صراع الرئاسة في العراق: مَن الكرديّ المقبول لدى السنّة والشيعة؟

صراع الرئاسة في العراق: مَن الكرديّ المقبول لدى السنّة والشيعة؟


08/03/2022

بدأ العد التنازلي مجدداً لانتخابِ رئيس الجمهورية في غضونِ ثلاثينَ يوماً، وسط اشتباكٍ سياسيٍّ ما يزالَ قائماً بين فرقاء الأغلبية، ودعاة التوافقية السياسية. التوقيت الدستوري الجديد جاء بعد إعادةِ فتح باب الترشحِ لمنصب الرئيس، عبر تصويتِ الأغلبية المطلقة لنواب الجلسة المعنية بفتح باب الترشح مرةً ثالثة.

وتعيدُ عملية فتح باب الترشح لهرمِ السلطة التنفيذية، العملية السياسية إلى معادلة الثلثِ "المعطل"، المعادلة التي يحاول طرفي الأزمة من خلالها ضمَّ أكبر عدد من النوابِ المستقلينَ إليهما، لا سيما بعد إلزام القضاء البرلمان بحضور ثلثي أعضائهِ لانعقادِ جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.

ترجيحات تشير إلى عملِ التحالف الثلاثي على كسبِ نوابٍ مستقلين، من أجل تحقيق ثلثي الأعضاء لتمرير مرشحهم لمنصب رئيس الجمهورية، وتشكيل الحكومة، الشهر المقبل 

وتمكّن تحالف الأغلبية الوطنية (التيار الصدري، السيادة السنّي، حزب الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني)، في جلسةِ السبت الماضي، من جمع نحو 202 نائباً، لتمرير مرشحهِ "ريبير بارزاني"، مقابل مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني "برهم صالح"، الذي بات يعوّلُ على التناقضات السياسية، وإمكانيةُ كسبِ "الإطار التنسيقي" من جهة، واستثمار "النافذة المفتوحة" للتفاوضِ مع الحزب الديمقراطي الكردستاني؛ الذي يحاول وحلفاءه من تمرير مرشحهِ، وتشكيل الحكومة في نيسان (أبريل) المقبل.

اقرأ أيضاً: الأمن العراقي يحبط هجوماً جديداً على مقر الحلبوسي... والكاظمي يوجه تهديداً لداعش

وكان القضاء العراقي، قد أقرّ الأسبوع الماضي، بعدم دستورية إعادة فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، من قبل رئاسة مجلس النواب، مشيراً إلى أنّ القرار من صلاحياتِ المجلس؛ وليست رئاسته.

التلويح بفيتو "الثلث المعطل"
بعد أن نجحَتْ جلسة البرلمان التي حضرها 265 نائباً، في إعادة فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وتمرير مرشح تحالف الأغلبية إلى صدارة التنافس على المنصب، هذا ما يؤكد إمكانية تحقيق ثلثي النصاب الكلي من البرلمانيين العراقيين. لا سيما أنّ المصوتينَ على فتحِ باب الترشح بلغ 202 نائباً، مقابل 63 نائباً صوّتوا بالضدِّ منهم.

اقرأ أيضاً: الكاظمي يتعهد بإطلاق عملية لملاحقة فلول داعش بعد هذا الهجوم
وتذهبُ الترجيحات إلى عملِ التحالف الثلاثي على كسبِ نوابٍ مستقلين، من أجل تحقيق ثلثي الأعضاء البالغ عددهم 220. في حين يحاول "الإطار التنسيقي"، تحييد أولئك النواب،  بعد أن رفضَ كثيرون منهم الانضمام لمشروعه.

رياض العوادي، عضو تيار الحكمة المنضوي في الإطار، قالَ إنّ الإطاريينَ "لديهم القدرة على جمعِ الثلث المعطل، أو أكثر من ذلك، بحسبِ الحكم القضائي الذي بتّ بوجوبِ حضور ثلثي نصاب الجلسة الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية"، وأضاف لـ "حفريات": "الإطار يمكن أن يستخدمَ هذا الثلث في حال عدم الوصول إلى حلولٍ توافقية بين الكتل المعنية بتشكيل الحكومة".

رياض العوادي: هناك مساعٍ داخلية وخارجية لإنهاء الأزمة الحالية

وأكّد "هناك مساعٍ داخلية وخارجية لإنهاء الأزمة الحالية، والانسداد السياسي في البلاد"، منوهاً إلى أنّ "المتغيرات أصبحت سريعة، والتأخير لا يصبّ في مصلحة أحد، وفي مقدمتهم الشعب العراقي".
التحشيد النيابي

ويبدو أنّ الحضور الكبير للنواب في جلسةِ السبت الماضي، وسط مقاطعة بعض من قوى "الإطار التنسيقي"، وحزب "الاتحاد الوطني" الكردستاني، كشفَ عن قدرة "التحالف الثلاثي" على التحشيد النيابي، لصالح خطواتهِ السياسية نحو الاستحقاقات الدستورية.

اقرأ أيضاً: قاآني يجتمع مع ميليشيات عراقية عقب محاولة اغتيال الكاظمي... ماذا بحث اللقاء؟

وبتواجدِ أكثر من ثلثي الأعضاء في الجلسة النيابية الأخيرة، جعلَ كتلة "الديمقراطي الكردستاني"، تنفي وجود شيء اسمهُ "ثلث معطل في البرلمان"، بحسبِ النائب شريف سليمان، الذي أكّد أنّ "ما حصل في الجلسة، خير دليل على وجودِ توجهٍ حقيقيٍّ لانتخابِ رئيس الجمهورية، وقرب تشكيل الحكومة، وبدأ المشوار الصحيح للعملية السياسية".

اقرأ أيضاً: الكاظمي يكشف موعد خروج قوات التحالف الدولي من بلاده

وعن الجهة التي تمتلك الكتلة الأكثر عدداً، أبلغَ "حفريات"؛ بأنّ "هذه الكتلة موجودة منذ الجلسة الأولى للبرلمان، وهي متماسكة ورصينة، وهناك سيرٌ نحو الاستحقاقات الدستورية المهمة، ومن ضمنها انتخاب أعضاء السلطة التنفيذية، والعمل على إدارة الدولة بشكلٍ سليم".

وتبعاً لما أوردهُ سليمان، يرى تحالف السيادة السنّي؛ أنّ انتخاب الرئيس العراقي الجديد، لن يتعدى الأسبوعينِ القادمين، واصفاً أنّ أيَّ حديثٍ عن كتلةٍ كبرى خارج فريق الأغلبية، "حديثٌ في مهب الريح، وليس له وزنٌ سياسي".

صالح في دائرة التنافس
ومن جانبٍ آخر، يتمسك الاتحاد الوطني الكردستاني، بالمرشح برهم صالح مرشحاً وحيداً له لمنصب رئيس الجمهورية، متغاضياً عن تدني شعبية الرئيس؛ الذي أصدرَ عفواً عن "تاجر مخدرات"، بصفقةٍ سياسية جمعتهُ ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وأطراف شيعية أخرى.

 النائب شريف سليمان: رى تحالف السيادة السنّي؛ أنّ انتخاب الرئيس العراقي الجديد، لن يتعدى الأسبوعينِ القادمين
 
ويعد صالح، من الشخصيات الكردية المقبولة شعبياً وسياسياً لدى الأوساط الشيعيةِ والسنية، لجهةِ مميزاتٍ ذاتية، أبرزها الخطاب المتزن، والمرونة السياسية، وعدم التصلّب القومي الذي يمتازُ بهِ خصومهِ في حزب الديمقراطي الكردستاني. 

ولغاية الأسبوع الماضي، كانت أسهم صالح، عاليةً لدى مختلف الأطراف العراقية، في مواجهة مرشحينَ يتصفون بـ"ضعف الحضور السياسي" محلياً ودولياً، إلا أنّ إصدار الرئيس المنتهية ولايتهِ مرسوماً جمهورياً بالعفو الخاص عن "تاجر مخدرات"،  نجل محافظ النجف المستقيل، أضعفَ من أسهمهِ على المستوى الشعبي والنخبوي مؤخراً.  

النائب عن الديمقراطي الكردستاني شريف سليمان لـ "حفريات": الكتلة الأكبر موجودة ومتماسكة ورصينة منذ الجلسة الأولى للبرلمان، وهي تسير نحو الاستحقاقات الدستورية المهمة، وإدارة الدولة 


وتقول النائب عن الاتحاد الوطني، سوزان منصور: إنّ حزبها "لغاية الآن، متمسكٌ بترشيح برهم صالح لمنصب رئاسة الجمهورية"، واستدركت بالقول: "لكنّ كلّ شيء جائز، في التغيرات التي تشهدها الساحة السياسية، فالسياسة هي فنّ الممكن"، فيما لوّح سليمان بإمكانية انفتاح حزبهِ (الديمقراطي الكردستاني) مجدداً على الاتحاد الوطني، إذ أكّد أنّ "المدة الدستورية، ما تزال متاحة، من أجل الاتفاق وإزالة العراقيل مع الأطراف الأخرى".

مخرجات اجتماع التحالف الثلاثي

وخلال أسبوع واحد، عقد التحالف الثلاثي اجتماعاتٍ متواصلة، لبحث كيفية التحشيد النيابي لتمريرِ مرشحهم  لمنصب رئيس الجمهورية، وتكليف مرشح الكتلة النيابية الأكبر، بتشكيل الحكومة، خلال الجلسة النيابية المقبلة، ورجّح التحالف تأليف الكابينة الوزارية، في نهاية نيسان (أبريل) القادم. 

وعقدَ التحالف، أمس الاثنين، اجتماعه الأخير في مدينة أربيل، بحضور رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وقيادات في التيار الصدري، وتحالف السيادة، والحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي كشفَ عن طريق أحدِ أعضائهِ عن مخرجات تلك الاجتماعات.

ويقول مهدي عبد الكريم، لوكالة الأنباء العراقية (واع)؛ إنّ التحالف "وضع أسس انعقاد جلسة مجلس النواب المقبلة الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، والتحشيد لإتاحة أغلبية الثلثين اللازمة لتسمية المنصب، وتكليف مرشح الكتلة الأكبر الممثلة بالتحالف الثلاثي بتشكيل الحكومة الجديدة في نفس الجلسة وبسلة واحدة".

تراجع شعبية الرئيس العراقي المنتهية ولايته برهم صالح ... ضمن صفقة سياسية جمعته ورئيس الوزراء وأطراف شيعية

وأضاف:"إذا سارت الأمور كما هو متوقع فنرجّح تشكيل الحكومة الجديدة، في نهاية شهر نيسان (أبريل) المقبل، أو نهاية رمضان المبارك، بعد أنْ يمنحَ المكلف شهراً لتسمية أعضاء حكومته"، مؤكداً أنّها "ستكون حكومة قوية مدعومة من كتلة قوية مسؤولة أمام الشعب وستحاسب هذه الكتلة الحكومة أمام مجلس النواب في حال فشلها، وإذا نجحت فستكون الكتلة داعمة لها".

ليونة سياسية وتفاوضٌ سرّي
لطالما كان التصعيد الإعلامي متبادلاً بين الطرفَين الشيعييَّنِ المتناكفين، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وزعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، لكن في الآونة الأخيرة شهدَ خطاب المالكي ليونةً سياسيةً تجاه مختلف الشركاء داخل المكوّن الشيعي أو الفضاء الوطني. وبدأ المالكي يستخدمُ مفردات "المصلحة العليا"، و"المخاطر الدولية" المحدقة بالعراق، من أجلِ كسر الجمود الذي أصابَ البيت السياسي الشيعي، الذي انشطر إلى نصفٍ يمثلهُ التيار الصدري، ونصف آخر يمثلهُ المالكي وحلفاؤه في "الإطار التنسيقي".

وعلى الرغم من وضوح الدعم الصدري لمرشح "الديمقراطي الكردستاني" لمنصب رئاسة الجمهورية، يبدي "الإطار التنسيقي"، تحفظهُ إزاء ترجيح مرشحٍ كرديٍّ على آخر، كما أنّ ائتلاف دولة القانون صرّح في أكثر من مناسبة عن استعدادهِ للتفاوضِ مع الصدريين، وطيِّ صفحة الماضي.

ويؤكد نوابٌ عن الائتلاف؛ أنّ ائتلافهم يفاوضُ سراً التيار الصدري، لرسمِ ملامح السلطة التنفيذية القادمة، ويفصل في ذلك أكثر، النائب كاظم الحيدري، قائلاً: "نعمل للتوصل إلى اتفاقاتٍ مع الصدريين، لعبور مرحلة الانسداد السياسي"، مبيناً أنهُ "في حال لم يتم التوافق معهم فإنّ الأمور ستكون معقدة بشكلٍ كبير جداً"، لكنّ أعضاء في التيار الصدري، نفوا، لـ "حفريات"، حقيقة وجود مفاوضات سرّية بين تيارهم وائتلاف المالكي.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية