
لبنى الهاشمي
يعتبر تحليل الحديث ومناقشة موضوع تقسيم الأمة من المواضيع الحيوية لفهم كيفية تأثير النصوص الدينية على الهوية والوحدة الإسلامية. والإسلام يدعو إلى الرحمة والتسامح والعدل، كما أرى أن النهج العلمي التقليدي في نقد الحديث، والذي يعتمد على البحث التاريخي وتحليل السند والمتن، ضروري لتوضيح معاني النصوص وتفادي استغلالها في تأجيج الانقسامات. كما يساعد طلبة العلم أيضا على معرفة ألية ومنهجية النقد والبحث، حيث شهدنا المحاضرة التي كانت كانت للدكتور محمد البشاري (الأمين العام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة) وقدمت رؤية نقدية متعمقة تُبرز ضرورة العودة إلى المصادر الأصلية وتطبيق منهجية نقدية دقيقة لتصحيح المفاهيم المغلوطة، حيث تركز على تحليل الحديث الذي يتناول تقسيم الأمة الإسلامية إلى فرق متباينة – أي الحديث الذي يذكر تقسيم الأمة إلى فرق معينة (مثل الفرقة الناجية) – وكيفية استغلال هذا الحديث في تأييد الانقسامات الطائفية والسياسية على مر العصور.
المحاضرة تبدأ بعرض تكوين الكتاب الذي يتناول الحديث وتنظيمه في فصول ومباحث، وتوضح أهمية الاهتمام بالدقة الأكاديمية في كتابة الحديث وتعليمه للجمهور المتخصص. يُعرض خلال الشرح مراجعة لسند الحديث والروايات المختلفة، مع تسليط الضوء على الإضافات والتغييرات التي طرأت على نص الحديث عبر التاريخ.
وهو حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. وفي بعض الروايات: هي الجماعة. كما ينتقد المحاضر استخدام هذا الحديث في تبرير الانقسامات داخل الأمة، بأن هذا الحديث فيه تصرف الراوي سواء في لفظ أو جملة أثرت في الحديث، كما يؤكد المحاضر بأن الحديث يدعو إلى الأعتصام وعدم التفرقة، وجملة "ما أنا عليه وأصحابي" وجملة " كلهم في النار" إدراج من الراوي وغيره. وهو حديث مضطرب ويأتي بروايات متعددة مضطربة في المفاهيم، والحديث مخالف للنصوص القطعية، حيث الاعتصام والوحدة بين الأمة, يوصي المحاضر بالتعقل والتحقق والتبصر، وهذا الحديث استخدمته الكثير من الفرق لصالحها، لتجعل لنفسها جماعة الاصطفاء، وتعارض الإسلام لكونه يسع الجميع، والإيمان والعمل الصالح هو السبيل الوحيد للنجاة، واتفاق العلماء ضعف المتن والسند مثل ابن حجر العسقلاني والإمام النووي وغيرهم، لأن الدين يدعو إلى الاعتصام بحبل الله وعدم التفرقة> ويشير المحاضر إلى أن استغلال النصوص الدينية لأغراض سياسية واجتماعية يتعارض مع جوهر الدعوة الإسلامية القائمة على الوحدة والإيمان.
المشاكل التي تمت معالجتها
• اختلاف نص الحديث وتعدد الروايات والأرقام المتعلقة بتقسيم الأمة.
• ضعف السند وإشكالات في نقل الحديث مما أثار تساؤلات حول صحته.
• استخدام الحديث كأداة لتبرير الانقسامات بين المسلمين وتعزيز النزاعات الطائفية والسياسية.
• واستخدام هذا الحديث للتكفير والاصطفاء بين الجماعات الدينية المختلفة.
• الإشكاليات المنهجية في نقد الحديث، خاصة فيما يتعلق بإدراجات النص والإضافات التي قد تحرف المعنى الأصلي.
كما اعتمد المحاضر المنهج التقليدي الكلاسيكي، البحث التاريخي والنقدي أو المنهجية التاريخية النقدية سواء في نقد الحديث، كما يجمع بين البحث التاريخي وتحليل السند والمتن. وفي مقارنة الروايات المختلفة للحديث مع المصادر الأصلية والأولية من كتب الحديث، تم تطبيق أسس النقد العلمي التي تجمع بين التحليل التاريخي والبحث الفقهي لتبيان الفوارق والاختلافات في النصوص.
إن إعادة قراءة الحديث في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية تُبرز الرسالة الأصلية للإسلام القائمة على الوحدة والرحمة والعمل الصالح. وفي ظل التحديات المعاصرة، تظل الحاجة ماسة إلى نقد متوازن يحترم الإرث الإسلامي ويعزز قيم التسامح والتعايش والتآلف بين المسلمين.
موقع "24"