شبح الطائفية يلقي بظلاله على تشكيل الحكومة اللبنانية

 شبح الطائفية يلقي بظلاله على تشكيل الحكومة اللبنانية


03/08/2021

قلبت حادثة مقتل شاب شيعي ينتمي لحزب الله واستهداف جنازته وسقوط آخرين من قبل قبائل عربية سنيّة الأولويات في لبنان؛ إذ خطفت حادثة طائفية بين المكونين السني والشيعي بمدينة خَلدة الساحلية التي تقع على بعد 12 كيلومتراً جنوب العاصمة بيروت، الضوء من أنباء تشكيل الحكومة المتعثرة، بعد أن كان مفترضاً أن يعرض رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي تشكيلاً مبدئياً على الرئيس ميشيل عون، في مؤشر يعكس الرغبة السريعة في إنجاز ملف الحكومة، وإن لم يكن متوقعاً أن يمر ذلك التشكيل أصلاً دون عراقيل.

الاشتباكات المسلحة بمنطقة خلدة بالعاصمة بيروت أسفرت عن سقوط ضحايا وإصابة عدد من المواطنين وأحد العسكريين

منذ وقعت الحادثة أول من أمس بات الهم الرئيسي في لبنان امتصاص تداعياتها وعدم التصعيد، خصوصاً أنّ انجرار الدولة إلى مواجهة طائفية واسعة في هذا التوقيت الحرج يعني انتقال الأوضاع الكارثية بالأساس إلى الانهيار التام.

مارس حزب الله اللبناني ضبط النفس، وطالب الجيش بالتدخل للسيطرة على الأوضاع، في تصرف قلما يصدر عن الحزب الذي يعتبر الجنوب منطقة نفوذ غير مقبول الاقتراب منها أو زعزعة هيمنته فيها، إلّا أنّ التصرف الاستثنائي، بحسب وجهة نظر البعض، من قبل الحزب، يتسق مع الوضع غير الاستثنائي الذي يعيشه لبنان منذ شهور، تحديداً مع انفجار مرفأ بيروت في آب (أغسطس) الماضي، والفوضى التي يُعدّ حزب الله رقماً رئيسياً فيها.

غير أنّ موقع "لبنان 24" يرى في تصرف حزب الله صورة تقليدية، وليست استثنائية، على اعتبار أنّ الحزب دأب في الفترة الأخيرة في امتصاص الحوادث الطائفية منعاً لتفاقمها، يقول الموقع: تعاطى حزب الله مع حادثة اغتيال الشاب علي شبلي أثناء حضوره حفل زفاف قريب له بصورة تقليدية؛ أي إنّ الحزب لم يخرج عن أسلوب تعامله السابق مع أحداث مماثلة، مع فارق أنه أعلن أنّ الشاب شهيد في بيان رسمي؛ أي إنه تبنّاه عملياً.

وأضاف أنه "منذ نحو عام يحاول الحزب تجنب أي إشكال في خلدة، فقد أجبر شبلي على عدم العودة إلى منزله في المنطقة، وطلب منه البقاء في الجنوب تجنباً لمزيد من الإشكالات، حتى إنّ "سنتر شبلي" بقي مغلقاً بعد احتراقه".

وتعود الواقعة بالأساس إلى مقتل شاب سنّي في إشكال طائفي على خلفية رفع لافتة في أحد المناسبات الشيعية، ما دفع شقيق القتيل إلى الترصد لشبلي وقتله خلال حضوره حفل زفاف، ولم يقف الأمر عند ذلك، بل تم استهداف جنازته ما أسفر عن سقوط عدد من الضحايا قدّرتهم بعض المواقع بـ3 قتلى وعشرات الجرحى.

اقرأ أيضاً: فرنسا تحذر القوى السياسية في لبنان من عدم تشكيل الحكومة... تفاصيل

من جانبه، تدخل الجيش اللبناني سريعاً في محاولة لفرض الأمن، وتقويض سطوة السلاح في شوارع خلدة، وأعلنت قيادة الجيش اللبناني أنّ الاشتباكات المسلحة التي وقعت في منطقة خلدة بالعاصمة بيروت أسفرت عن سقوط ضحايا وإصابة عدد من المواطنين وأحد العسكريين.

وأشار الجيش، في بيان، إلى أنّ وحداته سارعت إلى الانتشار في المنطقة وتسيير دوريات راجلة وثابتة، وتمّ التحذير من أنه سيتم إطلاق النار باتجاه كل مسلح يتواجد على الطريق في منطقة خلدة، وكل من يقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر، بحسب ما أوردته وكالة أنباء الشرق الأوسط.

بات الهمّ الرئيسي في لبنان امتصاص تداعيات حادثة خلدة وعدم التصعيد

من جانبها، أشارت "عشائر العرب" تعليقاً على مقتل شبلي إلى أنّه "من العادات والتقاليد الأخذ بالثأر إذا لم تتمّ المصالحة بين المتخاصمين"، موضحةً أنّ "ما حصل بمقتل علي الشبلي ليس سوى أخذ بالثأر، والقاتل شقيق المقتول حسن غصن"، بحسب ما أورده موقع النهار.

وأضافت في بيان: "نتمنى على ذوي المقتول علي شبلي اعتبار القتل أنه العين بالعين ولا يتجاوز ذلك، ونحن جميعاً نحرص على الحفاظ على السلم الأهلي وحق الجوار والمشاركة الوطنية"، معتبرةً "الحادثة ثأرية لا أكثر، وتوضع في يد القضاء اللبناني، إلى أن يأمر الله بأمره".

وشدّدت العشائر على أنّها "ترجو ألّا يجرّها الأمر إلى فتنة لا تحمد عقباها"، لافتةً إلى أنّ "يدها بيد كل من يريد صلحاً والخير للوطن والأمّة".

من جانبه، أكّد "حزب الله"، بحسب المصدر ذاته، على "رفضه المطلق لكلّ أنواع القتل واستباحة الحرمات والكرامات"، وأهاب حزب الله، في بيان، "بالأجهزة الأمنية والقضائية التصدي الحازم لمحاسبة الجناة والمشاركين معهم، إضافة إلى ملاحقة المحرضين الذين أدمنوا النفخ في أبواق الفتنة واشتهروا بقطع الطرقات وإهانة المواطنين".

كيف علق الرئيس؟

في الوقت الذي لا يُتوقع فيه مرور التشكيل الأول لحكومة ميقاتي بسلاسة من قصر بعبدا، خصوصاً في ظل تمسك عون بالشروط نفسها التي أعاقت تشكيل حكومة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، من التمسك بحقائب بعينها، وبعدد محدد للوزراء المسيحيين، خرج الرئيس الذي تحمّله قوى عدة داخلية وخارجية مسؤولية المشهد الحالي، محذراً من خطورة الانفلات الأمني.

مارس حزب الله اللبناني ضبط النفس وطالب الجيش بالتدخل للسيطرة على الأوضاع

وأعرب الرئيس اللبناني عن أسفه من الأحداث الأمنية التي شهدتها منطقة خلدة، والتي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المواطنين، مطالباً قيادة الجيش باتخاذ الإجراءات الفورية لإعادة الهدوء، وتوقيف مطلقي النار، وسحب المسلحين.

وحسب الوكالة الوطنية للإعلام، تابع "الرئيس عون الأحداث الأمنية المؤسفة التي شهدتها منطقة خلدة، والتي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المواطنين"، مشيرة إلى أنّ الرئيس عون "اعتبر أنّ الظروف الراهنة لا تسمح بأي إخلال أمني أو ممارسات تذكي الفتنة المطلوب وأدها في المهد، ولا بدّ من تعاون جميع الجهات تحقيقاً لهذا الهدف".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية