
عاد الجدل في تونس بشأن التعيينات التي تمت خلال فترة حكم حركة النهضة (2011 – 2014)، مع تصاعد المطالب بنشر التقرير النهائي لعمليات التدقيق، وسط اتهامات بالمماطلة وغياب الشفافية. فقد ناقشت لجنة تنظيم الإدارة ومكافحة الفساد بالبرلمان، في جلسة استماع أخيرة، مستجدات هذا الملف الحساس، في ظل تأخر إصدار النتائج رغم مرور ما يقارب عامين على بدء العمل به.
وتتهم جهات سياسية وإعلامية حركة النهضة، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين، بإدماج آلاف الموظفين في الإدارة العمومية خلال فترة حكمها، وهي اتهامات ترفضها الحركة، رغم أن العديد من قياداتها يواجهون قضايا أمام القضاء أو في السجن حالياً.
النائب البرلماني بوبكر يحيى، دعا في تصريح لموقع "اندبندنت عربية"، إلى كشف التقرير النهائي وتطبيق القانون، محذراً من وجود غموض كبير في المسار القانوني للتدقيق.
وأشار إلى احتمال وجود "مقاومة من داخل الإدارة العميقة"، معتبراً أن البرلمان سيتحرك لطلب توضيحات رسمية من الحكومة في هذا الشأن.
مساعي الرئيس قيس سعيد لإصلاح الإدارة تواجه عقبات متعددة منها تحفظات النقابات وأداء الحكومة غير المستقر
هذا التأخير يطرح تساؤلات حول مدى جدية السلطة في مكافحة الفساد وتفكيك ما يُعرف بإرث "التمكين الإخواني". ويرى محللون أن مساعي الرئيس قيس سعيد لإصلاح الإدارة تواجه عقبات متعددة، منها تحفظات النقابات وأداء الحكومة غير المستقر.
الباحث هشام الحاجي أكد، أيضا لاندبندنت عربية، أن عملية مراجعة التعيينات تحوّلت إلى تقليد بعد كل تغيير سياسي، لكنها تبقى محدودة الأثر في ظل غياب مشروع ثقافي وفكري حقيقي لتفكيك تأثير حركة النهضة. وانتقد ما سماه غياب مقاربة واضحة لدى الرئيس للإصلاح الإداري، مع كثرة التعديلات الحكومية كدليل على التخبط.
يُذكر أن الرئيس قيس سعيد أصدر في سبتمبر 2023 أمراً بإنشاء لجان تدقيق في الانتدابات منذ 2011، لكنها لم تنشر بعد نتائجها. ويرى الباحث الجمعي القاسمي أن تأخر الحسم في هذا الملف يعكس إشكالات هيكلية ويهدد بفشل جهود الإصلاح، مشيراً إلى أن عديد الموظفين المعنيين لا يزالون في مواقعهم، مما يعمق الشكوك بشأن نجاعة المعالجة.