الاحتجاجات تعود إلى الواجهة في لبنان.. من وراء انهيار العملة؟

الاحتجاجات تعود إلى الواجهة في لبنان.. من وراء انهيار العملة؟


03/03/2021

عادت الاحتجاجات في لبنان إلى الواجهة بعد أن لامس سعر صرف الليرة اللبنانية 10 آلاف ليرة مقابل الدولار.

واحتجاجاً على تردّي الأوضاع المعيشية وانهيار الليرة، قام المواطنون اللبنانيون بقطع عدد كبير من الطرقات في كافة المناطق، ومن بينها طريق المطار بالاتجاهين، وساحة الشهداء، وطريق عام رياق بعلبك، وطريق عام شتورة، وطريق الدورة باتجاه الشمال، وطريق البقاع في حاصبيا، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام.

عاد قطع الطرقات في لبنان إلى الواجهة بعد أن لامس سعر صرف الليرة اللبنانية 10 آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد

وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أنّ الاحتجاجات شملت بيروت وصيدا جنوباً، وطرابلس شمالاً، وبلدات بمنطقة البقاع شرقي البلاد.

وطالب المحتجون السلطات بوضع حد للانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد، ومحاسبة من وصفوهم بالمتسببين في هدر المال العام، وردّد المتظاهرون هتافات غاضبة من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، لا سيّما انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار إلى نحو 10 آلاف ليرة في السوق الموازية، مشيرين إلى أنّ رواتبهم انهارت قيمتها الشرائية، ولم يعد بإمكانهم الإيفاء بمتطلبات الحياة الأساسية، وأنهم بلغوا "مرحلة الجوع".

ولفت عدد كبير من المتظاهرين، نقلت عنهم وكالة "فرانس برس"، إلى أنّهم أصبحوا عاطلين عن العمل بعدما تمّ إغلاق العديد من المؤسسات التي كانوا يعملون بها، على وقع الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان، في حين قال آخرون إنهم غير قادرين على سداد التزاماتهم الشهرية الضرورية، نظراً لعدم قدرتهم على سحب أموالهم ومدخراتهم من البنوك، وارتفاع أسعار فاتورة المولدات الكهربائية الشهرية في ظل انقطاع الكهرباء معظم ساعات اليوم منذ فترة.

وفي السياق، أقفل المحتجون محال الصيرفة في مدينة صيدا (جنوب لبنان) بالقوة، معتبرين أنه "بسبب تلاعبهم بأسعار صرف الدولار وصلت الأوضاع إلى ما هي عليه".

وأفاد موقع "التحكم" المروري التابع لقوى الأمن الداخلي أنّ عدداً من الشبان قطعوا عدة طرق داخل العاصمة بيروت، يتركز معظمها على الطرقات المؤيدة إلى مطار رفيق الحريري الدولي.

ونزل محتجون أمس من مختلف المناطق إلى التقاطعات الرئيسية في المحافظات، وأشعلوا الدواليب، ودعوا المواطنين للنزول إلى الشارع، وقطعوا الطرق الرئيسية بسياراتهم أيضاً.

وأقفل المحتجون ساحة النور في طرابلس (شمال)، وطرقات رئيسية، بالإطارات المشتعلة احتجاجاً على الأوضاع المعيشية، وفق وكالة "رويترز".

اقرأ أيضاً: احتجاجات لبنان والعراق.. خطر الطائفية

وأغلق محتجون أيضاً تقاطع تعلبايا في البقاع (شرق) بالإطارات المشتعلة بالاتجاهين، احتجاجاً على تردّي الوضع المعيشي وارتفاع سعر صرف الدولار.

ووضع العديد من المحتجين كمامات وسط تصاعد في إصابات الفيروس، وقد أفادت وزارة الصحة أمس بظهور 3098 حالة إصابة جديدة، ووقوع 62 حالة وفاة برغم إغلاق استمرّ أسبوعاً.

وقامت قوات من الجيش اللبناني بإبعاد المتظاهرين عن عدد من الطرق، دون أن تُسجل حتى الآن أي احتكاكات أو مصادمات أو مواجهات، وتمكن ضباط وأفراد القوات المسلحة من فتح بعض تلك الطرق الرئيسية أمام حركة سير المركبات مجدداً. وقد استغلّ الجيش انسحاب تجمعات المحتجين في بعض المناطق إلى مناطق أخرى للانضمام إلى أعداد أكبر من المتظاهرين، وسارع إلى إزالة العوائق والإطارات المشتعلة وصناديق النفايات التي وضعها المحتجون في منتصف الطرق وبعض الجسور الرئيسية، لتمكين المركبات من التحرك مجدداً بصورة طبيعية. وبدا لافتاً أنّ وحدات الجيش التي انتشرت لإعادة فتح الطرق التي قطعها المحتجون، عمدت إلى عدم الاصطدام مع المتظاهرين الذين بدا الغضب الشديد واضحاً عليهم، واكتفت في بعض المناطق الحيوية بإقامة سياج بشري لمنع المتظاهرين من العبور إلى الشوارع وقطع الطرق، وفي مناطق أخرى التفاهم مع المحتجين وإبعادهم عن منتصف الطرق بصورة هادئة.

محتجّون يقطعون الطرق، ويردّدون هتافات غاضبة بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية

يُذكر أنّ أصابع الاتهام في الأزمة المالية في لبنان وُجّهت إلى حزب الله المسيطر فعلياً على قطاع الصيرفة في لبنان وعلى المصارف.

وسجّل سعر الصرف في السوق السوداء 10 آلاف ليرة مقابل الدولار للبيع، و9950 للشراء، وما يزال السعر الرسمي للدولار 1510 ليرات، والدولار المدعوم 3900 ليرة.

و"الدولار المدعوم" أموال منحها المصرف المركزي للصرافين والتجار، بسعر 3900 ليرة مقابل الدولار، بهدف استيراد السلع الضرورية، في ظل الارتفاع الكبير لسعر الصرف في السوق الموازية.

وتفرض المصارف اللبنانية قيوداً قاسية على السحوبات من الودائع، لا سيّما بالدولار، في ظل أزمة اقتصادية ومعيشية أدّت إلى تفجّر احتجاجات واسعة في تشرين الأول (أكتوبر) 2019.

وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، استدعت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، واستمعت إليه، إثر فتح تحقيقات قضائية بشأن "الهدر الحاصل في استعمال الدولار المدعوم".

وتصدّر هاشتاغ "لبنان_ليس_بخير" و"#الدولار" عبر موقع "تويتر"، وقد أعرب المغرّدون عن غضبهم وامتعاضهم من الأوضاع، معتبرين أنّ هناك من يتلاعب بالسوق لصالحه، ضارباً بالمصلحة العامّة عُرض الحائط.

ونشر عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو للاحتجاجات.

قوات من الجيش اللبناني تقوم بإبعاد المتظاهرين عن عدد من الطرق، دون أن تُسجل أي احتكاكات أو مصادمات

هذا، وغرّد النائب السابق الدكتور نبيل نقولا عبر حسابه على "تويتر": "لقد تقدّمت بإخبار إلى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان في قضية التلاعب بسعر الدولار، ومن هي الجهة التي تقوم بالتآمر على العملة الوطنية، فتبيّن من خلال التحقيقات التي قامت بها المديرية العامة لأمن الدولة أنّ هناك منصات تبث من داخل لبنان، وأخرى خارجية بين تركيا، والولايات المتحدة، وأوروبا".

وأضاف: "طلبت المدعية العامّة الرئيسة غادة عون إقفال هذه المنصات، وقد أقفل بعضها، والبعض الآخر الموجود في الخارج يرفض حتى هذه الساعة المدير العام لأوجيرو إقفالها، وهي الأساسية، والمتحكمة بالسوق السوداء".

اقرأ أيضاً: احتجاجات لبنان.. هل تخرجه من أزمته الاقتصادية؟

وختم: "الارتفاع الجنوني للدولار غير مبرّر اقتصادياً وعلمياً بسبب الركود الحالي، نريد معرفة من هم وراء هذه المحطات التي تساندها بعض محطات التواصل الاجتماعي، ووسائل إعلام بترويج أسعارها. على مدير أوجيرو إقفال هذه المنصات بأسرع وقت، وعلى القوى الأمنية والقضاء التحرك بسرعة من أجل توقيف ومعاقبة كلّ من تسوّل له نفسه للترويج".

وبسبب الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان منذ العام 2019، بات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر.

ويمرّ لبنان بأزمة سياسية واقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية