الإخوان في مصر يراهنون على فيلم "أحداث اعتصام رابعة" لتحقيق هزة إعلامية تعيدهم إلى المشهد

الإخوان في مصر يراهنون على فيلم "أحداث اعتصام رابعة" لتحقيق هزة إعلامية تعيدهم إلى المشهد

الإخوان في مصر يراهنون على فيلم "أحداث اعتصام رابعة" لتحقيق هزة إعلامية تعيدهم إلى المشهد


10/08/2023

كثف تنظيم الإخوان المسلمين من حملاته الإعلامية المضادة للدولة المصرية في دول غربية بمناسبة مرور عشر سنوات على الإطاحة بالتنظيم من السلطة في القاهرة، وما أعقب ذلك من أحداث بينها ما حدث خلال فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في الرابع عشر من أغسطس 2013.

وحاول التنظيم استعادة الزخم الإعلامي من خلال إنتاج فيلم وثائقي يوظفه في صراعه مع النظام المصري، واستنفر قنواته والمراكز الإعلامية والحقوقية التابعة له للترويج لفيلم حمل عنوان “أحداث اعتصام رابعة” بثه قبل أيام في الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون في لندن.

واعتمدت الجماعة على شركة إعلامية تابعة لها تدعى “نون” تأسست في بريطانيا عام 2015، ويمتلكها الفلسطيني عبدالرحمن أبودية، وهو أحد عناصر التنظيم الدولي للإخوان، ونفّذته المخرجة البريطانية نيكي بولستر، وجرى عرض الفيلم على منصّة “إيجيبت ووتش” في بريطانيا، والتي تأسست بتمويل من التنظيم ويديرها الإعلامي الإخواني أسامة جاويش.

وحرص الفيلم على الترويج إعلاميا لرواية إخوانية بشأن فض الاعتصام ووجّه المشاركون في الفيلم اتهامات لأجهزة الأمن باستخدام عنف مبالغ فيه ضد المعتصمين وعمد على تصوير المتواجدين بالاعتصام بأنهم مدنيون عزل وتجاهل العنف الذي مارسه أعضاء الإخوان، وبدا أن الهدف الأساسي هو إعادة إنتاج المظلومية الإخوانية الشهيرة، والتي دائما ما يرتكن إليها التنظيم المصنف إرهابيا بمصر في بعض المحكات، وتظهره أمام وسائل الإعلام في موقف المدافع بشكل سلمي والتسويق بشكل مبتور لما تعرض له خلال فض الاعتصام من دون أن يملك القدرة على الرد.

وتجاهل الفيلم الاعترافات التي صدرت في السابق من عناصر تابعة للإخوان بينهم أحمد المغير الذي قال إن الاعتصام كان مسلحًا، وغض الطرف عن عشرات الأحكام القضائية والتقارير الحقوقية التي صبت في هذا الاتجاه، وأدلة أثبتت إقدام الجماعة على استخدام العنف في ظل خطة أمنية هدفت لفض الاعتصام بأقل الخسائر والسماح بوجود ممرات آمنة لمن يسعون للخروج ونقلته الكثير من وسائل الإعلام في حينه.

ولم يقدم الفيلم الصورة الإعلامية كاملة عن أحداث العنف التي وقعت عقب الإطاحة بتنظيم الإخوان، وتجاهل حرق الكنائس وأقسام الشرطة، ومحاولات إحداث فوضى في مناطق عدة بمصر، ولم يتوقف عند مظاهرات شهدت غالبيتها استخدام العنف ضد الأجهزة الأمنية وحصار مؤسسات حكومية، بينما تعامل مع فض الاعتصام على أنه المشهد الوحيد في ثورة 30 يونيو 2013، وما أعقبها من تطورات.

ويشير خبراء إلى أن خفوت الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام التابعة للإخوان وما حدث لها من تقويض في تركيا بعد تحسن علاقاتها مع مصر، أدى إلى حيرة لدى الجماعة، وأرادت “هزة” إعلامية تعيدها إلى الضوء، وهو ما يحاول الفيلم القيام به.

وقال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عمرو عبدالمنعم إن المحتوى الوثائقي أداة تتماشى مع سياسة تنظيم الإخوان القائمة على قلب الحقائق، ويجد فيها أرضية مواتية يصل من خلالها إلى جمهور يفقد الثقة بالإعلام الرسمي، وتلعب على هذا التشكيك بتقديم معلومات مغلوطة والترويج لها عبر منصات عديدة تمتلكها، وكانت قناة الجزيرة المنبر الأول للجماعة قبل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن الجماعة توظف فيلم “فض اعتصام رابعة” لإعادة تقديم نفسها إلى جهات سياسية وحقوقية غربية، وليس من المستبعد عرض الفيلم على قنوات غربية، فالتنظيم يقوم بالتحضير لهذا الفيلم منذ عشر سنوات.

وأشار عبدالمنعم إلى أن التنظيم الدولي لديه قاعدة بيانات تتضمن معلومات مغلوطة عمد على تسويقها لشركات إنتاج محسوبة عليه في لندن لإنتاج الفيلم، خاصة أن الجماعة لديها قدرة إعلامية على استغلال شخصيات في عداد الموتى وتتعامل معها باعتبارها من المختفيين قسريا، أو ضمن الموجودين في السجون أو جرى قتلهم من خلال فعاليات نظمتها للإيحاء بأنها تتعرض للاضطهاد.

وتحقق بعض الأفلام الوثائقية أكثر من هدف في وقت واحد، فبث الفيلم في لندن والاستعانة بشخصيات لها مواقف سلبية من النظام المصري وتوجيه انتقادات مستمرة للسجل الحقوقي في البلاد يجعل العمل موجهًا إعلاميا لدوائر غربية وحقوقيين بحثًا عن دعم ينقذ الجماعة في الداخل المصري.

ويتم الترويج للفيلم على منصات التواصل الاجتماعي بشكل كبير وتسويقه على نطاق واسع في دول غربية كي يصل إلى فئات عديدة من الجمهور ومحاولة التأثير في توجهاته.

وتدرك جماعة الإخوان أن الأجيال الصاعدة ليس لديها قدر من الثقافة يكفي لأن تحقق جهات مصرية تحركت لتوثيق جرائم الجماعة من خلال وسائل الإعلام أو أعمال درامية تناولت هذه الفترة عبر مسلسل “الاختيار” أو أفلام وثائقية أنتجتها الشركة المتحدة للإعلام، وآخرها فيلم “30 يونيو.. ثورة إنقاذ مصر” وعرض أخيراً على القناة الوثائقية التابعة للشركة، ولذلك ينشط الإعلام المضاد في مسافات انعدام الثقة وتراجع التأثير وتدني الثقافة العامة.

وأكد عميد كلية الإعلام بالجامعة البريطانية في القاهرة محمد شومان لـ”العرب” أن تنظيم الإخوان لديه خبرة طويلة في إنتاج الوثائقيات قبل اندلاع ثورة يناير 2011، ولعبت بعض الأعمال دوراً في التسويق للجماعة، وبعد ذلك امتلكت الجماعة شركات تعمل على إنتاج أفلام وثائقية وبيعها وترويجها لها عبر منصات إعلامية مختلفة.

ولفت شومان إلى أن هذه الأفلام تتنوع بين مخاطبة النخب والمواطنين داخل مصر وخارجها، ولديها قدرة للتواجد حاليا على المنصات الرقمية بمحتويات قصيرة مؤثرة.

وشدد على أن الأفلام التي قدمتها الجماعة عبر وسائل إعلام متباينة يتوافر فيها عنصر مشترك وهو قدرتها على تقديم روايات متحيزة بشكل فج لأهدافها، وضد كل ما يتعلق بالحقيقة والعمل بكافة السبل على تشويهها وخلط الأوراق، وهو أمر لم يغب عن ذهن القاهرة في إطار الحرب الدعائية، لكن ذلك لا يغير من قناعات شريحة كبيرة من المصريين الذين يدركون حجم الأكاذيب الإعلامية التي تروج لها الجماعة.

وتخاطب جماعة الإخوان في فيلمها الجديد أنصارها ومريديها من أجل تثبيت آرائهم بعد أن انزوت عن الأنظار كثيرا داخل مصر وباتت غير قادرة على إقناع قطاعات قريبة منها، وهو ما يدفعها كل فترة للخروج بإنتاج إعلامي يتسم بالضخامة لتعزيز صورة ذهنية محددة، الأمر الذي كشفت تجلياته الدعاية الواسعة للفيلم في لندن.

عن "العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية