أثار قرار المصرف المركزي في العاصمة الليبية طرابلس بتثبيت سعر صرف الدولار لـ4.48 دينار، الكثير من التساؤلات حول إمكانيات تغطية الطلب على النقد الأجنبي، وجدوى هذا القرار، ولمصلحة من اتُخذ في ظلّ الأوضاع الراهنة؟
خبراء ومراقبون ليبيون: قرار تثبيت سعر صرف الدولار غير مدروس وقد سبّب إرباكاً في سوق العمل
خبراء ومراقبون ليبيون لم يخفوا امتعاضهم من هذا القرار، مؤكدين أنه سيكون من الصعب على المصرف المركزي في طرابلس، الذي يتحكم به الصديق الكبير وميليشيات موالية لتنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا، تغطية الطلب على النقد الأجنبي من الاحتياطيات في ظل الوضع السياسي الضبابي والانقسام المؤسساتي، لأنه يتوجب استمرار تدفق النفط وزيادة معدلاته الحالية، مع ثبات سعر البرميل كحد أدنى عند 50$، لضمان توفر النقد الأجنبي في السوق الليبية.
وأكد المراقبون، في تصريح صحفي لـ "حفريات"، أنّ قرار المركزي جاء مخيباً للآمال، ولم يتزامن مع إجراءات لحماية السوق، فقد عاد سعر صرف الدولار بالسوق الموازي إلى الارتفاع، ليصل إلى 5.8 بعد أن وصل إلى 5.3 قبل صدور القرار.
ودعا عدد من النشطاء الليبيين أمس إلى عصيان مدني شامل الأحد المقبل، احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية.
مراقبون: قرار المصرف المركزي جاء مخيباً للآمال ولم يتزامن مع إجراءات لحماية السوق
وطالب النشطاء، في بيان لهم نقله موقع "الساعة 24" الليبي، أن يستمر الحشد حتى يتمكنوا من إسقاط محافظ المصرف المركزي في طرابلس، الصديق الكبير، وتغيير مجلس الإدارة بالمصرف.
ودعا النشطاء أيضاً إلى استمرار العصيان حتى تتحقق مطالبهم، التي تتمثل في توحيد سعر الصرف عند 1.32 دينار ليبي وتوفير السيولة، وإلغاء قرار خصم 20% من المرتبات.
وأشار المتحدث باسم "حراك همّة طرابلس" أحمد أبو عرقوب إلى أنّ الدعوة جاءت رداً على فشل الحوار السياسي ووجود غضب شعبي من سعر الصرف الجديد.
نشطاء يدعون إلى عصيان مدني حتى إسقاط محافظ المصرف المركزي في طرابلس وتغيير مجلس الإدارة
وأضاف أبو عرقوب، في تصريحات نقلتها صحيفة العين الإخبارية، أنّ البنك المركزي رفع سعر الصرف 220% عمّا قبل، مشيراً إلى أنّ هذه الخطوة سوف تنعكس سلباً على المواطن الليبي.
وتابع: إنّ هذا الوضع سوف يزيد من الأعباء على الأسر الليبية والمهجّرين والنازحين لتدنّي المرتبات، مشيراً إلى أنه سوف يؤثر على ارتفاع أسعار المنتجات والسلع وخفض القيمة الشرائية للمواطن الليبي.
وفي السياق ذاته، قال عضو مجلس النواب الليبي صالح افحيمة: إنه ليس لديه ثقة في أنّ سعر الصرف الجديد للدينار الليبي سوف يلبي الطموحات.
وأضاف افحيمة في منشور عبر صفحته على موقع فيسبوك: إنّ البنك المركزي بات يمارس ما وصفها بسياسة الإعياء، مشيراً إلى أنّ المواطن سيتحمل دفع الفارق 3.08 دينار لسداد ما نهبته الحكومات، وما ذهب إلى تركيا من مليارات، بالإضافة إلى ما سرقه التجار والميليشيات.
اقرأ أيضاً: باحثة فرنسية: العملية التركية في ليبيا تموّلها قطر
هذا، وعلّق عدد كبير من الليبيين، على صفحاتهم عبر فيسبوك، برفض السعر الذي حدده البنك المركزي، وإن كانوا مع قرار توحيد السعر، وإنّ ذلك يضرهم اقتصادياً.
ليبيون يقارنون بين راتب المرتزق ورواتبهم التي لا تتخطى 100 دولار ويؤكدون أنه سيناريو لتجويع الشعب الليبي
وقارن الليبيون بين راتب المرتزق ورواتبهم التي لا تتخطى 100 دولار بالسعر الجديد، في حين أنّ المرتزق يتلقى 2000 دولار شهرياً، مؤكدين أنه سيناريو لتجويع الشعب الليبي من أجل أن تبقى حركة الإخوان تحكم ليبيا.
وكان المصرف المركزي قد قرّر في وقت سابق أمس تعديل قيمة الدينار الليبي مقابل وحدات حقوق السحب الخاصة لتصل إلى 0.1555 وحدة لكل دينار، أي ما يعادل 4.48 دينار للدولار ابتداء من الثالث من شهر كانون الثاني (يناير) المقبل.
اقرأ أيضاً: بلطجة أردوغان تفرم جهود الحل في ليبيا
وكان مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي قد اجتمع يوم أمس الأربعاء بكل أعضائه، وقد قرّر الاجتماع تعديل سعر صرف الدينار إلى 4:48 للدولار، وتوحيد سعر البيع والشراء للحكومة والشركات والأفراد، ورفع القيود وإتاحة شراء النقد الأجنبي للجميع (شركات-أشخاص-حوالات طلبة –علاج -اعتمادات) وغيرها، وفق البيان الذي نُشر على موقع المصرف المركزي طرابلس.
كما أكد الاجتماع على ضرورة مراقبة سعر الصرف الجديد شهرياً ودراسة آثاره والتعامل معها، لافتاً إلى أنّ المصرف مستمر في تخفيض سعر الصرف تدريجياً حتى يصل إلى القيمة الحقيقية للدينار الليبي.
اقرأ أيضاً: أردوغان يطلب التمديد في ليبيا.. أهداف خبيثة وراء تحرك تركيا
وقرر الاجتماع بدء العمل بسعر الصرف الجديد يوم 3 كانون الثاني (يناير) المقبل، لكي تتجهز المصارف لبيع النقد الأجنبي بالسعر الجديد، ويُعاد تقييم كلّ أصول الدولة، وإعداد ميزانية الحكومة، وفق السعر الجديد.
نواب لـ "حفريات": الحوار فشل فشلاً ذريعاً في ظل الانتهاكات التركية والتعنت الإخواني
ونبّه مجلس إدارة المصرف حكومة الوفاق إلى أنّ نجاح خطة المصرف لتخفيض سعر الصرف يتطلب من الحكومة سرعة اتخاد إجراءات مهمّة وعاجلة منها: إلغاء قرار المجلس الرئاسي بفرض رسوم على مبيعات النقد الأجنبي، وتوحيد الإنفاق العام على كامل الدولة الليبية، والمحافظة على احتياطيات مصرف ليبيا المركزي لضمان استدامة الدولة، وسرعة إعداد ميزانية لعام 2021 تراعي التعديل في سعر الصرف، واستمرار إنتاج النفط من غير توقف، ودخول مبيعات النفط لمصرف ليبيا المركزي أوّلاً بأوّل، حتى يتمكن المصرف من الاستمرار في بيع النقد الأجنبي، وترشيد الإنفاق الحكومي وتنظيم النشاط الاقتصادي، واعتماد سياسة تجارية، وتنظيم الاقتصاد غير الرسمي، ومعالجة دعم المحروقات، وحماية بيانات السجل المدني من التزوير في الجنسية الليبية وتزوير الأرقام الوطنية.
أمّا بما يرتبط في الحوار السياسي، فقد صرّح عدد من النواب لوسائل الإعلام المحلية بأنّ الحوار فشل فشلاً ذريعاً بعد تعذّر التوصل إلى آلية اختيار الشخصيات التي ستتسلم المناصب السيادية في ليبيا، لافتين إلى أنّ المبعوث الأممي الجديد نيكولاي ملادينوف سيواصل العمل مع الفرقاء الليبيين.
مؤكدين في تصريحات خاصة لـ "حفريات" أنّ الحوار في ظل الانتهاكات التركية والتعنت الإخواني لن يؤتي أكله، وسيفشل إذا لم يتدخل المجتمع الدولي لكفّ يد أردوغان عن ليبيا.