
يرى محللون أن الغزو الإسرائيلي للبنان قد يعزز في البداية الدعم المحلي لحزب الله. لكن من المحتمل أن تصبح الفصائل اللبنانية المختلفة أكثر انتقادا وبشكل متزايد مع استمرار الحرب، خاصة إذا واجه حزب الله المزيد من الانتكاسات وتقدمت القوات الإسرائيلية، ما يزيد هذا من احتمال اندلاع عنف محلي بين الجماعة وخصومها اللبنانيين.
وجاء في تقرير نشره موقع ستراتفور أن التوغل البري الإسرائيلي في 1 أكتوبر في جنوب لبنان يهدد بإضعاف صورة حزب الله المحلية أكثر بعد أن فشل في منع إسرائيل من التسلل إلى صفوفه واغتيال أمينه العام حسن نصر الله والعديد من كبار المسؤولين الآخرين في 27 سبتمبر. لكن الدلائل على أن المواطنين اللبنانيين سيتظاهرون في البداية على الأقل ضد الغزو الإسرائيلي كانت تتزايد حتى قبل أن يبدأ عبور القوات البرية الإسرائيلية إلى أراضيهم.
ودعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (الذي يرأس الحكومة اللبنانية المشلولة)، في 28 سبتمبر، المواطنين اللبنانيين إلى “التوحد”. وقال إن المسؤولية الوطنية في هذه اللحظة التاريخية والاستثنائية تتطلب تنحية الخلافات السياسية جانبا. ثم نحا الجيش اللبناني نفس المنحى في 29 سبتمبر بِحَثّ المواطنين اللبنانيين على الحفاظ على الوحدة الوطنية مع تصوير إسرائيل عدوا مشتركا “يعمل على تنفيذ خططه المدمرة وزرع الانقسام بين اللبنانيين”.
وكان نصر الله، الذي شغل منصب زعيم حزب الله منذ 1992، شخصية كاريزمية ومؤثرة في لبنان. وحشد دعما محليا كبيرا بين الشيعة اللبنانيين (الذين يشكلون ثلث سكان لبنان)، خاصة بعد أن أحبط حزب الله الغزو الإسرائيلي للبنان في 2006. وقال حزب الله إن مجلس الشورى، وهو هيئة صنع القرار التابعة له، سيجتمع لاختيار زعيم جديد لولاية مدتها ثلاث سنوات “في أقرب فرصة”. لكنه لم يقدم المزيد من التفاصيل التي تحدد الجدول الزمني.
وكان من المتوقع على نطاق واسع أن يكون هاشم صفي الدين، الذي تربطه قرابة دموية بنصر الله ورئيس المجلس التنفيذي لحزب الله منذ عام 2001، هو الأمين العام الجديد. ويؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقتل صفي الدين ومسؤولين كبار في الجماعة نتيجة غارة جوية إسرائيلية في 3 أكتوبر.
ويشير عدد من المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين الكبار إلى أن الغارات الجوية الإسرائيلية المتصاعدة دمرت نصف ترسانة حزب الله الحربية. كما أفادت التقارير أن هجمات البيجر الإسرائيلية في 17-18 سبتمبر أدت إلى إصابة 1500 مقاتل من حزب الله بجروح خطيرة. لكن لا تزال الجماعة تحتفظ بعشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف في ترسانته وتنتفع من سلسلة توريد الأسلحة مع إيران لتجديد بعض قدراتها. كما يصل قوام الجماعة إلى ما يقدر بنحو 40 ألفا إلى 50 ألف مقاتل. وسيمكنها هذا من مواصلة القتال ضد إسرائيل لعدة أشهر أخرى على الأقل.
وأضرت تداعيات صراع حزب الله مع إسرائيل بالاقتصاد اللبناني المتعثر بعد سنوات من الأزمة والشلل السياسي. وكان الاقتصاد اللبناني يعاني بالفعل من أزمة لسنوات عندما اندلعت حرب غزة في أكتوبر 2023، دون نهاية قريبة في الأفق بسبب الخلل السياسي العميق في البلاد. ولم يتمكن البرلمان الذي وصل إلى طريق مسدود من اختيار رئيس جديد أو تمرير تشريع لمعالجة الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تعانيه البلاد منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 2022. وساهم حزب الله في هذا الجمود بمنع التصويت في البرلمان على مرشح رئاسي توافقي، وبمعارضة الإصلاحات الاقتصادية التي من شأنها زيادة الشفافية وإصلاح القطاع المصرفي (لأن النظام الضعيف الحالي يمكن الحزب من إخفاء الأنشطة غير المشروعة وتمويلها).
وترك غياب هذه الإصلاحات الاقتصادية لبنان غير قادر على تأمين خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي تشتد الحاجة إليها بعد سبع سنوات متتالية من الانكماش الاقتصادي. وزادت مشاركة حزب الله في الحرب بين حماس وإسرائيل خلال العام الماضي المشاكل الاقتصادية في لبنان بسبب انخفاض عائدات السياحة، وإلحاق الضرر بالبنية التحتية، وتعطيل الصادرات الزراعية اللبنانية.
وكانت الأضرار الجانبية الناجمة عن الغارات الجوية الإسرائيلية (خاصة تلك التي ضربت مناطق مدنية مكتظة) وهجمات البيجر في 17-18 سبتمبر (التي أسفرت عن مقتل 32 شخصا على الأقل) سببا في زيادة الضغط على نظام الرعاية الصحية الهش في لبنان، من خلال إغراق المستشفيات بالمصابين. كما تعرضت موارد لبنان المحدودة لمزيد من الضغوط بسبب تزايد عدد المواطنين اللبنانيين النازحين داخليا (ما يقدر بنحو مليون شخص)، إضافة إلى عدد اللاجئين السوريين الكبير الذين يستضيفهم لبنان منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية في 2011.
ولم يتمكن البرلمان اللبناني من الاتفاق على رئيس جديد منذ أن عرقل حزب الله انتخاب أي مرشح بخلاف حليفه الرئيسي سليمان فرنجية، الذي لا يُرضي الأحزاب السياسية الأخرى. وتوقعت وحدة استخبارات الإيكونوميست في أواخر سبتمبر 2024 أن ينكمش الاقتصاد اللبناني بنسبة 10-25 في المئة بحلول نهاية العام الحالي،مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية عبر الحدود، التي ستواصل تقويض السياحة مع تدمير المحاصيل وإلحاق الضرر بالبنية التحتية الحيوية.
وحدد البنك الدولي أن 44 في المائة من الأشخاص في لبنان (بما في ذلك اللاجئين) كانوا يعيشون في فقر خلال 2022. ويقرب هذا من أربعة أضعاف عدد الذين كانوا يعانون الفقر قبل عشر سنوات. ومن المرجح أن يكون هذا المعدل قد ارتفع منذ ذلك الحين. وشكّلت السياحة في 2023 حوالي 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي اللبناني. وحققت إيرادات بقيمة 5.4 مليار دولار. وقدّر بنك لبناني في أغسطس 2024 أن الصراع الموسع مع إسرائيل يمكن أن يقلل عائدات السياحة بنسبة 50-55 في المئة خلال 2024.
وإثر الهجمات الإسرائيلية القاتلة بأجهزة البيجر التي يستخدمها أعضاء حزب الله، كانت المرافق الطبية الخاصة في لبنان (تمثل 85 في المئة من أسرة المستشفيات في البلاد) تعمل بكامل طاقتها. ولاحظت منظمة الصحة العالمية أن 40 في المئة من الأطباء اللبنانيين و30 في المائة من الممرضين غادروا البلاد بين عامي 2019 و2021، إثر الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد منذ 2019. وقرر هؤلاء الرحيل إما بشكل مؤقت أو دائم للبحث عن فرص عمل أفضل، مما حد من عدد مقدمي الرعاية الصحية في البلاد وخفض سعة أسرة المستشفيات بنسبة 50 في المئة.
ويستضيف لبنان حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري في بلد يبلغ عدد سكانه 6.6 مليون نسمة. وأدت الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة إلى نزوح حوالي 1 مليون شخص داخليا. وعبر أكثر من 30 ألف شخص (جلهم من السوريين) الحدود اللبنانية إلى سوريا.
ومن المرجح أن يجتمع المواطنون والمشرعون اللبنانيون في البداية في مواجهة التوغل الإسرائيلي في الجنوب، مما سيقلل مؤقتا الانتقادات الداخلية الموجهة لحزب الله ويخفف من الانقسامات الطائفية داخل الحكومة. كما من المرجح أن يساعد الغزو الإسرائيلي في الجمع بين الطوائف المعارضة تقليديا لحزب الله، مثل المسلمين السنة، والقوات اللبنانية (حزب سياسي ماروني وجماعة مسلحة سابقة) وحزب الكتائب (حزب مسيحي يميني) ضد إسرائيل على المدى القصير على الأقل.
وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي يؤكد أن ضرباته كانت موجهة ضد أهداف حزب الله، إلا أنه هاجم مناطق سكنية مكتظة بالسكان في لبنان، وأوقع إصابات وأضرار بين المدنيين. كما سيعيد الغزو البري الإسرائيلي الذي يتوسع ببطء إحياء ذكريات 1982، مع احتلال إسرائيل لجنوب لبنان الذي دام 18 عاما، بما سيزيد من تأجيج المشاعر المعادية لإسرائيل بين مختلف فئات الشعب اللبناني.
ومن المرجح أن يدعو السياسيون من مختلف الأطياف إلى الوحدة اللبنانية في هذه البيئة، رغم أنهم قد لا يدعمون بالضرورة تشدد حزب الله، لمنع العنف الطائفي من مفاقمة الصراع. وإذا تعافى حزب الله من خسائره الأخيرة ونجح في إجبار إسرائيل على التراجع و/أو توريطها في حرب استنزاف تكبدها خسائر كبيرة، فسيزداد دعمه الشعبي أكثر.
وبينما تعدّ إسرائيل أكثر استعدادا لحرب في لبنان مما كانت عليه في بداية حرب 2006، ارتفع استعداد حزب الله لمقاومة الغزو الإسرائيلي أيضا، حيث أصبح له الآن ما يصل إلى 50 ألف مقاتل مقارنة بحوالي 5 آلاف في 2006. كما توسعت ترسانته وطور شبكة أنفاق قوية توفر ميزة تكتيكية جغرافية في القتال البري.
ودعت شخصيات من مختلف الطوائف اللبنانية إلى الوحدة الوطنية قبل الغزو الإسرائيلي ومع انطلاقه. وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وهو مسلم سني،إن “مسؤوليتنا الوطنية في هذه اللحظة التاريخية والاستثنائية تتطلب وضع الخلافات السياسية والمواقف المتباعدة والخيارات المتباينة جانبا، لكي نلتقي جميعا على ما يصون الوطن ويحميه ويقوي منعته”. كما دعت القوات اللبنانية، وهي جماعة مسيحية ومعارضة لحزب الله، أنصارها إلى الصمت على وسائل التواصل الاجتماعي.
ودعا رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، الذي قتل والده على يد عناصر من حزب الله، اللبنانيين إلى “التعالي عن الخلافات”. ويعارض العديد من المسيحيين اللبنانيين والمسلمين السنة حزب الله تقليديا، لكن بعض الجماعات داخل الطوائف تدعمه. وإذا أشعل الغزو الإسرائيلي صراعا طويل الأمد، فستظهر الانقسامات الطائفية مرة أخرى وتضغط على حزب الله للتوصل إلى وقف لإطلاق النار مع إسرائيل وتحويل ميزان القوى اللبناني بعيدا عن الجماعة. لكن حزب الله لن يتنازل عن السلطة بسهولة.
ومن المرجح أن تضعف الحرب المطولة التي تستمر عدة أشهر دعم الجماعة المحلي حتى لو استمر دعم جل الشيعة اللبنانيين لها. وستتصاعد المعارضة من غير الشيعة مثل المسيحيين والمسلمين السنة. وبما أن الهجمات الإسرائيلية المستمرة تدمر المزيد من البنية التحتية، وتقتل المزيد من المدنيين وتزيد عدد النازحين داخليا، فإن من المرجح جدا أن يزداد الاستياء الشعبي تجاه حزب الله لتوريطه لبنان في الصراع، وهو ما ستحاول أحزاب المعارضة والجماعات الطائفية الاستفادة منه على الأرجح لإضعاف خصمهم الشيعي.
ومن المرجح أن يجتمع المسيحيون والمسلمون السنة والشيعة، المعارضون القلائل، للدعوة إلى إنهاء الحرب، حتى لو كان من غير المرجح أن يلوموا حزب الله صراحة خوفا من تنفير المسلمين الشيعة الذين يدعمون الجماعة.
ومن المتوقع أن يدفع ذلك الفصائل الطائفية إلى الضغط على حزب الله للتوصل إلى وقف لإطلاق النار يشمل وقف القوات الإسرائيلية لهجماتها وانسحابها من جنوب لبنان. وأصدرت مجموعة من 12 نائبا معارضا في البرلمان اللبناني يوم 7أكتوبر بيانا يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وإلى أن تنأى الحكومة اللبنانية بنفسها عن الصراعات الإقليمية والتدخل الأجنبي. ومن المتوقع أن يزداد هذا الضغط إذا بدا أن القوات الإسرائيلية تتقدم إلى عمق لبنان وإذا خسر حزب الله قوة بشرية ومعدات كبيرة في ساحة المعركة. وقد يكون حزب الله، من هذا الموقف الضعيف، أكثر استعدادا للموافقة على وقف إطلاق النار وتأطيره كعلامة على الوحدة اللبنانية.
وسيوفر له هذا المزيد من الوقت للانسحاب وإعادة تجميع صفوفه. ولكن من المرجح جدا أن يُجبر حزب الله إلى الموافقة على الانسحاب من مواقعه الإستراتيجية في جنوب لبنان ويسمح للجيش اللبناني أن يكون القوة الأمنية الرئيسية هناك لكي توقع إسرائيل على مثل هذا الاتفاق. وتعد هذه تنازلات من المرجح أن يصبح حزب الله على استعداد لتقديمها إذا أشعره مزيج من الضغط السياسي المحلي والخسائر المؤلمة في ساحة المعركة الجماعة بأنها الخيار الوحيد.
وأيد رئيس الوزراء ميقاتي بالفعل حلا دبلوماسيا للصراع، بعد أن قال “ليس أمامنا خيار سوى الخيار الدبلوماسي”. وقال إن لبنان مستعد للتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 ونشر الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، الواقع على بعد حوالي 30 كيلومترا شمال الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
وبينما من المرجح أن تبقى سلاسل توريد الأسلحة في لبنان سليمة (على الرغم من أنها تعطلت مؤقتا في بعض الأحيان بسبب الضربات الإسرائيلية)، إلا أن صراعا مطولا يخلف خسائر كبيرة في صفوف حزب الله وإخفاقات استخباراتية سيزيد من إضعاف المقاتلين وإحباطهم. كما قد لا يتمتع خليفة نصرالله بالكاريزما وقد يعزل بدوره أعضاء حزب الله الأكثر اعتدالا أيديولوجيا.
و قال نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، إن الجماعة تدعم “الجهود السياسية التي تعمل من أجل وقف إطلاق النار” دون اشتراطها باتفاق وقف إطلاق النار في غزة. لكنه ذكر كذلك أن وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل كان شرطا مسبقا لأي قرارات أخرى. وكان هذا في إشارة إلى عدم رغبة حزب الله في انتخاب رئيس لبناني قبل إنهاء القتال في لبنان. وإذا حاولت فصائل لبنانية أخرى إضعاف قوة حزب الله السياسية وسط ضغوط من دول مثل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، فمن المرجح أن يرد حزب الله بالعدوان. ويزيد هذا خطر العنف الطائفي المعزول على الأقل.
ومن المرجح أن تواصل الولايات المتحدة وأوروبا والشركاء الإقليميون مثل السعودية الضغط على خصوم حزب الله السياسيين في لبنان، إضافة إلى كيانات الدولة مثل القوات المسلحة اللبنانية، للاستفادة من موقف الجماعة الشيعية الضعيف وانتخاب رئيس جديد، وكسر الجمود السياسي الذي دام سنوات مع الحد من هيمنة حزب الله (وبالتالي إيران) على السياسة اللبنانية.
ومن المرجح أن يزداد الضغط الأميركي خاصة إذا أصبحت إيران أكثر تورطا في الصراع مع إسرائيل من خلال إرسال قوات إلى لبنان و/أو المزيد من الأسلحة إلى حزب الله، حليف طهران الإقليمي الأكثر أهمية. وإذا استجابت الطوائف وأحزاب المعارضة الموالية للغرب في لبنان، بما في ذلك القوات اللبنانية وحزب الكتائب، لهذا الضغط من خلال اتخاذ إجراءات أكثر علنية لزيادة إضعاف حزب الله سياسيا وعسكريا، فمن المرجح أن ترد الجماعة بالعدوان، معارضة أي تآمر مع الولايات المتحدة.
وهذا ما من شأنه أن يزيد من خطر العنف المحلي، مثل الاشتباكات المميتة التي اندلعت في 2021 بين حزب الله والجيش اللبناني إثر الاحتجاجات على التعامل مع التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت في 2020. لكن من المرجح أن تندلع مثل هذه الصراعات بين حزب الله والطوائف أو أحزاب المعارضة الأخرى، خاصة ذات الماضي القتالي التي انخرطت سابقا في نزاع مسلح مع حزب الله، مثل القوات اللبنانية.
وإذا ساهمت الحرب مع إسرائيل في إضعاف قدرات حزب الله بشكل كبير وحاولت المعارضة اللبنانية الاستفادة من هذا الضعف، فقد يضطر الحزب إلى الرد بقوة أكبر على التهديدات المحلية لسلطته من خلال شن هجمات وحوادث عنف أكبر، تكون محدودة جغرافيا، (مثل الاستيلاء على السلطة في بيروت سنة 2008 الذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 100 شخص).
وسيحدث هذا في الوقت الذي يحاول فيه الحزب إظهار أنه لا يزال لاعبا رئيسيا في السياسة اللبنانية، رغم جهود إضعافه. ولا تدفع حزب الله ولا المعارضة ضرورة سياسية لتأجيج العنف الطائفي على نطاق يمكن أن يهدد بحرب أهلية، تخاطر بتشويه صورة الجماعة المحلية وتأجيج الرواية التي تقول إنها مصدر عدم الاستقرار في لبنان. وفي نفس الوقت، من غير المرجح أن يكون للطوائف وأحزاب المعارضة القدرة على هزيمة حزب الله الضعيف. ويصبح نشوب صراع داخلي واسع النطاق بذلك أمرا مستبعدا.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، في 8 أكتوبر، إن الولايات المتحدة تريد في النهاية أن ترى لبنان “يكسر القبضة الخانقة التي فرضها حزب الله على البلاد ويزيل الفيتو الذي يفرضه على مسألة الرئيس". ولقد سيطر حزب الله على جزء كبير من غرب بيروت في سلسلة من الاشتباكات التي اندلعت سنة 2008 خلال إضراب عام بين الحزب والحكومة اللبنانية المدعومة من الولايات المتحدة. وكان عدوان حزب الله خلال الصراع مدفوعا بالرغبة في تأكيد قوته المحلية والتصدي للنفوذ الأميركي في السياسة اللبنانية.
العرب