
أحمد رفعت
ونعود بالسؤال حتماً إلى المقال السابق. وبعد التذكرة بواقعتين شهيرتين.. الأولى تهديد الجماعة بإشعال مصر كلها، وهو ما رد عليه وقتها وزير دفاع جمهورية مصر العربية الفريق عبدالفتاح السيسى، من أن أى تعرّض لأى مواطن سيُقابل بكل الحسم، وأن شعب مصر فى حماية جيش مصر.. والواقعة الثانية التذكير بواحدة من أبشع جرائم الجماعة الإرهابية بقتل أطفال الإسكندرية وإلقائهم من فوق إحدى البنايات المرتفعة.. وهو ما تم على الهواء مباشرة.. أمام البشرية كلها دون حتى ذرة من رحمة!
ونقول: لماذا كان التدريب على العنف؟! وقد بدأ فى ما فهمنا قبل يناير بسنوات؟! بل السؤال لماذا إعادة إحياء أو تأسيس الجناح العسكري مرة أخرى، وقد بدا المشهد العام قابلاً لتعبير الإخوان عن أنفسهم، سواء من خلال صحف ومنابر تتابع أخبارهم (وفق مخطط آخر نتحدث عنه منفصلاً فى ما بعد)، وهناك صحف أجرت اتفاقات مُربحة لأطرافها، وهناك مساحة تركت لهم للعمل السياسى والنقابى بل وداخل الأندية الرياضية! وكيف تم ذلك وأين؟! وعيون أجهزة الأمن وقتها كانت تراقب وتتابع ووجّهت ضربات قوية بالفعل من «سلسبيل» إلى غيرها من قضايا!
الإجابة تبدأ من النتائج الأولية للكلام السابق حتى قبل الإجابة عنه.. فتشكيل جناح عسكرى للجماعة ينفى فوراً فكرة «الدعوية»، التى تتغنى بها عند اللزوم، فأهل الدعوة فى أى مكان ليسوا بحاجة إلى مثل ذلك.. كما ينفى ثانياً «سلميتها»، التى تتغنى بها أيضاً دائماً.. كما يؤكد ذلك ثالثاً سعيها الدائم للسلطة، فالسلطة وحدها، والصراع للوصول إليها وحده هو الذى يحتاج إلى القوة المسلحة ووسائل قتال الخصوم والتخلص منهم وإرهابهم.. وحدها السلطة التى يحتاج الوصول إليها إلى أسلحة وقنابل ومتفجرات ومواد خطرة وسوائل حارقة وأحزمة ناسفة ومتدربين على كل ذلك.. وبالتالى يكونون مدربين لكل ذلك.. والأهم: الأماكن التى يتم فيها التدريب على كل ذلك، والتى يُشترط فيها البُعد عن الأجهزة الأمنية المختصة وعيونها، ويُشترط فيها البعد عن التجمّعات السكانية والمواطنين عموماً ويُشترط فيها انعزالها وبُعدها عن طرق السفر والمرور والعبور إلى المدن والقرى، ويُشترط فيها توافر ميادين للرماية وللتدريبات البدنية ولطوابير التمام والتنظيم، وكذلك مناطق مظللة فيها للإقامة أو للخيام ولتخزين الطعام، مع توافر القدرة على تركها ومغادرتها على الفور عند الضرورة، مع إمكانية «إعدام» والتخلص من أى آثار تُشكل أدلة إدانة!!
وكل ما سبق لا معنى له دون وجود أماكن أخرى لتخزين كل هذه الأدوات والوسائل وإخفاء وتهريب العناصر.. لكن السؤال: كم عنصراً يمكن تدريبه فى ظل اليقظة الأمنية كل عام؟! عدد قليل، وهو ما يستلزم وجود أكثر من منطقة يمكن إنجاز المهمة فيها، ربما يكون بعضها، أو حتى كلها، خارج البلاد، وهنا يبرز هدف السطور السابقة كلها وهو: هل يمكن إجراء كل ما سبق دون أموال؟! وأموال وفيرة تصل إلى الأيدى الآثمة التى ستستخدمها بأمان دون المرور على أى رقابة أو مصفاة أو حواجز قد تتتبع الأموال، وبالتالى مسارها كله!
الإجابة: مستحيل أن يتم ذلك دون دعم مخابراتى من جهات خارجية تدعم وجود كل ذلك على أرضنا، وفى يد هذه الجماعة تحديداً، لتكون يد هذه الجهات الباطشة فى اللحظة المطلوبة.. وهو ما أفسدناه كله.. بتضحيات كبيرة وهائلة ونبيلة وطاهرة.. شهدتها أرض سيناء المقدّسة.. بل أرض مصر كلها من الجيزة والحوامدية وأمام جامعة القاهرة إلى الإسماعيلية والإسكندرية والدقهلية. ومن الطالبية إلى المطرية، ومن مطروح إلى أسيوط.. وفى كل متر فى بلادنا.. لكننا أفشلناه وهزمناه.. ولهذا قصص طويلة.. أسباب كثيرة..
وللحديث بقية..
الوطن