أردوغان ينحني للعاصفة ولا يتخلى عن "دبلوماسية" العداء

تركيا

أردوغان ينحني للعاصفة ولا يتخلى عن "دبلوماسية" العداء


28/11/2020

يستبعد محللون أن يغيّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي دخل في مواجهات عنيفة مع حلفاء بلاده الغربيين، نهجه الصدامي على الرغم من أن سياسته أدخلت تركيا في نفق مظلم على جميع المستويات.

وأدت السياسة الخارجية لأردوغان التي تزداد حدة منذ 2016، إلى قيام هوة كبيرة بين أنقرة وحلفائها الغربيين وإلى تفاقم الوضع الاقتصادي في بلاده.

ويواجه الرئيس التركي اتهامات من منتقديه باعتماد دبلوماسية هجومية لتعبئة قاعدته الانتخابية الإسلامية القومية، في ظل صعوبات اقتصادية تضر بشعبيته.

لكن الحكومة التركية تؤكد أنها تدافع عن مصالح البلد في منطقة تعاني من انعدام الاستقرار وفي مواجهة قوى معادية وهي ذرائع لم تعد تقنع الرأي العام التركي وتسببت في جفاء بين أنقرة ومعظم حلفائها وشركائها العرب والغربيين.

ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية، صدرت عن أردوغان في الأيام الأخيرة مواقف تهدئة موجهة إلى أوروبا، فأكد أن مستقبل تركيا لا ينفصل عن مستقبل القارة الأوروبية.

لكن الواقع أن عمليات أنقرة التي تنشر قوات في مناطق مختلفة من ليبيا إلى سوريا مرورا بشرق المتوسط، تثير غضب الغرب الذي لم يعد يثق في التطمينات التي تسوقها تركيا في الفترة الأخيرة.

ويدرك الشركاء الأوروبيين أن الرئيس التركي يحاول فقط الانحناء للعاصفة ليخرج من مأزقه بأخف الأضرار السياسية والاقتصادية في الوقت الذي تواجه فيه بلاده وضعا صعبا تخشى معه تفجر الجبهة الاجتماعية.

وإن كانت عروض القوة تلك والدخول في معارك ليّ أذرع مع الشركاء والحلفاء الغربيين، تلقى شعبية في تركيا، إلا أنها قد تُبعد أي مستثمرين محتملين، في حين أن تركيا بأمس الحاجة إلى أموال خارجية حاليا.

ويحاول أردوغان في الفترة الأخيرة التهدئة وبث رسائل تطمين في كل الاتجاهات لجهة استقطاب الاستثمارات الأجنبية وإقناع المستثمرين المحليين والأجانب بضخ أموال في السوق التركية من خلال تقديمه عروضا مغرية، لكن خطاباته لم تلق تجاوبا حتى الآن لا محليا ولا أجنبيا.

وينظر المستثمرون الأجانب إلى السوق التركية منذ سنوات على أنها باتت عالية المخاطر وأن الاستثمار فيها في ظل التوتر القائم مع الشركاء الغربيين وفي ظل عدم الاستقرار السياسي والمالي، يعتبر مجازفة.

وأوضح سنان أولغن رئيس مركز إدام للأبحاث في اسطنبول أن سياسة أردوغان الخارجية أفضت إلى "علاقة متوترة بين تركيا وشريكيها الاقتصاديين الرئيسيين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة".

وتُشكل عمليات التنقيب عن الغاز التي تقوم بها تركيا بشكل أحادي في مناطق متنازع عليها مع اليونان وقبرص في شرق المتوسط، أحد المواضيع الخلافية الرئيسية بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.

وهددت بروكسل بفرض عقوبات إذا استمرت أنقرة على هذا النهج وستكون المسألة في صلب قمة أوروبية تعقد في 10 و11 ديسمبر/كانون الأول.

ويبدو أن التهديد بفرض عقوبات أوروبية قد تدفع الاقتصاد التركي إلى الهاوية وهزيمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أقام أردوغان معه علاقة شخصية، في الانتخابات الرئاسية، أقنعا الرئيس التركي بخفض حدة نبرته في الأسابيع الأخيرة.

فمن إبداء تمسكه بأوروبا، وعد في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني بإجراء إصلاحات قضائية لـ"تعزيز دولة القانون"، سعيا منه لطمأنة المستثمرين.

غير أن فوز الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية قد يطرح مشكلات جديدة لأنقرة الخاضعة لعقوبات أميركية إثر شرائها أنظمة صاروخية روسية من طراز إس-400.

ورتأمل اليونان ومصر من واشنطن أن تلقي بثقلها في شرق المتوسط لوضع حد للأنشطة التركية التي لم تكن تقلق ترامب على ما يبدو.

ورأى أنتوني سكينر من مكتب "فيريسك مايبلكروفت" للاستشارات أن "العلاقات التركية الأميركية قد تتراجع إلى حد أدنى جديد في 2021".

وأوضحت سينام أدار من مركز الدراسات المطبقة حول تركيا في برلين أنه بعد محاولة الانقلاب في العام 2016، تكون لدى أردوغان الانطباع بأن "الشركاء الغربيين تخلوا" عن أنقرة.

وتابعت أن الرئيس التركي شعر بأنه "لم يعد بإمكانه أن يثق بأوروبا والولايات المتحدة لتعزيز أمن تركيا"، ما دفعه بنظرها للقيام بمبادراته أحادية الجانب.

وأنفقت تركيا في السنوات الأخيرة مئات ملايين اليوروات لتطوير قدراتها العسكرية، ما يشكل برأي سينام أدار "عاملا أتاح عدائيته المتزايدة"، لكن هذا النهج ترتب عليه أثمان عالية، فخسرت الليرة التركية حوالي ربع قيمتها حيال الدولار منذ مطلع السنة، وما زاد من تدهورها التوتر الدبلوماسي ولا سيما مع فرنسا منذ بضعة أشهر.

وقال أولغن إن "المخاطر الجيوسياسية المتزايدة تُشكل ضغطا على الليرة" ولها "وطأة على حركة الاستثمارات المباشرة الآتية من الخارج".

وتراجعت هذه الاستثمارات الآتية خصوصا من أوروبا والتي تساهم خصوصا في استحداث وظائف، من 16 مليار يورو في 2007 إلى سبعة مليارات في 2019، وفق أرقام الأمم المتحدة.

وعلقت شركة 'فولكسفاغن' الألمانية للسيارات العام الماضي قرار إقامة مصنع في تركيا، مبدية "قلقها" حيال الهجوم العسكري الذي شنته أنقرة على المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا.

وفي نهاية المطاف، تخلت الشركة الألمانية العملاقة نهائيا عن مشروعها في يوليو/تموز، متذرعة رسميا بتفشي وباء كوفيد-19.

عن "ميدل إيست أونلاين"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية