الاتفاق العراقي- الإيراني.. استقلالية في القرار السياسي

الاتفاق العراقي- الإيراني.. استقلالية في القرار السياسي

الاتفاق العراقي- الإيراني.. استقلالية في القرار السياسي


31/07/2023

محمد حسن الساعدي

يبدو من غير الواضح إذا كان الأميركان سيعتبرون الصفقة التي أبرمها العراق مع الجمهورية الإسلامية انتهاكا وخروجا على العقوبات المفروضة على طهران وبالتالي السعي من واشنطن لمحاولة منع هذا الاتفاق، كما أن العراق اتخذ موقفا رسميا في هذا الاتفاق دون الرجوع إلى واشنطن، ما يعد استقلالية في القرار وخروجا على الإرادة الأميركية التي تحاول إركاع الشعوب وإخضاعها.

الاتفاق ينص على إرسال العراق 250 ألف برميل يوميا إلى إيران مقابل تزويد الأخيرة للعراق بالغاز الطبيعي الإيراني والذي يعتمد عليه العراق بحوالي 40 بالمئة من إنتاج الكهرباء.

وجاء هذا الاتفاق بعد الديون المترتبة على العراق لإيران والتي بلغت 11 مليار دولار مودعة في البنك التجاري العراقي والتي منعت فيها واشنطن إرسالها إلى طهران لقاء تزويد العراق للغاز الطبيعي.

العراق من جهته يؤكد على أن لا حاجة للحصول على موافقة الولايات المتحدة لأن الاتفاق ليس ماليا لذلك لجأ إلى أسلوب المقايضة والتي هي شكل من أشكال الدفع لا تخضع للعقوبات الأميركية المفروضة على طهران، حيث يستخدم الأميركان سيطرتهم الفعلية على الأموال العراقية ومنع بغداد من تسديد ديونها لإيران بالدولار وبهذا الإجراء يمكن لطهران أن تزود العراق بالغاز الطبيعي لقاء النفط الخام العراقي.

إدارة بايدن تسعى للحصول على مزيد من التفاصيل حول هذا الاتفاق وكيفية إجراء المقايضة للنفط مقابل الغاز من الناحية العملية وما إذا كان هذا الاتفاق يؤثر على  العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، في حين أن تأخر تسديد الديون العراقية لإيران سبب نقصا في الكهرباء المنتجة من المحطات الكهربائية لإيقاف تزويدها بالغاز الطبيعي. ويأتي هذا بسبب رفض واشنطن تسديد العراق ديونه بالدولار.

الاتفاق يرمي إلى طمأنة الرأي العام الإيراني بشأن حصول طهران على مستحقاتها عن صادرات الغاز، بانتظار الوصول إلى حل عملي تتمكن عبره إيران من إستعادة أموالها أو سداد المستحقات المترتبة عليها جراء استيراد الدواء والسلع الأساسية وأن سبب قبول طهران بمقايضة غازها بالنفط العراقي هو حرصها على مساعدة الحكومة العراقية على توفير خدمة الكهرباء للشعب العراقي في هذا الصيف الحار الجاف، حيث أن الاتفاق يمثل الحل الأمثل في ظل عدم موافقة واشنطن على تحويل المبالغ لإيران.

أعتقد وكما يرى الكثير من المراقبين للمشهد السياسي العام في المنطقة أنه من الأجدر على الحكومتين أن ترسخ هذا الاتفاق من خلال مد أنبوب نفطي يربط الدولتين الجارتين وبأمد طويل لمنع أي تلكؤ في استيراد الغاز الطبيعي الإيراني وقطع الطريق أمام أي محاولة للتأثير على العلاقات الاقتصادية التي تربط الجارين والسعي الجاد من أجل استقلال القرار العراقي بعيدا عن الضغوط الأميركية التي تحاول جعل العراق تابعا لها .

عن "ميدل إيست أونلاين"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية