إذا فاز ترامب.. ما انعكاسات ولايته الثانية على العالم؟

إذا فاز ترامب.. ما انعكاسات ولايته الثانية على العالم؟


12/10/2020

لم يسبق لرئيس أمريكي أن أثار جدلاً وخلافاً عالمياً مماثلاً لما فعله الرئيس دونالد ترامب، واليوم يستمرّ الجدل وهو يحث الخطى لإعادة انتخابه والفوز في الفترة الرئاسية الثانية التي ستجري في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، وهو أمر غير مستبعد، ويحمل رعباً للكثيرين في العالم أجمع.   

إنّ نظرة سريعة على وسائل الإعلام الأمريكية وقادة الرأي والكتّاب والمحللين والمعلقين، خاصة في المعسكر الليبرالي، تعطينا مؤشراً أولياً عن حجم الاستقطاب العامودي للمجتمع الأمريكي في اللحظة الراهنة؛ حيث يقدم معظم المحللين السياسيين الأمريكيين تصوراً قاتماً وتشاؤمياً لمجرّد التفكير بفوز ترامب الذي يستبعدون حدوثه.

 

يقدم معظم المحللين السياسيين الأمريكان تصوراً قاتماً لمجرّد التفكير بفوز ترامب الذي يستبعدونه

فعلى سبيل المثال يقول توماس رايت، مدير مركز الولايات المتحدة وأوروبا زميل أول   السياسة الخارجية ـ مشروع النظام الدولي والاستراتيجية في أمريكاـ في مقالة له نشرت في مجلة (ذا أتلانتيك) الأمريكية ومعهد بروكينغز (1-10-2020): إذا تحدّى دونالد ترامب الصعاب وفاز بولاية ثانية، فمن المرجح أن تكون السنوات الأربع المقبلة أكثر اضطراباً في السياسة الخارجية للولايات المتحدة والشؤون العالمية مقارنة بالسنوات الأربع الماضية.

اقرأ أيضاً: ماذا قال طبيب البيت الأبيض عن صحة ترامب؟

ويدعو رايت إلى التفكير في إعادة انتخاب ترامب كحركة كماشة، بمعنى الهجوم على النظام الدولي من جانبين؛ سيعزّز ترامب سيطرته على مؤسسات الحكومة، ويخضعها لإرادته، ويزيل أيّ مقاومة باقية من الحزب الجمهوري، وفي الوقت نفسه، من خلال التأكيد على رفض الولايات المتحدة لدورها القيادي التقليدي، ولذلك فإنّ فترة ولاية ترامب الثانية سيكون لها تأثير دائم على العالم عندما يكون في لحظة حساسة بشكل خاص، ومن المرجح أن تنهار تحالفات الولايات المتحدة، وأن ينغلق الاقتصاد العالمي، وستكون الديمقراطية وحقوق الإنسان في تراجع سريع.

اقرأ أيضاً: "عطس ترامب فتأثر العالم".. الاقتصاد أمام تحديات جديدة

ويرى رايت أنّ ترامب في فترة ولاية ثانية سيصرّ على مسألة الولاء في كلّ تعيين، ولكن يوجد نوعان من الموالين: الأوّل هم الجمهوريون الكبار الموالون بثبات، حتى لو اختلفوا شخصياً مع ترامب في قضايا معينة، مثل روسيا أو التدخل العسكري في الشرق الأوسط. ومن بينهم السناتور (توم كوتون)، و(ليندسي جراهام)، وسفيرة الأمم المتحدة السابقة (نيكي هايلي)، ووزير الخزانة (ستيف منوشين). قد يمنح ترامب هؤلاء الأشخاص مناصب عليا، لكنهم لن يكونوا أحراراً في مخالفة الرئيس أو متابعة أجنداتهم الخاصة، ما لم يتحالفوا مؤقتاً مع ترامب.

اقرأ أيضاً: كيف سيؤثر مرض ترامب على حملته وحظوظه الانتخابية؟

المجموعة الثانية هم الموالون المتطرّفون، الذين يدينون بمناصبهم بالكامل لرعاية ترامب. هؤلاء هم عملاء سياسيون، ومنهم (ريتشارد جرينيل) الذي كان سفير ترامب في ألمانيا، وعمل مديراً للاستخبارات الوطنية لمدة 96 يوماً، وضباط عسكريون متقاعدون ومعلقون إخباريون حاليون مثل (أنتوني تاتا)، و(دوغلاس ماكجريجور)، وتضمّ هذه المجموعة أفراد عائلة ترامب، الذين لعبوا دوراً في ولايته الأولى، ويمكن منحهم مناصب رسمية في السلطة، مثل جاريد كوشنر مستشاراً للأمن القومي أو وزيراً للخارجية، إذا احتفظ الجمهوريون بأغلبية في مجلس الشيوخ.

ترامب القومي ونظرية الكماشة

مع وجود فريق مخلص، ماذا يريد ترامب أن يفعل؟ يدّعي رايت أنّ النظرية الأكثر تفاؤلاً هي أنه سيكون قومياً مسؤولاً، مع عدم وجود انتخابات متبقية ليقاتل من أجلها لولاية أخرى، ومع اقتناعه بأنه قد أصلح العالم في ولايته الأولى، فسوف يترك الأمور تسير بشكل طبيعي، على سبيل المثال، سيكون سعيداً بحلف الناتو، لأنّ الدول الأعضاء التزمت بدفع المزيد للدفاع عن نفسها. وسيكون المحرّك السياسي الرئيسي لإدارته هو تحويل استراتيجية الولايات المتحدة لعصر تنافس القوى العظمى، لا سيّما ضد الصين.

 

مدير مركز الولايات المتحدة وأوروبا: ترامب إذا فاز سيصرّ على مسألة الولاء في كلّ تعيين

ومع ذلك، فإنّ النظرية القومية المسؤولة لديها القليل جداً من الأدلة لدعمها، فلم يؤيد ترامب شخصياً أبداً الحجة الرئيسية لاستراتيجية الأمن القومي حول منافسة القوى العظمى، ولا حتى في ملاحظاته في كانون الأول (ديسمبر) 2017 عند تقديم الخطة؛ إنه حالياً متشدد للغاية بشأن الصين، لكن هذا ربما لأنه يرى أنّ خطابه وسيلة لصرف الانتباه عن إخفاقاته في فيروس كورونا، ما يزال الدافع وراء المخاوف التجارية والاقتصادية الضيقة أكثر من المصالح الجيوسياسية الأوسع في المحيطين؛ الهندي والهادي.

اقرأ أيضاً: شتائم واتهامات في مناظرة ترامب وبايدن... كيف سيكون موقف الرأي العام؟

بالنظر إلى هوية الرئيس، تبدو نظرية أخرى - ترامب غير مقيد - أكثر ترجيحاً، في هذا السيناريو، كما يستنتج جون بولتون في كتابه الأخير، فإنّ ترامب في فترة الولاية الثانية سيكون "أقلّ تقييداً بالسياسة ممّا كان عليه في ولايته الأولى"، سيكون حرّاً في أن يكون على طبيعته في اتباع السياسات التي تقيده شخصياً من خلال ربط القرارات بمصالحه التجارية؛ من خلال الانغماس في رغبته في التصنيفات والدراما؛ ومن خلال مهاجمة أشخاص لا يحبهم، مثل أنجيلا ميركل، ومساعدة الأشخاص الذين يحبهم، مثل كيم جونغ أون.

اقرأ أيضاً: ما حقيقة تهرب ترامب من دفع الضرائب؟

من الناحية الموضوعية، سوف يضاعف من غرائزه، ويميل إلى الأفكار التي كانت لديه قبل أن يصبح رئيساً، يمكنه أن يسحب قابس الناتو بالكامل من خلال رفض الدفاع عن ألمانيا وفرنسا ودول مختارة أخرى بموجب بند الدفاع المشترك. يمكنه اتخاذ هذا القرار من جانب واحد، دون إذن من الكونغرس؛ لأنه يستلزم ببساطة تغيير التفسير الرئاسي لمعاهدة تأسيس الناتو الغامضة عن قصد.

 

يستنتج بولتون في كتابه الأخير أنّ ترامب سيكون أقلّ تقييداً بالسياسة ممّا كان عليه في ولايته الأولى

تبقى الصين هي المجهول الأكبر في ولاية ترامب الثانية، حيث تأمل مؤسسة السياسة الخارجية الجمهورية أن يكون التنافس مع الصين هو المبدأ المنظم للسياسة الخارجية للولايات المتحدة. إذا وافق ترامب على هذا الموقف، فقد يستخدم هؤلاء المسؤولون ذلك لإثبات موقفهم المفضل تجاه الشرق الأوسط (البقاء على اتصال لإبقاء الصين خارجاً)، وفي أوروبا (إشراك الناتو في مواجهة الصين)، وفي الاقتصاد (التجارة) مع أصدقائك للتنافس مع الصين. لكن لا أحد يعرف ما إذا كان ترامب سيدعم هذه الأجندة، أو ما إذا كان سيعود إلى شكل أضيق بكثير من المنافسة مع بكين، حيث يركّز فقط على الاقتصاد، بينما ينسحب من تحالفات أمريكا.

الجزء الثاني من حركة الكماشة - كيف سيكون ردّ فعل بقية العالم - مهم أيضاً في فترة ثانية.

لقد أخذ حلفاء أمريكا وخصومها نفساً عميقاً بعد انتخابات العام 2016 التي فاز بها ترامب، لم يعرفوا ما إذا كان فوزه مجرّد لحظة عابرة مؤقتة أم هو تغيير دائم، في الواقع، هذا هو السؤال الرئيسي الذي طرحته معظم الحكومات الأجنبية حول الولايات المتحدة على مدار السنوات الأربع الماضية.

اليوم، يقف حلفاء أمريكا وخصومها على رؤوس أصابعهم لمعرفة نتيجة الجولة الثانية من الانتخابات، وهل يستكمل ترامب مشروعه الشعبوي "النظرية القومية المسؤولة" أم لا؟


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية