"عربات جدعون" أخطر عملية عسكرية تهدد بتجويع سكان غزة وتهجيرهم

"عربات جدعون" أخطر عملية عسكرية تهدد بتجويع سكان غزة وتهجيرهم

"عربات جدعون" أخطر عملية عسكرية تهدد بتجويع سكان غزة وتهجيرهم


كاتب ومترجم فلسطيني‎
25/05/2025

يخشى سكان شمال قطاع غزة من عودة تهجيرهم مرة أخرى إلى جنوب القطاع، بعد أن بدأ المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل بتنفيذ العملية الكبرى التي أطلق عليها اسم "عربات جدعون"، والتي تهدف إلى تفريغ مناطق واسعة من شمال القطاع وبسط السيطرة عليها، ودفع سكان تلك المناطق إلى النزوح جنوبًا. 

وقد بدأ الجيش الإسرائيلي العملية بشكل صامت، في أعقاب فشل جهود التوصل إلى هدنة جديدة مع حماس ومغادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنطقة، حيث أفرغ الجيش مناطق بيت حانون وجباليا وتل الزعتر وبيت لاهيا شمال قطاع غزة، ودفع السكان إلى النزوح جنوبًا إيذانًا بتطبيق خطة التهجير ضمن عملية "عربات جدعون".

ورغم الضغوطات الدولية المتواصلة على إسرائيل، والتي تطالب بوقف العملية وفتح الطرق أمام إدخال المساعدات والغذاء للسكان، لا سيّما دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا التي تهدد بقطع العلاقات التجارية ردًا على التصعيد على غزة، إلا أنّ إسرائيل ماضية في خطتها، ولم تكترث للضغوطات الدولية، وتواصل قتل أكبر عدد من المدنيين وتهجيرهم. 

يخشى سكان شمال قطاع غزة من عودة تهجيرهم مرة أخرى إلى جنوب القطاع

ومنذ مطلع نيسان (أبريل) الماضي بدأ الجيش الإسرائيلي بتنفيذ عملية مسح وتهجير ونسف البيوت في مدينة رفح، وذلك ضمن خطة لإخلاء المدينة من السكان وفصلها عن باقي مدن القطاع، وتحضير المدينة لاستقبال كافة سكان غزة المدنيين، وحصر السكان داخل المدينة وتقديم الطعام والدواء لهم، ومن بقي خارجها يُصنف على أنّه إرهابي وسيتم قتله، وهذا يُعتبر مخططًا خطيرًا بالنسبة إلى الغزيين، وهم يرفضون الانصياع لهذه الخطط.

بعد عملية الإفراج عن الجندي الأمريكي الإسرائيلي عيدان إلكسندر قبل أيام قليلة، وعدت الإدارة الأمريكية حماس باستئناف إدخال المساعدات المتوقفة منذ ما يزيد عن شهرين إلى قطاع غزة الذي يعاني من الجوع الشديد، حيث سمح الجيش الإسرائيلي بإدخال عدد قليل جدًا من شاحنات الطحين والأدوية، لكنّ هذا الضخ الشحيح لا يلبّي احتياجات السكان الذين يزيد عددهم عن مليون ونصف مليون شخص.

منظمات دولية وحقوقية حذّرت من تداعيات استمرار الجيش الإسرائيلي في عملية "عربات جدعون"، لما في هذه العملية من خطة تجويع وتهجير ممنهجة لسكان شمال قطاع غزة، وقد أعربت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني عن بالغ استيائها من تغوّل الجيش الإسرائيلي على سكان غزة وتجويعهم وقتلهم بدم بارد، وحذّرت الأمم المتحدة (مكتب غزة) من خطورة تعرّض مئات الآلاف من السكان للتجويع والتهجير من مناطق سكناهم، بفعل العملية العسكرية الإسرائيلية التي تهدف إلى قتل السكان بسلاح التجويع، محذرة من تداعيات الاستمرار في العملية العسكرية، والمطالبة بضرورة وقفها وإمداد السكان بالمساعدات.

منذ مطلع نيسان (أبريل) الماضي بدأ الجيش الإسرائيلي بتنفيذ عملية مسح وتهجير ونسف البيوت في مدينة رفح

في تعقيب على ذلك، يقول الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي خالد صادق: إنّ "عملية "عربات جدعون" التي صادق عليها المستوى السياسي بعد أكثر من عام ونصف عام على الحرب، تُعتبر في مضمونها فاشلة، لأنّ الاحتلال بعد كل هذا الوقت لم يتمكن من القضاء على حركة حماس، ويعود مجددًا يدّعي أنّ العملية تهدف إلى سحق حماس وإنهاء حكمها في غزة".

ويوضح في حديثه لـ (حفريات) أنّ "العملية يريد من ورائها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إطالة أمد الحرب فقط، حفاظًا على بقاء الحكومة المهددة بالانهيار في أيّ لحظة، لا سيّما أنّ التوجّه إلى وقف الحرب سوف يفكك الحكومة من قبل شركائه في الإئتلاف، لذلك ليس هناك هدف حقيقي للعملية سوى مصلحة نتنياهو السياسية، والعالم أجمع حتى الإدارة الأمريكية على علم بذلك، لكنّها تنساق مع إسرائيل، ولا تريد الضغط بشكل كبير على نتنياهو من أجل وقف الحرب".

ولفت إلى أنّ "الاحتلال يضغط في الواقع على المدنيين وليس على حماس، من خلال قتل أكبر عدد من المدنيين وتهجيرهم من مناطق سكناهم، وتجويع كافة السكان بحجة سطو حماس على المساعدات والأدوية، لكنّ هذا غير صحيح، وإنّما تتلكأ إسرائيل من أجل وضع ذرائع أمام العالم تجاه حصارها الخانق".

وبيّن أنّ "السكان في شمال مدينة غزة نزحوا إلى وسط المدينة، ويعانون من أوضاع إنسانية صعبة وتجويع، وهناك بعض العائلات لم تحصل على رغيف خبز واحد منذ ما يزيد عن شهر، نتيجة منع إدخال الطحين والمساعدات الأخرى إلى القطاع، وذلك ضمن سياسة التجويع التي تهدف من ورائها إسرائيل إلى تهجير السكان".

   الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي: خالد صادق

ويتفق الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي يوسف إبراهيم مع الكاتب خالد صادق حول هدف عملية "عربات جدعون" التي بدأ الجيش الإسرائيلي في تنفيذها لتهجير سكان شمال وشرق مدينة غزة إلى الغرب، ضمن سياسة تهدف إلى إطالة أمد الحرب كمصلحة سياسية لبنيامين نتنياهو، الذي وقع في مأزق السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، ويُحاكَم على فشله الذريع في منع الهجوم ومحاولته القضاء على حماس، لكن حتى هذا الوقت فإنّ المدنيين هم الأكثر تضررًا من حرب الإبادة.

وأشار في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّ "الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل تتمسك بتصريحات الرئيس الأمريكي ترامب، التي دعا فيها إلى تهجير سكان غزة وجعل المدينة منطقة حرة، وبعد هذه التصريحات بدأت الحكومة في إعداد خطط حول كيفية استثمار خطة ترامب في تهجير السكان من القطاع طوعًا، وكان سلاح التجويع أحد الأهداف الرئيسية نحو تطبيق الخطة على أرض الواقع".

وأوضح أنّ "هناك ضغوطًا كبيرة تُمارس على إسرائيل من أجل وقف خطة "عربات جدعون" التي تهدف إلى تهجير السكان"، وهذا ربما يفشل العملية جزئيًا من خلال السيطرة مبدئيًا على مناطق من شمال القطاع دون تهجير باقي المناطق نحو الجنوب، وجعل هذه السيطرة ورقة ضغط على حماس خلال المفاوضات غير المباشرة  لتحرير الرهائن من غزة".

يُذكَر أنّ الجيش الإسرائيلي يواصل شنّ حرب إبادة على سكان غزة منذ مطلع تشرين الأول  (أكتوبر) الماضي، وذلك بعد أن شنّت فصائل المقاومة في غزة هجومًا على مستوطنات غلاف غزة، وعلى إثر ذلك أعلنت إسرائيل الحرب على غزة، وكان المدنيون العزّل هم ضحيتها، وما زالوا يواجهون منذ اليوم الأول من الحرب الاعتقال والتشريد والقتل.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية