بدأت تظهر التحديات التي تواجه قطر في مونديال 2022 قبل إقامته بشهور، من الناحية التنظيمية، في ظل الخبرة المتواضعة لدى الحكومة المحلية في تنظيم نشاطات يشارك فيها الآلاف من الحضور.
قطر، في أول اختبار لها قبل المونديال بنحو شهرين، سجلت إخفاقاً في إدارة مباراة "كأس سوبر لوسيل"، التي جمعت نادي الهلال السعودي ونادي الزمالك المصري، على ملعب لوسيل الجديد الذي يُعدّ بسعته التي تبلغ (80) ألف مقعد أكبر ملاعب قطر الـ (8) لبطولة كأس العالم، وهو مصمم لاستضافة المباراة النهائية في 18 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
ونقلت وكالة "رويترز" المشاكل التقنية والتنظيمة التي رافقت المباراة التي أقيمت يوم الجمعة الماضي، من حيث سوء تنظيم الحشود، ونقص المياه، والتدافع، والعنف في بعض الأحيان من قبل المنظمين للفعالية، وعدم فعالية الأجهزة الأمنية.
ونقلت الكثير من الشهادات التي توثق حالة التخبط، والتساؤلات التي أثيرت حول كيف ستنجح السلطات بتنظيم فعاليات سيحضرها الملايين، في وقت لا تستطيع تنظيم مباراة حضرها بضعة آلاف؟
وسردت الوكالة في تقرير بعنوان "مشاكل تشوب تجربة قطر لاستاد يستضيف مباريات كأس العالم"، حوادث كثيرة وقعت عند خروج نحو (78) ألف شخص من الملعب، بعد مباراة كان الاستاد فيها شبه ممتلئ، لاختبار استعداد الدولة الخليجية الصغيرة للبطولة التي تنطلق في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
ونقلت "رويترز" أنّ بعض الموردين ومتعهدي تقديم الطعام وأفراد الأمن والعاملين في القطاع الطبي واجهوا صعوبات في دخول الاستاد.
وبدا أنّ نظام تبريد الملاعب، الذي وصفته قطر بأنّه الأحدث، ليس بالقوة اللازمة للحفاظ على برودة المدرجات.
وقالت الوكالة إنّه رغم أنّ قطر أنفقت مليارات الدولارات على البنية التحتية، فإنّها لم تنظّم أبداً فعالية بهذا الحجم، كما أنّ تنظيم كأس العالم في مدينة واحدة أو حولها أمر غير معتاد.
وستقام (4) مباريات حول الدوحة كل يوم في أول (12) يوماً من البطولة. ويقول الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا): إنّ (2.45) مليون تذكرة من أصل (3) ملايين محتملة بيعت بالفعل، ومن المتوقع أن يزور قطر (1.2) مليون شخص؛ أي ما يعادل نصف سكانها تقريباً.
قطر سجلت إخفاقاً في إدارة مباراة "كأس سوبر لوسيل"، التي جمعت نادي الهلال السعودي ونادي الزمالك المصري
وقالت شبكة "سي إن إن" الإخبارية، في تقرير سابق: إنّ قطر أصبحت أصغر دولة على الإطلاق تستضيف المونديال الذي يُعدّ أحد أكبر الأحداث الرياضية في العالم.
وسردت الشبكة الأمريكية خيارات المشجعين في السكن خلال زيارتهم للدوحة لحضور مباريات المونديال الأول الذي يقام في الشرق الأوسط، حيث لن تسمح السلطات القطرية بدخول الزوار من خارج البلاد إلا لمن يثبت أنّه يملك بطاقة "هيا" وحجز إقامة مؤكد، وبطاقة "هيا" هي بمثابة تأشيرة الدخول لقطر خلال فترة كأس العالم.
وقالت "سي إن إن": إنّ الدول التي سبق لها استضافة كأس العالم واجهت مشاكل لوجستية في التعامل مع العدد الكبير من المشجعين الزائرين بدءاً من النقل إلى الإقامة.
ولفتت إلى أنّ صغر حجم قطر يعطيها بعض المزايا، لكنّها بالتأكيد ستواجه تحديات في إيواء المشجعين، حيث وضعت السلطات القطرية خيارات للإقامة، بالإضافة إلى الفنادق الموجودة لاستقبال ضيوف البطولة.
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع القطرية الأسبوع الماضي توقيع اتفاقية تعاون مع نظيرتها الإيطالية لتأمين كأس العالم قطر 2022.
وقالت الوزارة في تصريح لها نشر عبر وكالة قنا: "في إطار التعاون المشترك بين وزارة الدفاع القطرية ووزارة الدفاع الإيطالية، تم في العاصمة الإيطالية روما التوقيع على الترتيبات الفنية بين الوزارتين فيما يتعلق بالتعاون في بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022".
وأوضحت الوزارة أنّه وقّع عن الجانب القطري رئيس اللجنة التنفيذية لحدث كأس العالم قطر 2022 اللواء الركن (طيار) محمد المناعي، وعن الجانب الإيطالي قائدة إدارة العمليات للقوات الجوية اللواء الركن أكيلي كازانيا.
وأبرمت الدوحة اتفاقيات أمنية مع دول إقليمية ودولية كالولايات المتحدة، وبريطانيا، وتركيا، وكوريا الجنوبية، وغيرها؛ لضمان الأمن للمشجعين والزوار الذين سيحضرون منافسات البطولة.
مشاكل تقنية وتنظيمية رافقت المباراة، من حيث سوء تنظيم الحشود، ونقص المياه، والتدافع، والعنف من قبل المنظمين، وعدم فعالية الأجهزة الأمنية
وطلبت الحكومة القطرية مساعدة من الحكومة الباكستانية في الجوانب الأمنية، وتوقيع اتفاقية مع الجيش الباكستاني تحدد فيها التزامات القوات الوافدة والتخصصات المحددة وعدد أفراد الأمن الذين سترسلهم إسلام أباد للمشاركة في عمليات الأمن والسلامة.
وأكد وزير الإعلام الباكستاني في تصريح نقلته "الإندبندنت" بالعربية نهاية آب (أغسطس) الماضي أنّ مجلس الوزراء وافق على مسودة الاتفاقية التي تسمح للحكومة بتوفير قوات أمن في مونديال 2022.
ولم تنشر قطر تفاصيل إضافية حول ما ستفعله القوات الباكستانية وعددها وأدوارها بالتحديد.
وفي شأن التعاون مع تركيا، قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو: إنّ "الشرطة التركية ستعمل على تأمين بطولة كأس العالم لكرة القدم"، مشيراً إلى أنّ (3250) فرداً سيعملون في قطر لمدة (45) يوماً تقريباً.
وأضاف، وفق ما نقلت وكالة الأناضول، أنّ "تركيا سترسل أيضاً (50) كلباً بوليسياً مدرباً مع مدربيها للكشف عن القنابل، و(50) خبيراً بإبطال مفعول القنابل.
هذا، وحقق الاقتصاد السويسري أرباحاً من المونديال، فقد ارتفعت صادرات الدولة الأوروبية من الأسلحة بأكثر من 40% لتصل إلى (516) مليون فرنك سويسري (569) مليون دولار في النصف الأول من العام الجاري، (159.8) مليون فرنك سويسري (161) مليون دولار من مبيعات أنظمة الدفاع الجوي كانت من نصيب قطر، وذلك من أجل تأمين المونديال.
وبلغت تكلفة كأس العالم (220) مليار دولار أمريكي، بحسب تقارير نشرتها وكالة الأنباء "رويترز"، وهو ما يتجاوز ضعف إجمالي ما تم إنفاقه لاستضافة كل نسخ البطولة عبر التاريخ.
وفيما يتعلق بشرب الكحول، حسمت قطر موقفها، فقد أكد القائمون على تنظيم بطولة كأس العالم أنّه سيكون مسموحاً تقديم المشروبات الكحولية "في أماكن محددة داخل المنشآت الخاصة بالبطولة".
بعض الموردين ومتعهدي تقديم الطعام وأفراد الأمن والعاملين في القطاع الطبي واجهوا صعوبات في دخول الاستاد
وتُعدّ هذه المرة الأولى التي يقام فيها المونديال في منطقة الشرق الأوسط ببلد مسلم، حيث يُعتبر تناول المشروبات الكحولية من المحرمات الدينية.
وأكد المنظمون تخصيص منطقة في العاصمة الدوحة للمشجعين تتسع لنحو (40) ألف شخص، حيث سيمكنهم شراء الكحول في تلك المنطقة، حسبما نقلت "بي بي سي".
وقال الرئيس التنفيذي لبطولة كأس العالم في قطر ناصر الخاطر: "نريد أن يأتي الناس إلى بلادنا، وأن يعيشوا تجارب لن ينسوها أبداً".
وأشار الخاطر، في تصريح صحفي، إلى أنّهم ما يزالون "يضعون اللمسات الأخيرة على إستراتيجية الكحول"، لكنّها المرة الأولى التي تُعلن فيها اللجنة العليا للمشاريع عن خطط تسمح بتناول المشروبات الكحولية في محيط الاستادات.
ولم يتم بعد تأكيد ما إذا كان ذلك سيسمح به في الردهات أو في باحات الاستاد ذاتها، لكنّ تقارير تفيد بأنّ حاملي التذاكر سيسمح لهم بشراء الكحول قبل بداية المباريات بـ (3) ساعات، وبعد انتهائها بساعة، وليس في أثناء المباراة.
ولا يُسمح لغير بارات الفنادق، والمطاعم المرخصة، ببيع الكحول في قطر، لكن سيسمح للزائرين في أثناء المونديال بشراء الكحول في مهرجان الفيفا للمشجعين بحديقة البدع في الدوحة.
وينطلق مونديال قطر 2022 في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بمباراة الافتتاح بين منتخبي قطر والإكوادور في استاد "البيت".
وعلى مدى (29) يوماً، ستشهد البطولة (64) مباراة، على أن يسدل الستار على المنافسات في 18 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، تزامناً مع اليوم الوطني للدولة الخليجية، في استاد "لوسيل" الذي يتسع لـ (80) ألف مشجع.