الدينار الليبي ينهار تحت وطأة الفساد... ومفتي الإخوان يطلق الاتهامات

الدينار الليبي ينهار تحت وطأة الفساد... ومفتي الإخوان يطلق الاتهامات

الدينار الليبي ينهار تحت وطأة الفساد... ومفتي الإخوان يطلق الاتهامات


10/04/2025

جاء إعلان مصرف ليبيا المركزي، خلال الأحد الماضي، قراره تخفيض سعر صرف الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية بنسبة 13.3%، ليفتح الباب أمام القوى الفاعلة جميعًا لترمي بعضها البعض بسهم المسؤولية.

الغرياني يتهم، وحفتر في مرمى النيران

نحو ذلك، اتهم المفتي الصادق الغرياني المشير خليفة حفتر بتزوير عملة جديدة مطبوعة في روسيا، سببت في السوق طلبًا على الدولار، فارتفع سعره ارتفاعًا جنونيًّا. بينما وجّه المحافظ السابق، الصديق الكبير، سهام النقد الشديد للمجلس الرئاسي ورئيسه محمد المنفي، حيث بيّن الأول في رسالته للأخير أنّه حذّر رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، بشكل مباشر خلال شهري شباط (فبراير) وآذار (مارس) من العام الفائت، من سوء الأوضاع المالية والاقتصادية.

وقال الغرياني عبر منصة دار الإفتاء (قناة التناصح) من خلال برنامجه "الإسلام والحياة": إنّ هناك عملة جديدة مطبوعة في روسيا زيفها حفتر وأبناؤه، سببت في السوق طلبًا على الدولار، فارتفع سعره ارتفاعًا جنونيًّا، وإنّ الإجراء الصحيح في أيّ دولة عند ظهور تزوير في عملتها أن تكون لدى المصارف حاسبات تكتشف الورقة المزورة، ومن يأتي من العملاء بكميات كبيرة مزورة تصادر منه، ويجب أن يُسأل عن مصدرها، ولو فعلت المصارف ذلك، لما استطاعت الجهات المزورة للعملة أن تضارب بها في السوق وترفع العملة الأجنبية؛ لأنّ السوق لا يقبلها؛ لعلمه بأنّها ستصادر من أصحابها، فالحلول سهلة ومتاحة".

الصديق الكبير يهاجم الرئاسي ويحذر من الانهيار

من جانبه أعرب المجلس الرئاسي يوم الإثنين 8 نيسان (أبريل) الجاري عن بالغ قلقه إزاء التدهور المالي والنقدي الذي يمر به البلد في الوقت الراهن، مؤكدًا أنّ الأوضاع الاقتصادية لم تعد تسير في مصلحة المواطن الليبي، ولا تساعد على تحقيق الاستدامة المالية للدولة، بل باتت تشكل تهديدًا حقيقيًا لكيان الدولة ومستقبل الأجيال القادمة.

وفي بيان رسمي، أكد المجلس الرئاسي على ضرورة الالتزام بالاستحقاقات الوطنية والدولية، ودعا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للمحافظة على استقرار الاقتصاد الوطني. كما شدد على ضرورة دعم السياسات النقدية التي يطبقها مصرف ليبيا المركزي، بهدف الحفاظ على القيمة الحقيقية لدخل المواطن وضمان حقوق الأجيال القادمة.

الدبيبة ينفي وجود ديون، ويتحدى الجميع

من جهته، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، خلال كلمته في الاجتماع العادي الأول لمجلس وزراء الحكومة لعام 2025: إنّ حكومته لم تُحمّل الدولة الليبية دينًا عامًا، متحديًا أيّ فرد أو جهة يثبت عكس ذلك.

وقال الدبيبة: "أتحدّى أيّ شخص يتهمنا بتحميل الدولة دينارًا واحدًا كدين عام"، موضحًا أنّ الحكومة لم تصرف سوى 10% فقط من ميزانية 2024، والتي تبلغ قيمتها (123) مليار دينار، مؤكدًا أنّ هذه الميزانية "هي للدولة الليبية وليست للحكومة فقط".

وفي سياق حديثه، وجّه الدبيبة تحذيرًا لأعضاء مجلس النواب، محمّلًا إيّاهم المسؤولية عمّا وصفه بـ "الإنفاق الموازي"، الذي أسهم ـ حسب تعبيره ـ في تعميق الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

عاطف الحاسية: الدولة عاجزة... والحلول سياسية لا اقتصادية

في هذا السياق أشار الدكتور عاطف الحاسية الأكاديمي بجامعة عمر المختار، وعضو في فريق الخبراء الاقتصاديين ضمن المسار الاقتصادي لاتفاق برلين، بقوله: إنّ من أسهل ما يمكن استنتاجه من هذا التحرك المحموم في اتجاه إصلاح ما أفسده الزمن والعبث معًا، هو أننا "مقبلون على حالة غير مسبوقة من الشلل الكامل لقدرة ما تبقى من هيكل الدولة المركزية المريضة على الإيفاء بتغطية أكثر المخدرات إدمانًا، والموصوفة ـ وهمًا ـ بـ 'المرتبات'؛ تلك التي لا تقابل الحد الأدنى من الإنتاج، ولا من الخدمات لهذا الشعب التعيس."

العضو في فريق الخبراء الاقتصاديين ضمن المسار الاقتصادي لاتفاق برلين: الدكتور عاطف الحاسية

وتابع الحاسية موضحًا في تصريحاته التي خص بها (حفريات): أنّه "بحسبة بسيطة، يمكن القول إنّ مصدر الدخل الوحيد للعملة الصعبة سيهبط إلى أدنى مستوياته منذ الجائحة، وإنّ ما يقابله من الإنفاق الاستهلاكي والتنموي ـ المبرر منه نسبيًا في برقة وفزان، والمهدور منه كليًا في طرابلس ـ سيرتفع إلى أعلى مستوياته. وبذلك فإنّ العجز بين الاثنين سيكون في حدود (7 إلى 9) مليارات دولار، وذلك في حال عدم انخفاض سعر النفط تحت (60) دولارًا للبرميل، فكيف السبيل إلى سدّه؟"

وشدد الأكاديمي الليبي على أنّ "إجابة هذا السؤال، في نظري، ليست اقتصادية في جوهرها، بل هي، وبكل تأكيد، تأسيسية وسياسية."

وأشار إلى أنّ "الحديث عن دور الدولة في إدارة اقتصادها الكلي والجزئي، في سياق محاولاتها للاستجابة لهذه الأزمة، قائم على فرضية أنّها دولة ذات هوية سياسية واضحة، ومؤشرات اقتصادية موحدة، وتمثيل حقيقي لكل أقاليمها. وفي ظل الإنكار والوهم القائمين على أننا دولة تمتلك مؤسسات قادرة على إنفاذ أيّ نوع من الترتيبات، ستبقى كل هذه 'الحلول' مجرد هذيان في سكرات موت النموذج المركزي في الحكم والإدارة."

واختتم الدكتور عاطف الحاسية الأكاديمي بجامعة عمر المختار، عضو في فريق الخبراء الاقتصاديين ضمن المسار الاقتصادي لاتفاق برلين، تصريحاته لـ (حفريات)  بالتأكيد على أنّ "البناء على مشروع نجح في الشرق والجنوب ـ بدعم من البرلمان والقيادة العامة للجيش الليبي، وغالبية الشعب ـ في إعادة الإعمار بعد كارثة درنة، وفي وقت قياسي، هو ما أثار حفيظة الإسلام السياسي والحكومة منتهية الولاية في طرابلس."

كتلة التوافق: القرار يعكس فساد السلطة، ويهدد بانفجار شعبي

إلى ذلك أعربت كتلة التوافق الوطني بالمجلس الأعلى للدولة عن استنكارها للقرار الأخير الذي اتخذته إدارة مصرف ليبيا المركزي بتخفيض سعر صرف الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية بنسبة 13.3%.

وفي بيان اعتبرت الكتلة هذا القرار انعكاسًا للفساد وسوء التصرف الذي تعاني منه البلاد على المستويين السياسي والاقتصادي، وهدد بمزيد من الانهيار في كيان الدولة ومؤسساتها.

وأكدت الكتلة أنّ الأرقام والبيانات الرسمية للمصرف المركزي تُعدّ دليلاً على تدهور الأوضاع في البلاد، وأنّ التوسع في الإنفاق الحكومي دون رقابة أو تشريع واضح يعبّر عن اعتداء على ثروات الشعب الليبي.

واعتبرت أنّ "ارتفاع سعر الصرف هو بمثابة عقوبة للشعب الليبي نتيجة فساد المنظومة الحاكمة في غرب وشرق البلاد"، ممّا يعرّضها لخطر الإفلاس واندلاع "ثورة الجياع".

كما طالبت الكتلة السلطات التشريعية والأجسام الرقابية بتحمل مسؤوليتها في التصدي لهذا التدهور الاقتصادي، مشددة على ضرورة حل سياسي "ليبي-ليبي" ينهي حالة الانقسام ويقضي على الفساد.

بدورها، لفتت نادية الراشد، عضو المؤتمر الوطني السابق في ليبيا، إلى أنّ تعقيدات المشهد السياسي والأمني في ازدياد، وقد وصلت إلى طريق مسدودة في ظل هشاشة الوضع سياسيًا وأمنيًا.

نادية الراشد: الإنفاق بلغ (58) مليارًا بلا نتائج، والمواطن الضحية

واستطردت الراشد في حديثها لموقع (حفريات) بقولها: "بينما يزداد التدني الصارخ في مستوى الخدمات، يواجه الليبيون ارتفاعًا رهيبًا في سعر صرف العملة الليبية مقابل الدولار، في ظل الإنفاق المالي لحكومة الغرب والحكومة الموازية في الشرق، واستمرار تهريب النفط بطرق غير شرعية"، على حدّ قولها.

عضو المؤتمر الوطني السابق في ليبيا: نادية الراشد

وأضافت: "حتى وصل الإنفاق إلى (58) مليارًا، ولا نعلم أين أُهدرت تلك الأموال كلها. ويبقى هذا في ظل العجز وانسداد الحلول بين كل الأطراف المتنازعة، ممّا يعني أنّ هدف الجميع هو الحفاظ على السلطة، ويبقى المواطن عاجزًا أمامهم دون أيّ ردة فعل".

وتابعت: "ينبغي على الجميع إدراك أنّ الحل يكمن في توحيد كل مؤسسات الدولة وإنهاء هذا الانقسام، عبر حكومة واحدة تستطيع أن تبسط سيطرتها على كامل التراب الليبي".

وأوضحت الراشد أنّ "تقرير مصرف ليبيا المركزي هو من أعلن اختفاء الأموال، عن طريق اللجنة الدولية، بعد عجز تقرير ديوان المحاسبة عن مراقبة سير الأموال. وبالتالي، من واجب النائب العام التحرك في هذا الشأن، ولكن دون جدوى. وهذا يوضح جليًا أنّ ثمة تورطًا طال كل المؤسسات، عبر التستر وتسييس القانون دون أيّ تطبيق واقعي، وتبقى سلطة الكتائب المسلحة هي الحاكمة في نهاية المطاف داخل جغرافيا الغرب الليبي".

وشددت الراشد، في ختام حديثها لموقع (حفريات) على أنّه "لا توجد أدنى درجات الشفافية في طرق الصرف والإنفاق، وأضحى النهب عنوانًا للفاعلين المتصارعين في البلاد، فيما يبقى المواطن هو الضحية جرّاء كل هذه النزاعات".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية