استقالة الكتلة الصدرية.. متى يلتقط العراق أنفاسه؟

استقالة الكتلة الصدرية.. متى يلتقط العراق أنفاسه؟


13/06/2022

في خطوة مفاجئة ستزيد المشهد السياسي في العراق تعقيداً وضبابية، وتفاقم الانسداد الذي تشهده العملية الدستورية في البلاد منذ نحو 8 أشهر، قدم 73 نائباً من التيار الصدري استقالاتهم من البرلمان بناء على طلب زعيم التيار الصدري، الذي يسعى لتشكيل حكومة "أغلبية وطنية" فيما تسعى قوى الإطار التنسيقي، إلى حكومة "توافقية".

ووافق رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي على استقالات النواب، وظهر جالساً في مكتبه وهو يوقع الاستقالات واحدة تلو الأخرى، وأمامه ممثل الكتلة الصدرية في المجلس.

وقال الحلبوسي، في تغريدة له على صفحته الرسمية في موقع "تويتر"، إنه نزولاً عند رغبة الصدر "قبلنا على مضض طلبات إخواننا وأخواتنا نواب الكتلة الصدرية بالاستقالة من مجلس النواب العراقي".

وأضاف "لقد بذلنا جهداً مخلصاً وصادقاً لثني سماحته عن هذه الخطوة، لكنه آثر أن يكون مضحياً وليس سبباً معطِّلاً؛ من أجل الوطن والشعب، فرأى المضي بهذا القرار".

من جانبه، أمر زعيم التيار، مقتدى الصدر بإغلاق أغلب المؤسسات التابعة للتيار الصدري في العراق. وقال في بيان إنه "على رئيس الكتلة الصدرية حسن العذاري أن يقدم استقالات الأخوات والإخوة في الكتلة الصدرية إلى رئيس مجلس النواب، مع فائق الشكر لهم لما قدموه في هذه الفترة القصيرة جزاهم خيراً كما الشكر موصول لحلفائنا في تحالف إنقاذ الوطن لما أبدوه من وطنية وثبات.. وهم الآن في حل مني جزاهم الله خير الجزاء".

انفراجة أم مزيد من الانسداد؟

وتأتي الخطوة بعد أيام من تهديد الصدر بهذا الإجراء بعد أن وصلت كل الجهود الساعية لحلحلة أزمة تشكيل الحكومة إلى طريق مسدودة بعد أشهر من الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في تشرين الأول (أكتوبر) 2021.

رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي

 ومنذ إجراء الانتخابات، لم تتمكن القوى السياسية العراقية من تأليف الحكومة الجديدة؛ بسبب رغبة تحالف "إنقاذ الوطن" بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، بتشكيل  حكومة "أغلبية وطنية" فيما تسعى قوى الإطار التنسيقي، إلى حكومة "توافقية".

وخلال الأشهر الماضية، مارس الصدر من خلال تحالفه "إنقاذ الوطن" ضغوطاً هائلة على الفصائل المسلحة، وأجنحتها السياسية، بهدف تشكيل حكومة أغلبية وطنية، تتحمل مسؤولية إدارة البلاد.

تأتي الخطوة بعد أيام من تهديد الصدر بهذا الإجراء بعد أن وصلت كل جهود حلحة أزمة تشكيل الحكومة إلى طريق مسدودة بعد أشهر من الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في تشرين الأول 2021

وتأتي هذه الخطوة في خضم أزمة سياسية ناجمة عن خلافات بين الكتلة الصدرية وحلفائها والإطار التنسيقي، الذي يضم قوى شيعية رئيسية معظمها خسر في الانتخابات البرلمانية الأخيرة باستثناء ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي الذي حل ثالثاً بـ33 مقعداً.

وتباينت آراء المحللين العراقيين إزاء تلك الخطوة وتداعياتها على العملية السياسية، وفيما إذا كانت ستصب في صالح استقرار الوضع السياسي أم أنها ستعمّق الأزمات التي يعيشها العراق، خاصة أنّ قرارات الصدر غير ثابتة، وهو ما يضفي مزيداً من القلق الشعبي والسياسي.

ويقول المحلل السياسي العراقي، أحمد السهيل، إنّ "استقالات الصدريين كانت النتيجة الحتمية للتصعيد السياسي الذي عبر عنه الصدر في خطاباته السابقة، لكن اتخاذ الخطوة بهذا التوقيت كان غير متوقع".

ويضيف السهيل لموقع "الحرة" أنّ "الخطوة تحمل نظرياً مخرجاً للانسداد السياسي الذي تمر به البلاد، لكن في الحقيقة إنها تحمل نذراً أكبر باحتمال خروج الصدريين للتظاهر في الشارع، وربما إجبار البرلمان برمّته على تقديم استقالته".

ويحذر السهيل من أنّ "الوقت اللازم لتعويض أعضاء البرلمان من الصدريين والوقت اللازم لتشكيل تفاهمات سياسية جديدة سيزيد من تعقيد المشهد".

وأشار إلى أنّ "الكتلة الصدرية كانت الأكبر في البرلمان ولم تستطع التوصل إلى حل، وسيزيد خروجها من أحجام الكتل الصغيرة بدون أن يمنح الأغلبية لكتلة أو تيار معين".

أحمد السهيل: استقالات الصدريين كانت النتيجة الحتمية للتصعيد السياسي الذي عبر عنه الصدر في خطاباته السابقة

بدوره، يرى المحلل السياسي، عماد محمد، أنّ "خطوة التيار بالتحول إلى معسكر المعارضة الشعبية، وبرصيد جماهيري هائل، ستؤخذ بنظر الاعتبار من قبل تحالف الإطار الذي لن يمضي بتشكيل الحكومة مطلقاً، تحسباً لردة فعل الشارع العنيفة، وتحسباً للموقف الدولي وطبيعة تعامله مع الحكومة التي تخلى عنها أكبر الفائزين".

وأضاف محمد، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أنّ "الصدر في الشارع أقوى من البرلمان والحكومة، وهذه المرة ستكون أحزاب تشرين معهم، لكن ذلك قد يفجر احتجاجات واسعة، وستكون أعنف وأوسع، وربما ستُنهي فوضى العملية السياسية، أملًا في صناعة عملية سياسية عراقية دون إملاءات خارجية".

تباينت آراء المحللين العراقيين إزاء تلك الخطوة وتداعياتها على العملية السياسية، وفيما إذا كانت ستصب في صالح استقرار الوضع السياسي أم إنها ستعمّق الأزمات التي يعيشها العراق

أما الخبير في الشأن العراقي الدبلوماسي السابق، غازي فيصل، فيرى أنّ "خطوة الصدر جاءت لوضع تنظيمات الإطار التنسيقي أمام مواجهة الحقيقة، والمسؤوليات الكبرى، أمام الشعب العراقي، بعد ممارسة إفشال الآليات الديمقراطية، وتعليق الدستور، عبر المقاطعة وعبر ما أطلق عليه (الثلث المعطل)، وهو ما وضع العملية السياسية ومجلس النواب والدستور أمام تحديات كبرى، وتعطيل كامل، لجميع قدراته وقدرات الحكومة، ولـ 8 أشهر".

وأضاف فيصل، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أنّ "السؤال الكبير اليوم، هو هل أنّ نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني سيستقيلون أيضاً؟ وكذلك نواب تحالف السيادة، وبالتالي عبر تلك الاستقالات سيتم الإعلان عن حل مجلس النواب، أو هل سيذهب السيادة والديمقراطي، بتقديم مشروع قرار بحل البرلمان، والذهاب نحو انتخابات مبكرة أخرى"، مشيراً إلى أنّ "هناك العديد من الأسئلة مطروحة دون أجوبة، بانتظار ما ستتمخض عنه قرارات وسياسات الأطراف الأخرى في مجلس النواب".

من هم بدلاء نواب الكتلة الصدرية؟

ووفق ما نقلته وكالة "شفق" المحلية، عن مصدر من المفوضية العليا للانتخابات، فإن "بدلاء نواب الكتلة الصدرية سيكونون أعلى الخاسرين بالدائرة الانتخابية، بعيداً عن انتماء المرشح إلى أي كتلة كانت"، لافتاً إلى أنّ "قانون الانتخابات أكد أنّ بديل أي نائب يكون الذي يليه بأعلى الأصوات، بعيداً عن الكتلة التي ينتمي إليها".

وأشار المصدر إلى أنّ المفوضية ستقوم بجمع الأسماء والأرقام لبدلاء نواب الكتلة الصدرية، فهم حتى الآن غير معروفين، وهذا الأمر يحتاج إلى وقت، وبعد تسلم استقالة النواب بشكل رسمي، للبحث عن البدلاء في كل دائرة انتخابية استقال منها نائب عن الكتلة الصدرية".

وتقول الأوساط السياسية إنّ العديد من المنتمين إلى الإطار التنسيقي، وبينهم مستقلون، سيكون لهم نصيب الأسد من المقاعد الشاغرة لنواب الكتلة المستقيلة.

وتضيف هذه الأوساط أنّ قرار الصدر خلط بشكل واضح أوراق حليفيه تحالف السيادة والحزب الديمقراطي، اللذين سيجدان نفسيهما في حاجة إلى بناء توافق جديد مع الإطار وحلفائه.

وكان الحزبان يتهيَّآن لخطوة الصدر؛ حيث قام زعيما ائتلاف السيادة السنّي، رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورجل الأعمال خميس الخنجر، السبت بزيارة إلى أربيل اجتمعا خلالها بقادة إقليم كردستان للبحث في سبل التعاطي مع الوضع، لاسيما في حال قرر الصدر المضي قدماً في خيار استقالة نوابه من البرلمان، وفق ما أوردته صحيفة "العرب" اللندنية.

وأجرى الحلبوسي والخنجر خلال زيارتهما إلى أربيل لقاءات مع كل من رئيس الإقليم نجيرفان بارزاني وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.

ووفق بيانين صدرا عن مكتب رئيس الإقليم وزعيم الحزب الديمقراطي فإنّ المباحثات تطرقت إلى تطورات الأوضاع السياسية في البلاد وتبادل وجهات النظر والرؤى التي تسهم في تجاوز عقبات المرحلة المقبلة، دون الإشارة إلى المزيد من التفاصيل.

مواضيع ذات صلة:

ما أهداف تركيا الحقيقية من حصار العراق مائياً؟

سيناريوهات تعطيل "الثلث المعطل" في العراق

ما مآلات عملية الانسداد السياسي في العراق؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية