ألمانيا و"دواعشها" المنسيون: حين يُنتج الجمود الأمني تطرفًا جديدًا

ألمانيا و"دواعشها" المنسيون: حين يُنتج الجمود الأمني تطرفًا جديدًا

ألمانيا و"دواعشها" المنسيون: حين يُنتج الجمود الأمني تطرفًا جديدًا


27/05/2025

يعد ملف الألمان المنتمين لتنظيم داعش والمحتجزين في سجون شمال شرق سوريا أحد أعقد التحديات التي تواجه السياسة الخارجية والأمنية لألمانيا. فمع احتجاز ما لا يقل عن 28 رجلًا وفتًى ألمانيًا، تجد برلين نفسها في مواجهة معضلة مزدوجة بين ضرورات الأمن الداخلي، والالتزامات الأخلاقية والقانونية. 

لكن ألمانيا ترفض استعادة معظم هؤلاء، خاصة الرجال، بسبب مخاوف تتعلق بصعوبة جمع الأدلة للمحاكمة، وقلق من إعادة تطرفهم داخل البلاد، وفقا لما يؤكده المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات.

وحذر المركز من أنه "كلما تأخرت الحكومة الألمانية في إعادة المقاتلين الأجانب إلى أوطانهم، كلما زاد الخطر"، مشيرا إلى أن الاحتجاز لأجل غير مسمى، يؤدي إلى نشوء التطرف، وتزايد نفوذ داعش داخل السجون، وتهديد الأمن الإقليمي والدولي على المدى الطويل.

وقد أصدر مشروع مكافحة التطرف (CEP) في أيار / مايو 2025 تقريرًا بارزًا يكشف عن الوضع الخطير الناتج عن احتجاز ما لا يقل عن 28 رجلًا وفتًى ألمانيًا يُزعم انتماؤهم إلى داعش، في منشآت مكتظة وغامضة قانونيًا في المنطقة الخاضعة للحكم الذاتي الفعلي بقيادة الأكراد في شمال شرق سوريا.

ويحذر التقرير من أن انهيار نظام الأسد في كانون الأول / ديسمبر 2024 يُشكّل خطرًا جسيمًا على الأمن الدولي، وقد يُقوّض مصداقية ألمانيا كدولة قانون. يُقدّر أن ما لا يقل عن 10,000 رجل وفتًى من أكثر من 74 دولة، بما فيها ألمانيا، محتجزون في شمال شرق سوريا كثير منهم محتجزون منذ أكثر من ست سنوات دون توجيه تهم إليهم.

ألمانيا ترفض استعادة معظم هؤلاء خاصة الرجال بسبب مخاوف تتعلق بصعوبة جمع الأدلة للمحاكمة وقلق من إعادة تطرفهم داخل البلاد

ويعرض التقرير دراسات حالة مفصلة لمعتقلين ألمان، ويخلص إلى أن غالبيتهم أصبحوا متطرفين في ألمانيا. وقد أدى عدم رغبة الحكومة الألمانية في إعادة هؤلاء بالإضافة إلى عدم اعتراف دولي بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلى حالة جمود قانوني وأخلاقي.

هذا ويشير التقرير إلى أن الوضع الراهن “يُثقل كاهل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بشكل كبير” ويُعرّض “مئات المقاتلين لخطر الانضمام مجددًا إلى صفوف المنظمات الإرهابية”. وقد أدى الوضع في سوريا إلى مزيد من زعزعة استقرار المنطقة، في حين أن القوات التي يقودها الأكراد والمسؤولة عن الاعتقالات مُرهَقة بشكل متزايد بسبب الهجمات التركية وهجمات الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.

كما يُحذّر من أن “استمرار تطرف” المراهقين، وأعمال الشغب في السجون، والهروب الجماعي مثل هجوم عام 2022 على سجن الصناعة يُسلّط الضوء على الحاجة المُلِحّة إلى حلّ قانوني مستدام. وبدون اتخاذ إجراءات، من المُرجّح أن يُفاقم المأزق الحالي “التهديد الأمني ​​في شمال شرق سوريا والشرق الأوسط عمومًا، وكذلك على الصعيد الدولي”.

التقرير خلص إلى أن استمرار إحجام الدول الأوروبية عن استعادة رعاياها دون مبادرة دولية جادة لإنشاء آلية محاكمة أو إعادة تأهيل، يضعف مصداقية هذه الدول في التزامها بالقانون الدولي، و قد يحوّل السجون إلى “نقطة ارتكاز” لتجدد الإرهاب والتطرف خصوصًا بين الأطفال والمراهقين.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية