أين تكمن مخاطر عام 2024؟

أين تكمن مخاطر عام 2024؟

أين تكمن مخاطر عام 2024؟


16/01/2024

طارق العليان

قال إيان بريمر، مؤسس ورئيس مجموعة أوراسيا وGZERO Media، إن عام 2024 يمثل على الصعيد السياسي عام الشر المستطير، أو السنة الرهيبة التي لا ينبغي ذكرها.

وأضاف في تحليله بموقع "جزيرو ميديا": "أود أن ألطف من هول هذه السنة، لكنني لا أستطيع ذلك: فمن منظور المخاطر السياسية العالمية، يُعدّ هذا العام من الأخطر  والأكثر غموضاً في مسيرتي المهنية".

3 حروب تهيمن على الشؤون العالمية

وذكر بتقرير أهم المخاطر لعام 2024 الصادر عن مجموعة أوراسيا، بما فيها ثلاث حروب: روسيا ضد أوكرانيا، التي دخلت الآن عامها الثالث؛ وإسرائيل ضد حماس، وهي الآن في شهرها الثالث؛ والولايات المتحدة في مواجهة نفسها،

روسيا وأوكرانيا

يزداد الوضع بين روسيا أوكرانيا سوءاً، فقد أصبحت روسيا في الوقت الحالي تمتلك زمام المبادرة في ساحة المعركة، في حين قد تخسر أوكرانيا قدراً كبيراً من الاهتمام والدعم الدوليين. فبالنسبة للولايات المتحدة، على وجه الخصوص، أصبحت أوكرانيا أولوية سياسية ثانوية، على الرغم من سقوط مئات الآلاف من الضحايا ونزوح ملايين الأوكرانيين.

ومن شأن الصعوبات في ساحة المعركة، وتضاؤل الدعم الغربي، والاقتتال السياسي الداخلي، أن يؤدي إلى زيادة مشاعر اليأس لدى الأوكرانيين، مما يزيد من احتمالات التصعيد في هذا الصراع. ورغم افتقار روسيا لأدوات تحقيق النصر، فإن أوكرانيا ستنقسم بحكم الأمر الواقع هذا العام، وقد "تخسر" الحرب في وقت مبكر من عام 2025.

إسرائيل وحماس

ويزداد الوضع بين إسرائيل وحماس سوءاً أيضاً، فقد هزت الهجمات التي نفذتها حماس في السابع من أكتوبر(تشرين الأول) منطقة الشرق الأوسط وأخرجتها من حالة اللامبالاة التي كانت تسودها، كما لا توجد طريقة واضحة لإنهاء القتال الذي أعقب ذلك. وفي حين لا ترغب أي دولة في اندلاع حرب إقليمية، فإن الوضع متفجر مع وجود عدد كبير من الجهات الفاعلة التي يمكنها تصعيد الصراع، ومنها حكومة الحرب الإسرائيلية، وحزب الله، والحوثيين، والميليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق. وبناءً على ذلك، فمن المرجح أن يكون القتال الحالي في غزة مجرد مرحلة أولى في نشوب صراع أوسع نطاقاً هذا العام.

زيادة كبيرة في حجم مشاعر التطرف

ومهما كانت النتيجة العسكرية، فإن الزيادة الكبيرة في حجم مشاعر التطرف هو أمر لا مفر منه. حيث يشعر عدد كبير من اليهود الإسرائيليين بأنهم معزولون عالمياً وحتى مكروهون بعد أن تعرضوا لأسوأ موجة من أعمال العنف ضدهم منذ المحرقة. أما الفلسطينيون فإنهم يواجهون ما يعدونه إبادة جماعية، دون وجود فرص للسلام ولا آفاق للخروج من هذا المأزق. كما تنتشر الانقسامات السياسية العميقة حول الصراع في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وفيما بين أكثر من مليار شخص في العالم الإسلامي الأوسع، ناهيك عن الولايات المتحدة وأوروبا.

التحدي الأكبر في 2024

أما التحدي الأكبر في عام 2024، برأي الكاتب، فيتمثل في مواجهة الولايات المتحدة نفسها. ورغم أن المؤسسة العسكرية الأميركية والاقتصاد الأمريكي لا يزالان قويين إلى حد كبير، فإن نظامها السياسي أكثر اختلالاً من أي نظام ديمقراطي آخر بين الدول الصناعية المتقدمة. وستؤدي انتخابات 2024 إلى تفاقم هذه المشكلة بغض النظر عمن سيفوز، مما سيؤدي إلى تفاقم الانقسام السياسي في البلاد، وتعرض الديمقراطية الأمريكية إلى اختبار قاس بدرجة لم تشهدها الأمة منذ 150 عاماً، مما سيؤدي إلى تقويض مصداقية الولايات المتحدة على المسرح العالمي.

وسيتوجه ثلث سكان العالم إلى صناديق الاقتراع هذا العام، ولكن الانتخابات الأمريكية المضطربة إلى حد غير مسبوق ستكون الأكثر أهمية على الإطلاق بالنسبة لأمن العالم واستقراره وتوقعاته الاقتصادية. وستؤثر النتيجة على مصير ثماني مليارات من البشر، ولن يشارك في هذه النتيجة سوى 160 مليون أميركي فقط، على أن يتم تحديد الفائز من خلال عشرات الآلاف من الناخبين في حفنة من الولايات المتأرجحة.

أما الجانب الخاسر، سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين، فسيعتبرون النتيجة غير شرعية ولن يكونوا على استعداد لقبولها. تواجه أقوى المؤسسات السياسية الأساسية بأكبر دولة في العالم تحديات خطيرة: الانتخابات الحرة النزيهة، والنقل السلمي للسلطة، والضوابط والتوازنات التي يوفرها الفصل بين السلطات. وبما أن نتيجة التصويت في الأساس لا تعدو كونها مجرد لعبة حظ (على الأقل في الوقت الحالي)، فإن الأمر الوحيد المؤكد هو استمرار الضرر الذي سيلحق بالنسيج الاجتماعي الأمريكي ومكانته الدولية. ومن ثم يُمكن القول بأن الوضع السياسي للاتحاد في الولايات المتحدة يتعرض بالفعل لحالة من الاضطراب الشديد.

صراعات متفاقمة

ولا تتمتع أي من هذه الصراعات الثلاثة بعناصر وقائية كافية تمنعها من التفاقم. ولا يوجد قادة مسؤولون راغبون وقادرون على إصلاح الفوضى، أو الحد منها على الأقل. والواقع أن هؤلاء القادة ينظرون إلى خصومهم (وأنصار خصومهم) باعتبارهم أعداء لدودين ــ "أعداء الشعب". أما الإشكالية الأكبر فهي افتقار أي من تلك الأطراف المتحاربة للتوافق على ما يتقاتلون عليه

وعلى النقيض من ذلك، ظل الكثيرون منذ فترة طويلة ينظرون للتغير المناخي بوصفه التحدي العالمي الأعظم، ولكن العالم في طريقه إلى الاستجابة، بشكل جماع ولو ببطء شديد، لأن الجميع يدركون طبيعة المشكلة. فهناك كم هائل من ثاني أكسيد الكربون (والميثان) في الغلاف الجوي، وسيزداد هذا الكم لأنه ضروري للنمو الاقتصادي، مما يؤدي إلى حدوث ضرر طويل الأمد للتنوع البيولوجي وسيتأثر الجميع نتيجة لذلك، لكن الدول الأكثر فقراً ستظل أكبر المتأثرين. لكن لن تظل أبعاد هذه القضية من الأمور المثيرة للجدل؛ فما هي إلّا مسألة وقت قبل أن يُقدم الجميع التنازلات. ولذلك فإننا ننظر بإيجابية حيال الوجهة التي نتجه إليها تبعاً لما سبق.
لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لأي من الصراعات الكبرى التي ستتسبب في إثارة المخاطر الجيوسياسية هذا العام، حسب بريمير.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية