غصن الزيتون" في الأشهر الـ3 الأولى من عام 2018، وأسفرت عن مقتل مئات المدنيين، ونزوح ما يقرب من (300) ألف، تقريباً كل السكان الأكراد في عفرين. ومنذ ذلك الحين، وسّعت تركيا دائرة احتلالها للمدن السورية، فقد اغتصبت، بمساعدة أذرعها الميليشياوية، شريطاً ممتداً من مدينة إعزاز في شمال حلب، وصولاً إلى بلدة تل تمر شمال غربي الحسكة، بعمق يصل في بعض المناطق إلى (30) كيلومتراً، وكذلك الحال بالنسبة إلى مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، وتقطع بلدة عين العرب (كوباني) الواقعة تحت سيطرة "قسد" الفعلية بالتوازي مع وجود عسكري لدمشق، الممر التركي المذكور في منتصفه.

 الأرض المحروقة

على الرغم من إبدائه عدم الاستعجال في بدء العملية العسكرية، سرّع أردوغان من وتيرة التحضير لها عسكرياً ودبلوماسياً، فقد بدا وكأنّه حصل على ضوء أخضر خلال قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" الأخيرة في مدريد، واستمر جيش الاحتلال التركي في تنفيذ سياسة الأرض المحروقة ضد بلدات ريف حلب الشمالي الأوسط الذي يفصل عفرين وإعزاز المحتلتين عن تل رفعت، بغية إرغام السكان على النزوح لاحتلال المنطقة الحيوية التي تتواجد فيها قاعدتان للقوات الروسية، وينتشر فيها الجيش العربي السوري على خطوط التماس.

وفيما تتركّز عمليتا "درع الفرات" و"غصن الزيتون" التركيتان في ريف حلب الواقع ضمن مناطق النفوذ الروسي، فإنّ إقدام أنقرة على عمليتها الثالثة "نبع السلام" في منطقة نفوذ واشنطن، التي تعلن دائماً عن تحالفها الوثيق مع "قسد" لمحاربة "داعش"، أدّى إلى زعزعة ثقة الإدارة الذاتية بحليفها الأمريكي، ممّا يمكن اعتباره أحد الأسباب المسهّلة للتوافق المذكور، على حدّ قول "النهار".

وواصلت أنقرة والميليشيات التابعة لها خروقها لاتفاقات وقف التصعيد، على الرغم من توقيعها على اتفاقات وقف إطلاق النار في سوتشي وأستانا وموسكو، لا عن نفسها فقط، بل بوصفها ضامناً لالتزام الميليشيات التابعة لها في شمال سوريا، والأخرى المنسّقة معها عبر نقاط المراقبة في إدلب بوقف إطلاق النار أيضاً.

كما أنّ وقف إطلاق النار ليس التعهّد الوحيد الذي لم يتم الالتزام به من جانب أنقرة، فقد نصت الاتفاقيات المذكورة على فتح أوتوستراد حلب - اللاذقية (M4) الدولي، وعلى فرز أنقرة المجموعات المسلّحة بين "معارضة معتدلة - ومعارضة متطرفة"، تمهيداً للتخلّص من الأخيرة، وهما التزامان لم يفِ بهما الجانب التركي حتى الآن.

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية