التمييز الإسرائيلي ضدّ عرب أمريكا عند زيارة فلسطين المحتلة

التمييز الإسرائيلي ضدّ عرب أمريكا عند زيارة فلسطين المحتلة


05/07/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

مايا برّي، المديرة التنفيذيّة لـ "المعهد العربي الأمريكي"، كانت في الشرق الأوسط، في وقت سابق من هذا الشهر، مع ولديها. اصطحبتهما إلى موطن أجدادها، في لبنان، أثناء وجودها في المنطقة لحضور اجتماعات عمل، ولأنّها كانت تقضي يوم إجازة في الأردن، خطّطت لزيارة مدّتها 24 ساعة إلى الضفّة الغربية والقدس، حيث كانت تأمل الصّلاة في الأقصى، والذّهاب إلى المسجد الإبراهيمي في الخليل، ثمّ قضاء الليلة في بيت لحم.

كان ينبغي أن تكون رحلة سريعة ومثمرة، لكنّها تحوّلت إلى كابوس، كابوس شائع بشكل مأساويّ بالنّسبة إلى العرب الأمريكيّين الذين يزورون الأراضي المقدسة.

 أُخضعت مايا وولداها الجامعيّان للاستجواب لمدة ساعات على يد مسؤولي مراقبة الحدود الإسرائيليّين، عند معبر جسر اللنبي (جسر الملك حسين)، الذي يربط الأردن بالضفة الغربية.

أسئلة عدوانية

طُرِحَت عليهم أسئلة عدوانيّة حول أصولهم اللبنانية، حتّى إنّ أحد المسؤولين الإسرائيليّين صحّح نطق مايا لاسمها، كلّ ذلك أثناء توبيخها لردّها باللغة الإنجليزيّة على الحارس، الذي أصرّ على التحدّث معها باللغة العربيّة.

فُصِلت عن أحد ولديها، الذي استُجوب عن اسمه الأوسط، وإثنيته، وإيمانه، وتفحّص المسؤول الإسرائيليّ هاتفه ونظر إلى صوره.

الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل

تمكّنوا، أخيراً، من الدّخول والمضيّ قدماً إلى القدس، حيث ستحقّق مايا وولداها حلمهم بالصّلاة في الأقصى، ثمّ انطلقوا إلى الخليل، حيث استمرّ الكابوس، هناك أمضوا ثلاث ساعات أخرى في التّعامل مع الإهانات نفسها، عند نقطة تفتيش بالقرب من مسجد إبراهيم.

إجمالاً، قضوا ثُلث زيارتهم في التّعرّض لمعاملة مهينة؛ في الخليل، بالقرب من المسجد، حيث قتلَ مستوطنٌ يهوديّ متطرّف 29 فلسطينيّاً وجرح أكثر من مئة كانوا يصلّون، في شهر رمضان عام 1994، تعرّضوا للمضايقة على يد مستوطنين مسلّحين وحجّاج يهود أجانب هدّدوهم وتحرّشوا بهم، بينما لم تفعل الدّوريات الإسرائيليّة المسلّحة الموجودة في كلّ مكان حولهم الكثير لحمايتهم، كانت التّجربة صادمة ومثيرة للغضب، كنت هناك وأُجبرت على مواجهة المعاملة البائسة نفسها.

من 40 عاماً، من التّعاطي مع المعاملة التّمييزيّة ضدّ العرب الأمريكيّين المسافرين إلى فلسطين، من الواضح أنّ الالتزامات الموجودة على جوازات سفرنا في المعاهدة "تنتَهك أكثر ممّا تُحترم"

عندما كنتُ أدير مشروعاً أطلقه نائب الرّئيس الأمريكيّ الأسبق، آل جور، في التّسعينيّات، كان الدّخول والخروج دائماً تجربة مخيفة تحبس الأنفاس، وفي إحدى الزّيارات، التي كنت سأرافق فيها السيد آل جور إلى عشاء في الكنيست، أخّرني مسؤولو الحدود لأكثر من خمس ساعات في المطار، أخضعوني للاستجواب مراراً وتكراراً حول والديَّ، وأصولي، وهدفي من تواجدي في البلد، ولم يُطلق سراحي إلّا بعد أن تمكّنتُ من الاتّصال بالسّفارة الأمريكيّة، ثمّ سُمح لي بالانضمام إلى نائب الرّئيس على العشاء.

الغضب الذي شعرتُ به

أثناء سرد الأحداث، أخبرته أنّه بينما كنت هناك للمساعدة في دفع عمليّة السّلام، فإنّ الغضب الذي شعرت به، بعد التعرّض لهذه المعاملة، جعل هذا العمل أكثر صعوبة على المستوى الشخصيّ. على مرّ الأعوام، قدّمنا أنا ومايا مئات الشّكاوى المماثلة من عرب أمريكيّين، خاصّة من أمريكيّين فلسطينيّين، قدّموا لنا شهادات عن الطّريقة التي عُوملوا بها عند محاولتهم دخول إسرائيل/ فلسطين. تعرّضوا للمضايقة والاستجواب لساعات، واحتُجز بعضهم ليوم، ومُنعوا من الدّخول، ورُحّلوا.

قيل لأمريكيّين فلسطينيّين، حتّى أولئك الذين ولدوا في الولايات المتّحدة، إنّ إسرائيل لا تعترف بهم كأمريكيّين، اعتبروهم فلسطينيّين فقط، بالتّالي، كان عليهم مغادرة البلاد، وتأمين بطاقة هويّة فلسطينيّة، والدّخول عبر الأردن.

قيل لأمريكيّين فلسطينيّين، حتّى أولئك الذين ولدوا في الولايات المتّحدة، إنّ إسرائيل لا تعترف بهم كأمريكيّين، اعتبروهم فلسطينيّين فقط، بالتّالي، كان عليهم مغادرة البلاد، وتأمين بطاقة هويّة فلسطينيّة

نيابة عنهم، قدّمنا ​​شكوى إلى وزارة الخارجيّة الأمريكيّة، مطالبين حكومتنا بأن تصرّ على حماية حقوقنا كمواطنين أمريكيّين.

أثار وزراء خارجيّة سابقون (على الأخصّ مادلين أولبرايت وكوندوليزا رايس) هذه القضيّة بقوّة مع الإسرائيليّين، لكن من دون جدوى، أفضل ما تمكّنا من الحصول عليه هو "نصائح سفر" صادرة عن وزارة الخارجيّة تحذّر من أنّ المواطنين الأمريكيّين من أصل عربيّ، خاصّة أولئك المنحدرين من أصل فلسطينيّ، يمكنهم توقّع معاملتهم بشكل مختلف عن الزّائرين الأمريكيّين الآخرين؛ هذا الاعتراف بالمشكلة، دون القيام بأيّ شيء لتصحيحها، غالباً ما يزيد الطّين بلّة.

تشير الصّفحة الأولى من جواز السّفر الأمريكيّ إلى أنّ وزير الخارجيّة "يطلب، بموجب هذه الوثيقة، من كلّ من يهمه الأمر السّماح لمواطن الولايات المتّحدة المذكور هنا بالمرور من دون تأخير أو إعاقة، وتقديم سائر المساعدات القانونيّة والحماية له في حالة الحاجة إلى ذلك".

ضمان حقوق مواطني الدّولتين

وفي معاهدة 1951 بين الولايات المتّحدة وإسرائيل بشأن "الصداقة، والتّجارة، والملاحة"، يتّفق الطّرفان على ضمان حقوق مواطني الدّولتين عند الزّيارة، بما في ذلك الحقّ في "السّفر فيها بحرّية، والإقامة في الأماكن التي يختارونها، والتّمتّع بحريّة الضّمير، وألّا يتعرّضوا لتحرّش غير مشروع من أيّ نوع، والحماية والأمن الأكثر ثباتاً".

 انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان عديدة

من خلال تجربتنا، التي تمتدّ 40 عاماً، من التّعاطي مع المعاملة التّمييزيّة ضدّ العرب الأمريكيّين المسافرين إلى إسرائيل/ فلسطين، من الواضح أنّ الالتزامات الموجودة على جوازات سفرنا في المعاهدة "تنتَهك أكثر ممّا تُحترم".

هذه القضيّة رئيسة ومحوريّة، مرّة أخرى، لسببين: طلب إسرائيل قبولها في "برنامج الإعفاء من التّأشيرة الأمريكيّة"، ورحلة الرّئيس الأمريكيّ، جو بايدن، القادمة إلى إسرائيل؛ لأنّ القبول في "برنامج الإعفاء من التّأشيرة" يتطلّب المعاملة بالمثل؛ أي أنّ كلّ طرف يوافق على الاحترام الكامل، من دون تمييز، لحقوق مواطني الطّرف الآخر، ولأنّ إسرائيل لم تثبت قطّ أنّها مستعدّة للوفاء بهذا المطلب، فقد عقدنا عدّة اجتماعات مع الإدارة، في الأشهر الأخيرة، لحثّ المسؤولين على رفض طلب إسرائيل.

من المعاملة التي تلقتها مايا برّي وأطفالها قبل بضعة أسابيع، والمعاملة المهينة التي من المرجّح أن يتعرّض لها أمريكيّون عرب آخرون، خلال موسم السّفر الصّيفيّ، لا يبدو أنّ إسرائيل مستعدّة لاتّخاذ هذه الخطوة، ويجب على السّيد بايدن أن يوضح أنّ رفضها القيام بذلك سوف يحول بينها وبين "برنامج الإعفاء من التّأشيرة".

إنّ ذلك أقلّ ما يمكن فعله لمنح جاليتنا حماية أساسيّة متساوية من انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

جيمس زغبي، ذي ناشونال، 29 حزيران (يونيو) 2022

مواضيع ذات صلة:

مخطط إسرائيلي لتحويل مقبرة إسلامية في القدس إلى حديقة توراتية

إسرائيل تغيّر أسماء الشوارع في القدس: الباب والحرّاس والأجراس لي

مشروع إسرائيلي تهويدي لتدمير الاقتصاد في مدينة القدس



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية