إخوان الجزائر على محور أمريكي صيني... ما القصة؟

إخوان الجزائر على محور أمريكي صيني... ما القصة؟

إخوان الجزائر على محور أمريكي صيني... ما القصة؟


21/05/2023

سارعت حركتا (السلم) و(البناء) الإخوانيتان في الجزائر إلى ترويج خبري تواصلهما مع السفيرة الأمريكية بالجزائر ووزير الخارجية الصيني، وحرص "ورثة" الزعيم الراحل محفوظ نحناح (1942 ـ 2003)، على إظهار ذلك كـ "مُنجزَين"، فما القصة؟

على نحو متزامن، بعث وزير الخارجية الصيني تشين جانج رسالة تهنئة إلى عبد القادر بن قرينة رئيس حركة البناء الوطني (ثالث فصيل إخواني من حيث الانتشار)، إثر عقد المؤتمر الأخير للحزب الإسلامي المتأسس عام 2013.

وحرص وزير الخارجية الصيني على الإشارة إلى تصادف انعقاد المؤتمر الثاني لحركة البناء مع الذكرى الـ (65) لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والجزائر، مبرزاً اهتمام الحزب الشيوعي الصيني بـ "التواصل الودّي مع حركة البناء الوطني، واستعداده لتعزيز التعارف والثقة المتبادلة وتعميق أوجه التعاون بين الحزبين".

منى سلامي: حركتا (السلم) و(البناء)، ومعهم سائر اللفيف الإسلامي، يعانون من تيه سياسي مزمن، بعدما أضاع الإخوان الطريق وأخفقوا في تحقيق أهدافهم وتحقيق رسالتهم؛ بسبب إفلاسهم ومحدودية وعائهم الشعبي

من جهته، استقبل عبد العالي حساني شريف رئيس حركة مجتمع السلم (أكبر واجهة محلية للإخوان) السفيرة الأمريكية بالجزائر إليزابيث مور أوبين رفقة وفد دبلوماسي وُصف بـ "المهم".

وذكر بيان للحزب الإخواني المتأسس عام 1990 أنّ اللقاء شهد نقاشاً وعرضاً لوجهات النظر حول التعاون الجزائري الأمريكي في مختلف المجالات، وخاصةً خارج قطاع المحروقات، وتطورات القضية الفلسطينية، والاستقرار في منطقة الساحل والصحراء، وآثار الحرب الروسية الأوكرانية، والوضع الاقتصادي العالمي.

"الإسلام البراغماتي" في مواجهة "الولاء المطلق"

ذهب ناشطو منصة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إلى أنّ ما حدث قبل ساعات على الخط الإخواني في الجزائر له صلة باهتمام واشنطن بدعم "الإسلام البراغماتي" هناك، على خلفية حديث في الكواليس عن اعتزام الرئيس السابق لحركة مجتمع (السلم) عبد الرزاق مقري الترشّح لرئاسيات 2024، في مقابل تأييد بيجين لفصيل "الولاء المطلق" ممثّلاً في أتباع عبد القادر بن قرينة الذي حلّ وصيفاً في رئاسيات 2019، علماً أنّ الرجل يرغب في الترشح مجدداً إلى الانتخابات الرئاسية المزمعة في كانون الأول (ديسمبر) 2024.

رئيس حركة مجتمع السلم مع السفيرة الأمريكية بالجزائر

وكتب الناشط سيد علي عزوني: "رأيي الأوّل هو أنّ وزير الخارجية الصيني يدعم بن قرينة لأنّه إسلامي من نوع بني وي وي"، (جماعة نعم نعم)، وهو لفظ محلي يُطلق على الأشخاص الميكيافيليين الذين يؤمنون بأنّ الغاية تبرّر الوسيلة.  

وتابع عزوني: "ربما ترى السفيرة الأمريكية في مقري إسلامياً براغماتياً ومعارضاً للنظام وليس من بني وي وي".

واختار نور الدين زيتوني التأكيد: "يعني أنّ أمريكا تدعم (حمس) في الانتخابات القادمة، والصين تدعم بن قرينة"، وهو ما أيّده الناشطون نسيم بونابي وأيمن حركاص وأحمد عوادي.

بيد أنّ هذه التغريدات أثارت غضباً لدى أتباع حركتي (السلم) و(البناء)، الذين استغربوا قراءات ناشطي شبكات التواصل، وعلّق محمد بوعليلي: "لماذا يركّزون على الأوضاع فقط في (السلم) و(البناء)؟ وماذا يقولون عن الأحزاب الأخرى؟".

النائب البرلماني الإسلامي السابق عدة فلاحي: الواجب الأخلاقي والشرعي وحتى القانوني يحتم على الإسلاميين التحلي بالشجاعة، وفتح نقاش مسؤول حول جمودهم وتقلص رصيدهم الذي أضحى يسيء للمشروع الإسلامي الذي يدّعون أنّهم جاؤوا لخدمته

من جهته، سجّل جمال عنادي: "سفراء أمريكا متعودون على التواصل مع الطبقة السياسية لجمع الآراء وتحديد المواقف حيال مختلف الأوضاع، وزيارة سفيرة واشنطن أتت عقب انتخاب قيادة جديدة لحركة مجتمع السلم لفهم رؤيتها ولإظهار اهتمامها بما يجري من مستجدات سياسية، وخاصة الموقف من توقيف زعيم حركة النهضة التونسية، فهما حركتان متقاربتان في البلدين الجارين، حتى وإن حاول بيان السلم إبراز نقاط اقتصادية في النقاش الذي دار بين الجانبين".

وأردف عنادي: "الصين تولي عناية لمواقف الطبقة السياسية في المنطقة إزاء توجهات بكين التي تتنافس مع دول غربية على التواجد والنفوذ في أفريقيا والشرق الأوسط؛ ولذلك ترغب الحكومة الصينية في التقارب مع كافة ألوان الطيف السياسي في المنطقة، حتى وإن كان ذلك على مستوى وزيرها للخارجية".

استثمار تائه في المنعرج الأخير 

رأى الناشط حسين شرفيوي أنّ "الحديث عن دعم أمريكي صيني لضلعي المنظومة الإخوانية بالجزائر ينطوي على تضخيم"، مشيراً إلى أنّ "الأمر لا يعدو مجرد جسّ نبض، يسعى معه الإخوان في كلٍ من (السلم) و(البناء) بكثير من التهليل لإخراجه بشكل يُظهرهم كما لو أنّ كل فصيل يمثّل الرقم الصعب".

بدورها، ركّزت الناشطة منى سلامي على "استمرار معاناة حركتي (السلم) و(البناء)، ومعهم سائر اللفيف الإسلامي، من تيه سياسي مزمن، بعدما أضاع الإخوان الطريق وأخفقوا في تحقيق أهدافهم وتحقيق رسالتهم؛ بسبب إفلاسهم ومحدودية وعائهم الشعبي".

حسين شرفيوي: الحديث عن دعم أمريكي صيني لضلعي المنظومة الإخوانية بالجزائر ينطوي على تضخيم

من جانبه، ذهب النائب البرلماني الإسلامي السابق عدة فلاحي إلى أنّ "الواجب الأخلاقي والشرعي وحتى القانوني يحتم على الإسلاميين التحلي بالشجاعة، وفتح نقاش مسؤول حول جمودهم وتقلص رصيدهم الذي أضحى يسيء للمشروع الإسلامي الذي يدّعون أنّهم جاؤوا لخدمته، لكن للأسف الشديد ظهر أنّ المشروع الإسلامي استُخدم من هؤلاء وأترابهم وسيلةً وغايةً لخدمة مراكزهم التي مهما بدت لهم مهمة، فهي تبقى أوهى من بيت العنكبوت، إنْ في نظر السلطة، أو في ميزان المجتمع".

لغط "السيادة الشعبية"

وبشكل مثير، فجّرت حركة البناء لغطاً في قواعد حزب السيادة الشعبية (قيد التأسيس)، بعدما نشرت تشكيلة الوزير السابق للسياحة عبد القادر بن قرينة صوراً لما قالت إنّها لـ "مناضلين في حزب السيادة"، وتباهت بمشاركتهم في ما وصفته "المؤتمر الجامع" الذي كرّس بن قرينة رئيساً لحركة البناء إلى غاية العام 2028.

جانب من المؤتمر الأخير لحركة البناء ورئيسها عبد القادر بن قرينة

وكتب الناطق الرسمي لحزب السيادة النقيب أحمد إبراهيم شوشان: "كل نشاط سياسي نعلن عنه رسمياً، لذا نؤكد للجميع أنّ حزب السيادة الشعبية لم يتلقَّ أيّ دعوة رسمية أو غير رسمية، لا من بن قرينة ولا من أيّ حزب آخر، لحضور أيّ مؤتمر، وبالتالي فحزب السيادة الشعبية قيد التأسيس لم يكن ممثلاً في مؤتمر بن قرينة".

وطرح يوسف أبو الهمام سؤالاً كبيراً: "هل أصبح حزب بن قرينة جامعاً لمن يُسمّي نفسه بالوطني؟ أم هو اليأس والتعلق بآخر قشة؟"، في حين قال رضا بركاني: "اليأس بضاعة الفاشلين المنهزمين، وحزب البناء ليس مركز ثقل التيار الوطني، وإنّما مركز الثقل هو المبادئ والأفكار، حيث تلتقي في نقطة الاتفاق دون إقصاء لأحد".

وعلّق الناشط كمال قطاف: "الحمد لله لأنّكم لم تحضروا، حركة البناء هي حزب الدولة"، وتابع هشام بايري: "كل واحد يتكلم باسمه، وهذا هو الصواب"، كما شدّد سبتي بوعبدالله: "كل من حضر المؤتمر، حضر بشكل شخصي وليس ممثلاً لأحد، ولذلك ورفعاً للالتباس الذي وقع فيه الكثير، من الواجب تصحيح الخطأ".

مواضيع ذات صلة:

إخوان الجزائر ورئاسيات تركيا: تبجيل أردوغان وهوسٌ بالنموذج التركي

كيف يرى إخوان الجزائر أفق العالم عام 2050؟

كيف رد الناشطون على دعوة إخوان الجزائر الإفراج عن الغنوشي؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية