الإسلاميون في كينيا ما بين الدعوة السلمية والعمل المسلح

الإسلاميون في كينيا ما بين الدعوة السلمية والعمل المسلح

الإسلاميون في كينيا ما بين الدعوة السلمية والعمل المسلح


11/06/2025

تتواجد حركات الإسلام السياسي في كينيا وتنتشر في جغرافيا واسعة، وهي ما بين الإخوان وحركة الشباب، أي بين جماعات تنتشر بهدوء عن طريق الدعوة السلمية، وأخرى عن طريق حمل السلاح يتمددون ويسيطرون على جغرافيا واسعة في تلك الدولة الأفريقية.

جماعة الإخوان نشاط ملحوظ مستمر

يعتبر التنظيم الدولي للإخوان أنّ تنزانيا وجزر القمر وكينيا قسم واحد، وأنّه لا بدّ من التكامل بين وحدات المنطقة لإنجاح الخطة (وهو ما يعني التواصل بين الإخوان في الدول  الثلاث، من أجل إعطاء الأولوية للعمل مع المجتمع لاستهداف كل شرائحه، وزيادة أعضاء التنظيم، وصناعة علاقات فاعلة مع دوائر صنع القرار).

النشاط الواضح للإخوان في كينيا يتم عبر (الحزب الإسلامي الكيني)، وهو ليس له نشاط خشن، في بلد يمثل فيه المسلمون أقليّة أمام المسيحيين.  

وتعمل جماعة الإخوان من خلال منظمة الدعوة الإسلامية، التي يمثل فرعها في نيروبي أحمد صالح، إلا أنّ مركز الشباب المسلم (MYC)، هي جماعة تتخذ من نيروبي مقرًا لها ينتشر فيها الإخوان أيضًا، وقد اتُهم بعض أعضائها بدعم حركة الشباب في الصومال، ومن أبرز دعاتها: أبو روغو محمد.

وتتواجد جماعات أخرى في كينيا مثل (جماعة الهجرة في ماجينجو)، ومقرها كينيا وتنزانيا، وهي جماعة أسسها رجل الدين الكيني في (بومواني) أحمد إيمان علي، الذي أسهم في بناء العديد من المساجد للحركة في ماجينجو، وفي متوابا، ومومباسا.

يعتبر التنظيم الدولي للإخوان أنّ تنزانيا وجزر القمر وكينيا قسم واحد

على ناحية أخرى تتواجد جماعات تؤمن بالعمل المسلح، ومنها "جيش أيمن"، الذي يتخذ من غابة بوني بمنطقة الغابات الشاسعة في لامو ملاذاً له، وقد أقام صلات مع كتيبة "نبهان" بين شمال شرق كينيا وجنوب الصومال، بقيادة لقمان عيسى عثمان، شقيق عثمان عيسى عثمان، أحد المدبرين لهجوم فندق بارادايس المملوك لإسرائيل في مومباسا عام 2002.

وتمتلك حركة الشباب الصومالية في كينيا فرعين رئيسيين لها، وهما جماعة الهجرة، وجيش أيمن، والأولى هي شبكة لها وجود حتى تنزانيا المجاورة، أسسها رجل الدين الكيني "بومواني" في مدينة ماجينجو عام 2007، وسيطر على عدد من المساجد في متوابا ومسجد موسى ومسجد السكينة في مومباسا، وأسس مركز الشباب المسلم  (MYC) ليقود عملية تجنيد الكينين وضمهم إلى حركة الشباب في الصومال، وردًا على هذا التمدد والتوغل، أطلقت الحكومة الكينية عام 2011 عمليتها العسكرية ليندا نيشي (حماية البلد) في جنوب الصومال ضد هذه التوجهات، ممّا دفع حركة الشباب للرد والاندماج رسميًا مع مركز الشباب المسلم وتكوين جماعة (الهجرة) بكينيا.

يشار إلى أنّه في تموز (يوليو) 2018 أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، في الأمر التنفيذي رقم (13224)، تصنيف جماعة "الهجرة" في كينيا جماعة إرهابية لتبعيتها لحركة الشباب، ونشاطها في تجنيد الشباب الكيني وتسهيل سفره إلى الصومال.

وأمّا الجماعة الثانية، فهي "جيش أيمن" في لامو، تشكلت من وحدة مسلحة تُسمّى "نبوسيا" تحت قيادة تيتوس نبسيوا، المعروف أيضًا باسم "مُعلم خالد" و"مُعلم كينيا"، والتي عملت في كينيا بأوامر "أحمد عبدي غودان" زعيم الشباب السابق.

وقد كان أعضاء الجماعة على اتصال بجماعة "الهجرة"، وعملت وحدة "نبوسيا" على شن هجمات بالقنابل اليدوية على نطاق صغير في غاريسا ونيروبي ومومباسا بعد وقت قصير من بدء عملية "ليندا نشي" ضد حركة الشباب في تشرين الأول   (أكتوبر) 2011.

عن طرق العمليات الإعلامية وشبكات نشر التطرف تواجد تنظيم (داعش) في كينيا عن طريق شبكة (أبو الفداء).

 

ووفق مؤشر الإرهاب العالمي فقد ارتبط "جيش أيمن" بالعديد من الهجمات البارزة في كينيا، وعلى رأسها هجوم ويستجيت مول (Westgate Mall)  في عام 2013، والذي يعتقد أنّ أحد كبار قادة جيش أيمن، عبد اللطيف أبو بكر، لعب دوراً في التخطيط والتنفيذ، كما هجم على جامعة غاريسا في عام 2015، الذي أسفر عن مقتل (147) شخصًا على الأقل، وهو الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في كينيا منذ تفجير القاعدة للسفارة الأمريكية عام  1998. هذا إلى جانب معركة كولبيو في عام 2017 التي قام خلالها إريك أشيو أوجادا وأنور يوغان مووك بقيادة سيارة مفخخة على قاعدة عسكرية مشتركة بين قوات الدفاع الكينية والصومالية ممّا أسفر عن مقتل العشرات من الجنود.

ونتيجة لهجمات "جيش أيمن"، دعت حركة الشباب الصومالية إلى الاحتذاء به في حملاتها الدعائية التي جاءت تحت اسم "لا حماية إلا بالإيمان"، وهو ما جاء على لسان المتحدث باسم الحركة علي محمود راج، بقوله: "الآن، مع اقتحام المجاهدين للأراضي الإسلامية المحتلة في كينيا وخارجها، حان الوقت لإعادة رسم خريطة شرق أفريقيا".

تنظيم (داعش) يتمدد أيضًا

نجح تنظيم (داعش) الصومال في التمدد إلى كينيا عن طريق الأموال الطائلة التي دفعها لعملية نشر التطرف والتجنيد، وأشار تقرير للأمم المتحدة صدر في منتصف عام 2022 إلى أنّه سيطر على ما يُعرف بـ (مكتب الكرار)، وهو بمثابة مركز مالي يحوّل أموالًا طائلةً لتمويل أفرع تنظيم (داعش) في القارة الأفريقية في موزمبيق وفي خراسان بأفغانستان، وتربطه صلات كبيرة بعناصر التنظيم في كينيا.

نجح تنظيم (داعش) الصومال في التمدد إلى كينيا عن طريق الأموال الطائلة التي دفعها لعملية نشر التطرف والتجنيد

وعن طرق العمليات الإعلامية وشبكات نشر التطرف تواجد تنظيم (داعش) في كينيا عن طريق شبكة (أبو الفداء)، وهي شبكة التجنيد في الجامعات الكينية التي كشفتها المخابرات الكينية في عام 2016، ونشطت بشكل خاص في جامعة (MOI) في غرب البلاد، وكان قائدها محمد عبدي علي وزوجته نسيبة محمد حاج، وهما معروفان بكنيتهما: "أبو فداء وأم فداء".

لقد تمّ جذب عناصر هذه الشبكة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات (الواتساب) من خلال عرض قروض منخفضة الفائدة مع خطط سداد مرنة. وكان أحد شروط الحصول على هذا القرض ينطوي على التحول إلى الإسلام، مع قيام المسؤول عن القروض بإشراك الطالب في عملية تطرف تدريجي ومقدمة إلى إيديولوجية تنظيم (داعش).

وتحدثت تقارير عن انضمام عدد من قيادات "الشباب" في كينيا إلى تنظيم (داعش)، وورد أنّ أبا بكر عبدي، وهو قائد رئيسي في وحدة "جيش أيمن" التابعة لحركة الشباب في كينيا، قد انشق وبايع التنظيم في كانون الثاني (يناير) 2021، وأخذ معه حوالي (20) من مقاتليه.

وكانت أول عمليات عناصر تنظيم (داعش) في كينيا هي سلسلة من الهجمات؛ منها هجومان في عام 2016، الأوّل خلية مكونة من (3) أعضاء من التنظيم، إحداهن ترتدي سترة ناسفة، وتتألف من تسنيب يعقوب عبد الله فرح، وفاطمة عمر يوسف ومريم (سنو)، قامت بتفجير مركز شرطة مومباسا المركزي، والثانية في 27 تشرين الأول (أكتوبر) من العام نفسه، حين قام عبد الرحيم إبراهيم حسن بعملية طعن لأحد رجال الشرطة.

وتستغل الجماعات المسلحة، وعلى  رأسها  تنظيم (داعش) مخيمات اللاجئين للتجنيد والاستقطاب، فكينيا لديها اثنان من أكبر مُخيمات اللاجئين في العالم، وهما داداب وكاكوما، ويُقدّر عدد اللاجئين بهما بأكثر من (600) ألف شخص أغلبهم صوماليون، وهي "مفرخة" للإرهابيين، وقد أشارت السلطات الكينية من قبل إلى أنّ هجوم "ويست جيت" عام 2013، وجامعة "غاريسا" في 2015، وهجوم 2019 على مجمع فنادق "دويست دي" (DusitD2) تم التخطيط لها في مخيمي كاكوما وداداب في الشمال.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية