إيران على قائمة سوداء جديدة.. والسبب تمويل "التنظيمات الإرهابية"

إيران

إيران على قائمة سوداء جديدة.. والسبب تمويل "التنظيمات الإرهابية"


20/04/2020

تبرز عودة إيران إلى القائمة السوداء لـ"مجموعة العمل المالي" الدولية، المتخصصة في شؤون مكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، بعد أربع سنوات من التعليق المؤقت، والذي جاء على إثر توقيع الاتفاق النووي مع مجموعة 5+1، جملة التناقضات داخل النظام الإيراني، والصراع بين أجنحته المتباينة، لا سيما التيار المتشدد، الذي يمثله المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، في مقابل، الرئيس الإيراني، حسن روحاني، ورغبة، الأخير، في الانفتاح على المجتمع الدولي، والالتزام بقوانينه، ومن ثم، الاستفادة من المزايا المالية التي تقدمها المجموعة الدولية.

المتشددون والصراع مع الرئيس
وبالرغم من أنّ بقاء إيران داخل مجموعة العمل المالي الدولية، لا يعني تصفية وحل  مشكلاتها المصرفية، وإنهاء أوضاعها الاقتصادية والمالية الصعبة، خاصة، في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، منذ ما يقرب العامين، إلا أنها كانت ستحظى بمجموعة من المكتسبات الأخرى، التي تخفف من وطأة الإجراءات العقابية ضدها، من جهة، وتحسين صورتها في المجتمع الدولي فيما يتصل بالفساد المالي، وتمويل الجماعات الإرهابية، من جهة أخرى، كما تسهل عليها بعض المعاملات المالية مع دول العالم، وكذا، عدم التعرض إلى عقوبات جديدة وإضافية من المجموعة الدولية.

أكثر ما يخشاه المتشددون هو التهديد الذي قد يحدق بالمصالح التجارية المرتبطة بـ "الحرس الثوري" الإيراني والمنظمات شبه الحكومية

بيد أنّ الجناح المتشدد داخل النظام قد دفع بالخلاف مع الحكومة إلى الذروة، حيث جنح مجلس صيانة الدستور إلى عدم قبول القوانين الخاصة بمكافحة الجرائم المالية، رغم قبول البرلمان بها، بحجة أنها تخالف الشريعة الإسلامية والدستور الإيراني؛ إذ إنّ القبول باللوائح الخاصة بمجموعة العمل المالية، سيترتب عليها وضع الحسابات والمعاملات المالية للدولة تحت الإشراف والمراقبة الدوليين، الأمر الذي يجعل أنشطة النظام الإيراني المختلفة في حالة مكاشفة مستمرة، ويضعها أمام نظام مالي ونقدي دولي يتعقب أدوارها وممارساتها، وهو الأمر الذي سوف يعيق حركة عناصر عديدة داخل النظام من تأدية أدوارها السياسية والإقليمية، لا سيما نشاط الحرس الثوري الإيراني، وفيلق القدس، حيث تمويل حركات وأحزاب عديدة بالمنطقة، في العراق وسوريا واليمن ولبنان.

تبعات اقتصادية ومآلات سياسية
ومن جانبه، أصدر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، عدة تصريحات تعكس تخوفاته في حال عدم الاستجابة لمطالب المجموعة المالية الدولية، ومن ثم، وضع بلاده في القائمة السوداء، مما سيترتب عليها مشكلات اقتصادية ومالية عديدة، وتعرض الصلات التجارية بين طهران ودول أخرى، ومن بينها الدول التي تعتبرها صديقة، كالصين وروسيا للخطر، حسبما قال.
وأضاف روحاني: "بذلت كل الجهد لعدم عودتنا إلى القائمة السوداء في مجموعة العمل المالي" موضحاً أنّ "كل دول العالم وافقت بينما هناك بلد واحد على القائمة السوداء وهو كوريا الشمالية".

اقرأ أيضاً: إيران تنشر العنف في اليمن وتسوق نفسها كحمامة سلام
كما شدد روحاني على أنّ مشروع القانون الذي أقرته الحكومة والبرلمان، لا يجب أن يظل معلقاً في انتظار الموافقة، مما يتسبب في مشكلات مع البنوك الدولية، حسبما أشار، لكن في ظل سيطرة المتشددين على البرلمان ومجلس صيانة الدستور، فقد فشل الرئيس الإيراني والسلطة التنفيذية في المصادقة على القانون، بالرغم من تصريح الرئيس الإيراني بأنّه تناقش مع المرشد حول مشروع القانون، وأنّ الأخير لم يعترض.
قبل إدراج مجموعة العمل المالية الدولية طهران في لائحتها السوداء، أثناء اجتماعها في الأسبوع الأخير من شهر نيسان (فبراير) الماضي، في باريس، والذي استمر لمدة أسبوع، كانت المجموعة قد منحت الحكومة الإيرانية نحو ست فرص، بدأت منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، للتمهل والتفكير في الامتثال إلى معايير التمويل الدولي لمكافحة الإرهاب، لكن خلال تلك المدة، لم يحقق النظام أي خطوة إيجابية، وهو ما سينعكس عليها بأضرار بالغة من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، وتحديداً، الأرصدة المالية الإيرانية في البنوك الأجنبية، وتجميد هذه البنوك لنشاطاتها المالية مع البنوك والمصارف والمؤسسات الإيرانية.

إيران ترفض وقف دعمها للإرهاب
وعليه، فقد شددت المجموعة على اتخاذ مجموعة من التدابير المضادة على إيران، وأبلغتها بإعادة تعزيز آليات الإبلاغ المنتظم عن المعاملات المالية، فضلاً عن التدقيق والفحص لفروع المؤسسات المالية الأجنبية الموجودة في طهران، كما قررت إلغاء تعليق كافة العقوبات المفروضة عليها، والتي سبق وعلقت، بشكل مؤقت، في العام 2016.

اقرأ أيضاً: كيف وصلت القذائف الإيرانية إلى أيدي داعش؟
ومن بين مطالب مجموعة العمل التي طالبت الحكومة الإيرانية الامتثال لها، بينما خشي المتشددون من المصادقة عليها؛ تجريم تمويل الإرهاب بشكل كامل، وتجميد الأصول الإرهابية بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فضلاً عن التصديق على اتفاقيتي باليرمو و"CFT" وتنفيذهما، ومن ثم، ضمان تحقق المؤسسات المالية من أنّ التحويلات البنكية تحتوي على معلومات كاملة عن الأطراف المستفيدة.
ما الذي يخشاه المتشددون؟
ورغم تحذير مساعد وزير الخارجية الإيراني لشؤون الدبلوماسية الاقتصادية، غلام رضا أنصاري، من أنّ عدم التوقيع على لوائح مكافحة الارهاب وغسيل الأموال، يعد بمثابة إطلاق "رصاصة الرحمة" على القطاع المصرفي، حسب وصفه، والذي تضرر بصورة بالغة بعد العقوبات الأمريكية، لكنّ العقل الأيدولوجي للتيار المتشدد ومصالحه الفئوية، ضغطا باتجاه الأزمة وتضخيم عناصرها، خشية من المساءلة القانونية الدولية لأنشطة الحرس الثوري المشبوهة، والجرائم التي تورط في ارتكابها، سواء فيما يتصل بغسل الأموال أو تمويل الميليشيات والتنظيمات الإرهابية، وهو ما يعني وضع عدد من القادة الإيرانيين أمام المساءلة القانونية، على خلفية دعمهم لعدد من الجماعات التي جرى وضعها ضمن المنظمات الإرهابية، كحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن. 

اقرأ أيضاً: هل تستغل إيران انشغال العالم بكورونا لتسريع تخصيب اليورانيوم؟
يتضمن مشروع القانون المقترح للمصادقة على "الاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب" و"اتفاقية باليرمو" تحفظاً شديداً حول اعتراف إيران بـما تنص عليه في أدبياتها بـ"كفاح الشعوب ضد الهيمنة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي"، مما لا يسمح لها بالاعتراف بـ"إطار العمل الخطي للإرهاب" الذي تنص عليه الاتفاقية، حسبما توضح الباحثة في معهد واشنطن، كاثرين باور؛ إذا رفض المتشددون هذه الشروط، واعتبروها "عديمة القيمة"، وتعادل الدعوة إلى نزع سلاح "الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني و"حزب الله".


وتضيف في تحليلها المنشور: "لعل أكثر ما يخشاه المتشددون هو التهديد الذي قد يحدق بالمصالح التجارية المرتبطة بـ "الحرس الثوري" الإيراني والمنظمات شبه الحكومية عند الالتزام بإرشادات "مجموعة العمل المالي"؛ إذ تستفيد هذه المصالح الخاصة من شروط الملكية المتهاونة أو الضبابية التي ستلغيها إصلاحات المجموعة المالية الدولية.

ستتعرض إيران إلى مزيد من العقوبات الاقتصادية من جانب المجموعة المالية الدولية، مما سيراكم عليها قيوداً جديدة

وإلى ذلك، قال سيد فاضلي، الكاتب الصحافي والقيادي في حزب التضامن الديمقراطي الأحوازي، بأنّ استعادة إيران لموقعها في اللائحة السوداء لمجموعة العمل المالية الدولية، سوف يفاقم من الأزمة الاقتصادية، من ناحية، ويفتح فيها ثقوباً جديداً، من ناحية أخرى، وذلك على إثر مجموعة من الإجراءات التي ستترتب عليها، ومن بينها تجميد عمل الشركات والمؤسسات الوطنية في الخارج، وتراجع المؤسسات المالية الأجنبية عن التعامل مع المصارف الإيرانية، بالإضافة إلى منع تأسيس فروع جديدة للمصارف الإيرانية بالخارج أو افتتاح فروع لبنوكها المحلية، ومن ثم، الوصول إلى معدلات صفرية فيما يتصل بالاستثمارات.
ويضيف لـ"حفريات": "ستتعرض إيران إلى مزيد من العقوبات الاقتصادية من جانب المجموعة المالية الدولية، مما سيراكم عليها قيوداً جديدة فيما يخص العلاقات المالية وحركتها مع الشركات الإيرانية التي ستخضع للمراقبة والتقييم. وفي ظل العقوبات الأمريكية التي نجم عنها تراجع مصادر الدخل الحكومي، وعجز الموازنة، وضعف التجارة الخارجية، وانخفاض عائدات النفط ، فقد تضطر الحكومة إلى رفع الأسعار، وزيادة الضرائب، وكذا، أسعار الوقود، وهي سلسلة من الإجراءات التي سيكون لها تبعات سياسية مؤثرة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية