المُفكر علي الشُرَفاء الحَمَادي... ولحظة الإصلاح المفقودة

المُفكر علي الشُرَفاء الحَمَادي... ولحظة الإصلاح المفقودة

المُفكر علي الشُرَفاء الحَمَادي... ولحظة الإصلاح المفقودة


11/06/2025

هذا أوان اقتناص لحظة تنويرية في سبيل العثور على مركز ونقطة وزمن الانطلاق الصحيح.

من يفكر في حلول خارج سياق العثور على لحظة الانطلاق للتجديد وتصحيح المسيرة يحرث في البحر، ولا مفرّ من العثور على نسخة الإسلام المنتصر الحضاري، ومن العثور على لحظة الانطلاق ولحظة الإصلاح المفقودة.

ذلك لأنّ الإسلام أوّلًا، والدين عمومًا، هو مصدر رئيسي من مصادر القوة، كما أنّه يتحول إلى عامل ضعف إذا تم اللجوء إلى نسخة مزورة ومزيفة منه، وقد كان وحدث بالفعل.

نحن بحاجة للعثور على اللحظة المفقودة في تاريخنا لننطلق منها، لنستعيد الوحدة والهيبة والحقوق والمجد والمكانة ونخرج من زمن النكبات والنكسات التي تسببت فيها قوى وجماعات طرحت نُسخًا مزيفة مزورة من الإسلام، ولكي نحقق بعث إسلامي حقيقي جديد.

قبل أن يحدد اللحظة المفقودة تكلّم المفكر العربي علي الشرفاء الحمادي في كتابه (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي) عن اللحظات الأخرى التي انطلق منها هذا العبث الذي نعيشه الآن، ونتج عنها النكبات والنكسات التي حلت بالمسلمين والعرب اليوم.

 المفكر العربي: علي الشرفاء الحمادي

قال الشرفاء: إنّ المسلمين السنّة صنعوا لهم روايات متناقضة مع آيات القرآن الكريم، وصنع المسلمون الشيعة لهم روايات خاصة بهم، فنتج عن ذلك ركام من الفرق والمذاهب الممزقة المتصارعة المتناحرة التي تخدم مخططات الأعداء، ولم يكن هذا مجرد خطأ أو جريمة غير مقصودة، إنّما هو عمل مُدبَّر ومؤامرة كبرى من أعداء الإسلام الذين نجحوا في صرف المسلمين عن القرآن، بالروايات المكذوبة والمسمومة لكي يُنفذ المخطط الشرير للانتقام من العرب حملة الرسالة الإسلامية. 

قال الشرفاء: إنّه تمّ استدراج الطائفتين (السنّة والشيعة) إلى نفق مظلم، استنفدوا دماءهم وطاقاتهم واقتصاداتهم، وكل منهم لجأ إلى أعداء الإسلام ليستمدّ منهم الدعم والمساعدة ضد إخوانهم من المسلمين رغم تحذير القرآن، وكان هذا نتيجة اعتمادهم على روايات ضالة وإيمانهم بمرجعيات متضادة بدون تمحيص وتدقيق بعيدًا عن شريعة الله.

وقال: إنّ الإسرائيليات أسهمت بدور كبير في إحداث خلل خطير بكثير من الروايات التي أدت إلى تفرّق المسلمين واقتتالهم، فكل الأحاديث حملت في طياتها ومراميها مضمونًا يؤدي إلى نشر الفتنة وتضليل المسلمين عن مقاصد دين الإسلام.

إذن، تنازع العرب والمسلمون وتقاتلوا وتصارعوا، وخالفوا أمر الله في "واعتصموا"، ولأنّهم لم يلتزموا بأمر الله بالوحدة التي تتحقق فقط بالتمسك بالخطاب الإلهي (القرآن الحكيم) اشتعلت الفتنة بينهم واستمر القتال والصراع (14) قرنًا، وتوعدهم ربنا بقوله: "إنّ الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء إنّما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون".

إنّها آية مرعبة "لست منهم في شيء" يعني (لا تمتّ لهم بصلة)، وهذا تحذير للمسلمين، مفاده أنّ الرسول جاءهم بدعوة التوحيد يدعوهم إلى التمسك بكتاب الله الذي يوحدهم ويحميهم من الفرقة والتنازع، ولأنّهم لم يتبعوا الآيات التي تأمرهم بالوحدة وتفرقوا شيعًا وفرقًا وأحزابًا، فلم يعد الرسول منهم، لأنّهم اتبعوا روايات البشر المزوّرة وشياطينهم، فلم يعد المسلمون يتبعون الرسول بتفرقهم وتشرذمهم.

بالإضافة إلى الفرق والمذاهب والشيعة والسنّة المتصارعين، أنتج الخطاب الديني المستند للروايات المدسوسة المكذوبة على الرسول جماعات تكفيرية زادت من تمزّق وتفرّق المسلمين.

صار هناك آلاف الجماعات والتنظيمات التكفيرية التي ضربت في عمق الدول والمؤسسات، وارتكبت الفظائع، ودخلوا في تحالفات وانضووا في مشاريع تفكيكية مع القوى الدولية ضدّ العرب فتعقدت الأمور، وتمكن الأعداء بشكل أكبر من التحكم في قرار وثروات ومقدرات المسلمين والعرب، هذا غير تشويه الإسلام وتنفير الناس منه وإبعادهم عنه.

وفق المفكر العربي علي الشرفاء فهذه هي لحظات الانطلاق الخطأ في تاريخنا، والتي كانت توقيتاتها محسوبة ومدروسة بناء على مخططات ومؤامرات لتمزيق العرب والمسلمين وتفريقهم ونزع مصادر قوتهم، فأين إذن لحظة التجديد المفقودة؟ أين النقطة الزمنية التي نرجع إليها وننطلق منها بالإسلام من جديد نحو بعث إسلامي حقيقي لأول مرة في تاريخنا؟

قال الشرفاء: "آن الأوان لتصحيح المسيرة باتجاه الشريعة القرآنية والاتفاق على إمام واحد للمسلمين هو سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وعدم الالتفات للروايات المنقولة كافة من المنتمين إلى السنّة أو المنتمين إلى الشيعة، فكل الروايات دون استثناء استحدثت لهدم رسالة الإسلام وخلق الفتنة بين المسلمين جميعًا، والماضي يقرّ بذلك والحاضر نعيشه بكل مآسيه".

الشرفاء: تمّ استدراج الطائفتين (السنّة والشيعة) إلى نفق مظلم، استنفدوا دماءهم وطاقاتهم واقتصاداتهم

وبعدما أثبت علي الشرفاء بالأدلة انتفاء صحة الروايات المدسوسة والمكذوبة لتعارضها مع آيات القرآن الحكيم، وهذا يؤكد انتفاء قيمتها ومضامينها وتزويرها وافتراء الرواة على رسول الله، حدد اللحظة المفقودة، لحظة الانطلاق لتجديد وبعث حقيقي للإسلام يحقق وحدة المسلمين ومجدهم ويعيد لهم حقوقهم.

قال الشرفاء للمسلمين والعرب: تعالوا نتصور أنفسنا في حضرة الرسول ـ عليه السلام ـ وهو يبلغنا رسالة الله في كتابه المبين ويتلو علينا القرآن نتعلم منه منهج الخطاب الإلهي الذي يأمرنا باتباع القرآن وعدم الاعتماد على استنتاجات بشرية منسوبة إلى الصحابة ومن جاء بعدهم من الذين نصبوا أنفسهم أهل معرفة وعلماء وشيوخ الإسلام.

هذه هي اللحظة إذن؛ قبل أيّ شيء حصل بعد وفاة النبي ـ عليه السلام ـ (قبل الروايات، قبل الصراعات، قبل السنّة والشيعة، قبل الميليشيات والجماعات، قبل الذين نصبوا أنفسهم شيوخ الإسلام وأمراء الجماعات).

هذه هي اللحظة؛ نتلقى عن الرسول تعاليم القرآن: "يا أيّها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك"، "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلًا ما تذكرون"، "كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين". 

تلك هي اللحظة؛ حيث لا وجود لشيوخ للإسلام ولا أئمة ولا كهنة ولا أحبار، بل عباد لله مخلصون له الدين يتبعون رسولًا كريمًا، كما أمر الله، ولا اجتهادات بشرية أو خطابات دينية متعددة، وإنّما خطاب إلهيّ واحد ورسول وإمام واحد، يُعلّمنا "إنّ هذه أمتكم أمّة واحدة وأنا ربكم فاعبدون"، و"أنّ الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم"، و"لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله". 

هذه هي لحظة التجديد المفقودة كما حددها المجدد الأستاذ علي الشرفاء الحمادي، فلا يوجد نص في القرآن باتباع أيّ من المذاهب التي ما أنزل الله بها من سلطان شيعيّة وسنّيّة، ولا جماعات مهما ادعت أنّها تأخذ من الإسلام،لأنّها في الحقيقة تزيّفه وتزوّره، وهي وبال وكارثة عليه وعلى أهله.

أمّا الخطاب الإلهي في القرآن الحكيم، فيدعو الناس كافة إلى الإسلام أن نكون مسلمين "هو سمّاكم المسلمين"، لا سنّة ولا شيعة ولا حزب الله ولا إخوان ولا داعش ولا قاعدة.

إنّه خطاب يدعو إلى وحدة الصف والاعتصام بحبل الله، ويُحذّر من تفرق المسلمين إلى فرق وطوائف وشيع مختلفة، بل الالتزام بالعنوان والتسمية (المسلمون) وبالمضمون ومقتضيات ومتطلبات الوحدة.

وبالتمسك بالتسمية الواحدة وبالمضمون وبأوامر القرآن تزول أسباب الفرقة والتحزب، لأنّ الانتماء سيكون فقط للإسلام تأكيدًا لقول الله تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية